الباحث القرآني

وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ أي علمت مِنْ بَعْلِها يعني زوجها نُشُوزاً يعني عصياناً في الأثرة أَوْ إِعْراضاً عنها وترك محادثتها، نزلت في رافع بن خديج تزوج امرأة أشبّ من امرأته خولة بنت محمد بن مسلمة. وقال في رواية الكلبي: نزلت في ابنة محمد بن مسلمة، وفي زوجها أسعد بن الزبير تزوجها وهي شابة، فلما أدبرت وعلاها الكبر تزوج عليها امرأة شابة وآثرها عليها، وجفا بنت محمد بن مسلمة، فأتت رسول الله ﷺ فشكت إليه فنزل: وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً يعني ترك مجامعتها أَوْ إِعْراضاً يعني يعرض بوجهه ويقل مجالستها ومحادثتها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أي لا إثم على الزوج والمرأة أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً قرأ أهل الكوفة عاصم وحمزة والكسائي أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما بضم الياء والتخفيف، وهو من الصلح. وقرأ الباقون أن يصالحا بالألف وتشديد الصاد، لأن أصله وتصالحا فأدغمت التاء في الصاد، وأقيم التشديد مكانه، ثم قال: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ يعني الصلح خير من الفرقة. ويقال: الصلح خير من النشوز، ويقال: الصلح خير من الخصومة والخلاف. وروي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً قال: قول الرجل لامرأته أنت كبيرة، وإني أريد أن أستبدل بك شابة، فقري على ولدك ولا أقسم لك من نفسي شيئاً ورضيت بذلك، فذلك الصلح بينهما. قال: وهذا قول أبي السنابل بن بعكك حين جرى بينهما هذا الصلح، ثم صارت الآية عامة في جواز الصلح الذي يجري فيما بين الناس، لقوله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ. ثم قال تعالى: وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ يعني الشح حملها على أن تدع نصيبها، ويقال: شحت المرأة بنصيبها من زوجها أن تدعه للأخرى، وشحّ الرجل بنصيبه من الأخرى. وقال مقاتل: طمعها وحرصها يجرها إلى أن ترضى. ثم قال تعالى: وَإِنْ تُحْسِنُوا يقول تحسنوا إليهن وَتَتَّقُوا الميل والجور فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً في الإحسان والجور. قوله تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ يقول: لن تقدروا أن تسووا بين النساء في الحب بين الشابة والكبيرة وَلَوْ حَرَصْتُمْ أي ولو جهدتم، ولكن اعدلوا في القسمة والنفقة فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ بالنفقة والقسمة إلى الشابة فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ بغير قسمة كالمسجونة لا أيم ولا ذات بعل. وروي عن أبي هريرة عن النبيّ ﷺ أنه قال: «مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ، فَمَالَ إِلَى إحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ» . وفي رواية أخرى «وَأَحَدُ شِقَّيْهِ سَاقِطٌ» . وروى أبو أيوب عن أبي قلابة قال: كان النبيّ ﷺ يقسم بين نسائه فيعدل في القسمة ويقول: «اللَّهُمَ هذا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلاَ تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلا أَمْلِكُ» . يعني الحب والجماع. ثم قال تعالى: وَإِنْ تُصْلِحُوا يعني تصلحوا بينهما بالسوية وَتَتَّقُوا الجور والميل فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً حيث رخص لكم في الصلح. ثم قال عز وجل: وَإِنْ يَتَفَرَّقا يعني الزوج والمرأة يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ يعني من رزقه. وقال مجاهد: يعني الطلاق. وروي عن جعفر بن محمد أن رجلاً شكا إليه الفقر فأمره بالنكاح، فذهب الرجل وتزوج ثم جاء إليه فشكا إليه الفقر، فأمره بالطلاق، فسئل عن ذلك فقال: أمرته بالنكاح. وقلت: لعله من أهل هذه الآية إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور: 32] فلما لم يكن من أهل هذه الآية. قلت: فلعله من أهل هذه الآية (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ الله كلاًّ من سعته) وروي عن أبيّ بن كعب أنه كان يقرأ فَتَذَرُوهَا كَأَنَّهَا مسجونة ثم قال: وَكانَ اللَّهُ واسِعاً يعني واسع الفضل حَكِيماً حكم بفرقتهما وتسويتهما. ثم قال تعالى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب