الباحث القرآني
﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ﴾ وقُرِئَ (لِلنَّبِيِّ) عَلى العَهْدِ، والأوَّلُ أبْلَغُ؛ لِما فِيهِ مِن بَيانِ أنَّ ما يُذْكَرُ سُنَّةٌ مُطَّرِدَةٌ فِيما بَيْنَ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، أيْ: ما صَحَّ وما اسْتَقامَ لِنَبِيٍّ مِنَ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ﴿أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى﴾ وقُرِئَ بِتَأْنِيثِ الفِعْلِ، وأُسارى أيْضًا ﴿حَتّى يُثْخِنَ في الأرْضِ﴾ أيْ: يُكْثِرَ القَتْلَ ويُبالِغَ فِيهِ؛ حَتّى يَذِلَّ الكُفْرُ ويَقِلَّ حِزْبُهُ، ويَعِزَّ الإسْلامُ، ويَسْتَوْلِيَ أهْلُهُ، مِن أثْخَنَهُ المَرَضُ والجُرْحُ إذا أثْقَلَهُ، وجَعَلَهُ بِحَيْثُ لا حَراكَ بِهِ ولا بِراحَ، وأصْلُهُ الثَّخانَةُ الَّتِي هي الغِلَظُ والكَثافَةُ، وقُرِئَ بِالتَّشْدِيدِ لِلْمُبالَغَةِ.
﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا﴾ اسْتِئْنافٌ مَسُوقٌ لِلْعِتابِ، أيْ: تُرِيدُونَ حُطامَها بِأخْذِكُمُ الفِداءَ، وقُرِئَ (يُرِيدُونَ) بِالياءِ ﴿واللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾ أيْ: يُرِيدُ لَكم ثَوابَ الآخِرَةِ، الَّذِي لا مِقْدارَ عِنْدَهُ لِلدُّنْيا وما فِيها، أوْ يُرِيدُ سَبَبَ نَيْلِ الآخِرَةِ مِن إعْزازِ دِينِهِ وقِمْعِ أعْدائِهِ، وقُرِئَ بِجَرِّ الآخِرَةِ عَلى إضْمارِ المُضافِ كَما في (p-36)قَوْلِهِ:
؎ أكُلَّ امْرِئٍ تَحْسَبِينَ امْرَأً ونارٍ تَوَقَّدُ بِاللَّيْلِ نارًا
﴿واللَّهُ عَزِيزٌ﴾ يُغَلِّبُ أوْلِيائَهُ عَلى أعْدائِهِ ﴿حَكِيمٌ﴾ يَعْلَمُ ما يَلِيقُ بِكُلِّ حالٍ، ويَخُصُّهُ بِها، كَما أمَرَ بِالإثْخانِ، ونَهى عَنْ أخْذِ الفِداءِ حِينَ كانَتِ الشَّوْكَةُ لِلْمُشْرِكِينَ، وخَيَّرَ بَيْنَهُ وبَيْنَ المَنِّ بِقَوْلِهِ تَعالى: (فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً) لَمّا تَحَوَّلَتِ الحالُ وصارَتِ الغَلَبَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ.
رُوِيَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أُتِيَ بِسَبْعِينَ أسِيرًا فِيهِمُ العَبّاسُ، وعَقِيلُ بْنُ أبِي طالِبٍ، فاسْتَشارَ فِيهِمْ، فَقالَ أبُو بَكْرٍ: قَوْمُكَ وأهْلُكَ، اسْتَبْقِهِمْ لَعَلَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِمْ، وخُذْ مِنهم فِدْيَةً تُقَوِّي أصْحابَكَ، وقالَ عُمَرُ: اضْرِبْ أعْناقَهُمْ، فَإنَّهم أئِمَّةُ الكُفْرِ، واللَّهُ أغْناكَ عَنِ الفِداءِ، مَكِّنْ عَلِيًّا مِن عَقِيلٍ وحَمْزَةَ مِنَ العَبّاسِ، ومَكِّنِي مِن فُلانٍ نَسِيبٍ لَهُ فَلْنَضْرِبْ أعْناقَهُمْ، فَقالَ ﷺ: ««إنَّ اللَّهَ لَيُلِينُ قُلُوبَ رِجالٍ حَتّى تَكُونَ ألْيَنَ مِنَ اللِّينِ، وإنَّ اللَّهَ لَيُشَدِّدُ قُلُوبَ رِجالٍ حَتّى تَكُونَ أشَدَّ مِنَ الحِجارَةِ، وإنَّ مَثَلَكَ يا أبا بَكْرٍ مَثَلُ إبْراهِيمَ، قالَ: فَمَن تَبِعَنِي فَإنَّهُ مِنِّي ومَن عَصانِي فَإنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، ومَثَلَكَ يا عُمَرُ مَثَلُ نُوحٍ، قالَ: رَبِّ لا تَذَرْ عَلى الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارًا»» فَخَيَّرَ أصْحابَهُ، فَأخَذُوا الفِداءَ، فَنَزَلَتْ، فَدَخَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَإذا هو وأبُو بَكْرٍ يَبْكِيانِ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أخْبِرْنِي، فَإنْ وجَدْتُ بُكاءً بَكَيْتُ وإلّا تَباكَيْتُ، فَقالَ: «أبْكِي عَلى أصْحابِكَ في أخْذِهِمُ الفِداءَ، ولَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذابُهم أدْنى مِن هَذِهِ الشَّجَرَةِ لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنهُ».
وَرُوِيَ أنَّهُ ﷺ قالَ: ««لَوْ نَزَلَ عَذابٌ مِنَ السَّماءِ لَما نَجا غَيْرُ عُمَرَ وسَعْدِ بْنِ مُعاذٍ»» وكانَ هو أيْضًا مِمَّنْ أشارَ بِالإثْخانِ.
{"ayah":"مَا كَانَ لِنَبِیٍّ أَن یَكُونَ لَهُۥۤ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ تُرِیدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡیَا وَٱللَّهُ یُرِیدُ ٱلۡـَٔاخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق