الباحث القرآني

[ولَمّا كانَ] النّاسُ مُنْقَسِمِينَ إلى مُوسِرٍ ومُعْسِرٍ أيْ غَنِيٍّ وفَقِيرٍ كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: هَذا حُكْمُ المُوسِرِ ﴿وإنْ كانَ﴾ أيْ وُجِدَ مِنَ المَدِينِينَ ﴿ذُو عُسْرَةٍ﴾ لا يَقْدِرُ عَلى الأداءِ في هَذا الوَقْتِ ﴿فَنَظِرَةٌ﴾ أيْ فَعَلَيْكم نَظْرَةٌ لَهُ. قالَ الحَرالِّيُّ: وهو التَّأْخِيرُ المُرْتَقَبُ نُجازُهُ ﴿إلى مَيْسَرَةٍ﴾ إنْ لَمْ تَرْضَوْا إلّا بِأخْذِ أمْوالِكُمْ؛ وقَرَأ نافِعٌ وحَمْزَةُ بِضَمِّ السِّينِ؛ قالَ الحَرالِّيُّ: إنْباءٌ عَنِ اسْتِيلاءِ اليُسْرِ وهي أوْسَعُ النَّظْرَتَيْنِ، والباقُونَ بِالفَتْحِ إنْباءً عَنْ تَوَسُّطِها لِيَكُونَ اليُسْرُ (p-١٤١)فِي مَرْتَبَتَيْنِ، فَمَنِ انْتَظَرَ إلى أوْسَعِ اليُسْرَيْنِ كانَ أفْضَلَ تَوْبَةً. انْتَهى. ﴿وأنْ تَصَدَّقُوا﴾ أيْ وصَدَقَتُكم عَلى المُعْسِرِ بِتَرْكِهِ لَهُ، ذَلِكم ﴿خَيْرٌ﴾ في الدُّنْيا بِما يُبارِكُ اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى ﴿لَكُمْ﴾ ويُعَوِّضُكم وفي الآخِرَةِ بِما يُجْزِلُ لَكم مِنَ الأجْرِ. ولَمّا كانَ كُلُّ أحَدٍ يَدَّعِي العِلْمَ ويَأْنَفُ أشَدَّ أنَفَةٍ مِنَ النِّسْبَةِ إلى الجَهْلِ قالَ: ﴿إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أيْ إنْ كُنْتُمْ مِن ذَوِي العِلْمِ فَأنْتُمْ تَعْرِفُونَ صِحَّةَ ما دَعَوْتُكم إلَيْهِ مِمّا يَقْتَضِي الإدْبارَ عَنْهُ أوِ الإقْبالَ عَلَيْهِ، فَإذا تَحَقَّقْتُمْ ذَلِكَ فامْتَثِلُوهُ فَإنَّهُ يَقْبُحُ عَلى العِلْمِ بِقُبْحِ الشَّيْءِ الإصْرارُ عَلَيْهِ وإلّا فَبَيِّنُوا أنَّهُ لَيْسَ بِخَيْرٍ وإلّا فَأنْتُمْ مِن أهْلِ الِاعْوِجاجِ بِالجَهْلِ تَقُومُونَ بِالحَرْبِ والضَّرْبِ والطَّعْنِ كالسِّباعِ الضّارِيَةِ والذِّئابِ العاوِيَةِ. وقالَ الحَرالِّيُّ: فَأعْلَمَ سُبْحانَهُ وتَعالى أنَّ مَن وضَعَ (p-١٤٢)كِيانَهُ لِلْعِلْمِ فَكانَ مِمَّنْ يَدُومُ عِلْمُهُ؟ تَنَبَّهَ لِأنَّ خَيْرَ التَّرْكِ خَيْرٌ مِن خَيْرِ الأخْذِ فَأحْسَنَ بِتَرْكِ جَمِيعِهِ. انْتَهى. ورَوى البُخارِيُّ في التَّفْسِيرِ عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها قالَتْ: ”لَمّا أُنْزِلَتِ الآياتُ الأواخِرُ - وفي رِوايَةٍ: مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في الرِّبا - قَرَأهُنَّ النَّبِيُّ ﷺ وفي رِوايَةٍ: عَلى النّاسِ في المَسْجِدِ - ثُمَّ حَرَّمَ التِّجارَةَ في الخَمْرِ“ ولَهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما قالَ: ”آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلى النَّبِيِّ ﷺ آيَةُ الرِّبا“ ولِأبِي عُبَيْدٍ عَنِ ابْنِ شِهابٍ قالَ: آخِرُ القُرْآنِ عَهْدًا بِالعَرْشِ آيَةُ الرِّبا وآيَةُ الدَّيْنِ. ولَهُ «عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما قالَ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ مِنَ القُرْآنِ ﴿واتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إلى اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٨١] قالَ: زَعَمُوا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَكَثَ بَعْدَها تِسْعَ لَيالٍ وبُدِئَ بِهِ يَوْمَ السَّبْتِ وماتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ». انْتَهى. ولا مُخالَفَةَ لِأنَّها مِن آيَةِ الرِّبا والدَّيْنِ. ورَوى الحَدِيثَ أبُو عَمْرٍو الدّانِي في كِتابِ ”البَيانُ في عَدَدِ آيِ القُرْآنِ“ وقالَ فِيهِ: ”قالَ المَلَكُ: اجْعَلْها عَلى (p-١٤٣)رَأْسِ ثَمانِينَ ومِائَتَيْنِ مِنَ البَقَرَةِ“.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب