الباحث القرآني
ثم قال الله تبارك وتعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾.
﴿مِنْ﴾ هنا للتعليل.
و﴿أَجْلِ﴾ بمعنى: سبب؛ أي: من سبب ذلك.
﴿كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ أي: كتابة شرعية.
﴿عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ وإسرائيل هو يعقوب بن إسحاق.
﴿كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾، والمشار إليه في قوله: ﴿ذَلِكَ﴾ أي: ما جرى من قصة ابني آدم، وذلك أن ابن آدم الذي قتل كان هو أول مَن سَنّ القتل في البشرية، وكان عليه بكل نفس تُقتل بغير حق كفل من الوزر، فيكون قتله لهذه النفس كأنما قتل الناس جميعًا؛ لأن وزر كل نفس مقتولة بغير حق يكون عليه مثلها.
وقوله: ﴿أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾، هذا القيد قيد لا بد منه؛ لأن القتل قد يكون بحق، وقد يكون بغير حق، القتل قد يكون قتل نفس بنفس، وذلك القصاص، فإن القصاص قتل بحق، والقصاص ليس على إطلاقه؛ بمعنى أننا نقتل نفسًا بنفس، بل لا بد من شروط، لا بد لثبوت القصاص من شروط؛ منها: أن لا يكون القاتل أعلى من المقتول في الدين والرقّ والملك، هذا شرط لا بد منه، ألا يكون القاتل أعلى من المقتول في هذه الأمور الثلاثة: الدين، والحرية، وإن شئت قل: الرقّ، والملك، فإن كان أعلى منه فإنه لا يُقتص منه، مثاله: كافر قتله مسلم، هذا لا يمكن أن يُقتل؛ لأنه أعلى منه، القاتل أعلى من المقتول، وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ»[[أخرجه البخاري (١١١) من حديث علي بن أبي طالب.]]، مثال الحرية والرّقّ: أن يقتل شخص حُرّ رقيقَ رجلٍ آخر، هذا أيضًا لا يُقتل، لماذا؟ لأن هذا حُرّ وهذا عبد، فالقاتل أعلى، فلا يُقتل به، الملك مثل: أن يكون للمكاتب عبد مملوك اشترى عبدًا مملوكًا يتجر به، ثم قتله، فهنا كلاهما عبد؛ لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، فهل يُقتل هذا المكاتب بهذا الرقيق؟
الجواب: لا؛ لأنه مالكه، كلاهما عبد، لكن هذا مالك، لا بد من قيود.
قوله: ﴿بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ﴾ والله تبارك وتعالى أطلق الفساد، والمراد بالفساد الفساد الذي تعم مفسدته لا الفساد الخاص، فلو أن شخصًا أحرق دكان آخر، هذا فساد لكنه لا يُقتل بذلك، لكن المراد الفساد العام، مثاله: قُطّاع الطريق الذين يعرضون للناس على الجواد والطرق فيغصبونهم المال مجاهرة بقوة السلاح، هؤلاء لا شك أنهم مفسدون في الأرض، ومن ذلك عند كثير من العلماء شارب الخمر إذا جُلِد، ثم جلد، ثم جلد، ولم ينتهِ فإنه يُقتل، ومن ذلك اللصوص الصائلون، المهم أن الفساد العام هذا يُقتل صاحبه؛ لأنه أفسد في الأرض. ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾ كأنما قتل الناس جميعًا وهو لم يقتل إلا واحدًا، و(كأن) هنا للتشبيه، فما وجه الشبه؟ قيل: إن هذا في المستحِلّ لقتل النفس بغير نفس أو فساد في الأرض، والمستحل لقتل نفس محرمة كأنما قتل جميع الناس؛ لأن المراد الجنس، كما قلنا في الذي يكذِّب رسولًا: هو مكذِّب لجميع الرسل، فهذا الذي قتل فلانًا لاستحلاله قتلَه وهو معصوم يكون كالذي قتل الناس جميعًا؛ إذ إنه استحل قتل جنس النفس المعصومة، فيكون كقاتل الناس جميعًا.
وقيل: إن المعنى من قتل نفسًا ممن يكون في قتله فتنة كقتل السلطان وما أشبه ذلك؛ لأنه إذا قتل السلطان صارت الفتنة، وصار الناس يقتل بعضهم بعضًا، فيكون هذا قتل نفسًا كأنما قتل الناس جميعًا. وقيل: المعنى كأنما قتل الناس جميعًا؛ لأنه إذا قتل نفسًا قُتِل بها، ولو قتل عشرة قُتِل بهم، ولو قتل الناس جميعًا قُتِل بهم، بمعنى أنه لن يخرج عن القتل ولو قتل الناس جميعًا أو قتل بعضهم، فيكون المعنى أن عقوبة القاتل بالقصاص لا فرق فيها بين أن يقتل واحدًا أو يقتل جميع الناس.
الوجه الرابع: أن من قتل نفسًا فكأنما قتل (...) جميعًا هذا في عقوبة الآخرة؛ لأن من يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها، ولا أعظم من هذا الجزاء، لو قتل نفسين فكذلك، لو قتل الناس جميعًا فكذلك، هذا أعظم جزاء أنه في ﴿جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء ٩٣]، لكن المعنى الأول أظهر المعاني؛ أن من قتل نفسًا عمدًا بغير نفس أو فساد في الأرض فإنما يقتلها مستحلًّا للقتل، ثم إذا استحل القتل بنفس واحدة محترمة فكأنما استحله في جميع الناس.
﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾، قوله: ﴿مَنْ أَحْيَاهَا﴾ أي: أنقذها من الموت، وليس المعنى أنه نفخ فيها الروح؛ لأن ذلك لا يكون إلا لمن؟ إلا لله عز وجل، لكن المراد: من أحياها أنقذها من القتل، وهذا يشمل أشياء:
أولًا: لو همّ الإنسان بقتل شخص وطوّعت له نفسه قتل أخيه، ثم استيقظ ورأى أن ذلك حرام، ثم كفّ عن هذا القتل، يكون هذا أحيا النفس، بعد أن طوّعت له نفسه قتله تراجع، هذه واحدة.
ثانيًا: دفع الصائل الذي يريد أن يقتل شخصًا، فيدفعه ويكون هنا أحيا نفسًا أنقذها من القتل.
ثالثًا -يعني من المعاني-: أن يقع شخص في هلكة كحريق أو غرق أو هدم، فيأتي شخص آخر فينقذه، فهذا أحيا النفس، أليس كذلك؟ أحيا نفسًا، يكون كالذي أحيا الناس جميعًا، في أي شيء؟ في الثواب الذي يُثاب عليه أو في حسن نيته بإنقاذ هذه النفس المعصومة، فيكون كأنه أنقذ الناس جميعًا؛ لأن طويته حسنة ونيته نية الرحمة، فإذا رحم واحدًا من الخلق كأنما رحم الناس جميعًا.
وقوله: ﴿عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ لماذا خصّ بني إسرائيل؟ خص بني إسرائيل؛ لأنهم أكثر الناس قتلًا في الأنبياء وفي قتل الذين يأمرون بالقسط من الناس، فخصّهم بذلك لكثرة العدوان فيهم.
فإذا قال قائل: وهل أيضًا كثرة الإحياء موجودة فيهم؟ قلنا: لا، لكن قد يُذكر الشيء مع مقابله لتمام التقسيم.
ثم قال: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾، ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ﴾ الجملة هنا مؤكدة باللام، وقد، وقسم مقدَّر، وهذه الصيغة لها أمثلة كثيرة في القرآن، فنقول في مثل هذا التركيب: إنه مؤكد بكم؟ ثلاثة مؤكدات: القسم المدلول عليه باللام، واللام، وقد.
﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾، ﴿رُسُلُنَا﴾ الذين أرسلهم الله عز وجل؛ فأضاف الرسل إليه؛ لأنه الذي أرسلهم، وربما نقول: وتشريفًا لهم؛ لأن الرسول يشرف بشرف مرسله، فالله سبحانه وتعالى شرّفهم بإضافة رسالتهم إليه جل وعلا، وقد تأتي الرسالة مضافة إلى المرسَل إليه، ﴿جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾، ولا مضادة أو ولا تناقض بينهما، فهم رسل الله؛ لأنه؟
* طلبة: أرسلهم.
* الشيخ: ورسل إلى الخلق؛ لأنهم بلّغوهم رسالة الله عز وجل. وقوله: ﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾ هذه صفة لموصوف محذوف، التقدير: بالآيات البينات؛ أي: الواضحات الظاهرات التي لا يأتي بها إلا رسول من عند الله، وقد جعل الله عز وجل آية الرسل مناسبة لعصرهم كما ذكر أهل العلم في كون موسى عليه الصلاة والسلام أتى بالعصا وباليد؛ لأنه في عهده انتشر السحر، فأتى بآيات لا يمكن للسحرة أن يعارضوها، وعيسى عليه الصلاة والسلام أتى في زمن ترقّى فيه الطب، فأتى بآيات لا يمكن للطب أن يعارض هذه الآيات، وهي: إحياء الموتى، إخراجهم من القبور، إبراء الأكمه والأبرص، ومحمد ﷺ بُعِث في قوم قويت فيه البلاغة وانتشرت وصاروا يتفاخرون فيها، فجعل الله أعظم آياته عليه الصلاة والسلام بهذا القرآن الكريم الذي لا يمكن للبشر أن يأتوا بمثله بل ولا الجن، ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء ٨٨].
﴿بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ﴾ بعد هذه البينات الواضحات التي أتت على مهل بعد ذلك.
﴿إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾، هنا يقول: ﴿ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ﴾ أي بعد إتيان الرسل بالآيات البينات الواضحات يكون كثير منهم مسرفين في الأرض، وهنا نسأل عن إعراب ﴿مُسْرِفُونَ﴾، نعم؟
* طالب: خبر (...).
الشيخ: خبر (إن)؟ ما هي خبر (إن) ﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾؟ توافقون على هذا؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: واللام هنا لم تمنع عمل ما بعدها فيما قبلها؛ لأن ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ متعلق بـ﴿مُسْرِفُونَ﴾، والمعروف أن لام الابتداء لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، لكن قالوا: إن اللام هنا مزحلقة، والأصل أن تقع قبل (إن)، لكنه كره العرب أن يجتمع مؤكدان في محل واحد، فزحلقوا -كما يقول النحويون- زحلقوا اللام حتى وضعوها في الخبر، ولذلك صح أن نقول: إن قوله: ﴿بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾ متعلق بـ﴿مُسْرِفُونَ﴾. والإسراف هو تجاوز الحد بتعدي حدود الله عز وجل وانتهاك حرماته، وعدم المبالاة بتكذيب الرسل وقتلهم.
* ففي هذه الآية فوائد؛ منها: إثبات العلة للأحكام الشرعية، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿مِنْ أَجْلِ﴾، وهذه من أقوى صيغ التعليل، وإثبات العلة وهي الحكمة لا شك أنها من كمال الله عز وجل، أن الله تعالى لا يشرع شيئًا إلا لحكمة، ولا يقدّر شيئًا إلا لحكمة، وأما من قال: إنه لا يجوز إثبات الحكمة لله، وأن الله يفعل لمجرد المشيئة، ويشرع لمجرد المشيئة، فإن هذا قول باطل من نحو ألف وجه كما ذكره بعض العلماء، ثم إنه تنقّص لله عز وجل أن تكون أفعاله وأحكامه الشرعية مبنية على غير حكمة، وقد أبطل الله تبارك وتعالى ذلك في آيات متعددة ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (٣٨) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الدخان ٣٨، ٣٩]، وقال تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ [المؤمنون ١١٥]، وذكر الله تعالى أنه يُنزل من السماء ماء يحيي به الأرض بعد موتها، والآيات في هذا كثيرة والنصوص كثيرة، وإثبات الحكمة لله هو غاية التنزيه عن النقص والعيب خلافًا لمن قال: إنه لا يجوز إثبات الحكمة والعلة في أفعال الله تعالى وشرعه، لماذا؟ قالوا: لأنك لو أثبت العلة لله لجعلت الله تعالى يفعل لغرض، والغرض ممنوع، ولهذا من عباراتهم السائرة الباطلة: سبحان من تنزه عن الأعراض والأبعاض والأغراض. يمكن هذه العبارة لو سمعها العامي لبكى؛ لأنها يعني مزوّقة ومزخرفة، سبحان من تنزه عن الأبعاض والأعراض والأغراض، ماذا يعنون بالأبعاض؟ الوجه، واليد، والعين، والقدم، والساق، ما يمكن أن يكون له هذه؛ لأن هذه أبعاض، الأعراض: الأفعال؛ لأن الفعل عرَض، كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، وما أشبهها، الأغراض: الحِكَم، إحنا نقول: سبحان من اتصف بما يليق به، ومن أعظم ما يليق به الحكمة، أن تكون أفعاله وأحكامه الشرعية مبنية على الحكمة.
إذن نقول: الحكمة ليس فيها نقص، فإذا قال قائل: إذا جعلتم الحكمة من صفات الكمال فأوجِبوا على الله ما تقتضيه الحكمة، واجعلوا الله تعالى يجب عليه أن يشرع هذا الشيء، أن يوجب هذا الشيء، أن يحرم هذا الشيء؛ لأن الحكمة تقتضيه، وحينئذٍ تكونون قد أوجبتم على الله تعالى أنتم بعقولكم؟
فنقول: هذا خطأ، لكن نعلم أن ما شرعه الله فهو لحكمة، ولسنا نحن الذين نوجب على الله أن يفعل، ولسنا نحن الذين نجعل هذا الشيء لهذه الحكمة المعينة، وإذا كان الله تعالى قد كتب على نفسه الرحمة وأوجب على نفسه الرحمة، أفلا يوجب على نفسه أن يفعل الشيء إذا اقتضته الحكمة؟ لأنه مقتضى هذا الوصف، فنحن نقول: لا نوجب على الله بعقولنا شيئًا؛ لأن عقولنا أقصر وأنقص من أن تدرك أن هذه هي الحكمة، وأنه يجب الحكم لهذه الحكمة أنقص من هذا، لكن إذا علمنا أن الله أوجبها أو حرّمها علمنا أن ذلك لحكمة.
فإذا قال قائل: هل توجبون على الله أن يوجب إذا اقتضته الحكمة؟
الجواب: نعم، لكن بإيجابه على نفسه، هو وصف نفسه بأنه الحكيم وأنه أحكم الحاكمين، أما نحن فلا نوجب ذلك بعقولنا.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تعظيم الله نفسه جل وعلا، في قوله: ﴿كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾، وأمثلة هذا كثيرة في القرآن، وقد استدل النصارى بهذه العبارة وهي إضافة الشيء إلى الله تعالى بنون التعظيم أو بضمير الجمع، استدلوا على باطلهم بأن الله ثالث ثلاثة، ولا غرابة في ذلك أن الذين في قلوبهم زيغ يتبعون المتشابه، أما نحن فنقول: إن الله تعالى قال: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة ١٦٣]، ويقول الله تبارك وتعالى لعيسى بن مريم: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١١٦) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ﴾ [المائدة ١١٦، ١١٧].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الله سبحانه وتعالى ضاعف العقوبة على كل من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض، حيث جعله كالذي قتل الناس جميعًا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: جواز تخصيص معين في الحكم وإن كان عامًّا؛ لكونه أكثر الناس عملًا به، وجهه أن الله خص هذه الكتابة على بني إسرائيل مع أنها عامة؛ لأنهم هم أكثر من انتهكوا حرمات الله عز وجل بقتل النفوس.
* ومن فوائد الآية الكريمة: قتل النفس بالنفس؛ لقوله: ﴿بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾. لكن لا بد من شروط، لا بد من شروط القصاص:
منها: ألا يكون القاتل أعلى من المقتول في الدين والحرية والملك، وقد سبق شرحه، فهل يقتل اليهودي بالنصراني؟ نعم؛ لأن الكفر ملة واحدة، وبالمجوسي أيضًا.
ومنها -أي: من شروط القصاص-: انتفاء الولادة، بألا يكون القاتل والدًا للمقتول، فإن كان والدًا له فإنه لا يُقتل به، وذلك لوجهين:
الأول: ما جاء في الحديث: «لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ»[[أخرجه الترمذي (١٤٠٠)، وابن ماجه (٢٦٦٢)، وأحمد (٣٤٦) واللفظ له، من حديث عمر بن الخطاب.]].
والثاني: أن الوالد هو الأصل في وجود الولد؛ إذ لولاه لم يوجد الولد، فلا ينبغي أن يكون الفرع سببًا لإعدام الأصل.
هل يُقتل الولد بأبيه؟ نعم، يُقتل، وذهب بعض العلماء إلى أن الوالد يُقتل بولده إذا كان قتله عمدًا عدوانًا واضحًا، وهذا هو القول الراجح، بل هو المتعين؛ لعموم قوله تعالى: ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة ٤٥]، وكذلك جاء في السُّنة: «النَّفْسُ بِالنَّفْسِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٨٧٨)، ومسلم (١٦٧٦ / ٢٥) من حديث عبد الله بن مسعود. ]]، وما ذُكِر من منع قتل الوالد بالولد ما ذُكر له من الأدلة فهي ضعيفة، أولًا: الحديث ضعيف: «لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ»، الثاني: على تقدير صحته يُحمل على ما إذا كان هناك شبهة، وذلك لأنه يندر جدًّا أن يتعمد الوالد قتل ولده، يندر جدًّا، وعلى هذا لما كان الخطأ محل ظن بالنسبة لقتل الوالد لولده ارتفع حكم القصاص، هذا متى نقول ذلك؟ إن صح الحديث، أما إذا لم يصح فقد كُفِينَاهُ، وأما التعليل بأن الوالد هو سبب وجود الولد فيقال: نعم، هو سبب وجود الولد، لكن قتلنا للوالد بولده ما السبب في قتل الوالد بولده؟ الوالد، فهو السبب في قتل نفسه، ثم نقول: نزيد هذا القول قوة إذا قلنا: إن قتل الوالد لولده من أعظم قطيعة الرحم، أليس كذلك؟ والرسول أخبر بأن من أعظم الذنوب: «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٠٠١)، ومسلم (١٤١ / ٨٦) من حديث عبد الله بن مسعود.]]، فهذا من أعظم الذنوب، فكيف نجازي هذا الوالد بأن نرفع عنه القتل؟ فالصواب -بلا شك- أن الوالد يُقتل بولده، سواء كان الوالد هو الأم أو الأب، لكن إذا تحققنا العمد.
الشرط الثالث: أن نعلم أنه عمد، فإن كان شبه عمد بأن ضربه بآلة لا تقتل غالبًا فإننا لا نقتله، حتى لو مات بها، فلو ضربه بعصا، سوط مثلًا، ثم هلك لا يُقتل به؛ لأن الأصل العصمة، وكون هذا الذي ضُرِب بالعصا يموت إنما ذلك لخلل في نفسه وعدم تحمله، والعصا لا يقتل مثله غالبًا، فلهذا لا يمكن أن يُقتل به، أما ما سبق في قولنا: الحرية والملك، فاعلموا أن هناك خلافًا في قتل الحُرّ بالعبد، والصواب قتل الحر بالعبد؛ لعموم الأدلة الدالة على أن النفس بالنفس، والحديث الوارد: «لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ»[[أخرجه أبو داود (٤٥١٧)، والدارمي (٢٤٠٣) من حديث سمرة بن جندب.]] ضعيف، وقد جاء في حديث الحسن عن سمرة أن النبي ﷺ قال: «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ»[[أخرجه أبو داود (٤٥١٥)، وابن ماجه (٢٦٦٣).]]، فإذا كان الإنسان يُقتل بعبده وهو ملكه، فقتله بعبدِ غيرِه من باب أولى، والصواب أنه يُقتل الحر بالعبد، والمالك بالمملوك، لكن بشرط أن يكون القتل عمدًا عدوانًا واضحًا.
* من فوائد الآية الكريمة: أن الفساد في الأرض مبيح لقتل النفس؛ لقوله: ﴿أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ﴾، ومن ذلك قطع الطريق، يعني هؤلاء الذين يعرضون الناس بالسلاح في الطرقات..
عن سمرة، أن النبي ﷺ قال: «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ»[[أخرجه أبو داود (٤٥١٥)، وابن ماجه (٢٦٦٣).]]، فإذا كان الإنسان يُقتل بعبده، وهو ملكه، فقتله بعبد غيره من باب أولى. والصواب أنه يقتل الحر بالعبد، والمالك بالمملوك، لكن بشرط أن يكون القتل عمدًا عدوانًا واضحًا.
* من فوائد الآية الكريمة: أن الفساد في الأرض مبيح لقتل النفس؛ لقوله: ﴿أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ﴾ [المائدة ٣٢]، ومن ذلك قطع الطريق، يعني هؤلاء الذين يعرضون للناس بالسلاح في الطرقات فيغصبونهم المال، وربما يقتلونهم، هؤلاء مفسدون في الأرض، وكذلك من المفسدين في الأرض في الوقت الحاضر هؤلاء الذين يأتون بالمخدرات ويجلبونها إلى البلاد الإسلامية، هم مفسدون في الأرض لا شك، فإن قالوا مثلا: نحن لم نجبر الناس على أن يشتروا، قلنا: لكن وضعتم الأمر أمامهم، فأنتم مروجون وجالبون، ولن يندفع شركم إلا أيش؟ إلا بالقتل، فكل إنسان لا يندفع شره إلا بالقتل من هؤلاء المفسدين فإنه يقتل.
* طالب: شيخ، بارك الله فيك، كيف إعراب ﴿وَلَقَدْ﴾ (...).
* الشيخ: لا، المقسم به موجود، هنا ما وجد المقسم به، اللي وجد جواب القسم ﴿وَلَقَدْ﴾.
* الطالب: (...).
* الشيخ: في جواب القسم.
* طالب: شيخ، أحسن الله إليك، الخوارج هم يقولون: ما في هناك مرحلة ثالثة؛ إما الكفر وإما الإيمان، ويقولون: كل من ارتكب كبيرة هو كافر، فماذا يقولون في الحدود الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة؟ الحدود الثابتة يعني قطع اليد والجلد في القذف ماذا يقولون عنها؟
* الشيخ: في أيش؟
* الطالب: في الحدود الثابتة، يعني في القذف الآن؟
* الشيخ: مقتضى قاعدتهم أنهم كفار.
* الطالب: يعني سواء جلدوا أو لا؟
* الشيخ: سواء جلد أم لم يجلد إي نعم، حتى لو أقيم عليه الحد، لكن على كل حال تفصيل مذهبهم في هذا ما نستطيع أن نعرفه إلا إذا لو قرأنا كتبهم، لكن على العموم كل كبيرة عندهم فإنها تخرج الإنسان من الإيمان إلى الكفر، إي نعم.
* طالب: أكرمك الله يا شيخ، ذكرنا أن القتل العمد ما يخرِج من الإيمان، مقتضى الغضب في قول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ﴾ [النساء ٩٣] ألا يدل على خروجه؟
* الشيخ: لا، ما يدل، الذي قال هذا هو الذي قال في القصاص: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة ١٧٨].
* الطالب: نفهم إيه من الآية هذه؟
* الشيخ: هذه الآية يقولون: ما هي بالمشكلة في غضبه؛ لأن غضب الله قد يزول، المشكلة في قوله: ﴿خَالِدًا﴾، والعلماء لهم عليها أجوبة نذكرها إن شاء الله.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة ٣٣ - ٣٥].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ﴾ [المائدة ٣٣] الجملة هذه حصر، فيها حصر، وطريقه ﴿إِنَّمَا﴾، و﴿إِنَّمَا﴾ يليها.
* طالب: فوائد الآية السابقة؟
* الشيخ: نعم، السابقة؟
* الطالب: وقفنا فيها عند السادسة أن الفساد في الأرض مبيح لقتل النفس.
* الشيخ:
* من فوائد الآية الكريمة: أن الفساد في الأرض مبيح لقتل النفس، ولكنه مقيد بالأدلة الأخرى الدالة على أنه ليس كل فساد يبيح قتل النفس، بل منه ما يبيح القتل ومنه ما يبيح دونه، فتحمل هذه الآية على الآيات أو على النصوص الدالة على التخصيص.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن إنقاذ المعصوم كإنقاذ جميع المعصومين؛ اعتبارًا بالجنس، فمن أنقذ معصومًا من هلكة فكأنما أنقذ الناس جميعًا باعتبار الجنس، كما أن من كذب رسولًا فكأنما كذب جميع الرسل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا، وذلك باعتبار الجنس؛ لأن استحلاله لواحد استحلال للجنس إذا لم يكن هناك سبب يبيح دمه.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الله سبحانه وتعالى أقام الحجة على العباد، وذلك بإرسال الرسل بالبينات.
* ومن فوائدها: تشريف مقام الرسل، وذلك بإضافتهم إلى الله ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾ [المائدة ٣٢]، وكل شيء من الأعيان يضيفه الله إلى نفسه عز وجل فإنه يفيد التشريف، ولهذا قال العلماء في قوله: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾ [البقرة ١١٤]، وفي قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٩٠٠)، ومسلم (٤٤٢ / ١٣٦) من حديث عبد الله بن عمر.]] وفي قوله: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ﴾ [الحج ٢٦] وما أشبه ذلك؛ قالوا: إن هذه الإضافة تفيد أيش؟ التشريف وعلو المقام، ولا شك أن الرسل هم أفضل أجناس البشر.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الرسل أُيدوا بالآيات البينات التي تدل على صحة رسالتهم، وذلك لقوله: ﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾.
* ومن فوائدها: محبة الله عز وجل للإعذار وإقامة الحجة، حيث جعل مع كل رسول آية بينة يؤمن على مثلها البشر؛ حتى لا يقول الناس: من قال: إن هذا رسول؟ أين البينة على أنه رسول؟ فإذا جاء بالآيات البينات قامت الحجة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من لم تبلغه الرسالة فهو معذور؛ لقوله: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾ وهذا لإقامة الحجة عليهم. والآيات والنصوص في هذا واضحة، قال الله تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء ١٦٥] وقال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء ١٥].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا بد أن يكون الرسول مبينًا لقومه ما أرسل به؛ لقوله: ﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾، فإنه يشمل الآيات الدالة على صدقهم، ويشمل الشرائع التي جاؤوا بها وأنها بينة واضحة، والأمر كذلك، فإن الله سبحانه وتعالى لم يخف على العباد ما يكلفهم به، فإن رحمته وحكمته تأبى ذلك، ولهذا قال الله لرسوله ﷺ: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة ١٦ - ١٩]، فالله تعالى قد بين للخلق، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم ٤].
ومن هنا نأخذ أهمية الترجمة، يعني ينبني على هذه الفائدة، وهي فائدة البيان: أهمية الترجمة، وأن على المسلمين أن يترجموا الشريعة إلى لغة من يخاطبونهم بها حتى تتم الحجة؛ لأنك لو أتيت إلى قوم عجم وتكلمت عندهم بأبلغ وأفصح الكلام العربي ما استفادوا من هذا شيئًا، ولا يدرون ما تقول، وعليه فمن أراد أن يذهب إلى قوم يدعوهم إلى الله لا بد أن يتعلم لغتهم حتى يتمكن من دعوتهم أو يصطحب شخصًا يترجم يكون عالمًا باللغتين الأصلية والفرعية، ويكون له إلمام بموضوع الترجمة، يعني: موضوع ما يترجمه، يعني إذا كان مثلًا يريد أن يترجم في الكلام على التوحيد لا بد أن يكون عنده إلمام بذلك لئلا يفهم الأمر على خلافه.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن بني إسرائيل مع الرسل المبينين لم يهتدوا، بل كثير منهم بعد هذا البيان وبعد هؤلاء الرسل مشركون متجاوزون للحد. ومن أمثلة ذلك أنهم كانوا يقتلون النبيين بغير حق، ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ويقدحون في الرسل ويؤذون رسولهم الخاص الذي أرسل إليهم، وهو موسى كما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا﴾ [الأحزاب ٦٩].
ويتفرع على هذه الفائدة: العلم بشراسة بني إسرائيل وأنهم أهل الغطرسة والاستكبار والتكذيب، وما زالوا إلى يومنا هذا على هذا الوصف.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه إذا دعت الحاجة إلى تأكيد الخبر فإن الفصاحة تدعو إلى تأكيد الخبر، والمقام يدعو إلى توكيد الخبر، وإن كان المخبر من أهل الصدق، حتى يطمئن المخاطب، فإن قوله: ﴿ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ﴾ أكد بمؤكدين وهما: (إن)، والثاني: اللام.
{"ayah":"مِنۡ أَجۡلِ ذَ ٰلِكَ كَتَبۡنَا عَلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَیۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِیعࣰا وَمَنۡ أَحۡیَاهَا فَكَأَنَّمَاۤ أَحۡیَا ٱلنَّاسَ جَمِیعࣰاۚ وَلَقَدۡ جَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُنَا بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِیرࣰا مِّنۡهُم بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ فِی ٱلۡأَرۡضِ لَمُسۡرِفُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق