الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ﴾ عامٌّ في الرِّبا وغَيْرِهِ مِنَ الدُّيُونِ. إلّا أنَّ الرِّبا يَكُونُ في رَأْسِ المالِ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى جَعَلَ لَهم رَأْسَ المالِ، فَقالَ: ﴿وإنْ تُبْتُمْ فَلَكم رُءُوسُ أمْوالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٩] وفي غَيْرِ الرِّبا حُكْمُهُ بَيِّنٌ. وكانَ شُرَيْحٌ يَرى حَبْسَ المُعْسِرِ في غَيْرِ الرِّبا مِنَ الدُّيُونِ، ويَرى أنَّ الإنْظارَ مَخْصُوصٌ بِالرِّبا. فَإنْ كانَ مُعْتَقِدًا لِوُجُوبِ الزِّيادَةِ عَلى رَأْسِ المالِ في الرِّبا، وأنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الإنْظارُ بَعْدَ التَّوْبَةِ، فَهَذا خِلافُ الإجْماعِ، وإنْ كانَ يَقُولُ في رَأْسِ المالِ يَجِبُ الإنْظارُ فَإنَّهُ واجِبٌ، وفي غَيْرِهِ مِنَ الدُّيُونِ الواجِبَةِ لا يَجِبُ الإنْظارُ فَهو غَلَطٌ، فَإنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَهُ وبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الدُّيُونِ، بِحالٍ، بَعْدَ أنْ جَعَلَ اللَّهُ تَعالى لَهُ رَأْسَ المالِ بَعْدَ التَّوْبَةِ. (p-٢٣٧)نَعَمْ إنَّ اللَّهَ تَعالى ذَكَرَ الإنْظارَ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّبا وذَلِكَ لا يَمْنَعُ مِنَ التَّعَلُّقِ بِعُمُومِهِ في الدُّيُونِ كُلِّها. وقَوْلُهُ: ﴿فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ﴾ مَعَ قَوْلِهِ: ﴿فَلَكم رُءُوسُ أمْوالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٩] يَدُلُّ عَلى ثُبُوتِ المُطالَبَةِ لِصاحِبِ الدَّيْنِ عَلى المَدِينِ وجَوازِ أخْذِ مالِهِ بِغَيْرِ رِضاهُ. ويَدُلُّ عَلى أنَّ الغَرِيمَ مَتى امْتَنَعَ مِن أداءِ الدَّيْنِ مَعَ الإمْكانِ كانَ ظالِمًا، فَإنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿فَلَكم رُءُوسُ أمْوالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٩] فَجَعَلَ لَهُ المُطالَبَةَ بِرَأْسِ مالِهِ وإذا كانَ لَهُ حَقُّ المُطالَبَةِ فَعَلى مَن عَلَيْهِ الدَّيْنُ لا مَحالَةَ وُجُوبُ قَضائِهِ. وقَوْلُهُ: ﴿لا تَظْلِمُونَ ولا تَظْلِمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٩] يَدُلُّ عَلى أنَّ مَن عَلَيْهِ رَأْسُ المالِ بِالِامْتِناعِ مِن أداءِ رَأْسِ المالِ إلَيْهِ ظالِمٌ، كَما أنَّهُ بِطَلَبِ الزِّيادَةِ ظالِمٌ، وأنَّ المُمْتَنِعَ مِن أداءِ رَأْسِ المالِ إلَيْهِ ظالِمٌ مُسْتَحِقٌّ لِلْعُقُوبَةِ وهي الحَبْسُ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب