﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ﴾ أي: هل رأيت [أحدا كالذي حاج إبراهيم في ربه] أو كالذي مر [[راجع اختلاف أهل التأويل في تعيين الذي مر والقرية التي مر بها في تفسير الطبري ٥/٤٣٩ - ٤٤٤.]] على قرية؟! على طريق التعجب.
﴿وَهِيَ خَاوِيَةٌ﴾ أي: خراب.
و﴿عُرُوشِهَا﴾ سقوفها [[في تفسير الطبري ٥/٤٤٥ " وأما العروش، فإنها الأبنية والبيوت، واحدها: عرش".]] . وأصل ذلك أن تسقط السقوف ثم تسقط الحيطان عليها.
﴿ثُمَّ بَعَثَهُ﴾ الله، أي: أحياه.
﴿لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾ لم يتغيرْ بممر السنين عليه. واللفظ مأخوذ من السَّنة. يقال: سانَهَتْ النَّخْلَةُ؛ إذا حملت عاما، وحَالَتْ [[يقال: حالت تحيل حيالا؛ إذا لم تحمل.]] عاما. قال الشاعر:
وَلَيْسَتْ بِسَنْهَاءٍ وَلا رُجَّبِيَّةٍ ... وَلَكِنْ عَرَايَا فِي السِّنِينَ الْجَوَائِحِ [[البيت لسويد بن الصامت الأنصاري، كما في اللسان ١/٣٩٧، ٣/٢٥٦، ٣٩٧، ١٧/٣٩٦، ١٩/٢٧٨، وسمط اللآلي ١/٣٦١ وهو غير منسوب في معاني القرآن للفراء ١/١٧٣، وأمالي القالي ١/١٢١، وتفسير الطبري ٥/٤٦١، والصحاح ١/١٣٤، وتفسير القرطبي ٣/٢٩٣، والبحر المحيط ٢/٢٨٥ يصف نخله بالجودة وأنها ليس فيها سنهاء، وقد قيل في تفسير السنهاء، غير ما قاله ابن قتيبة أقوال شتى، فقال الفراء؛ إنها القديمة، وقال الأصمعي: إنها التي أصابتها السنة، يعني أضر بها الجدب. والرجبية: التي يبنى تحتها لضعفها - رجبة. والرجبة والرُّجمة: أن تعمد النخلة الكريمة - إذا خيف عليها أن تقع لطولها وكثرة حملها - ببناء من حجارة ترجَّب بها أي تعمد به. ويكون ترجيبها: أن يجعل حول النخلة شوك لئلا يرقى إليها راق فيجنى ثمرها. والعرايا: جمع عرية، وهي التي يوهب ثمرها. والجوائح: السنون الشداد التي تجيح المال، أي تهلكه.]] وكأن "سَنةً" من المنقوص: وأصلها: "سَنْهَةٌ". فَمَن ذهب إلى هذا قرأها - في الوصل والوقف - بالهاء: "يَتَسَنَّهْ".
قال أبو عَمْرو الشّيباني [[قول أبي عمرو في اللسان ١٧/٣٩٧.]] "لم يَتَسَنَّهْ": لم يتغير؛ من قوله: ﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [[سورة الحجر ٢٦، ٢٨، ٣٣.]] ؛ فأبدلوا النون من "يَتَسَنَّنْ" هاء. كما قالوا: تَظَنَّيْتُ [[في اللسان ١٧/١٤٤ عن أبي عبيدة: "تظنيت من ظننت، وأصله تظننت، فكثرت النونات، فقلبت إحداهما ياء، كما قالوا: قصيت أظفاري والأصل: قصصت أظفاري".]] وَقَصَّيْتُ أظفاري، وخرجنا نَتَلَعّى [[في اللسان ١٠/١٩٥ "كان في الأصل نتلعع، مكرر العينات، فقلبت إحداهما ياء، كما قالوا: تظنيت من الظن".]] . أي نَأْخُذ اللّعَاع. وهو: بقل ناعم.
﴿وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ﴾ أي: دليلا للناس، وعَلَما على قُدرتنا. وأضمر "فَعلْنا ذلك" [[في معاني القرآن للفراء ١/١٧٣ "إنما أدخلت فيه الواو لنية فعل بعدها مضمر، كأنه قال: ولنجعلك آية فعلنا ذلك، وهو كثير في القرآن ". وقال الطبري ٥/٤٧٣ "ولنجعلك آية للناس؛ أمتناك مائة عام ثم بعثناك ... وكان بعض أهل التأويل يقول: كان آية للناس بأنه جاء بعد مائة عام إلى ولده وولد ولده - شابا وهم شيوخ".]] .
(كَيْفَ نُنْشِرُهَا) بالراء، أي: نحييها. يقال: أنشرَ الله الميت فنَشَر.
وقال: ﴿ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ﴾ [[سورة عبس ٢٢.]] ومن قرأ ﴿نُنْشِزُهَا﴾ بالزاي، أراد: نحرك بعضها إلى بعض ونزعجه [[عبارة الطبري ٥/٤٧٦ "كيف نرفعها من أماكنها من الأرض فنردها إلى أماكنها من الجسد".]] . ومنه يقال: نَشزَ الشيءُ، ونَشَزَتْ المَرْأةُ على زوجها.
وقرأ الحسن: "نَنْشُرُها". كأنه من النَّشْر عن الطَّيِّ [[في البحر المحيط ٢/٢٩٣ "ويحتمل أن يكون ضد الطي، كأن الموت طي العظام والأعضاء، وكأن جمع بعضها إلى بعض نشر".]] . أو على أنه يجوز "أنشرَ الله الميت ونشره": إذا أحياه. ولم أسمع به [في "فَعَل" و "أفْعَلَ"] .
{"ayah":"أَوۡ كَٱلَّذِی مَرَّ عَلَىٰ قَرۡیَةࣲ وَهِیَ خَاوِیَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ یُحۡیِۦ هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِا۟ئَةَ عَامࣲ ثُمَّ بَعَثَهُۥۖ قَالَ كَمۡ لَبِثۡتَۖ قَالَ لَبِثۡتُ یَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ یَوۡمࣲۖ قَالَ بَل لَّبِثۡتَ مِا۟ئَةَ عَامࣲ فَٱنظُرۡ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمۡ یَتَسَنَّهۡۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجۡعَلَكَ ءَایَةࣰ لِّلنَّاسِۖ وَٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡعِظَامِ كَیۡفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكۡسُوهَا لَحۡمࣰاۚ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُۥ قَالَ أَعۡلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}