الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿وإنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِن بَعْلِها نُشُوزًا أوْ إعْراضًا فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحًا والصُّلْحُ خَيْرٌ وأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ وإنْ تُحْسِنُوا وتَتَّقُوا فَإنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: ١٢٨].
نزَلَتِ الآيةُ في سَوْدَةَ بنتِ زَمَعَةَ لمّا خَشِيَتْ أن يُطلِّقَها النبيُّ ﷺ، فرَغِبَتْ في البقاءِ في عِصْمَتِه، وتَهَبُ يومَها لعائشةَ، ففعَلَ النبيُّ ﷺ، ونزَلَتْ هذه الآيةُ[[أخرجه أبو داود (٢١٣٥) (٢/٢٤٢).]]، وأصلُ ذلك في «الصحيحَيْنِ»، من حديثِ عائشةَ[[أخرجه البخاري (٢٤٥٠) (٣/١٣٠)، ومسلم (٣٠٢١) (٤/٢٣١٦).]].
ورُوِيَ عنِ ابنِ عبّاسٍ، أنّ النبيَّ ﷺ تُوُفِّيَ عَنْ تِسْعِ نِسْوَةٍ، وكانَ يَقْسِمُ لِثَمانٍ[[أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (٧/٢٩٦).]].
إسقاطُ المرأةِ لحقِّها:
وهذا في كلِّ امرأةٍ تَرى زُهْدَ زَوْجِها فيها، فتَرغَبُ في البقاءِ معَهُ، فيتَصالَحانِ على إسقاطِ ما بينَهما مِن واجبِ المَبِيتِ، وتَبقى على النفقةِ والسُّكْنى، والزُّهْدُ قد يكونُ لسببٍ فيها، كسُوءِ خُلُقِها، أو مَرَضِها، أو كِبَرِها، أو دَمامَتِها، أو لسببٍ فيه، ككِبَرِهِ، أو مَرَضِهِ، أو ضَعْفِ نفسِهِ نحوَها.
ورُوِيَ هذا المعنى عن عُمرَ وعليٍّ وابنِ عبّاسٍ وعائشةَ وغيرِهم مِنَ الصَّحابةِ والسَّلَفِ.
نشوزُ الزوجِ:
والنشوزُ هو المَيْلُ بسببِ البُغْضِ أوِ الكُرْهِ أوِ انصرافِ النفسِ بلا موجِبٍ ظاهرٍ، ويكونُ النشوزُ بحقٍّ أو بباطلٍ، ولا يُتصوَّرُ ميلُ النبيِّ ﷺ إلاَّ بالحقِّ، لأنّ له أنْ يُطلِّقَ زوجتَهُ وله أنْ يُمسِكَها، وقد يَمِيلُ الرجلُ عن زوجتِه نَفْسًا، فيَرى عدَمَ قيامِها بحقِّه، ويَتْبَعُهُ تقصيرُهُ بحقِّها لو بَقِيَ معَها، فمِنَ العدلِ والحقِّ تطليقُها، فلمّا ظَنَّتْ سَوْدَةُ ذلك مِن نفسِها ومنه ﷺ، تصالَحَتْ معه سَوْدةُ على إسقاطِ حقِّها في المبيتِ، وجعَلَتْ يومَها لأحبِّ أزواجِه، وهي عائشةُ، فلا يجدُ النبيُّ ﷺ بعدَ ذلك حرَجًا مِن بقائِها.
وإذا غُلِبَ الرَّجُلُ على نفسِهِ بأمرٍ، وخَشِيَ مِن تركِ الواجباتِ وفِعْلِ المُحرَّماتِ، فلْيَتخفَّفْ مِن تَبِعَةِ ذلك بتَرْكِ موجِبِ فعلِ المحرَّمِ وتركِ الواجبِ والبُعْدِ عنه.
وقولُه تعالى: ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحًا﴾، يَعني: الزَّوجَيْنِ، وفيه تشوُّفُ المُشرِّعِ إلى بقاءِ الزَّوْجةِ في عِصْمةِ زَوْجِها ولو مع إسقاطِ بعضِ الحقوقِ بَيْنَهما، وأنّه أوْلى مِن الطَّلاقِ، وذلك في قولِه بعدُ: ﴿والصُّلْحُ خَيْرٌ﴾.
وحمَلَ ابنُ عبّاسٍ قولَه: ﴿والصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ على التخييرِ، فقال: ﴿والصُّلْحُ خَيْرٌ﴾، يَعني: تُخيَّرُ المرأةُ بما تُريدُ، ولا تُكرَهُ على شيءٍ واحدٍ مما يُطيقُهُ الرَّجُلُ[[«تفسير الطبري» (٧/٥٥٣)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٤/١٠٨١).]].
والمرادُ فيما يتَراضَيانِ فيه مما يُطيقانِه جميعًا، ولا يُوقِعُ في حَرامٍ لهما أو لأحدِهما.
وقولُه تعالى: ﴿وأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾، يَعني: أن تُقدِّمَ النفوسُ حظَّها وحقَّها على حظِّ غيرِها وحقِّه، فالشحُّ والأثَرةُ متأصِّلٌ في النُّفوسِ.
ولا يجوزُ للرجلِ أنْ يُقدِّمَ مصلحتَهُ على ضرَرِ غيرِه، ولا للمرأةِ أن تُقدِّمَ مصلحتَها على ضررِ غيرِها، فأمّا إذا أطاقا تحقُّقَ المصلحتَيْنِ أو دَفْعَ المفسدتَيْنِ، فوجَبَ عليهِما، والطلاقُ يتأكَّدُ عندَ وجودِ مفسَدةٍ لأحدِ الزوجَيْنِ ببقائِهما، وقد روى أبو داودَ وابنُ ماجَهْ، مِن حديثِ مُحاربِ بنِ دِثارٍ، عن ابنِ عُمرَ مرفوعًا: (أبْغَضُ الحَلالِ إلى اللهِ الطَّلاقُ) [[أخرجه أبو داود (٢١٧٨) (٢/٢٥٥)، وابن ماجه (٢٠١٨) (١/٦٥٠).]]، وجاء مُرسَلًا مِن حديثِ مُحاربٍ به[[أخرجه أبو داود (٢١٧٧) (٢/٢٥٤).]]، وهو أقرَبُ، ورُوِيَ مِن طرُقٍ أُخرى.
{"ayah":"وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضࣰا فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِمَاۤ أَن یُصۡلِحَا بَیۡنَهُمَا صُلۡحࣰاۚ وَٱلصُّلۡحُ خَیۡرࣱۗ وَأُحۡضِرَتِ ٱلۡأَنفُسُ ٱلشُّحَّۚ وَإِن تُحۡسِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق