الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى﴾ . الآياتِ. أخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ أنَسٍ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَرَأ: ( أنْ تَكُونَ لَهُ أسْرى») .
وأخْرَجَ أحْمَدُ عَنْ أنَسٍ قالَ: «اسْتَشارَ النَّبِيُّ ﷺ النّاسَ في الأُسارى يَوْمَ بَدْرٍ فَقالَ: إنَّ اللَّهَ قَدْ أمْكَنَكم مِنهم. فَقامَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، اضْرِبْ أعْناقَهم. فَأعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ ﷺ، ثُمَّ عادَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: يا أيُّها النّاسُ، إنَّ اللَّهَ قَدْ أمْكَنَكم مِنهُمْ، وإنَّما هم إخْوانُكم بِالأمْسِ. فَقامَ عُمَرُ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، اضْرِبْ أعْناقَهم. فَأعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ ﷺ، ثُمَّ عادَ فَقالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقامَأبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، نَرى أنْ تَعْفُوَ عَنْهُمْ، وأنْ تَقْبَلَ مِنهُمُ الفِداءَ. فَعَفا عَنْهُمْ، وقَبِلَ مِنهُمُ الفِداءَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ في هَذِهِ الآيَةِ قالَ: «اسْتَشارَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أبا بَكْرٍ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أعْطاكَ الظَّفَرَ ونَصَرَكَ عَلَيْهِمْ، فَفادِهِمْ، فَيَكُونَ عَوْنًا لِأصْحابِكَ. واسْتَشارَ عُمَرَ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، اضْرِبْ أعْناقَهم. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: رَحِمَكُما اللَّهُ، ما (p-١٩٨)أشْبَهَكُما بِاثْنَيْنِ مَضَيا قَبْلَكُما: نُوحٍ وإبْراهِيمَ؛ أمّا نُوحٌ فَقالَ: ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلى الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارًا﴾ [نوح: ٢٦] وأمّا إبْراهِيمُ فَإنَّهُ يَقُولُ: رَبِّ ﴿فَمَن تَبِعَنِي فَإنَّهُ مِنِّي ومَن عَصانِي فَإنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [إبراهيم: ٣٦] وفادى بِهِمْ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «لَمّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ جِيءَ بِالأُسارى، وفِيهِمُ العَبّاسُ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ما تَرَوْنَ في هَؤُلاءِ الأُسارى؟ فَقالَ أبُو بَكْرٍ: يا رَسُولَ اللَّهِ، قَوْمُكَ وأهْلُكَ، اسْتَبْقِهِمْ لَعَلَّ اللَّهَ أنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ. وقالَ عُمَرُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، كَذَّبُوكَ وأخْرَجُوكَ وقاتَلُوكَ، قَدِّمِهم فاضْرِبْ أعْناقَهُمْ، وقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، انْظُرْ وادِيًا كَثِيرَ الحَطَبِ فَأضْرِمْهُ عَلَيْهِمْ نارًا. فَقالَ العَبّاسُ وهو يَسْمَعُ ما يَقُولُ: قَطَعْتَ رَحِمَكَ. فَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ ولَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَقالَ أُناسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ أبِي بَكْرٍ، وقالَ أُناسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ عُمَرَ، وقالَ أُناسٌ: يَأْخُذُ بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَواحَةَ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: إنَّ اللَّهَ لَيُلَيِّنُ قُلُوبَ رِجالٍ فِيهِ حَتّى تَكُونَ ألْيَنَ مِنِ اللَّبَنِ، وإنَّ اللَّهَ لَيُشَدِّدُ قُلُوبَ رِجالٍ فِيهِ حَتّى تَكُونَ أشَدَّ مِنَ الحِجارَةِ، مَثَلُكَ يا أبا بَكْرٍ مَثَلُ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ: ﴿فَمَن تَبِعَنِي فَإنَّهُ مِنِّي ومَن عَصانِي فَإنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [إبراهيم: ٣٦] ومَثَلُكَ يا أبا بَكْرٍ مَثَلُ (p-١٩٩)عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ: ﴿إنْ تُعَذِّبْهم فَإنَّهم عِبادُكَ وإنْ تَغْفِرْ لَهم فَإنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [المائدة: ١١٨] ومَثَلُكَ يا عُمَرُ كَمَثَلِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ إذْ قالَ: ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلى الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارًا﴾ [نوح: ٢٦] ومَثَلُكَ يا عُمَرُ كَمَثَلِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ إذْ قالَ: ﴿رَبَّنا اطْمِسْ عَلى أمْوالِهِمْ واشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتّى يَرَوُا العَذابَ الألِيمَ﴾ [يونس: ٨٨] أنْتُمْ عالَةٌ فَلا يَنْفَلِتَنَّ مِنهم أحَدٌ إلّا بِفِداءٍ أوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ. فَقالَ عَبْدُ اللَّهِ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إلّا سُهَيْلَ ابْنَ بَيْضاءَ فَإنِّي سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ الإسْلامَ. فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَما رَأيْتُنِي في يَوْمٍ أخْوَفَ مِن أنْ تَقَعَ عَلَيَّ الحِجارَةُ مِنَ السَّماءِ في ذَلِكَ اليَوْمِ حَتّى قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إلّا سُهَيْلَ ابْنَ بَيْضاءَ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ( ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى حَتّى يُثْخِنَ في الأرْضِ﴾ ) . إلى آخِرِ الآيَتَيْنِ» .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: فُضِّلَ عُمَرُ عَلى النّاسِ بِأرْبَعٍ؛ بِذِكْرِهِ الأُسارى يَوْمَ بَدْرٍ، فَأمَرَ بِقَتْلِهِمْ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكم فِيما أخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾
وبِذِكْرِهِ الحِجابَ؛ أمَرَ نِساءَ النَّبِيِّ ﷺ، فَقالَتْ زَيْنَبُ: وإنَّكَ لَتَغارُ عَلَيْنا والوَحْيُ يَنْزِلُ في بُيُوتِنا. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وإذا سَألْتُمُوهُنَّ مَتاعًا فاسْألُوهُنَّ مِن وراءِ حِجابٍ﴾ [الأحزاب: ٥٣] ودَعْوَةِ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ: اللَّهُمَّ أيِّدِ الإسْلامَ بِعُمَرَ. ورَأْيِهِ في أبِي بَكْرٍ؛ كانَ أوَّلَ النّاسِ بايَعَهُ. (p-٢٠٠)وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «اسْتَشارَ النَّبِيُّ ﷺ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ في أُسارى بَدْرٍ، فَقالَ أبُو بَكْرٍ: يا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَبْقِ قَوْمَكَ وخُذِ الفِداءَ. وقالَ عُمَرُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، اقْتُلْهم. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَوِ اجْتَمَعْتُما ما عَصَيْتُكُما. فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى﴾ الآيَةَ» .
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، عَنْ عَلِيٍّ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في الأُسارى يَوْمَ بَدْرٍ: إنْ شِئْتُمْ قَتَلْتُمُوهُمْ، وإنْ شِئْتُمْ فادَيْتُمْ واسْتَمْتَعْتُمْ بِالفِداءِ واسْتُشْهِدَ مِنكم بِعِدَّتِهِمْ. فَكانَ آخِرُ السَّبْعِينَ ثابِتَ بْنَ قَيْسٍ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ اليَمامَةِ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في ”المُصَنَّفِ“، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ قالَ: «نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلى النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ فَقالَ: إنَّ رَبَّكَ يُخْبِرُكَ؛ إنْ شِئْتَ أنْ تَقْتُلَ هَؤُلاءِ الأُسارى، وإنْ شِئْتَ أنْ تُفادِيَ بِهِمْ ويُقْتَلَ مِن أصْحابِكَ مِثْلُهم. فاسْتَشارَ أصْحابَهُ فَقالُوا: نُفادِيهِمْ فَنَتَقَوّى بِهِمْ، ويُكْرِمُ اللَّهُ بِالشَّهادَةِ مَن يَشاءُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «لَمّا اسْتَشارَ النَّبِيُّ ﷺ النّاسَ في أُسارى بَدْرٍ، قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَلَكانِ مِنَ المَلائِكَةِ أحَدَهُما أحْلى مِنَ الشَّهْدِ، والآخَرُ أمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، ونَبِيّانِ مِنَ الأنْبِياءِ أحَدُهُما أحْلى عَلى قَوْمِهِ مِنَ الشَّهْدِ، (p-٢٠١)والآخَرُ أمَرُّ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الصَّبْرِ؛ فَأمّا النَّبِيّانِ فَنُوحٌ قالَ: ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلى الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارًا﴾ [نوح: ٢٦] وأمّا الآخَرُ فَإبْراهِيمُ إذْ قالَ: ﴿فَمَن تَبِعَنِي فَإنَّهُ مِنِّي ومَن عَصانِي فَإنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [إبراهيم: ٣٦]؛ وأمّا المَلَكانِ فَجِبْرِيلُ ومِيكائِيلُ، هَذا صاحِبُ الشِّدَّةِ، وهَذا صاحِبُ اللِّينِ، ومَثَلُهُما في أُمَّتِي أبُو بَكْرٍ وعُمَرُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ لِأبِي بَكْرٍ وعُمَرَ: ألا أُخْبِرُكُما بِمَثَلِكُما في المَلائِكَةِ ومَثَلِكُما في الأنْبِياءِ؛ مَثَلُكَ يا أبا بَكْرٍ في المَلائِكَةِ مَثَلُ مِيكائِيلَ، يَنْزِلُ بِالرَّحْمَةِ، ومَثَلُكَ في الأنْبِياءِ مَثَلُ إبْراهِيمَ قالَ: ﴿فَمَن تَبِعَنِي فَإنَّهُ مِنِّي ومَن عَصانِي فَإنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [إبراهيم: ٣٦] ومَثَلُكَ يا عُمَرُ في المَلائِكَةِ مَثَلُ جِبْرِيلَ يَنْزِلُ بِالشِّدَّةِ والبَأْسِ والنِّقْمَةِ عَلى أعْداءِ اللَّهِ، ومَثَلُكَ في الأنْبِياءِ مَثَلُ نُوحٍ قالَ: ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلى الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارًا﴾ [نوح»: ٢٦] .
وأخْرَجَ أبُو نُعَيْمٍ في ”الحِلْيَةِ“، مِن طَرِيقِ مُجاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمّا أسَرَ الأُسارى يَوْمَ بَدْرٍ اسْتَشارَ أبا بَكْرٍ، أشارَ أبُو بَكْرٍ فَقالَ: قَوْمُكَ وعَشِيرَتُكَ، فَخَلِّ سَبِيلَهم. فاسْتَشارَ عُمَرَ فَقالَ: اقْتُلْهم. فَفاداهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ( ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى﴾ ) الآيَةَ. فَلَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عُمَرَ فَقالَ: كادَ أنْ يُصِيبَنا في خِلافِكَ شَرٌّ» .
(p-٢٠٢)وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «لَمّا أُسِرَ الأُسارى يَوْمَ بَدْرٍ أُسِرَ العَبّاسُ فِيمَن أُسِرَ، أسَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ وقَدْ وعَدَتْهُ الأنْصارُ أنْ يَقْتُلُوهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَمْ أنَمِ اللَّيْلَةَ مِن أجْلِ عَمِّي العَبّاسِ وقَدْ زَعَمَتِ الأنْصارُ أنَّهم قاتِلُوهُ. فَقالَ لَهُ عُمَرُ: فَآتِيهِمْ؟ قالَ: نَعَمْ، فَأتى عُمَرُ الأنْصارَ، فَقالَ لَهم: أرْسِلُوا العَبّاسَ. فَقالُوا: لا واللَّهِ لا نُرْسِلُهُ. فَقالَ لَهم عُمَرُ: فَإنْ كانَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ رِضًا. قالُوا: فَإنْ كانَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ رِضًا فَخُذْهُ. فَأخَذَهُ عُمَرُ فَلَمّا صارَ في يَدِهِ قالَ لَهُ: يا عَبّاسُ، أسْلِمْ فَواللَّهِ لَأنْ تُسْلِمَ أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ يُسْلِمَ الخَطّابُ، وما ذاكَ إلّا لِما رَأيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُعْجِبُهُ إسْلامُكَ. قالَ: فاسْتَشارَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أبا بَكْرٍ فَقالَ أبُو بَكْرٍ: عَشِيرَتُكَ فَأرْسِلْهم. فاسْتَشارَ عُمَرَ فَقالَ: اقْتُلْهم. فَفاداهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ( ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى﴾ ) الآيَةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَقْتُلْ يَوْمَ بَدْرٍ صَبْرًا إلّا ثَلاثَةً؛ عُقَبَةَ بْنَ أبِي مُعَيْطٍ، والنَّضْرَ بْنَ الحارِثِ، وطُعْمَةَ بْنَ عَدِيٍّ، وكانَ النَّضْرُ أسَرَهُ المِقْدادُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، مِن طَرِيقِ نافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «اخْتَلَفَ النّاسُ في أُسارى بَدْرٍ، فاسْتَشارَ النَّبِيُّ ﷺ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ، فَقالَ أبُو بَكْرٍ: فادِهِمْ. وقالَ عُمَرُ: اقْتُلْهم. قالَ قائِلٌ: أرادُوا قَتْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، (p-٢٠٣)وهَدْمَ الإسْلامِ، ويَأْمُرُهُ أبُو بَكْرٍ بِالفِداءِ! وقالَ قائِلٌ: لَوْ كانَ فِيهِمْ أبُو عُمَرَ أوْ أخُوهُ ما أمَرَهُ بِقَتْلِهِمْ. فَأخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِقَوْلِ أبِي بَكْرٍ، فَفاداهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكم فِيما أخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إنْ كادَ لَيَمَسُّنا في خِلافِ ابْنِ الخَطّابِ عَذابٌ عَظِيمٌ، ولَوْ نَزَلَ العَذابُ ما أفْلَتَ إلّا عُمَرُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في ”المُصَنَّفِ“، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“، مِن طَرِيقِ أبِي صالِحٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «لَمّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ تَعَجَّلَ النّاسُ إلى الغَنائِمِ، فَأصابُوها قَبْلَ أنْ تَحِلَّ لَهُمْ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إنَّ الغَنِيمَةَ لَمْ تَحِلَّ لِأحَدٍ سُودِ الرُّؤُوسِ قَبْلَكُمْ، كانَ النَّبِيُّ وأصْحابُهُ إذا غَنِمُوا جَمَعُوها ونَزَلَتْ نارٌ مِنَ السَّماءِ فَأكَلَتْها. فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ إلى آخِرِ الآيَتَيْنِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ في قَوْلِهِ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ قالَ: يَقُولُ لَوْلا أنَّهُ سَبَقَ في عِلْمِي أنِّي سَأُحِلُّ المَغانِمَ لَمَسَّكم فِيما أخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. قالَ: وكانَ العَبّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ يَقُولُ: أعْطانِي اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ قُلْ لِمَن في أيْدِيكم مِنَ الأسْرى﴾ [الأنفال: ٧٠] وأعْطانِي (p-٢٠٤)مَكانَ ما أخَذَ مِنِّي أرْبَعِينَ أُوقِيَّةً أرْبَعِينَ عَبْدًا.
وأخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ راهَوَيْهِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكم فِيما أخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ يَعْنِي: غَنائِمَ بَدْرٍ قَبْلَ أنْ يُحِلَّها لَهم. يَقُولُ: لَوْلا أنِّي لا أُعَذِّبُ مَن عَصانِي حَتّى أتَقَدَّمَ إلَيْهِ لَمَسَّكم عَذابٌ عَظِيمٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ والنَّحّاسُ في ”ناسِخِهِ“، وابْنُ مَرْدُويَهْ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى﴾ قالَ: ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ والمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، فَلَمّا كَثُرُوا واشْتَدَّ سُلْطانُهم أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى بَعْدَ هَذا في الأُسارى: ﴿فَإمّا مَنًّا بَعْدُ وإمّا فِداءً﴾ [محمد: ٤] فَجَعَلَ اللَّهُ النَّبِيَّ والمُؤْمِنِينَ في أمْرِ الأُسارى بِالخِيارِ؛ إنْ شاءُوا قَتَلُوهُمْ، وإنْ شاءُوا اسْتَعْبَدُوهُمْ، وإنْ شاءُوا فادُوهُمْ، وفي قَوْلِهِ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ يَعْنِي في الكِتابِ الأوَّلِ، إنَّ المَغانِمَ والأُسارى حَلالٌ لَكُمْ، ﴿لَمَسَّكم فِيما أخَذْتُمْ﴾ مِنَ الأُسارى، ﴿عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ ﴿فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا﴾ قالَ: وكانَ اللَّهُ تَعالى قَدْ كَتَبَ في أُمِّ الكِتابِ: المَغانِمُ والأُسارى حَلالٌ لِمُحَمَّدٍ ﷺ وأُمَّتِهِ، ولَمْ يَكُنْ أحَلَّهُ لِأُمَّةٍ قَبْلَهُمْ، وأخَذُوا المَغانِمَ وأسَرُوا الأُسارى قَبْلَ أنْ يَنْزِلَ إلَيْهِمْ في ذَلِكَ. (p-٢٠٥)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿حَتّى يُثْخِنَ في الأرْضِ﴾ يَقُولُ: حَتّى يَظْهَرَ عَلى الأرْضِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الإثْخانُ هو القَتْلُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى حَتّى يُثْخِنَ في الأرْضِ﴾ ) . قالَ: نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ بَعْدُ؛ إنْ شِئْتَ فَمُنَّ، وإنْ شِئْتَ فَفادِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا﴾ قالَ: أرادَ أصْحابُ مُحَمَّدٍ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ الفِداءَ، فَفادُوهم بِأرْبَعَةِ آلافٍ أرْبَعَةِ آلافٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا﴾ يَعْنِي الخَراجَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ زَيْدٍ قالَ: لَيْسَ أحَدٌ يَعْمَلُ عَمَلًا يُرِيدُ بِهِ وجْهَ اللَّهِ، يَأْخُذُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِن عَرَضِ الدُّنْيا إلّا كانَ حَظَّهُ مِنهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لَنا ذُنُوبٌ نَخافُ عَلى أنْفُسِنا مِنها إلّا حُبُّنا لِلدُّنْيا لَخَشِينا عَلى أنْفُسِنا، إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا واللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾ أرِيدُوا ما أرادَ اللَّهُ. (p-٢٠٦)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ قالَ: سَبَقَ لَهُمُ المَغْفِرَةُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ في قَوْلِهِ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ قالَ: ما سَبَقَ لِأهْلِ بَدْرٍ مِنِ السَّعادَةِ، ﴿لَمَسَّكم فِيما أخَذْتُمْ﴾ قالَ: مِنَ الفِداءِ: ﴿عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ .
وأخْرَجَ النَّسائِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ قالَ: سَبَقَتْ لَهم مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ قَبْلَ أنْ يَعْمَلُوا بِالمَعْصِيَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ خَيْثَمَةَ قالَ: كانَ سَعْدٌ جالِسًا ذاتَ يَوْمٍ وعِنْدَهُ نَفَرٌ مِن أصْحابِهِ إذْ ذَكَرَ رَجُلًا فَنالُوا مِنهُ، فَقالَ: مَهْلًا عَنْ أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَإنّا أذْنَبْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ذَنْبًا، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ فَكُنّا نَرى أنَّها رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَتْ لَنا.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ قالَ: ألّا يُعَذِّبَ أحَدًا حَتّى يُبَيِّنَ لَهُ ويَتَقَدَّمَ إلَيْهِ.
وأخْرَجَ مُسْلِمٌ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في ”الدَّلائِلِ“، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فُضِّلْتُ عَلى الأنْبِياءِ (p-٢٠٧)بِسِتٍّ؛ أُعْطِيتُ جَوامِعَ الكَلِمِ، ونُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وأُحِلَّتْ لِيَ الغَنائِمُ، وجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ طَهُورًا ومَسْجِدًا، وأُرْسِلْتُ إلى الخَلْقِ كافَّةً، وخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ» .
وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ أبِي ذَرٍّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي؛ بُعِثْتُ إلى الأحْمَرِ والأسْوَدِ، وجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، وأُحِلَّتْ لِيَ الغَنائِمُ، ولَمْ تَحِلَّ لِأحَدٍ كانَ قَبْلِي، ونُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، فَيَرْعَبُ العَدُوُّ وهو مِنِّي مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وقِيلَ لِي: سَلْ تُعْطَهْ. فاخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفاعَةً لِأُمَّتِي، وهي نائِلَةٌ مِنكم إنْ شاءَ اللَّهُ مَن لَقِيَ اللَّهَ لا يُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لَمْ تَكُنِ الغَنائِمُ تَحِلُّ لِأحَدٍ كانَ قَبْلَنا، فَطَيَّبَها اللَّهُ لَنا لِما عَلِمَ مِن ضَعْفِنا. فَأنْزَلَ اللَّهُ، فِيما سَبَقَ مِن كِتابِهِ، إحْلالَ الغَنائِمِ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكم فِيما أخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ فَقالُوا: واللَّهِ يا رَسُولَ اللَّهِ، لا نَأْخُذُ لَهم قَلِيلًا ولا كَثِيرًا حَتّى نَعْلَمَ أحَلالٌ هو أمْ حَرامٌ. فَطَيَّبَهُ اللَّهُ لَهُمْ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
فَلَمّا أحَلَّ اللَّهُ لَهم فِداهَمَ وأمْوالَهُمْ، قالَ الأُسارى: ما لَنا عِنْدَ اللَّهِ مِن خَيْرٍ قَدْ قُتِلْنا وأُسِرْنا. فَأنْزَلَ اللَّهُ يُبَشِّرُهم: ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ قُلْ لِمَن في أيْدِيكم مِنَ الأسْرى﴾ [الأنفال: ٧٠] إلى قَوْلِهِ: ﴿واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال»: ٧١] .
(p-٢٠٨)وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَتِ الغَنائِمُ قَبْلَ أنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ ﷺ في الأُمَمِ إذا أصابُوا مِنهُ جَعَلُوهُ لِلْقُرْبانِ، وحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أنْ يَأْكُلُوا مِنها قَلِيلًا أوْ كَثِيرًا، حَرَّمَ ذَلِكَ عَلى كُلِّ نَبِيٍّ وعَلى أُمَّتِهِ، فَكانُوا لا يَأْكُلُونَ مِنهُ ولا يَغُلُّونَ مِنهُ ولا يَأْخُذُونَ مِنهُ قَلِيلًا ولا كَثِيرًا إلّا عَذَّبَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وكانَ اللَّهُ حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ تَحْرِيمًا شَدِيدًا، فَلَمْ يُحِلَّهُ لِنَبِيٍّ إلّا لِمُحَمَّدٍ ﷺ، قَدْ كانَ سَبَقَ مِنَ اللَّهِ في قَضائِهِ أنَّ المَغْنَمَ لَهُ ولِأُمَّتِهِ حَلالٌ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ يَوْمَ بَدْرٍ في أخْذِهِ الفِداءَ مِنَ الأُسارى: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكم فِيما أخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ [الأنفال»: ٦٨] .
وأخْرَجَ الخَطِيبُ في ”المُتَّفِقِ والمُفْتَرِقِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، لَمّا رَغِبُوا في الفِداءِ أُنْزِلَتْ: ﴿ما كانَ لِنَبِيٍّ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ﴾ الآيَةَ. قالَ: سَبَقَ مِنَ اللَّهِ رَحْمَتُهُ لِمَن شَهِدَ بَدْرًا، فَتَجاوَزَ اللَّهُ عَنْهم وأحَلَّها لَهم.
{"ayahs_start":67,"ayahs":["مَا كَانَ لِنَبِیٍّ أَن یَكُونَ لَهُۥۤ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ تُرِیدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡیَا وَٱللَّهُ یُرِیدُ ٱلۡـَٔاخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ","لَّوۡلَا كِتَـٰبࣱ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمۡ فِیمَاۤ أَخَذۡتُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ","فَكُلُوا۟ مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلَـٰلࣰا طَیِّبࣰاۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"],"ayah":"مَا كَانَ لِنَبِیٍّ أَن یَكُونَ لَهُۥۤ أَسۡرَىٰ حَتَّىٰ یُثۡخِنَ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ تُرِیدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡیَا وَٱللَّهُ یُرِیدُ ٱلۡـَٔاخِرَةَۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق