الباحث القرآني

مِنْ أَجْلِ ذلِكَ يعني من أجل خيانة ابن آدم حين قتل أخاه كَتَبْنا يعني فرضنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ وغلّظنا وشدّدنا في التوراة أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ يعني قتل نفساً بغير أن يقتل نفساً أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ يعني بغير فساد في الأرض، وهو الشرك بالله فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً يعني إذا قتل نفساً بغير جرم واستحل قتله، فكأنه قتل الناس جميعا، يعني إذا قتل نفساً فجزاؤه جهنم خالداً فيها. ثم قال: وَمَنْ أَحْياها يعني نجّاها من غرق أو حرق أو يعفو عن القتل فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً يعني: له من الأجر كأنما أحيا الناس جميعاً، لأن في حياة نفس واحدة يكون منفعة لجميع الناس، لأنه يدعو لجميع الخلق. ثم قال: وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ يعني بالبيان في الأمر والنهي ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ البيان فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ يعني: لمشركون تاركون لأمر الله تعالى. قوله تعالى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إن للتأكيد، وما صلة يحاربون الله ورسوله، يعني يخالفون الله ورسوله، ويتركون أمر الله وأمر رسوله مجاهرة وعياناً وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً بالقتل وأخذ المال أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا قال مقاتل: نزلت هذه الآية في سبعة نفر من بني عرينة، قدموا المدينة فاجتووها. فقال النبيّ ﷺ: «لَوْ خَرَجْتُمْ إلَى إِبِلِنَا وَأَصَبْتُمْ مِنْ ألْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا» ففعلوا، فصحوا، ثم مالوا على الرعاة فقتلوهم، وساروا بالإبل وارتدوا عن الإسلام، فأرسل النبيّ ﷺ في آثارهم علياً، فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم بالحرّة حتى ماتوا. وهذا قبل أن تنزل آية الحدود. وروى أسباط عن السدي قال: نزلت في سودان عرينة، فأراد النبيّ ﷺ أن يمثل بهم فنهاه الله تعالى عن ذلك، وأمره أن يقيم فيهم الحد الذي أنزل عليه. وقال سعيد بن جبير إنه مثل بهم ثم نزل بعد ذلك: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ الآية. وقال ابن عباس في رواية أبي صالح: وادع رسول الله ﷺ أبا بردة هلال بن عويمر الأسلمي على أن لا يعينه ولا يعين عليه، ومن أتاه من المسلمين فهو آمن، ومن أتى المسلمين منهم فهو آمن، فمر أناس من بني كنانة يريدون الإسلام، فمروا بأصحاب أبي بردة ولم يكن أبو بردة حاضراً يومئذٍ، فخرج أصحابه إليهم فقتلوهم، وأخذوا أموالهم فنزلت هذه الآية: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ الآية. ثم صارت الآية عامة في جميع الناس. واختلف العلماء في حكمهم وهم قطاع الطريق وهم ثلاثة أصناف: صنف يأخذ المال ولا يقتل، وصنف يأخذ المال ويقتل، وصنف يقتل ولا يأخذ المال. قال بعضهم: إذا وجد من إنسان صنف من هذه الأصناف، فللإمام أن يقيم عليه أي عقوبات شاء، لأن الله تعالى قال: أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا فقد خُيِّر في عقوبتهم، وهو قول الحسن وعطاء. وقال بعضهم: لكل صنف عقوبة على حدة، والاختيار عند أصحابنا رحمهم الله أنه إن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، وإن قتل ولم يأخذ المال قتل، وإن قتل وأخذ المال قطع وقتل عند أبي حنيفة. وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله يقتل ولا يقطع. وروي عن سعيد بن جبير أنه قال: إن قَتل قُتل، وإن قتل وأخذ المال قطع ثم صلب. وروي عن ابن عباس نحو هذا. ويكون أو بمعنى الواو، فكأنه قال: إن يقتلوا ويصلبوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ وقال بعضهم: يقتل ثم يصلب على وجه النكال والعبرة، وقال بعضهم: يصلب حياً ثم يطعن في ليته، يخضخض حتى يموت. قوله تعالى: أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ يعني يطلب حتى لا يجد قراراً في موضع ويقال: يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ يعني يحبس فينفى من سعة الدنيا إلى ضيقها، فصار كأنه نفي عن الأرض. واحتج هذا القائل بقول بعض أهل السجن في ذلك: خَرَجْنَا من الدُّنْيَا وَنَحْنُ مِنَ اهْلِها ... فَلَسْنَا من الأمواتِ فيها ولاَ الأحْيَا إذا جاءنَا السَّجَّان يَوْماً لِحَاجَة ... عَجِبْنَا وقلنا جَاءَ هذا من الدُّنْيَا ويقال: ينفى إلى دار الحرب. ثم قال تعالى: ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا يعني ذلك القتل والقطع لهم عذاب وعقوبة في الدنيا، ولا يكون ذلك كفارة لذنوبهم إن لم يتوبوا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ أي أشد مما كان في الدنيا، وهو عذاب النار. ثم استثنى فقال تعالى: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ يعني رجعوا عن صنيعهم قبل أن يؤخذوا ويردوا المال، فلا يعاقبون في الدنيا ولا فى الآخرة، ويغفر الله تعالى لهم ذنوبهم وذلك قوله: فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ غفور لذنوبهم رحيم حين قبل توبتهم. قوله تعالى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب