الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿والوالِداتُ يُرْضِعْنَ أوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَن أرادَ أنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وعَلى المَولُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إلاَّ وُسْعَها لا تُضَآرَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها ولا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وعَلى الوارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإنْ أرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنهُما وتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وإنْ أرَدْتُّمْ أنْ تَسْتَرْضِعُوا أوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالمَعْرُوفِ واتَّقُوا اللَّهَ واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: ٢٣٣].
بعدَما ذكَرَ اللهُ النكاحَ والطلاقَ وتوابعَهما، كالعِدَدِ والخُلْعِ والرَّجْعةِ، ذكَرَ أحكامَ الرَّضاعِ، لأنّ تلك الأحكامَ أهمُّ وأعسَرُ، وأحكامَ الرضاعِ أيسَرُ، ولأنّ الرضاعَ لا يقَعُ فيه غالبًا نزاعٌ وخلافٌ، لتشوُّفِ الأبوَيْنِ لمصلَحَةِ ولدِهِما، بخلافِ ما كان بينَهما، فهما نِدّانِ يتنازَعانِ في حَقِّهِما، ويتوافقانِ في حقِّ الولدِ غالبًا.
وقد ذكَرَ اللهُ الرضاعَ هنا، وفي سورةِ الطلاقِ، وما في الطلاقِ خاصٌّ بالمطلَّقاتِ، وهذه الآيةُ أعَمُّ منها.
حكمُ الرَّضاعِ:
وفي الآيةِ: أنّ الرَّضاعَ على الزوْجةِ، بقولِه: ﴿والوالِداتُ يُرْضِعْنَ أوْلادَهُنَّ﴾، فمَن ولَدَتْ، أرضَعَتْ، وقد اختلَفَ العلماءُ في وجوبِ الرضاعِ عليها على أقوالٍ:
الأوَّلُ: الوجوبُ، وهو قولٌ لمالكٍ، وقولُ أبي ثَوْرٍ.
الـثـاني: أنّ الرضاعَ على الاختيارِ، لأنّ اللهَ يقولُ في الطلاقِ: ﴿فَإنْ أرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [٦]، وحمَلُوا آيةَ البقرةِ على أنّها مبيِّنةٌ لمدَّةِ الرضاعِ لا لحُكْمِه، وهذا قولُ الشافعيِّ والحنابلةِ.
الثالثُ: يفرِّقونَ بين الشريفةِ والدَّنِيَّةِ، فلا يُوجِبونَهُ على الشريفةِ، ويُوجِبونَهُ على مَن دُونَها، وهذا قولُ مالكٍ المشهورُ عنه، وهو مذهبُ المالكيِّينَ، لأنّ العِبْرةَ بالعُرْفِ، فالرفيعةُ تسترضِعُ لابنِها، ومَن دُونَها تُرضِعُ بنفسِها.
وأمّا إذا لم يَقبَلْ مُرضِعةً إلاَّ إيّاها، فيَجِبُ، ولا ينبغي أنْ يكونَ ثمَّةَ خلافٌ، لأنّ تَرْكَهُ هَلَكةٌ، ولو لم يَقبَلْ إلاَّ امرأةً أجنبيَّةً عنه، لَتَعَيَّنَ عليها، وقد نَصَّ على وجوبِه على أُمِّه إذا لم يَقبَلْ إلاَّ إيّاها: القاضي عبدُ الوهّابِ.
تمامُ الرَّضاع ومُدَّتُهُ:
وفي قولِهِ تعالى: ﴿حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَن أرادَ أنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ﴾ تمامٌ لِمُدَّةِ الرضاعِ، وبالزيادةِ عليه لا تستحِقُّ الوالدةُ أجرةً ولو كانت مطلَّقةً، وإذا أرادَ أحدُ الوالدَيْنِ فِطامَ المولودِ قبلَ الحولَيْنِ، فلا بُدَّ مِن تشاوُرِهما وتراضِيهِما على ذلك، دفعًا لإفسادِ حالِ الصبيِّ، ومنعًا لاستئثارِ أحدِ الزوجَيْنِ بمنفعةٍ بعدَ الفِطامِ.
ورضاعُ الحولَيْنِ في الآيةِ عامٌّ في كلِّ مولودٍ، وهذا قولُ عامَّةِ المفسِّرينَ، وجاء عنِ ابنِ عبّاسٍ تخصيصُهُ بمَن وُلِدَ وقد مَكَثَ ستَّةَ أشهُرٍ في بطنِ أمِّه، وينقُصُ الحولانِ كلَّما زادَ الحَمْلُ عن ستةِ أشهرٍ، لعمومِ قولِهِ تعالى: ﴿وحَمْلُهُ وفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥].
ومِن آيةِ الأحقافِ أخَذَ بعضُ العلماءِ: أنّ أقلَّ الحملِ الذي يُولَدُ منه ستَّةُ أشهرٍ، ويأتِي تفصيلُ ذلك في موضِعِه بإذنِ اللهِ.
وبقولِه تعالى: ﴿حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَن أرادَ أنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ﴾ استدلَّ مَن قال بأنّ الرضاعَ لا يحرِّمُ إلاَّ إذا كان في الحولَيْنِ، واختلَفُوا في عددِ الرَّضَعاتِ، ويأتي في سورةِ النِّساءِ بإذنِ اللهِ.
وقولُهُ تعالى: ﴿وعَلى المَولُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إلاَّ وُسْعَها﴾، فيه وجوبُ نفقةِ والدِ الرضيعِ للمُرْضِعةِ، وحدَّد النَّفَقةَ بالرِّزْقِ والكِسْوةِ.
النفقةُ الواجبةُ للزوجة حالَ إرضاعِها:
واختلَفَ كلامُ الفقهاءِ في النفقةِ المأمورِ بها في الآيةِ، هل هي نفقةُ الزوجيَّةِ، أو نفقةٌ خاصَّةٌ للرَّضاعِ؟ فلو أنفَقَ الرجلُ على زوجتِهِ وكَفاها، ثمَّ أرضَعَتْ له، فهل يجبُ عليه الزيادةُ على ذلك لأجلِ الرضاعِ؟ على قولَيْنِ:
الأوَّلُ: قولُ مَن قالوا: هي نفقةُ الزوجيَّةِ، وقال به مالكٌ.
وقرينةُ ذلك: أنّ نفقةَ الرِّزْقِ ـ وهي الطَّعامُ والشَّرابُ مع الكِسْوةِ ـ هي نفقةُ الزوْجِيَّةِ، ونفقةُ مَن يلي الإنسانُ أمرَهُ مِن نِساءٍ وذُرِّيَّةٍ، كما في قولِهِ تعالى: ﴿ولا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيامًا وارْزُقُوهُمْ فِيها واكْسُوهُمْ﴾ [النساء: ٥]، وهذا نزَلَ في النساءِ والذُّرِّيَّةِ.
وكذلك ما صحَّ في مسلمٍ، مِن حديثِ جابرٍ، قال ﷺ: (ولَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ) [[أخرجه مسلم (١٢١٨) (٢/٨٩٠).]].
الثاني: قولُ مَن قالوا: هي نفقةٌ خاصَّةٌ بالرَّضاعِ، قال به الشافعيُّ.
وذلك لأنّ النَّفَقةَ على المُرضِعةِ تختلِفُ عن غيرِها، ولو كانت زوجةً، لحاجتِها إلى مزيدٍ مِن الطعامِ والشرابِ، فإنّ الرضاعَ يُجهِدُ المُرِضعَ ويُضعِفُ جَسَدَها إذا لم تَزْدَدْ في الطعامِ والشرابِ لتُدِرَّ.
ويَتَّفِقُ القولانِ على معنًى، وهو أنّ المُرضِعَ إذا كانت زوجةً فاحتاجَتْ في رِزْقِها وكِسْوَتِها للزيادةِ لأجلِ الرضاعِ: أنّ ذلك يجبُ على والدِ الرضيعِ.
ولو كان لدى المُرضِعِ كفايةٌ في رِزْقِها وكِسْوَتِها مِن نفسِها، فأرادت حقَّها أن يكونَ نقدًا، جاز أن يقوَّمَ ذلك بما يُساوي طَعامَها وشَرابَها وكِسْوَتَها.
نفقةُ الوالدِ على ولدِهِ:
وفي الآيةِ: دليلٌ على وجوبِ نفقةِ الوالدِ على ولَدِهِ عندَ عَجْزِهِ عن القيامِ بنفسِه، بمَرَضٍ، أو عاهةٍ، أو عطالةٍ، أو أسْرٍ وحَبْسٍ، لأنّ الأمرَ بالإنفاقِ على رضاعِ الرضيعِ وكفايتِهِ لأجلِ عَجْزِه، وكلُّ مَنِ اشتَرَكَ معه في العجزِ وعدمِ القدرةِ على القيامِ بنفسِه، وجَبَ على الوالدِ ذلك.
ومثلُ هذا وجوبُ نفقةِ الوَلَدِ على الوالدِ عند حاجتِهِ بلا خلافٍ.
والنفقةُ حسَبَ القدرةِ، فاللهُ لا يكلِّفُ إنسانًا إلاَّ بطاقتِه، وهذا ظاهرٌ في قولِه: ﴿لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إلاَّ وُسْعَها﴾.
وقولُه: ﴿لا تُضَآرَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها ولا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ إشارةٌ إلى حظوظِ النفسِ بين الزوجَيْنِ في الرَّضاعِ، فالمصلحةُ في ذلك للولَدِ وحقِّه في الرضاعِ، فلا تدَعُ الوالدةُ رضاعَ ابنِها شقاقًا لأبيه، ولا يأخُذُ الوالدُ ولدَهُ مِن أمِّه شقاقًا لها، ولا تدَعُ الوالدةُ رضاعَ ولَدِها وهي مطلَّقةٌ لتتزوَّجَ وولَدُها يُريدُها مِن دونِ النِّساءِ.
تعيُّنُ الرضاعِ على الوالدةِ:
ولا يختلِفُ العلماءُ أنّ الرضاعَ يتعيَّنُ على الوالدةِ في أحوالٍ، منها:
إذا لم يَقبَلِ الولَدُ ثديَ امرأةٍ إلاَّ إيّاها.
وإذا لم يوجَدْ مُرضِعةٌ غيرُها مِن النساءِ.
وإذا لم يَجِدِ الوالدُ نفقةَ الرضاعِ لغيرِها لفقرِهِ، تعيَّن عليها بما تستطيعُ.
وقولُهُ تعالى: ﴿وعَلى الوارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ المرادُ بالوارثِ مَن يَرِثُ المولودَ لو قُدِّرَتْ وفاتُهُ، فإذا فقَدَ والدَهُ، فيقومُ بكفايتِهِ في الرضاعِ والنَّفَقةِ عليه مَن يَرِثُهُ لو مات، والذي يجبُ على الوارثِ هو الذي يجبُ على الوالدِ سواءً، ما دامَ الطِّفْلُ غيرَ قادرٍ على كفايتِه، وهذا المقصودُ في الإشارةِ إليه بقولِه: ﴿مِثْلُ ذَلِكَ﴾، أيْ: مِثلُ ما يجبُ على الوالِدِ.
وبهذا قال جماعةٌ مِن السلفِ، كمجاهِدٍ والحسَنِ وعطاءٍ وقتادةَ، وهو قولُ مالكٍ وأحمدَ وإسحاقَ وأهلِ العراقِ.
والذي يجبُ على الوارثِ: القيامُ بما يجبُ على الوالدِ، ونصيبُهم بمقدارِ مَوارِيثِهم، فلو كانوا إخوةً رجالًا فيتقاسَمونَ النفقةَ بالتساوي، وإذا كان معهم أخواتٌ فعلى الذَّكَرِ مثلُ ما على الأنثيَيْنِ.
ويسقُطُ مِن حقِّ الوالدةِ بمقدارِ نصيبِها مِن ولدِها.
ويسقُطُ مِن حقِّ الرضيعِ مقدارُ نصيبِهِ لو كان بمنزلةِ إخوانِه.
وبهذا قال أحمدُ.
وبعضُ العلماءِ جعَلُوا ذلك مختصًّا بالرجالِ، لأنّ النساءَ لا يُنفِقْنَ، وإنّما يُنفِقُ عليهِنَّ الرِّجالُ، كما في قولِه: ﴿الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلى النِّساءِ﴾ [النساء: ٣٤]، وبهذا قضى عمرُ رضي الله عنه، كما رواهُ عبدُ الرزّاقِ في «مصنَّفِه»، وابنُ جريرٍ، مِن حديثِ ابنِ المسيَّبِ، عن عمرَ، أنّه حبَسَ بني عمٍّ على منفوسٍ كَلالةً بالنَّفَقةِ عليه مِثْلَ العاقِلةِ[[أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٢١٨١) (٧/٥٩)، والطبري في «تفسيره» (٤/٢٢٢).]].
وبهذا يقولُ عطاءٌ ومجاهِدٌ والنَّخَعيُّ والحسَنُ[[«تفسير الطبري» (٤/٢٢٣ ـ ٢٢٤).]].
وخصَّ أبو حنيفةَ وصاحباهُ: النَّفَقةَ عند وفاةِ الوالدِ بذي الرَّحِمِ المَحْرَمِ، وأخرَجَ ذا الرَّحِمِ غيرَ المَحْرَمِ.
وقولُهم هذا غريبٌ، يخالِفُ الكتابَ، وكذلك الأَثَرَ عن عمرَ، وقد استغرَبَهُ غيرُ واحدٍ مِن العلماءِ، قال إسماعيلُ بنُ إسحاقَ: «قالوا قولًا ليس في كتابِ اللهِ، ولا نعلمُ أحدًا قاله»[[«تفسير القرطبي» (٤/١١٨).]].
وقد قال مالكٌ بنَسْخِ قولِه تعالى: ﴿وعَلى الوارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾، كما نقَلَهُ عنه ابنُ القاسمِ، وحمَلَهُ بعضُ المالكيَّةِ على التخصيصِ، لأنّ التخصيصَ نسخٌ.
وحمَلَ بعضُ المفسِّرينَ الخطابَ للوارثِ على أنّه لمنعِ المضارَّةِ للمولودِ، كما نَهى اللهُ الوالدَيْنِ عن ذلك، وليس المرادُ بذلك النفقةَ، وهذا مرويٌّ عنِ ابنِ عبّاسٍ ومجاهِدٍ والشَّعْبيِّ، وهو قولُ الشافعيِّ.
ورواهُ ابنُ وهبٍ وأشهَبُ عن مالكٍ.
ويَحتمِلُ أنّ المرادَ المعنيانِ، فأحكامُ القرآنِ غائيَّةٌ عامَّةٌ، وقولُه: ﴿مِثْلُ ذَلِكَ﴾ إشارةٌ عامَّةٌ لكلِّ ما سبَقَ، وبيانُ حقِّ الرضيعِ ونفَقَتِهِ لرضاعِه لا تترُكُ مِثلَهُ الشريعةُ، وتركُ المضارَّةِ حكمٌ أدقُّ وأقلُّ وقوعًا وبَلْوى مِن حاجةِ المولودِ للرضاعِ، وحقُّ الرضاعِ أوْلى بالنصِّ وبيانِ الحُكْمِ.
وربَّما حمَلَ ابنُ عباسٍ ذلك على المضارَّةِ، لأنّ الرضاعَ مع حاجتِهِ ووقوعِ وفاةِ الوالدِ حالَ الرضاعِ، فإنّ المولودَ يأخُذُ حقَّه، لرحمةِ الناسِ به وتنافُسِهِمْ على كفايتِهِ، بخلافِ حظوظِ النفسِ في الوَرَثةِ في أن يُضِرَّ بعضُهُمْ ببعضٍ في حقِّ الرضاعِ، فيتضرَّرَ المولودُ ولا يُشْعَرُ به، لشُحِّ النفوسِ الطاغي.
فطامُ الرضيعِ:
وقولُه: ﴿فَإنْ أرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنهُما وتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما﴾، أحالَ اللهُ فطامَ الطِّفلِ قبلَ الحولَيْنِ على اتفاقِ الوالدَيْنِ على ذلك، وقيَّد ذلك بتراضِيهِما وتشاوُرِهما جميعًا، حتّى لا يغلِّبَ واحدٌ منهم حظَّهُ على مصلحةِ الولَدِ، فلا تَفطِمُ الوالدةُ المطلَّقةُ ولدَها قبلَ وقتِهِ للتزوُّجِ فيتضرَّرَ الولَدُ، ولا يأمُرُ الوالدُ بفَطْمِهِ قبلَ وقتِه، ليأخُذَهُ مِن أمِّه.
أهميَّةُ الشُّورى:
وفي الآيةِ: أهميَّةُ الشُّورى، وقد جاءتِ الشُّورى في القرآنِ عامَّةً وخاصَّةً:
عامَّةٌ في أمرِ الأمَّةِ ودَوْلَتِها، كما في قولِه: ﴿وشاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ﴾ [آل عمران: ١٥٩]، وقولِهِ: ﴿وأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: ٣٨].
وخاصَّةٌ في هذه الآيةِ.
وكلَّما كان الأمرُ يتعلَّقُ بعددٍ مِن الناسِ، تأكَّدَتِ الشورى ووجَبَتْ، فالشورى في حقِّ الثلاثةِ آكَدُ منها في حقِّ الاثنَيْنِ، وهي في العَشَرةِ آكَدُ مِن الخمسةِ... وهكذا، حتّى لا يتنازعَ الناسُ الحقَّ فيُضِرَّ بعضُهُمْ ببعضٍ، ولمّا خُشِيَ مِن الإضرارِ بالصبِيِّ مِن والدَيْهِ، وهما والداهُ، شرَعَ اللهُ التشاوُرَ بينهما، فلا يقضِيانِ شيئًا إلاَّ باتفاقِهما حتّى يخلُصَ حقُّ المولودِ مِن حظوظِهما، فكيف بحظِّ غيرِ الوالدَيْنِ مِن غيرِهم؟! ولهذا كانت مَصالِحُ الناسِ العامَّةُ وشأنُ الأمَّةِ ومالُها وسياستُها شُورى بينها، حتّى لا تَهلِكَ الأُمَّةُ برأيِ رجلٍ.
استئجارُ مرضعةٍ:
وقولُهُ: ﴿وإنْ أرَدْتُّمْ أنْ تَسْتَرْضِعُوا أوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالمَعْرُوفِ واتَّقُوا اللَّهَ واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾، إنِ اتَّفَقَ الوالِدانِ على استِئجارِ مُرضِعةٍ غيرِ أمِّه، جازَ مع الوفاءِ بالحقِّ للمُرضِعةِ السابقةِ أو اللاحقةِ مِن غيرِ إضرارٍ.
ثمَّ أمَرَ اللهُ بتقواهُ، وربَطَ تحقُّقَ تقواهُ بالعِلْمِ بسَعَةِ عِلمِ اللهِ، وذلك أنّ الإنسانَ كلَّما كان باللهِ أعرَفَ، فهو له أخْوَفُ، وإذا عَلِمَ الإنسانُ اطلاعَ اللهِ عليه في سِرِّهِ وعلانيتِه، خافَ ربَّه وازداد خَشيةً له.
{"ayah":"۞ وَٱلۡوَ ٰلِدَ ٰتُ یُرۡضِعۡنَ أَوۡلَـٰدَهُنَّ حَوۡلَیۡنِ كَامِلَیۡنِۖ لِمَنۡ أَرَادَ أَن یُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَۚ وَعَلَى ٱلۡمَوۡلُودِ لَهُۥ رِزۡقُهُنَّ وَكِسۡوَتُهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ لَا تُكَلَّفُ نَفۡسٌ إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَا تُضَاۤرَّ وَ ٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوۡلُودࣱ لَّهُۥ بِوَلَدِهِۦۚ وَعَلَى ٱلۡوَارِثِ مِثۡلُ ذَ ٰلِكَۗ فَإِنۡ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضࣲ مِّنۡهُمَا وَتَشَاوُرࣲ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِمَاۗ وَإِنۡ أَرَدتُّمۡ أَن تَسۡتَرۡضِعُوۤا۟ أَوۡلَـٰدَكُمۡ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ إِذَا سَلَّمۡتُم مَّاۤ ءَاتَیۡتُم بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق