الباحث القرآني
﴿مَا كَانَ لِنَبِیٍّ أَن یَكُونَ لَهُۥۤ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ تُرِیدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡیَا وَٱللَّهُ یُرِیدُ ٱلۡـَٔاخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ٦٧﴾ - قراءات
٣١٣٥٣- عن أنس، أن النبي ﷺ قرأ: ‹أن تَكُونَ لَهُ أسْرى›[[أخرجه الحاكم ٢/٢٦١ (٢٩٤٢). قال الحاكم: «صحيح». و‹أن تَكُونَ لَهُ› بالتاء قراءة متواترة، قرأ بها أبو عمرو، ويعقوب، وقرأ بقيّة العشرة ﴿أّن يَّكُونَ لَهُ﴾ بالياء. انظر: النشر ٢/٢٧٧، والإتحاف ص٣٠٠.]]٢٨٦٩. (٧/١٩٧)
﴿مَا كَانَ لِنَبِیٍّ أَن یَكُونَ لَهُۥۤ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ تُرِیدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡیَا وَٱللَّهُ یُرِیدُ ٱلۡـَٔاخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ٦٧﴾ - نزول الآية
٣١٣٥٤- عن عبد الله بن مسعود -من طريق ابنه أبي عبيدة- قال: لما كان يومُ بدر جِيءَ بالأُسارى، وفيهم العباس، فقال رسول الله ﷺ: «ما تَرَوْن في هؤلاء الأُسارى؟». فقال أبو بكر: يا رسول الله، قومُك وأهلُك، اسْتَبْقِهم لعلَّ الله أن يتوبَ عليهم. وقال عمر: يا رسول الله، كَذَّبوك وأخرَجوك وقاتَلوك، قَدِّمْهم فاضْرِبْ أعناقَهم. وقال عبد الله بن رَواحَة: يا رسول الله، انظُرْ واديًا كثير الحطب فأضْرِمْه عليهم نارًا. فقال العباس وهو يسمع ما يقول: قَطَعْتَ رحِمَك. فدخل النبي ﷺ ولم يَرُدَّ عليهم شيئًا، فقال أناس: يأخُذ بقول أبي بكر. وقال أناس: يأخذ بقول عمر. وقال أناس: يأخذ بقول عبد الله بن رَواحَة. فخرج رسول الله ﷺ، فقال: «إنّ الله ليُلَيِّنُ قلوبَ رجال حتى تكون ألينَ مِن اللبن، وإنّ الله ليُشَدِّدُ قلوبَ رجال فيه حتى تكونَ أشدَّ مِن الحجارة، مَثَلُك يا أبا بكر مَثَلُ إبراهيم ﵇، قال: ﴿فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم﴾ [إبراهيم:٣٦]، ومَثَلُك يا أبا بكر كمَثَلِ عيسى ﵇، قال: ﴿إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم﴾ [المائدة:١١٨]، ومَثَلُك يا عمر كمَثَلِ نوح ﵇ إذ قال: ﴿رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا﴾ [نوح:٢٦]، ومَثَلُك يا عمر كمَثَلِ موسى ﵇ إذ قال: ﴿ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم﴾ [يونس:٨٨]، أنتم عالةٌ فلا يَنفَلِتَنَّ منهم أحدٌ إلا بفِداءٍ أو ضرْبةِ عُنُقٍ». فقال عبد الله: يا رسول الله، إلّا سهيلَ ابن بَيْضاء، فإني سمِعتُه يذكُرُ الإسلام. فسكَت رسول الله ﷺ، فما رأيتُني في يومٍ أخوفَ مِن أن تقعَ عليَّ الحجارةُ من السماء في ذلك اليوم، حتى قال رسول الله ﷺ: إلا سهيلَ ابن بَيْضاء. فأنزل الله تعالى: ﴿ما كان لنبيٍّ أن تكونَ له أسرى حتّى يُثْخِنَ في الأرضِ﴾ إلى آخر الآيتين[[أخرجه أحمد ٦/١٣٨-١٤٠ (٣٦٣٢)، ٦/١٤٢ (٣٦٣٤)، والترمذي ٥/٣١٧-٣١٨ (٣٣٣٨) مختصرًا، والحاكم ٣/٢٤ (٤٣٠٤)، وابن جرير ١١/٢٧٣-٢٧٤، وابن أبي حاتم ٥/١٧٣١-١٧٣٢ (٩١٥١). وأورده الثعلبي ٤/٣٧١. قال الترمذي: «هذا حديث حسن، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخَرِّجاه». ووافقه الذهبي. وقال أبو نعيم في الحلية ٤/٢٠٨: «هذا حديث غريب من حديث أبي عبيدة، لم يروه عنه إلا عمرو بن مرة». وقال الهيثمي في المجمع ٦/٨٧ (١٠٠٠٨-١٠٠١٠): «رواه أحمد ... ورواه أبو يعلى بنحوه، ورواه الطبراني أيضًا، وفيه أبو عبيدة، ولم يسمع من أبيه، ولكن رجاله ثقات». وقال الألباني في الإرواء ٥/٤٨: «منقطع، أبو عبيدة لم يسمع من أبيه».]]. (٧/١٩٨)
٣١٣٥٥- عن أبي أيوب الأنصاري: [أنّ رسول الله ﷺ] أخَذَ قبضةً من التراب، فرمى بها في وجوه القوم؛ فانهزَمُوا، فأنزل الله: ﴿وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾. فقَتَلْنا وأسَرْنا، فقال عمر: يا رسول الله، ما أرى أن يكون لك أسْرى، فإنّما نحن داعُون مُؤَلِّفُون. فقلنا معشرَ الأنصار: إنما يَحمِلُ عمرَ على ما قال حسدٌ لنا. فنام رسول الله ﷺ، ثم استَيقَظ، ثم قال: «ادعُوا لي عمر». فدُعِيَ له، فقال له: «إن الله قد أنزَلَ عليَّ: ﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى﴾» الآية[[أخرجه الطبراني في الكبير ٤/١٧٤-١٧٥ (٤٠٥٦). قال الهيثمي في المجمع ٦/٧٤ (٩٩٥٠): «وإسناده حسن». وقال الألباني في الصحيحة ٧/١٠٢٠: «وأما ما رواه الطبراني في الكبير ... فلا يثبت إسناده، وإن حَسَّنَه الهيثميُّ؛ لأن فيه ابن لهيعة، وهو ضعيف، هذا إن سَلِم من شيخ الطبراني بكر بن سهل؛ فقد ضَعَّفَه النسائي». وقد تقدم بتمامه مع تخريجه في نزول قوله تعالى: ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق﴾ الآية.]]. (٧/٢٥)
٣١٣٥٦- عن أبي هريرة، في هذه الآية، قال: استشارَ رسول الله ﷺ أبا بكر، فقال: يا رسول الله، قد أعطاك الله الظَّفَرَ، ونصَرك عليهم، فَفادِهمْ، فيكونَ عونًا لأصحابِك. واستشارَ عمر، فقال: يا رسول الله، اضرِبْ أعناقَهم. فقال رسول الله ﷺ: «رحِمكُما الله، ما أشبهَكُما باثنين مَضَيا قبلَكما؛ نوح وإبراهيم؛ أما نوحٌ فقال: ﴿رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا﴾ [نوح:٢٦]، وأما إبراهيم فإنه يقول: ربِّ ﴿فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم﴾ [إبراهيم:٣٦]» وفادى بهم[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٧/١٩٧)
٣١٣٥٧- عن عبد الله بن عباس، قال: استشارَ النبي ﷺ أبا بكر وعمرَ في أُسارى بدر، فقال أبو بكر: يا رسول الله، اسْتَبْقِ قومَك، وخُذِ الفداءَ. وقال عمر: يا رسول الله، اقتُلْهم. فقال رسول الله ﷺ: «لو اجْتَمَعْتُما ما عَصَيْتُكما». فأنزل الله: ﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض﴾ الآية[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٧/٢٠٠)
٣١٣٥٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي زُمَيْل- قال: لَمّا أسروا الأسارى -يعني: يوم بدر- قال رسول الله ﷺ: «أين أبو بكر، وعمر، وعلي؟». قال: «ما ترون في الأسارى؟». فقال أبو بكر: يا رسول الله، هم بنو العَمِّ والعَشِيرة، وأرى أن تأخذ منهم فِدْيَة تكون لنا قُوَّةً على الكفار، وعسى الله أن يهديهم للإسلام. فقال رسول الله ﷺ: «ما ترى يا ابن الخَطّاب؟». فقال: لا والذي لا إله إلا هو، ما أرى الذي رأى أبو بكر، يا نبي الله، ولكن أرى أن تُمَكِّنَنا منهم، فتُمَكِّنَ عليًّا من عَقِيلٍ فيضرب عنقه، وتُمَكِّن حمزةَ من العباسِ فيضربَ عنقه، وتمكنني من فلان -نَسِيبٍ لعمر- فأضربَ عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها. فهوي رسول الله ﷺ ما قال أبو بكر، ولم يَهْوَ ما قلت. قال عمر: فلما كان من الغد جئت إلى رسول الله ﷺ، فإذا هو وأبو بكر قاعدان يبكيان، فقلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال رسول الله ﷺ: «أبكي للذي عَرَضَ عليَّ أصحابُك من أخْذِهِمُ الفِداءَ، ولقد عُرِضَ عَلَيَّ عذابُكم أدْنى من هذه الشجرة» -شجرة قريبة من رسول الله ﷺ-، فأنزل الله ﷿: ﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض﴾ إلى قوله: ﴿حلالا طيبا﴾، وأحلَّ الله الغنيمة لهم[[أخرجه مسلم ٣/١٣٨٥ (١٧٦٣) مطولًا، وابن جرير ١١/٢٧٥-٢٧٦.]]. (ز)
٣١٣٥٩- عن عبد الله بن عمر: أنّ النبي ﷺ لَمّا أسَر الأسرى يوم بدر استشار أبا بكرٍ، فقال: قومُك وعترتك -أو وعشيرتُك- فخلِّ سبيلَهم. فاستشارَ عمر، فقال: اقتُلْهم. ففاداهم رسول الله ﷺ، فأنزل الله: ﴿ما كان لنبيٍّ أن تكونَ له أسرى﴾ الآية. فلَقِي رسول الله ﷺ عمر، فقال: «كاد أن يُصيبَنا في خلافِك شرٌ –أو بلاء-»[[أخرجه أبو نعيم في الحلية ١/٤٣، والحاكم ٢/٣٥٩ (٣٢٧٠). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخَرِّجاه».]]. (٧/٢٠١)
٣١٣٦٠- عن عبد الله بن عمر، قال: لَمّا أُسِر الأُسارى يوم بدر أُسِر العباس فيمَن أُسِر؛ أسَرَه رجلٌ مِن الأنصار، وقد وعَدَتْه الأنصار أن يقتلوه، فبلَغ ذلك النبي ﷺ، فقال رسول الله ﷺ: «لَمْ أنَمِ الليلةَ مِن أجلِ عَمِّي العباس، وقد زَعَمتِ الأنصارُ أنهم قاتِلوه». فقال له عمر: فآتِيهم؟ قال: «نعم». فأتى عمرُ الأنصار، فقال لهم: أرْسِلوا العباس. فقالوا: لا واللهِ، لا نُرْسِلُه. فقال لهم عمر: فإن كان لرسول الله ﷺ رِضًا. قالوا: فإن كان لرسول الله ﷺ رِضًا فخُذْه. فأخَذه عمر، فلما صارَ في يدِه قال له: يا عباس، أسلِمْ، فواللهِ، لَأَن تُسْلِمَ أحبُّ إلَيَّ مِن أن يُسْلِمَ الخَطّابُ، وما ذاك إلا لِما رأيتُ رسول الله ﷺ يُعْجبُه إسلامُك. قال: فاستشار رسول الله ﷺ أبا بكر، فقال أبو بكر: عَشِيرتُكَ، فأرسِلْهم. فاستشار عمر، فقال: اقتلهم. ففاداهم رسول الله ﷺ، فأنزل الله: ﴿ما كان لنبيٍّ أن تكونَ له أسرى﴾ الآية[[أخرجه الحاكم ٢/٣٥٩ (٣٢٧٠) مختصرًا دون قصة العباس، وابن مردويه واللفظ له -كما في تفسير ابن كثير ٤/٨٩-. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخَرِّجاه». وقال الذهبي: «صحيح على شرط مسلم».]]. (٧/٢٠٢)
٣١٣٦١- عن أنس، قال: استشار النبي ﷺ الناس في الأُسارى يوم بدر، فقال: إنّ اللهَ قد أمْكَنَكم منهم. فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، اضرب أعناقهم. فأَعْرَضَ عنه النبي ﷺ، ثم عاد رسول الله ﷺ، فقال: «يا أيُّها الناس، إنّ الله قد أمكَنَكم منهم، وإنما هم إخوانُكم بالأمس». فقام عمر، فقال: يا رسول الله، اضرب أعناقهم. فأعرض عنه النبي ﷺ، ثم عاد فقال للناس مثلَ ذلك، فقام أبو بكر الصديق، فقال: يا رسول الله، نرى أن تعفو عنهم، وأن تقبل منهم الفِداء. فعفا عنهم، وقَبِل منهم الفِداء، فأنزل الله: ﴿لولا كتاب من الله سبق﴾ الآية[[أخرجه أحمد ٢١/١٨٠-١٨١ (١٣٥٥٥). قال الهيثمي في المجمع ٦/٨٧ (١٠٠١٢): «رواه أحمد عن شيخه علي بن عاصم بن صهيب، وهو كثير الغلط والخطأ، لا يرجع إذا قيل له الصواب، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح». وقال الألباني في الإرواء عن سند أحمد ٥/٤٧: «وعليٌّ هذا ضعيف لكثرة خطئه وإصراره عليه إذا بين له الصواب».]]. (٧/١٩٧)
٣١٣٦٢- قال مجاهد بن جبر – من طريق حبيب -: كان عمر بن الخطاب يرى الرأي فيوافق رأيه ما يجيء من السماء، وإن رسول الله ﷺ استشار في أسارى «بدر»، فقال المسلمون: بنو عمك افدهم، قال عمر: لا يا رسول الله اقتلهم، قال: فنزلت هذه الآية: ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى﴾[[أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ١٨/٦٠-٦١ (٣٣٩٣٦)، وعلقه الواحدي في أسباب النزول ص٤٠١.]]. (ز)
٣١٣٦٣- قال مقاتل بن سليمان: كان النبي ﷺ قد استشار أصحابَه في أسارى بدر، فقال عمر بن الخطاب للنبي ﷺ: اقتُلْهم؛ فإنهم رءوس الكفر، وأئمة الضلال. وقال أبو بكر: لا تقتلهم؛ فقد شَفى الله الصدورَ، وقَتَل المشركين، وهَزَمَهم، فآدِهِم أنفسَهم، ولْيَكُن ما نأخذ منهم في قوة المسلمين، وعونًا على حرب المشركين، وعسى الله أن يجعلهم أعوانًا لأهل الإسلام فيسلموا. فأُعْجِب النبي ﷺ بقول أبي بكر الصديق، وكان النبي ﷺ رحيمًا، وأبو بكر أيضًا رحيمًا، وكان عمر ماضِيًا، فأخذ النبي ﷺ بقول أبي بكر، ففاداهم، فأنزل الله ﷿ توفيقًا لقول عمر: ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى حَتّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ﴾. فقال النبي ﷺ لعمر: «احمد الله؛ إنَّ ربَّك واتاك[[واتاك: وافقك. لسان العرب (أتى).]] على قولك». فقال عمر: الحمد لله الذي واتاني على قولي في أُسارى بدر. وقال النبي ﷺ: «لو نَزَل عذابٌ من السماء ما نجا مِنّا أحدٌ إلا عمر بن الخطاب، إنه نهاني فَأَبَيْتُ»[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٢٨-١٣٠.]]. (ز)
﴿مَا كَانَ لِنَبِیٍّ أَن یَكُونَ لَهُۥۤ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ تُرِیدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡیَا وَٱللَّهُ یُرِیدُ ٱلۡـَٔاخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ٦٧﴾ - آثار متعلقة بنزول الآية
٣١٣٦٤- عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله ﷺ في الأُسارى يومَ بدر: «إن شئتُم قتَلتُموهم، وإن شئتُم فادَيْتُم واسْتَمتَعتُم بالفداء، واسْتُشْهِد منكم بعِدَّتِهم». فكان آخر السبعين ثابت بن قيس، استُشْهِد باليمامة[[أخرجه الحاكم ٢/١٥١ (٢٦١٩)، وابن مردويه -كما في تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي ٢/٣٨-. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يُخَرِّجاه». وقال ابن كثير في تفسيره ٤/٩٠: «ومنهم من روى هذا الحديث عن عبيدة مرسلًا». قلنا: وسيأتي قريبًا. وقال: «رواه الترمذي، والنسائي، وابن حبان في صحيحه من حديث الثوري به، وهذا حديث غريب جدًّا».]]. (٧/٢٠٠)
٣١٣٦٥- عن عبد الله بن عمر، قال: لَمّا اسْتَشار النبي ﷺ الناسَ في أُسارى بدر، قال رسول الله ﷺ: «مَلَكان مِن الملائكة أحدُهما أحْلى مِن الشَّهْد، والآخرُ أمَرُّ مِن الصَّبِر، ونَبِيّان مِن الأنبياء أحدُهما أحلى على قومِه من الشَّهْد، والآخرُ أمَرُّ على قومه من الصَّبِر؛ فأمّا النَّبِيان فنوحٌ قال: ﴿رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا﴾، وأما الآخر فإبراهيمُ إذ قال: ﴿فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم﴾؛ وأما المَلَكان فجبريل وميكائيل، هذا صاحبُ الشِّدَّة، وهذا صاحبُ اللِّين، ومَثَلُهما في أُمَّتي أبو بكرٍ وعمر»[[أخرجه ابن بشران في أماليه ١/١٦٨-١٦٩ (٣٨٥)، ١/٣٧٠-٣٧١ (٨٥٠)، من طريق الحسن بن سلام، ثنا عبد الرحمن بن حفص، ثنا زياد البكائي، ثنا عثمان بن عبد الرحمن [أو عمر بن عبد الرحمن]، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر به. إسناده ضعيف جدًا إن كان عبدالرحمن بن حفص هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبو القاسم المدني، فقد قال عنه ابن حجر في التقريب (٣٩٢٢): «متروك».]]. (٧/٢٠٠)
٣١٣٦٦- عن عبد الله بن عباس: أنّ النبي ﷺ قال لأبي بكر وعمر: «ألا أُخْبِرُكما بمَثَلِكما في الملائكة ومَثَلِكما في الأنبياء؟ مَثَلُك يا أبا بكر في الملائكة مَثَلُ ميكائيل، ينزل بالرحمة، ومَثَلُك في الأنبياء مَثَلُ إبراهيم، قال: ﴿فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم﴾. ومَثَلُك يا عمر في الملائكة مَثَلُ جبريل، ينزل بالشدة والبأس والنقمة على أعداء الله، ومَثَلُك في الأنبياء مَثَلُ نوح، قال: ﴿رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا﴾»[[أخرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة ٢/٦١٧-٦١٨ (١٤٢٤)، وابن عدي في الكامل ٤/١٠٦ (٦٨٠) في ترجمة رباح بن أبي معروف. قال أبو نعيم في حلية الأولياء ٤/٣٠٤: «غريب من حديث سعيد بن جبير، تفرّد به رباح عن ابن عجلان». وقال ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ ٢/٧٧٥ (١٤٨٠): «ورباح تركه يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، لا يتابع على هذا الحديث».]]. (٧/٢٠١)
٣١٣٦٧- عن عبد الله بن مسعود -من طريق أبي وائل- قال: فُضِّل عمر على الناس بأربعٍ: بذِكْرِه الأُسارى يومَ بدر، فأمَرَ بقَتْلِهم، فأنزل الله: ﴿لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم﴾، وبذِكْرِه الحجاب، أمَرَ نساءَ النبي ﷺ، فقالت زينب: وإنَّك لَتَغارُ علينا والوَحْيُ ينزِلُ في بيوتنا. فأنزل الله: ﴿وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب﴾ [الأحزاب:٥٣]، ودعوةِ نبي الله ﷺ: «اللَّهُمَّ، أّيِّدِ الإسلامَ بعُمَر». ورأيِه في أبي بكر، كان أولَ الناس بايَعه[[أخرجه أحمد ٧/٣٧٢ (٤٣٦٢). قال الهيثمي في المجمع ٩/٦٧ (١٤٤٣٠): «رواه أحمد، والبزار، والطبراني، وفيه أبو نهشل، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات».]]. (٧/١٩٩)
٣١٣٦٨- عن عَبِيدَة السَّلْمانِيّ -من طريق ابن سيرين- قال: نزل جبريل ﵇ على النبي ﷺ يومَ بدر، فقال: إن ربَّك يُخبِرُك: إن شئتَ أن تقتُلَ هؤلاء الأُسارى، وإن شئتَ أن تُفادِيَ بهم ويُقْتَلَ مِن أصحابِك مثلُهم. فاستشارَ أصحابَه، فقالوا: نُفادِيهم، فنَتَقَوّى بهم، ويُكْرِمُ الله بالشهادة مَن يشاء[[أخرجه عبد الرزاق ٥/٢٠٩ (٩٤٠٢).]]٢٨٧٠. (٧/٢٠٠)
٣١٣٦٩- عن عَبِيدَة السَّلْمانِيّ -من طريق ابن سيرين- قال: أسَرَ المسلمون من المشركين سبعين، وقَتَلُوا سبعين، فقال رسول الله ﷺ: «اختاروا أن تأخذوا منهم الفداء، فتقووا به على عدوكم، وإن قَبِلْتُمُوه قُتِل منكم سبعون، أو تقتلوهم». فقالوا: بل نأخذ الفدية منهم، وقُتِلَ منهم سبعون. قال عبيدة: وطلبوا الخيرتين كلتيهما[[أخرجه ابن جرير ٦/٢١٩، ١١/٢٧٩.]]. (ز)
٣١٣٧٠- عن عَبِيدَة السَّلْمانِيّ -من طريق ابن سيرين- قال: كان فداءُ أسارى بدر مائةَ أوقية، والأوقية أربعون درهمًا، ومن الدنانير ستة دنانير[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٧٩.]]. (ز)
﴿مَا كَانَ لِنَبِیٍّ أَن یَكُونَ لَهُۥۤ أَسۡرَىٰ﴾ - تفسير
٣١٣٧١- عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق عبيد بن سليمان- يقول في قوله: ﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض﴾، يعني: الذين أُسِرُوا ببدر[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٧٣، وابن أبي حاتم ٥/١٧٣٢.]]. (ز)
٣١٣٧٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ﴾ مِن قبلك يا محمد ﴿أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٢٥-١٢٦.]]. (ز)
٣١٣٧٣- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة-: ﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى﴾ من عدوه[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٧٣.]]. (ز)
﴿حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ﴾ - تفسير
٣١٣٧٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك- في قوله: ﴿حتى يثخن في الأرض﴾، يقول: حتى يَظْهَرَ على الأرض[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٧٣٢. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٧/٢٠٥)
٣١٣٧٥- عن سعيد بن جبير -من طريق الأعمش- في قوله: ﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض﴾، قال: إذا أسرتموهم فلا تُفادُوهم؛ حتى تُثْخِنُوا فيهم القتل[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٧٢. وعلَّقه ابن أبي حاتم ٥/١٧٣٢ بنحوه.]]. (ز)
٣١٣٧٦- عن مجاهد بن جبر -من طريق حبيب بن أبي عمرة- قال: الإثْخانُ هو القتل[[أخرجه ابن أبي شيبة ١٢/٤٢٠، وابن جرير ١١/٢٧٢، وابن أبي حاتم ٥/١٧٣٢. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٧/٢٠٥)
٣١٣٧٧- قال مقاتل بن سليمان: ﴿حَتّى يُثْخِنَ﴾ عدوُّه ﴿فِي الأَرْضِ﴾ ويَظْهَرَ عليهم[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٢٥-١٢٦.]]. (ز)
٣١٣٧٨- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- ﴿حتى يثخن في الأرض﴾، أي: يُثْخِنَ عدُوَّه، حتى ينفيهم من الأرض[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٧٣.]]. (ز)
﴿حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ﴾ - النسخ في الآية
٣١٣٧٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله: ﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى﴾، قال: ذلك يومَ بدر والمسلمون يومئذ قليل، فلما كَثُروا واشتدَّ سلطانُهم أنزل الله تعالى بعد هذا في الأُسارى: ﴿فإما منا وإما فداء﴾ [محمد:٤]. فجعل الله النبي والمؤمنين في أمرِ الأُسارى بالخيار؛ إن شاءوا قتَلوهم، وإن شاءوا استعبَدوهم، وإن شاءوا فادَوهم[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٧١-٢٧٢، وابن أبي حاتم ٥/١٧٣٢، والنحاس في ناسخه ص٤٧٢، والبيهقي ٦/٣٢٣-٣٢٤. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن مردويه.]]. (٧/٢٠٤)
٣١٣٨٠- عن مجاهد بن جبر -من طريق خَصِيف- في قوله: ﴿ما كان لنبيٍّ أن تكونَ له أسرى حتى يُثْخنَ في الأرضِ﴾، قال: نزَلت الرخصة بعدُ؛ إن شئتَ فمُنَّ، وإن شئتَ ففادِ[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٧٣. وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر.]]. (٧/٢٠٥)
﴿تُرِیدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡیَا وَٱللَّهُ یُرِیدُ ٱلۡـَٔاخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ٦٧﴾ - تفسير
٣١٣٨١- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق الحَكَم- في قوله: ﴿تريدون عرض الدنيا﴾، يعني: الخَراج[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٧٣٣.]]. (٧/٢٠٥)
٣١٣٨٢- عن الحسن البصري -من طريق القاسم- قال: لو لم يكُن لنا ذُنُوبٌ نخافُ على أنفسِنا منها إلا حُبُّنا للدنيا لخَشِينا على أنفسِنا، إنّ الله يقول: ﴿تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة﴾. أرِيدوا ما أرادَ الله[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٧٣٣. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٧/٢٠٥)
٣١٣٨٣- عن قتادة بن دِعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿تريدون عرض الدنيا﴾، قال: أراد أصحاب محمد ﷺ يومَ بدر الفِداء، ففادَوهم بأربعةِ آلاف أربعةِ آلاف، ولَعَمْرَي ما كان أثخنَ رسول الله ﷺ يومئذ، وكان أولَ قتال قاتله المشركين[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٧٢. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٧/٢٠٥)
٣١٣٨٤- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- ﴿تريدون عرض الدنيا﴾ أي: المتاع والفداء بأخذ الرجال، ﴿والله يريد الآخرة﴾ بقتلهم، لظهور الدين الذي يريدون إطفاءه، الذي به تدرك الآخرة[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٧٣، وابن أبي حاتم ٥/١٧٣٣.]]. (ز)
٣١٣٨٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا﴾ يعني: المال، وهو الفِداء من المشركين، نزلت بعد قتال بدر، ﴿واللَّهُ يُرِيدُ﴾ لكم ﴿الآخِرَةَ﴾، ﴿واللَّهُ عَزِيزٌ﴾ يعني: منيع في ملكه، ﴿حَكِيمٌ﴾ في أمره. وذلك أن الغنائم لم تَحِلَّ لأحدٍ من الأنبياء ولا المؤمنين قبلَ محمد ﷺ، وأخبر اللهُ الأممَ: إنِّي أحللت الغنائمَ للمجاهدين من أمة محمد ﷺ، وكان المؤمنون إذا أصابوا الغنائم جمعوها ثم أحرقوها بالنيران، وقتلوا الناس، والأسارى، والدواب، وهذا في الأمم الخالية[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٢٥-١٢٦.]]. (ز)
﴿تُرِیدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡیَا وَٱللَّهُ یُرِیدُ ٱلۡـَٔاخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ ٦٧﴾ - آثار متعلقة بالآية
٣١٣٨٦- عن سعيد بن جبير: أنّ النبي ﷺ لم يَقْتُل يومَ بدر صَبْرًا إلا ثلاثةً: عقبة بن أبي مُعَيط، والنضر بن الحارث، وطُعْمةَ بن عَدِي، وكان النضرُ أسَره المِقْداد[[أخرجه ابن أبي شيبة ١٤/٣٧٢.]]. (٧/٢٠٢)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.