الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾ [النساء ١٢٨] ﴿إِنِ امْرَأَةٌ﴾ كيف نعرب امرأة؟
* طالب: مبتدأ.
* الشيخ: مبتدأ، (إِنْ) ما تدخل على الجملة الاسمية؟
* طالب: أحيانا تكون مخففة وأحيانا لا تكون.
* الشيخ: (إنْ) مخففة من الثقيلة، والتقدير: وإنَّ امرأة، المخففة هي التي يحل محلها إنَّ.
* طالب: (امرأة) فاعل لفعل محذوف.
* الشيخ: والتقدير؟
* الطالب: إن خافت امرأة.
* الشيخ: وإن خافت امرأة، أنت أظنك بصريًّا؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: بصري المذهب، مذهب النحو؟
* الطالب: ما بعرفه.
* الشيخ: إي، طيب، فيه قول آخر؟
* الطالب: فاعل (يخاف).
* الشيخ: أيش؟ فاعل؟
* الطالب: خاف، فاعل لفعل محذوف.
* الشيخ: فاعل؟! هذا اللي قاله، فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده، يعني: وإن خافت امرأة من بعلها نشوزًا.
* طالب: أقول: سؤال يا شيخ. قول الكوفيين: (وإن امرأة) مبتدأ، وما بعدها خبر؟
* الشيخ: وما بعدها خبر؛ لأنهم يجوزون دخول الشرط على الجملة الاسمية.
الثالث: أن (امرأة) فاعل مقدم، وهذا أيضا للكوفيين، وعلى هذا يقول: ﴿امْرَأَةٌ﴾ فاعل ﴿خَافَتْ﴾ مقدمًا، ولا مانع، وكما أسلفنا من قبل أقول: إنه إذا اختلف النحويون فإننا نتبع الأسهل من أقوالهم؛ لأنه أسهل، والله سبحانه وتعالى يحب السهولة، إذن ﴿امْرَأَةٌ﴾ إن شئنا قلنا: فاعل مقدم، وإن شئنا قلنا: مبتدأ، ولا مانع من أن تكون الجملة اسمية بعد أداة الشرط.
﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ﴾ امرأة هذه نكرة في سياق الشرط، فتكون عامة، والمراد المرأة المتزوجة، ﴿خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا﴾ أي: من زوجها، كما قال الله تعالى: ﴿أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ﴾، يقول عن امرأة إبراهيم: ﴿أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا﴾ [هود ٧٢]، إذن البعل الزوج، ﴿نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾؛ ﴿نُشُوزًا﴾ يعني: ترفعًا عليها، ﴿أَوْ إِعْرَاضًا﴾ عنها، وأيهما أشد؟ الإعراض أشد ؛ لأن النشوز مثلًا يخاطبها ويتكلم معها، لكن كلام مستعل عليها مترفع يحتقرها، أما الإعراض فهو معرض عنها لا يكلمها ولا يعاشرها معاشرة بالمعروف، إذا خافت هذا أو هذا، ويمكن أن نقول: إن الإعراض عما يجب، والنشوز فيما يمتنع، يعني يعلو عليها فيعتدي عليها، أو يعرض عنها فلا يقوم بالواجب.
﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾، ﴿لَا جُنَاحَ﴾ أي: لا إثم، ﴿عَلَيْهِمَا﴾ أي: على المرأة وبعلها، ﴿أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾، وإنما نفى الجناح دفعًا لتوهم المن، فإن المرأة إذا سألت زوجها الطلاق من غير بأس «فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ»[[أخرجه أبو داود (٢٢٢٦)، والترمذي (١١٨٧)، وابن ماجه (٢٠٥٥) من حديث ثوبان.]]، فنفى الله الجناح في المصالحة من أجل أن يصطلحا على ما يشاءان، ولكن إذا لم يصطلحا بأنفسهما وطلبا طرفا ثالثا فهل عليهما جناح؟ الجواب: لا، ليس عليهما جناح، وتأمل الفرق بين هذا، بين نشوز الزوج عن الزوجة ونشوز الزوجة عن الزوج ليتبين لك الحكم إن شاء الله تعالى في الدرس القادم.
﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ هذه جملة عامة في كل شيء، في الحقوق الزوجية وحقوق الرحم وحقوق المصاهرة وحقوق الجوار وحقوق المعاملة، كل شيء، الصلح خير، وهنا لم يقل: الصلح بينهما لإفادة العموم، يعني أن الصلح في كل شيء خير من عدمه، ومن المعلوم أن الصلح قد يتصور الإنسان أن فيه غضاضة عليه، فلهذا قال: ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾، يعني أنه عند النزاع وطلب المصالحة تكون الأنفس شحيحة، كل نفس تريد أن يكون الصلح في جانبها وفي مصلحتها، وكأن الله يقول: دعوا هذا الشح الذي أحضرته الأنفس واطلبوا الخير في المصالحة، ولهذا نجد أنه إذا تعقدت الأمور بين شخصين وأردنا أن نصلح نجد أن كل واحد منهما يركب رأسه ويأبى أن يتنازل إلا بعد جهد جهيد.
﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾، عندي إشكال، يعني يمكن يرد إشكال في قوله: ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾، كيف كانت ﴿الشُّحَّ﴾ منصوبة وما قبلها مرفوع؟
* طالب: مفعول ثان.
* الشيخ: مفعول ثان، ولّا ما هي بصفة لأنفس؟ مفعول ثان لأيش؟
* الطالب: مفعول ثان لـ(أحضرت).
* الشيخ: أَحضَرت، أحضَرت، أين المفعول الأول؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: أنت قلت: أَحضَرت.
* الطالب: أحضَرت.
* الشيخ: ولّا أُحضِرت؟
* الطالب: أحضرت هي أصلها لأن (...).
* الشيخ: إي، لكن لفظ الآية ﴿أُحْضِرَتِ﴾ ولا أحضَرت؟
* الطالب: ﴿أُحْضِرَتِ﴾.
* الشيخ: ﴿أُحْضِرَتِ﴾، إذن ﴿الْأَنْفُسُ﴾ نائب الفاعل، و﴿الشُّحَّ﴾ مفعول ثانٍ.
﴿وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾، إن تحسنوا فيما بينكم بفعل المطلوب ﴿وَتَتَّقُوا﴾ بترك المحظور ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾، وسيجازيكم على الإحسان وعلى ما اتقيتموه، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الآية.
* طالب: شيخ، ذكر النحويون إذا كان بين المضاف والمضاف إليه حرف جر (من) يسمونه إضافة بيانية، إذا كان اللام يسموه إضافة اختصاص (...).
* الشيخ: اصبر، كَمّل، وإذا كان فيه؟
* الطالب: وإذا كان فيه فهو (...).
* الشيخ: إذا كان فيه فهي فيه؟
* الطالب: إذا كان فيه هو إضافة الشيء إلى نفسه.
* الشيخ: لا، إذا كان فيه من إضافة الشيء إلى؟
* الطالب: إلى محله.
* الشيخ: لا.
* الطالب: نسيت هذا.
* الشيخ: إلى أيش؟
* طالب: إلى ظرفه.
* الشيخ: إلى ظرفه: مثاله قوله تعالى: ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ [سبأ ٣٣]، يعني مكر في الليل، وكذلك في النهار، وإذا كانت على التقدير (من) فهي بيانية، والغالب أنها تكون إضافة الشيء إلى نوعه أو جنسه، مثل: خاتمُ حديد، نعم، بابُ خشب، أي: خاتم من حديد، وباب من خشب، وأكثر الإضافات على تقدير؟
* طلبة: اللام.
* الشيخ: على تقدير اللام، هذا أكثر الإضافات.
* طالب: وفيه (...) يا شيخ.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: ﴿فِي يَتَامَى النِّسَاءِ﴾ [النساء ١٢٧].
* الشيخ: أي نعم.
* الطالب: على تقدير (من).
* الشيخ: لا، بس، أنا ما أريد تقدير الإضافة أنا أريد أنه من باب إضافة الصفة إلى موصوف؛ لأن الإضافات لها تعدد في التعلقات، سجود السهو مثلا من باب إضافة الشيء إلى سببه، فهمت؟ كتاب الطالب من باب إضافة المملوك إلى مالكه، وهلم جرا.
* الطالب: يعني يا شيخ من إضافة البيانية، وإضافة صفة للموصوف؟
* الشيخ: لا، هذا الدليل من حيث التقدير، تقدير حرف الجر الذي قدرت فيه الإضافة يكون (من) يكون (لام) يكون (في).
* طالب: (...)؟
* الشيخ: أيش؟
* طالب: (...)؟
* الشيخ: محلها في أيش؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: هذا يفتيك، إذا أردت زيًّا معينًا، قال لك مثلًا، تقول: ما نوع هذا الزي؟ يقول: هذا زي نوعه كذا وكذا، هذا معناه؟
* طالب: (...).
* طالب: اسم (...) يا شيخ.
* الشيخ: يكون هكذا مو مشتق، يمكن لمجرد علم من غير النظر إلى اشتقاقه، يعني يمكن بيحرمون تسمى المفتي.
* طالب: فيه في الحجاز المفتي.
* الشيخ: أنت ظنيت أن المفتي يعني في العلم؟
* طالب: (...).
* الشيخ: حمولا، أي نعم.
* طالب: أيش معنى حمولة يعني؟
* الشيخ: حمولا، يعنى ما هي حمولة سيارة، الحمولا يعنى القبيلة.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (١٢٨) وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (١٢٩) وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا﴾ [النساء ١٢٨ - ١٣٠].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يقول الله عز وجل: ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾، الإحسان والتقوى، والبر والتقوى، وما أشبه ذلك، إذا أفرد أحدهما عن الآخر شمل الآخر، وإن اقترنا فسر كل منهما بما يليق به، فقوله هنا: ﴿إِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا﴾، الإحسان بفعل الأوامر، والتقوى بترك النواهي، أما إذا أفرد الإحسان فإنه يشمل فعل الأوامر وترك النواهي، وكذلك التقوى إذا أفردت فإنها تشمل هذا وهذا.
وهذا يوجد كثيرا في القرآن، المسكين والفقير إذا أُفرد أحدهما عن الآخر صار أحدهما شاملا للآخر، وإن قُرِنا صار الفقير له معنى والمسكين له معنى، فهما مما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا.
يقول: ﴿وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾، فما هو الإحسان؟ الإحسان في عبادة الله والإحسان في معاملة عباد الله، يجمع الأول قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لجبريل: «الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٠)، ومسلم (٩ / ٥) من حديث أبي هريرة.]]، هذا الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، في المعاملة ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيدْخلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسَ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ»[[أخرجه مسلم (١٨٤٤) من حديث عبد الله بن عمرو.]]، الكلام على الجملة الأخيرة: «وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسَ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ»، هذا الإحسان في معاملة الناس أن تأتي للناس ما تحب أن يؤتى إليك، وبهذا يتحقق الإيمان، «لَا يُؤْمِن أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٣)، ومسلم (٤٥ / ٧١) من حديث أنس بن مالك.]].
أما التقوى هنا فهي تقوى محارم الله أي تقوى المحرمات في حقوق الله وفي حقوق عباد الله، فتجتنب البغي والعدوان والكذب والشرك وغير ذلك، سواء كان في حقوق الله أو في معاملة عباد الله، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾، ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾: اسم موصول وصلته، واسم الموصول يفيد العموم.
وعلى هذا فتكون خبرة الله تعالى بكل ما نعمل من ظاهر وباطن وخير وشر وصغير وكبير، كل ما نعمل ؛ لأن (ما) اسم موصول يفيد العموم، وقوله: ﴿خَبِيرًا﴾ قال العلماء: إن الخبير أخص من العليم، إذ إن الخبير هو الخبير ببواطن الأمور، وإذا كان خبيرا ببواطن الأمور كان خبيرا أو كان عليما بظواهرها.
والغرض من هذه الجملة -التي وقعت جوابا للشرط- الغرض منها الحث، حث النفوس على الإحسان والتقوى ؛ لأنك إذا علمت أن الله خبير بكل ما تعمل أوجب لك أن تخافه فتتقيه، وأوجب لك أن ترجوه فتحسن.
وفي هذه الجملة إشكال، وهو قوله: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾، فإنها متعلقة بـ(خبير)، أعنى ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾، وقال العلماء: إن تقديم المعمول يفيد أيش؟ الحصر، وإذا قلنا به في هذه الآية أوجب إشكالًا، وهو أنه لا يكون خبيرًا إلا بما نعمل وما سواه فليس خبيرا به، هذا مقتضى الحصر، فما هو السر في التقديم، هنا هل هو حصر؟
الجواب: لا، لأنا نعلم بأن الله يعلم عز وجل وهو خبير بكل شيء، لكن الحكمة في ذلك شدة التحذير من المخالفة، كأنه قال: لو لم يعلم شيئا لكان عالما بما تعملون، وحينئذ يتأكد علمه جل وعلا بما نعمل، فيكون في ذلك شدة التحذير من المخالفة، هذا هو فائدة أيش؟ التقديم، تقديم المتعلق.
* في هذه الآية فوائد، أولًا: عناية الله عز وجل بما يكون بين الزوجين؛ وجهه أن الله ذكر هنا نشوز الزوج، وفي أول السورة نشوز الزوجة، مما يدل على عناية الله تعالى بما يكون بين الزوجين ؛ لأن الزوجين هما الرابطة، الرابطة التي تربط بين الأولاد وتربط أيضا بين الصهر وصهره، وهي أحد النوعين في الربط، كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا﴾ [الفرقان ٥٤].
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من الأزواج من ينشز عن الزوجة، يترفع عليها، يعرض عنها، لا يجلس إليها ولا يستأنس بها، ويكلمها بأنفه، لقوله: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾.
* ومن فوائدها: العمل بالقرائن، من أين يؤخذ؟ من قوله: ﴿خَافَتْ﴾، ولم يقل: رأت نشوزا، بل: ﴿خَافَتْ﴾، ومن المعلوم أنها لم تخف من النشوز والإعراض إلا بوجود القرائن، والعمل بالقرائن ثابت بالقرآن والسنة، بماذا عمل شاهد يوسف؟
* طلبة: بالقرينة.
* الشيخ: بالقرينة، ﴿إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ﴾ [يوسف ٢٦]، ﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ﴾ [يوسف ٢٧]، وعمل سليمان عليه الصلاة والسلام في قضائه بين المرأتين بالقرينة حين «دعى بالسكين ليشق الولد نصفين»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٧٦٩)، ومسلم (١٧٢٠ / ٢٠) من حديث أبي هريرة.]]، والأمثلة على هذا كثيرة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه يجوز أن يصطلح الزوجان فيما بينهما على ما شاءا، لقوله: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾.
* ويتفرع على هذه الفائدة: اطمئنان الزوج فيما لو صالحها على إسقاط حقها أو بعضه، فليطمئن؛ لأن الحق لها، فإذا اصطلحا على أن تبقى عنده ويسقط بعض الحق فلا حرج عليه، والآية هنا فيها ﴿أَنْ يُصْلِحَا﴾ وقراءة أخرى ﴿أَنْ يَصَّالحَا﴾ ، وأصل ﴿يَصَّالَحَا﴾ يتصالحا، فهما قراءتان سبعيتان.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه يجوز للزوجة عند المصالحة أن تسقط حقها من القَسْم، فإذا قال لها: إنه تزوج زوجة جديدة ورغب عن القديمة، وقال: إما أن تبقي عندي مع إسقاط حقك من القَسْم، وإما فالطلاق، فرضيت بذلك فإنه يجوز ؛ لأن الحق لها، وهو غير مجبر على أن تبقى عنده، فيقول: إما أن تبقي عندي وترضي بإسقاط القسم وإلا طلقتك، ما فيه مانع أن يقول هذا، إن رضيت وقنعت فذلك المطلوب، إن لم ترض طلقها ولا إثم عليه في هذا، لا يقال: إنه أجبرها على التنازل عن حقها بتهديدها بالطلاق، ووجه عدم ورود ذلك أنه له أن يطلق بأي حال من الأحوال، حتى لو كرهها بدون زوجة أخرى فله أن يطلقها ولا مانع، فإذا كان كذلك فإنه لا إثم عليه.
* ومن فوائد هذه الآية: أنهما لو تصالحا على إسقاط حقها بعوض، قالت: أنا أسقط حقي من القَسْم، ولكن لا تسقط إلا بعوض، يصلح؟ يصلح، لو قالت: لا أسقط إلا أن تعطيني عن كل ليلة عشرة ريالات يكون عليه في كل شهر؟
* طلبة: ثلاث مئة.
* الشيخ: لا لا، مئة وخمسون؛ لأن فيه زوجة ثانية وإن جاءت ثالثة نقص، على كل حال إذا وافقت على أن تسقط حقها من القسم بعوض فلا بأس، وقول بعض العلماء: إنه لا يصح بعوض لأن العوض لا بد أن يكون معوضه مالًا، ليس بصحيح؛ لأن الله أطلق قال: ﴿أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾، وهذا فائدة التنكير في قوله: ﴿صُلْحًا﴾؛ لأن معنى صلحا يعني أي صلح كان، وهذا من بلاغة القرآن ﴿أَنْ يُصْلِحَا﴾ ﴿صُلْحًا﴾، يعني أي صلح كان، لو قال: أن يصلح بينهما، ربما يقال: إنه لا بد من قيود وشروط، لكن لما قال: ﴿صُلْحًا﴾ صار هذا عاما أي شيء يتفقان عليه فلا بأس.
لو اصطلحا على أن يقسم لها يوما وللأخرى يومين؟ صح، إذن لا تقييد في هذا، إلا في شيء واحد، وهو ما جاء في الحديث عن النبي ﷺ: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا»[[أخرجه أبو داود (٣٥٩٤) من حديث أبي هريرة.]]، يعني مثلًا لو قال لها، والعياذ بالله: اختاري؛ إما أن أطأك بالدبر وإلا طلقتك، وقالت: ما فيه مانع، هل يجوز هذا الصلح؟
* طلبة: لا.
* الشيخ: لماذا؟
* طلبة: لأنه حرام.
* الشيخ: لأنه أحل حراما، فإذا كان يقتضي أن يحل حراما فإنه لا يجوز.
لو اصطلحا على أن يطلق زوجته الأخرى؟
* طلبة: لا يجوز.
* الشيخ: قالت: لا بأس، لكن طلق الأخرى، فإنه لا يجوز؛ لأنه أحل حراما، إذ إن في هذا عدوانا وظلما، إذن الصلح الذي لا يحل حراما ولا يحرم حلالا جائز مطلقا بلا تقييد.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: هذه القاعدة العظيمة من الرب الذي هو على كل شيء قدير، وهي ﴿الصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ قد يظن بعض الناس أنه إذا غض من نفسه وتنازل عن الحق أن ذلك هضم لحقه، وأن العاقبة غير حميدة، لكن الله عز وجل الذي بيده ملكوت السماوات والأرض يقول أيش؟ ﴿الصُّلْحُ خَيْرٌ﴾.
وإن شئت مثالا على ذلك فتدبر صلح الحديبية بين النبي ﷺ وبين قريش، ظاهر الصلح أن فيه غضاضة عظيمة على من؟ على المسلمين، ولكن الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، تحول هذا الصلح بإذن الله إلى خير للمسلمين، من الذي أسقط حق إرجاع المسلم إذا جاء إلى المسلمين من الكفار؟ من؟ قريش الذي هو لها، هي التي أسقطته، ومن الذي أسقط وضع الحرب بينهم عشر سنين؟ قريش؛ لأنها نقضت العهد بمعاونتها لحلفائها على حلفاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأنت يا أخي لا تنظر للأمور في حاضرها، صدق بوعد الله والعاقبة لك.
هل هنا نقول: الصلح خير فيما بين الزوجين أو نقول: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؟
* طلبة: الثاني.
* الشيخ: الثاني، إذن الصلح في جميع الأحوال خير؛ لأنه يحصل به سماحة النفس والمودة، ولو أدى النزاع إلى التحاكم صار في النفوس بعض الشيء، إذ إن المحكوم عليه سوف يكون في قلبه شيء على خصمه، وربما على القاضي أيضا، وربما على الشهود، فتنتشر العداوة، فإذا وقع الصلح انقاد الجميع عن سماحة نفس واطمئنان.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: الإشارة إلى أن الصلح ثقيل على النفوس، لكن المؤمن يهون عليه الثقل إذا كان يؤمن بأن الصلح خير، يؤخذ من قوله: ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾، بطبيعة الإنسان أنه لن يتنازل عما يريد ولن يتغاضى عن حقه، هذا طبيعة الإنسان، لكن المصالحة التي هي خير لا بد من ثمن يبذل، وهو الضغط على النفس التي أحضرت الشح حتى توافق على الصلح.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الحث على الإحسان والتقوى، لقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا﴾ أكملها.
* طالب: ﴿وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا﴾..
* الشيخ: سورة النساء، إننا الآن نقرأ في سورة النساء، طيب المقصود بهذا أيش؟ ﴿إِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ﴾..
* طلبة: الحث على..
* الشيخ: الحث على الإحسان والتقوى؛ لأن الله قال: ﴿كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: عموم علم الله بكل شيء حتى بما نعمل، وهل علم الله بما نعمل علم سابق على عملنا أو لاحق؟
* طلبة: سابق.
* الشيخ: سابق لا شك أنه سابق ؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحج ٧٠].
فإن قال قائل: أليس الله يقول: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾ [محمد ٣١]، ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران ١٤٢]؟
قلنا: بلى قال الله هذا، والذي قال هذا هو الذي قال: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ إذن كيف نجمع؟
نقول: هنا الطريقة السليمة أن تؤمن بهذا وهذا ولا تحاور أن هناك تعارضا، تقول: نحن نؤمن بأن الله سبحانه وتعالى يعلم ما نعمل من قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، بل من قبل ذلك أيضا، لكن الكتابة كانت قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وتؤمن بأن الله تعالى يبتلينا؛ يختبرنا ليعلم، هكذا، لكن قد لا تطمئن النفس إلى الاستسلام المجرد.
فنقول: علم الله سبحانه وتعالى الذي يكون بعد عملنا وبعد اختبارنا علم يترتب عليه الثواب أو العقاب؛ لأنه لا يمكن أن يثاب العبد أو يعاقب إلا إذا امتحن، أما علم السابق فهو سبحانه وتعالى عالم بأنه سبحانه وتعالى يمتحننا، وأننا سنعمل أو نترك، لكن إذا وقع الشيء، الابتلاء والامتحان، ثم خالف الإنسان أو وافق، فهذا هو العلم الذي أيش؟ يترتب عليه الثواب والعقاب، يعني يترتب عليه الجزاء، فهذا هو العلم الذي قيد بالابتلاء والاختبار، وفرق بعض العلماء بفرق آخر، وقال: علم الله سبحانه وتعالى بما لم نعمل عِلْم بأنه سيكون، وعِلْمُه بما عملناه عِلْم بأنه كان، فتعلق العلم الأول بما يكون علم بشيء لم يقع، وتعلق العلم بما كان علم بأنه قد وقع، وهذا لا بأس به، ولكن العمدة الأول.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن التهديد يكون باللفظ ويكون بالمعنى، اللفظ أن يقول: إن فعلتم كذا فعليكم كذا، هذا تهديد باللفظ، بالمعنى: هو أن الله تعالى لما ذكر عموم خبرته بما نعمل، فيعني هذا أن لا نخالف حذرا من أن يعلم منا ما لا يرضيه، كما أن الأحكام الشرعية تستفاد بالأمر والنهي والترغيب والترهيب، إذا جاءت الأحكام مقرونة بالترغيب، فهذا دليل على أنها مأمور بها، وإن لم يكن الأمر، وإذا جاء الترهيب علمنا أنها منهي عنها.
ويذكر أن أعرابيا سمع قارئا يقرأ: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله غفور رحيم، فقال الأعرابي: ما هكذا الآية، اقرأها؟ فرده، وقال: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله غفور رحيم، قال: ما يصير، اقرأ الآية زين، فقرأها الثالثة أو الرابعة، وقال: ﴿جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة ٣٨]، قال: الآن، الآن أصبت لأنه عز وجل عز وحكم فقطع، بعزته وقهره وغلبته وسلطانه عز، ولحكمته قطع، ولو غفر ورحم ما قطع[[ينظر خزانة الأدب وغاية الأرب لابن حجة الحموي (١ / ١٧٦)، والكشكول (٢ / ١١٢)، وله شاهد من كلام عبد الله بن مسعود، قال: ليس الخطأ أن تقرأ بعض القرآن في بعض، ولا أن تختم آية (غفور رحيم) بـ(عليم حكيم) أو بـ(عزيز حكيم)، ولكن الخطأ أن تقرأ ما ليس فيه، أو تختم آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة. مصنف عبد الرزاق (٥٩٨٥).]]، شوف أعرابي.
وهذا القول صحيح، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: لو تاب قاطع الطريق قبل القدرة عليه سقط عنه الحد، لو تاب قاطع الطريق الذي أخذ أموال الناس وقتلهم سقط عنه الحد، واستدلوا لذلك بقوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة ٣٤]، لم يقل: لا ترفع عنهم العقوبة، ما قال هكذا، لكن كونه يأمرنا بأن الله غفور رحيم يعني أنه غفر لهؤلاء ورحمهم فتسقط عنهم العقوبة، لكن العقوبة الخاصة بحق الله، أما العقوبة الخاصة بحق الآدمي كالقصاص وضمان المال الذي أخذوه فهذه باقية؛ لأنها حق الآدمي.
* طالب: شيخ، بارك الله فيكم لو تتكرمون بمعنى لفظ ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾، ما معناهما؟ أقول: المعنى واضح يا شيخ لكن ما معنى ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾؟
* الشيخ: لما قال: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾، وكان الصلح لا بد أن يكون هناك غض من الحق، وغضاضة على الإنسان لأنه لو جاءه الإنسان كل ما يريد فات على الآخر كل ما يريد، الصلح لا بد من اثنين فصاعدا، لو أعطينا الإنسان كل ما يريد فات على الآخر كل ما يريد، وإذا أعطيناه بعض ما يريد فقد يشح يقول: ليش أتنازل؟ خلّ نروح للقاضي إما كذا ولّا كذا، ما هو وارد؟ هذا معنى قوله: ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾ يعني معناه: اغلبوا أنفسكم واصطلحوا، وإن طلبت النفس حقها كاملا.
* طالب: تقدير العبارة (...) ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾ من الذي..
* الشيخ: الأنفس أحضرها الله، لكن الله تعالى إذا أضاف إلى نفسه الشيء المذموم يأتي بصيغة اسم المفعول، يعني أحضر الله الأنفس الشح بطبيعتها، انظر إلى قول الجن، الجن لا يكون أفقه من -أقول منك؟ ما فيه مانع؟
* الطالب: لا، ما فيه مانع.
* الشيخ: ﴿وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ [الجن ١٠]، قالوا: ﴿أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ تأدبا مع الله عز وجل، ومعلوم أن المريد هو الله عز وجل، وفي الرشد؟ ﴿أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾، أضافه إلى الله؛ لأنه خير، يعني كان الله عز وجل لو قال: وأحضر الله الأنفس الشح، استقام الكلام، لكن لما كان الشح أمرا مذموما قال: ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾، فالأنفس نائب فاعل قائمة مقام المفعول الأول، و﴿الشُّحَّ﴾ هو المفعول ثاني.
* طالب: شيخ بارك الله فيكم، قلنا: إن الآية ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾، هنا فيه تقديم للمعمول على العامل، وهو يكون إشكالا، وهو يصير أن الله عز وجل لم يعلم إلا ما نعمل، فجواب الإشكال ما فهمته؟
* الشيخ: قلنا: إن هذا من باب التهديد، يعني كأنه لا معلوم لله إلا هذا العمل، فيكون هذا حصرا إضافيًّا لتهديد هؤلاء المخاطبين.
* طالب: بارك الله فيكم، ذكرنا أن الصلح جائز ما لم يحل حراما، الصلح..
* الشيخ: أو يحرم حلالًا.
* الطالب: يرد إشكال، وهو أنه إذا أسقط القسمة للمرأة، الزوجة، وبين أمره سبحانه وتعالى بالعدل بين الزوجات، نقول: كيف..؟
* الشيخ: لماذا أمر بالعدل؟ بحق من؟
* الطالب: الزوجة.
* الشيخ: إذا أسقطته؟
* الطالب: قد يكون هذا..
* الشيخ: لا أبدا ما فيه إشكال، ﴿أَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ﴾ [الإسراء ٣٥] وجوبا، لكن إذا رضي صاحب الحق بأن يقول: كِلْ لي ربع الصاع، يجوز أو ما يجوز؟
* الطالب: يجوز.
* الشيخ: يجوز.
* طالب: هل القسم للزوجة واجب؟
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: القسم للزوجة.
* طلبة: القسم، هل هو واجب؟
* الشيخ: القصد؟
* طالب: القسم.
* الشيخ: القسم معلوم، واجب، يجب على الزوج أن يقسم لزوجاته بالسوية، وسيأتي في الآية التي بعدها، ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء ١٢٩]، إن شاء الله تعالى.
* الطالب: أحسن الله إليكم، هل ما يكون العلم بالإيمان بالله جل وعلا المترتب بعد العمل ما يكون للبينة والتمحيص لقوله: ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ [الأنفال ٤٢]؟
* الشيخ: اقرأ اللي قبلها؟ يعني أن الله بين لنا الأشياء لأجل أن يهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة، هذا يتعلق بالمخلوق، يعني هذه الحكمة هو أن المخلوق تقوم عليه الحجة ولا يبقى له عذر، ما لها تعلق بالعلم.
* طالب: بين النشوز والإعراض؟
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: النشوز والإعراض؟
* الشيخ: نعم.
* الطالب: شيخ، النشوز قلنا: ترفعه عنها، والإعراض هو أن يعرض عنها، هل بينهما جامع؟
* الشيخ: النشوز في ترك واجب والإعراض في فعل محرم.
* طالب: تكلمتم على ختم، أو مناسبة ختم قول الله تعالى: ﴿نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾، وما هي مناسبة الختم بقوله تعالى: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة ١١٨].
* الشيخ: سؤال وارد، يقول: إن الله تعالى قال عن عيسى إنه قال لله عز وجل: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، ولم يقل: فإنك أنت الغفور الرحيم، هل أحد منكم عنده جواب؟
* طالب: أن الله عز وجل كان في الوقت غضبان.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: أنه كان في هذا الوقت غضبان.
* الشيخ: الرب عز وجل.
* الطالب: تأدب عيسى مع الله عز وجل فذكر العز والحكمة.
* طالب: شيخ، يقول: ﴿وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، فمغفرتك لهم لا تقتضي العقاب، وتقتضي (...) الله عز وجل بعد مغفرته وعفوه.
* الشيخ: نعم.
* طالب: شيخ، الحلم والمغفرة تكون بعد المقدرة، فإذا كان عيسى عليه السلام أراد أن يثبت لله عز وجل المغفرة، وأنه إذا غفر لهم ليس عن ضعف.
* الشيخ: الآية هي في الحقيقة ما هي المغفرة المحضة، ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، فهما أمران تعذيب ومغفرة، وكلاهما إذا اجتمعا يقتضيان العزة والحكمة ؛ لأن من الحكمة أن يغفر الله تعالى لمن شاء ومن العزة أن يعذب من شاء، فلما كانت الآية ليست في موضوع واحد ختمت بما يصلح لهذا وهذا.
* طالب: أحسن الله إليكم، هل يصح بأن نقول بأن..
* * *
* طالب: تفضيل بدليل أن الفعل الذي هو (...).
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: هل يصح أن نقول بأن (ما) بقوله تعالى: ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ﴾ أنها شرطية بدليل حذف نون الـ..
* الشيخ: بس الآية ما هذه، مو هذا لفظ الآية، اللي عندنا ﴿وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا﴾.
* طالب: لا، الآية التي قبلها.
* الشيخ: كيف؟
* الطالب: الآية التى قبلها بدليل إن ما الموصولة بدليل اقتران (...).
* الشيخ: لا، هي ما تفعل، ويتعين اسم شرط بدليل الجزم، ثم قلنا: إنها موصولة فهو وهم أو سبق لسان، شرطية لا شك.
* طالب: فيه سؤال يا شيخ.
* * *
* الشيخ: أما من جهة الجرائد والصحف التي يعنى معدة أو أكثر شأنها التصوير فهذه لا يجوز أن تبقى في البيت، وأما التي تأتي الصورة فيها إما صورة صاحب المقال أو ما أشبه ذلك هذه الصور فيها غير مقصودة، ولا تضر إن شاء الله.
أنا أشدد في مسألة الملاحظات هذه؛ لأن الإنسان ينبغي له إذا عمل عملا أن يتقنه، أهم شيء.
{"ayah":"وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضࣰا فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِمَاۤ أَن یُصۡلِحَا بَیۡنَهُمَا صُلۡحࣰاۚ وَٱلصُّلۡحُ خَیۡرࣱۗ وَأُحۡضِرَتِ ٱلۡأَنفُسُ ٱلشُّحَّۚ وَإِن تُحۡسِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق