* اللغة:
(الحول) السنة لأنها تحول أي تمضي والجمع حئول بضم الحاء وأحوال، وهذه امرأة لا تضع إلا تحاويل ولا تلد إلا تحاويل، أي تلد سنة وسنة لا تلد، وحوليات زهير أي قصائده المطوّلة التي يستغرق في نظمها حولا كاملا.
(تُضَارَّ) مضارع ضارّ بتشديد الراء ولذلك فتح آخره كما سيأتي.
(الفصال) بكسر الفاء: الفطام قبل الحولين، وفصلت الأم رضيعها فطمته، وهذا زمن فصاله كما يقال زمن فطامه.
* الإعراب:
(وَالْوالِداتُ) الواو عاطفة أو استئنافية والجملة معطوفة أو مستأنفة مسوقة لإتمام هذه الأحكام والوالدات مبتدأ (يُرْضِعْنَ) فعل مضارع مبني على السكون والنون فاعل (أَوْلادَهُنَّ) مفعول به والجملة خبر للوالدات (حَوْلَيْنِ) ظرف زمان متعلق بيرضعن (كامِلَيْنِ) صفة لأنه ما يتسامح به، تقول: أقمت عند فلان حولين ولم تستكملهما (لِمَنْ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف تقديره ذلك الحكم لمن والجملة مستأنفة (أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) جملة أراد لا محل لها لأنها صلة من، وأن وما في حيزها في تأويل مصدر مفعول به فتكون «من» واقعة على الأم. كأنه قيل: لمن أراد أن يتم الرضاعة من الوالدات. ويجوز أن يعلق الجار والمجرور بيرضعن، فتكون واقعة على الأب، كأنه قيل: لأجل من أراد أن يتم الرضاعة من الآباء (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) الواو عاطفة وعلى المولود متعلقان بمحذوف خبر مقدم وله جار ومجرور في محل رفع على أنه نائب فاعل للمولود لأنه اسم مفعول.
ورزقهن مبتدأ مؤخر وكسوتهن عطف عليه. وبالمعروف متعلقان بمحذوف حال (لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها) الجملة تفسيرية لا محل لها ولا نافية وتكلف فعل مضارع مبني للمجهول ونفس نائب فاعل وإلا أداة حصر ووسعها مفعول به ثان. وكلّف بتشديد اللام فعل يتعدى لاثنين، قال عروة:
يكلفني عمي ثلاثين ناقة ... ومالي يا عفراء غير ثمان
فالياء مفعول أول وثلاثين مفعول ثان (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها) لا ناهية وتضار فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه السكون، ونابت الفتحة لخفتها في المضعف، والفعل مبني للمجهول، وقرىء في السبع برفع تضارّ، على أن «لا» نافية. ووالدة نائب فاعل والجار والمجرور متعلقان بتضار والجملة حالية (وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) عطف على ما تقدم والباء فيهما للسببية، أي وأضيف الولد إليها تارة وإليه تارة أخرى، بمثابة استعطاف لكل من الوالدين ومناشدتما بأن يتعهداه ويعملا على استصلاحه، فلا يكون سببا لإلحاق الضر بهما، ولذلك جعلها بعض الحذاق من معربي القرآن زائدة ولا داعي لدعوى الزيادة. (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ) الواو عاطفة والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم ومثل ذلك مبتدأ مؤخر (فَإِنْ أَرادا فِصالًا) الفاء استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لاستقصاء الحكم في هذه المسألة الاجتماعية. وإن شرطية وأرادا فعل ماض في محل جزم فعل الشرط والألف فاعل وفصالا مفعول به (عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لفصالا ومنهما صفة لتراض وتشاور عطف على تراض (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) الفاء رابطة لجواب الشرط ولا نافية للجنس وجناح اسمها وعليهما خبرها والجملة جواب الشرط (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ) الواو عاطفة وإن شرطية وأردتم فعل ماض في محل جزم فعل الشرط والتاء فاعل وأن وما في حيزها في تأويل مصدر مفعول به لأردتم وأولادكم مفعول به ثان لتسترضعوا والمفعول الأول محذوف والمعنى أن تسترضعوا المراضع أولادكم، نصّ على هذا الإعراب سيبويه وعلق الشهاب على البيضاوي بأن أرضع يتعدى إلى مفعول واحد، فإن زيدت فيه السين والتاء صار متعديا لاثنين، وجرى الزمخشري أيضا على ذلك. وقيل إنما يتعدى للثاني بحرف جر، فيكون أولادكم منصوبا بنزع الخافض، ويكون الجار والمجرور موضع المفعول الثاني، قال الزجاج والتقدير:
أن تسترضعوا لأولادكم غير الوالدة. (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) تقدم إعرابها (إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ) إذا ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه منصوب بجوابه المحذوف وجملة سلمتم في محل جر بالإضافة، وما اسم موصول في محل نصب مفعول به، وجملة آتيتم لا محل لها لأنها صلة الموصول، وبالمعروف الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال (وَاتَّقُوا اللَّهَ) الواو استئنافية. وجملة «اتقوا الله» من الفعل والفاعل والمفعول به مستأنفة مسوقة للمبالغة في المحافظة على ما شرع في أمر الأطفال والمراضع وعدم التفريط بحقوقهم (وَاعْلَمُوا) عطف على واتقوا (أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) أن وما بعدها سدت مسد مفعولي اعلموا وجملة تعملون صلة ما، وبصير خبر أن.
* الفوائد:
الفعل المضعف إذا جزم أو بني على السكون جاز فيه ثلاث لغات:
1- الفتح مطلقا، وعندنا أنه الأولى لخفته على اللسان.
2- الكسر مطلقا، كأنهم شبهوه بالتقاء الساكنين.
3- الاتباع لحركة الفاء وروي قول جرير باللغات الثلاث:
فغضّ الطرف إنك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا
{"ayah":"۞ وَٱلۡوَ ٰلِدَ ٰتُ یُرۡضِعۡنَ أَوۡلَـٰدَهُنَّ حَوۡلَیۡنِ كَامِلَیۡنِۖ لِمَنۡ أَرَادَ أَن یُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَۚ وَعَلَى ٱلۡمَوۡلُودِ لَهُۥ رِزۡقُهُنَّ وَكِسۡوَتُهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ لَا تُكَلَّفُ نَفۡسٌ إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَا تُضَاۤرَّ وَ ٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوۡلُودࣱ لَّهُۥ بِوَلَدِهِۦۚ وَعَلَى ٱلۡوَارِثِ مِثۡلُ ذَ ٰلِكَۗ فَإِنۡ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضࣲ مِّنۡهُمَا وَتَشَاوُرࣲ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِمَاۗ وَإِنۡ أَرَدتُّمۡ أَن تَسۡتَرۡضِعُوۤا۟ أَوۡلَـٰدَكُمۡ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ إِذَا سَلَّمۡتُم مَّاۤ ءَاتَیۡتُم بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ"}