الباحث القرآني
قوله تعالى: مَا كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى يقول: ما ينبغي وما يجوز للنبيّ أن يبيع الأسارى، يقول: لا يقبل الفدية عن الأسارى، ولكن السيف حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ، يعني:
حتى يغلب في الأرض على عدوه. قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: فَانٍ تَكُنْ كلاهما بالتاء بلفظ التأنيث، لأن لفظ جماعة العدد مؤنث، وقرأ أبو عمرو الأولى خاصة بالياء، والأخرى بالتاء. وقرأ الباقون كلاهما بالتاء بلفظ التذكير، لأن الفعل مقدم. وقرأ حمزة وعاصم وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً بنصب الضاد وجزم العين، وقرأ الباقون بضم الضاد، ومعناهما واحد: ضَعْف وضِعْف، وهما لغتان. وقرأ بعضهم ضعفا بضم الضاد ونصب العين، وهي قراءة أبي جعفر المدني يعني: عجزة.
قوله تعالى: تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا، يعني: الفداء وروي عن ابن عباس قال: «لما أسروا الأسارى، قال رسول الله ﷺ لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: «ما تَرَوْنَ في هَؤُلاءِ الأُسَارَى» ؟ قال أبو بكر: يا رسول الله هم بنو العم والعشيرة، أرى لهم أن تأخذ منهم الفدية فتكون لنا عدة على الكفار، ولعل الله يهديهم الإسلام. وقال عمر: أرى أن تمكننا منهم، فنضرب أعناقهم. فهم رسول الله ﷺ أن يفعل ما قال أبو بكر، قال عمر: فلما كان من الغد جئت إلى رسول الله ﷺ، فإذا هو وأبو بكر قاعدان يبكيان فقلت: يا رسول الله، من أي شيء تبكي؟ فقال: «أبْكِي لِلَّذِي عُرِضَ عَلَيَّ لأَصْحَابِكَ مِنْ أخْذِهِمُ الفِدَاءَ» . فنزل مَا كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى وروي عن رسول الله ﷺ أنه قال: «لَوْ نَزَلَ من السماء عذاب ما نَجَا مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُ عُمَرَ» . قرأ أبو عمرو أَن تَكُونَ لَهُ أسرى بلفظ التأنيث، والباقون بالياء بلفظ التذكير، لأن الفعل مقدم.
ثم قال: وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ، يعني: عزة الدين. وَاللَّهُ عَزِيزٌ في ملكه حَكِيمٌ في أمره.
قوله تعالى: لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ، يقول: لولا أن الله أحلّ الغنائم لأمة محمد ﷺ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ يعني: لأصابكم فيما أخذتم من الفداء عَذابٌ عَظِيمٌ، ثم طيّبها- وأحلها لهم فقال: فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً. وروى الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أنه قال: «لم تحل الغنيمة لقوم سود الرؤوس قبلكم، كان تنزل نار من السماء فتأكلها، حتى كان بدر، فوقعوا في الغنائم فأحلت لهم» فأنزل الله تعالى: لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ وقال النبيّ ﷺ: «أُعْطِيتُ خَمْساً لَمْ يُعْطَها أَحَدٌ قَبْلِي، بُعِثْتُ إلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَأُحِلَّتْ لِي الغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً، وَجُعِلَتْ لِي شَفَاعَةٌ لأُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَةِ» [[حديث أبي ذر: أخرجه أحمد: 5/ 148 وصححه الحاكم 2/ 413 ووافقه الذهبي. والبزار (3461) وفي الباب حديث جابر عند البخاري (335) و (438) و (3122) ومسلم (521) وأحمد 3/ 304 والنسائي:
1/ 210 والبغوي (3616) .]] .
وللآية وجه آخر. روى الضحاك في قوله تعالى: مَا كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى وذلك: أنه لما كان يوم بدر ووقعت الهزيمة على المشركين، أسرع أصحاب رسول الله ﷺ في أخذ أسلاب المشركين ممن قتل يوم بدر، وأخذ الغنائم وفداء الأسرى وشغلوا أنفسهم بذلك عن القتال، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، ألا ترى إلى ما يصنع أصحابك؟ تركوا قتال العدو، وأقبلوا على أسلابهم، وإني أخاف أن تعطف عليهم خيل من خيل المشركين فنزل:
تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا، يعني: أتطلبون الغنائم وتتركون القتال وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ، يعني:
قهر المشركين وإظهار الإسلام، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ قوله تعالى: لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ يعني: لولا ما سبق في الكتاب أن الغنائم تحلّ لهذه الأمة، لأصابكم عَذابٌ عَظِيمٌ وقال النبيّ ﷺ: «لَوْ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ عَذَابٌ، مَا نَجَا أَحَدٌ غَيْرُ عُمَرَ، لأَنَّهُ لَمْ يترك القتال» [[أخرجه السيوطي: 3/ 203 والقرطبي: 8/ 47 والطبراني: 10/ 34.]] .
وروى مجاهد، عن ابن عباس قال: لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ قال: سبقت من الله الرحمة لهذه الأمة قبل أن يعملوا بالمعصية» وقال الحسن: سبقت المغفرة لأهل بدر. وعن الحسن أنه قال: لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ قال: في الكتاب السابق من الله تعالى أن لا يعذب قوماً إلا بعد قيام الحجة عليهم. وقال سعيد بن جبير: لَوْلاَ ما سبق لأهل بدر من السعادة، لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ من الفداء عَذابٌ عَظِيمٌ. ويقال: لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ أن لا يعذب قوماً، حتى يبين لهم ما يتقون.
ثم قال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ يعني: اتقوا الله فيما أمركم به ولا تعصوه. إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ، متجاوز يعني: ذو تجاوز فيما أخذتم من الغنيمة قبل حلها رَحِيمٌ إذ أحلها لكم.
{"ayahs_start":67,"ayahs":["مَا كَانَ لِنَبِیٍّ أَن یَكُونَ لَهُۥۤ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ تُرِیدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡیَا وَٱللَّهُ یُرِیدُ ٱلۡـَٔاخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ","لَّوۡلَا كِتَـٰبࣱ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمۡ فِیمَاۤ أَخَذۡتُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ","فَكُلُوا۟ مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلَـٰلࣰا طَیِّبࣰاۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"],"ayah":"مَا كَانَ لِنَبِیٍّ أَن یَكُونَ لَهُۥۤ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ تُرِیدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡیَا وَٱللَّهُ یُرِیدُ ٱلۡـَٔاخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق