قوله تعالى: (لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا)، الاختيار فتح الراء من (تُضَارَّ)، وموضعه جزم على النهي، والأَصل: لا تضارَرْ، فأدغمت الراء الأولى في الراء الثانية، وفتحت الثانية لالتقاء الساكنين، وهذا الاختيار في التضعيف إذا كان قبله فتح أو ألف، تقول في الأمر: عضَّ يا رجل، وضارّ زيدًا يا رجل، والمعنى: لا ينزع الولد منها إلى غيرها بعد أن رضيت بإرضاعه وأَلِفَهَا الصّبيّ إذا قَبل، ولا تلقه [إلى] أبيه بعد ما عرفها تضاره بذلك. (وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) فيكلف أن يعطي الأمَّ إذا لم يرتضع الولد إلا منها أكثر مما يجب لها عليه، والقولان على مذهب الفعل المبني للمفعول بها، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (وَلا تُضَارُّ) برفع الراء على الخبر منسوقًا على قوله (لَا تُكَلَّفُ) أتبع من قبله ليكون أحسن في تشابه اللفظ، وهو خبر بمعنى الأمر.
قوله تعالى: (إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ)، قال مجاهد والسُّدِّي: إذا سَلَّمْتُمْ إلى الأم أجرتها بمقدار ما أرضعت، وقرأ ابن كثير (مَا أَتَيْتُم) بقصر الألف، ومعناه: ما فعلتم، يقال أتيتُ حميدًا، أي: فعلتُه.
{"ayah":"۞ وَٱلۡوَ ٰلِدَ ٰتُ یُرۡضِعۡنَ أَوۡلَـٰدَهُنَّ حَوۡلَیۡنِ كَامِلَیۡنِۖ لِمَنۡ أَرَادَ أَن یُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَۚ وَعَلَى ٱلۡمَوۡلُودِ لَهُۥ رِزۡقُهُنَّ وَكِسۡوَتُهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ لَا تُكَلَّفُ نَفۡسٌ إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَا تُضَاۤرَّ وَ ٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوۡلُودࣱ لَّهُۥ بِوَلَدِهِۦۚ وَعَلَى ٱلۡوَارِثِ مِثۡلُ ذَ ٰلِكَۗ فَإِنۡ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضࣲ مِّنۡهُمَا وَتَشَاوُرࣲ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِمَاۗ وَإِنۡ أَرَدتُّمۡ أَن تَسۡتَرۡضِعُوۤا۟ أَوۡلَـٰدَكُمۡ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ إِذَا سَلَّمۡتُم مَّاۤ ءَاتَیۡتُم بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ"}