الباحث القرآني
(من أجل ذلك) القاتل وجريرته وبسبب معصيته، وقال الزجاج: أي من جنايته قال يقال أجل الرجل على أهله شراً يأجل أجلاً إذا جنى، مثل أخذ يأخذ أخذاً (كتبنا على بني إسرائيل) أي فرضنا وأوجبنا عليهم يعني أن نبأ ابني آدم هو الذي تسبب عنه الكتب المذكورة على بني إسرائيل، وعلى هذا جمهور المفسرين، وخص بني إسرائيل بالذكر لأن السياق في تعداد جناياتهم، ولأنهم أوّل أمة نزل الوعيد عليهم في قتل الأنفس ووقع التغليظ فيهم إذ ذاك لكثرة سفكهم للدماء وقتلهم للأنبياء.
وهذا مشكل لأنه لا مناسبة بين واقعة قابيل وهابيل، وبين وجوب القصاص على بني إسرائيل، قال بعضهم هو من تمام الكلام الذي قبله، والمعنى فأصبح من النادمين من أجل ذلك، يعني من أجل أنه قتل هابيل ولم يواره، ويروى عن نافع أنه كان يقف على قوله من أجل ذلك ويجعله من تمام الكلام الأول.
فعلى هذا يزول الإشكال ولكن جمهور المفسرين وأصحاب المعاني على أنه ابتداء كلام متعلق بكتبنا فلا يوقف عليه، وفي السيد على الكشاف وخص بني إسرائيل مع أن الحكم عام لكثرة القتل فيهم حتى إنهم تجرَّؤوا على قتل الأنبياء إهـ وقيل غير ذلك.
(أنه من قتل نفساً) واحدة من هذه النفوس ظلماً (بغير نفس) توجب القصاص فيخرج عن هذا من قتل نفساً بنفس قصاصاً، وقد تقرر أن كل حكم مشروط بتحقق أحد شيئين فنقيضه مشروط بانتفائهما معاً، وكل حكم مشروط بتحققهما معاً فنقيضه مشروط بانتفاء أحدهما ضرورة أن نقيض كل شيء مشروط بنقيض شرطه.
(أو فساد في الأرض) فيستحق به القتل، وقد اختلف في هذا الفساد المذكور في هذه الآية ماذا هو فقيل هو الشرك والكفر بعد الإيمان، وقيل قطع الطريق.
وظاهر النظم القرآني أنه ما يصدق عليه أنه فساد في الأرض، فالشرك فساد في الأرض وقطع الطريق فساد في الأرض، وسفك الدماء وهتك الحرم ونهب الأموال فساد في الأرض، والبغي على عباد الله بغير حق فساد في الأرض، وهدم البنيان وقطع الأشجار وتغوير الأنهار فساد في الأرض، فعرفت بهذا أنه يصدق على هذه الأنواع أنها فساد في الأرض، وهكذا الفساد الذي يأتي في قوله: (ويسعون في الأرض فساداً) يصدق على هذه الأنواع، وسيأتي تمام الكلام على معنى الفساد قريباً.
(فكأنما قتل الناس جميعاً) أي في الذنب قاله الحسن، واختلف المفسرون في تحقيق هذا التشبيه للقطع بأن عقاب من قتل الناس جميعاً أشد من عقاب من قتل واحداً منهم، فروي عن ابن عباس أنه قال: المعنى من قتل نبياً أو إمام عدل فكأنما قتل الناس جميعاً.
(ومن أحياها) بأن شدّ عضده ونصره (فكأنما أحيا الناس جميعاً) أي في الأجر قاله الحسن، وروي عن مجاهد أنه قال: أن الذي يقتل النفس المؤمنة متعمداً جعل الله جزاءه جهنم وغضب عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً، فلو قتل الناس جميعاً لم يزد على هذا، قال ومن سلم من قتلها فلم يقتل أحداً فكأنما أحيا الناس جميعاً.
وقال ابن زيد المعنى: أن من قتل نفساً فيلزمه من القود والقصاص ما يلزمه من قتل الناس جميعاً ومن أحياها أي من عفا عمن وجب قتله فله من الثواب مثل ثواب من أحيا الناس جميعاً، وحكي عن الحسن أنه العفو بعد القدرة يعني أحياناً، وروي عن مجاهد أن إحياءها إنجاؤها من غرق أو حرق أو هدم أو هلكة.
وقيل: المعنى أن من قتل نفساً فالمؤمنون كلهم خصماؤه لأنه قد وتر الجميع، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً أي وجب على الكل شكره، وقيل المعنى أن من استحل واحداً فقد استحل الجميع، لأنه أنكر الشرع، ومن تورع عن قتل مسلم فكأنما تورع عن قتل جميعهم فقد سلموا منه.
وعلى كل حال فالإحياء هنا عبارة عن الترك والإنقاذ من هلكة، فهو مجاز إذ المعنى الحقيقي مختص بالله عز وجل، والمراد بهذا التشبيه في جانب القتل ْتهويل أمر القتل وتعظيم أمره في النفوس حتى ينزجر عنه أهل الجرآة والجسارة، وفي جانب الإحياء الترغيب في العفو عن الجناة واستنقاذ المتورطين في الهلكات، ولذلك صدر النظم الكريم بضمير الشأن المنبي عن كمال شهرته ونباهته وتبادره إلى الأذهان.
سئل الحسن عن هذه الآية أهي لنا كما كانت لبني إسرائيل، فقال: أي والذي لا إله غيره ما كانت دماء بني إسرائيل أكرم على الله من دمائنا.
(ولقد جاءتهم) أي بني إسرائيل (رسلنا بالبينات) الدلالات الواضحات، جملة مستقلة مؤكدة باللام الموطئة للقسم متضمنة للإخبار بأن الرسل عليهم الصلاة والسلام قد جاؤا العباد بما شرعه الله لهم من الأحكام التي من جملتها أمر القتل.
وثم في قوله: (ثم إن كثيراً منهم) للتراخي الرتبي والاستبعاد العقلي (بعد ذلك) أي ما ذكر مما كتبه الله على بني إسرائيل من تحريم القتل (في الأرض لمسرفون) في القتل لا ينتهون عنه، أو لمجاوزون الحق لا يبالون بعظمته.
{"ayah":"مِنۡ أَجۡلِ ذَ ٰلِكَ كَتَبۡنَا عَلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَیۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِیعࣰا وَمَنۡ أَحۡیَاهَا فَكَأَنَّمَاۤ أَحۡیَا ٱلنَّاسَ جَمِیعࣰاۚ وَلَقَدۡ جَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُنَا بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِیرࣰا مِّنۡهُم بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ فِی ٱلۡأَرۡضِ لَمُسۡرِفُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق