الباحث القرآني
قوله تعالى: {وَإِنِ امرأة} : «امرأةٌ» فاعلٌ بفعلٍ مضمرٍ واجبِ الإِضمار، وهذه من باب الاشتغال، ولا يجوزُ رفعُها بالابتداء لأنَّ أداةَ الشرطِ لا يليها إلا الفعلُ عند جمهور البصريين خلافاً للأخفش والكوفيين، والتقديرُ: «وإنْ خافت امرأة خافت» ونحوهُ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المشركين استجارك} [التوبة: 6] . واستدلَّ البصريون على مذهبهم بأن الفعل قد جاء مجزوماً بعد الاسم الواقع أداة الشرط في قول عدي:
166 - 1- ومتى واغِلٌ يَنُبْهُمْ يُحَيُّو ... هُ وتُعْطَفْ عليه كأسُ الساقي و {مِنْ بعلها} يجوزُ أن يتلعَّق ب «خافت» وهو الظاهر، وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال من «نُشوزاً» إذ هو الأصل صفةُ نكرةٍ فلمَّا قُدِّم عليها تعذَّر جَعْلُه صفةً فنُصِب حالاً. و «فلا» جوابُ الشرط.
قوله: {أَن يُصْلِحَا} قرأ الكوفيون: / «يُصْلِحا» من أصلح، وباقي السبعة «يَصَّالحا» بتشديد الصاد بعدها ألف، وقرأ عثمان البتي والجحدري: «يَصَّلِحا» بتشديد الصاد من غير ألف، وعبيدة السلماني: «يُصالِحا» بضمِّ الياءِ وتخفيفِ الصادِ وبعدَها ألفٌ من المفاعلة، وابن مسعود والأعمش: «أن اصَّالحا» فأمّا قراءةُ الكوفيين فواضحةٌ، وقراءةُ باقي السبعة أصلُهَا «يتصالحا» فأُريد الإِدغام تخفيفاً فَأُبْدِلت التاءُ صاداً وأُدْغِمت، وأمَّا قراءةُ عثمان فأصلُها: «يَصْطَلِحا» فَخُفِّفَ بإبدالِ الطاء المبدلةِ من تاءِ الافتعال صاداً وإدغامهما فيما بعدها. وقال أبو البقاء: «وأصلُه::» يَصْتَلِحا «فأُبْدِلت التاء صاداً وأُدْغِمت فيها الأولى» وهذا ليس بجيدٍ، لأنَّ تاءً الافتعال يجبُ قَلْبُها طاءً بعد الأحرف الأربعة كما تقدَّم تحقيقُه في البقرة، فلا حاجة إلى تقديرها تاءً، لأنه لو لُفِظ بالفعلِ مظهراً لم يُلْفظ فيه بالتاء إلا بياناً لأصلِهِ. وأمَّا قراءةُ عبيدة فواضحةٌ لأنها من المصالحة. وأما قراءة «يصطلحا» فأوضحُ. ولم يُخْتلف في «صُلْحاً» مع اختلافِهم في فعلِه.
وفي نصبِه أوجهٌ: فإنه على قراءة الكوفيين يَحْتمل أن يكونَ مصدراً، وناصبُه: إمَّا الفعلُ المتقدمُ وهو مصدرٌ على حذف الزوائد، وبعضُهم يعبِّر عنه بأنه اسمُ مصدرٍ كالعطاءِ والنبات، وإمَّا فعلٌ مقدرٌ أي: فيُصْلِحُ حالهما صلحاً. وفي المفعولِ على هذين التقديرين وجهان، أحدُهما: أنه «بينهما» اتُسِّع في الظرف فجُعِل مفعولاً به. والثاني: أنه محذوف «وبينهما» ظرفٌ أوحالٌ مِنْ «صلحا» فإنه صفةٌ له في الأصل. ويُحْتمل أن يكونَ نصبُ «صلحاً» على المفعول به إن جعلته اسماً للشيء المصطلح عليه كالعَطاء بمعنى المُعْطى، والنبات بمعنى المُنْبَت. وأمَّا على بقيةِ القراءات فيجوزُ أَنْ يكونَ مصدراً على أحدِ التقديرين المتقدمين: أعني كونَه اسمَ المصدرِ، أو كونَه على حَذْفِ الزوائد، فيكون واقعاً موقعَ «تصالحا أو اصطلاحاً أو مصالحةً» حَسْبَ القراءات المتقدمة، ويجوزُ أَنْ يكون منصوباً على إسقاطِ حرفِ الجرِ أي: بصلح أي بشيء يقعُ بسببِ المصالحة، إذا جَعَلْناه اسماً للشيء المصطلح عليه.
والحاصلُ أنه من بقية القراءات ينتفي عنه وجهُ المفعولِ به المذكورِ في قراءة الكوفيين، وتبقى الأوجهُ الباقيةُ جائزةً في سائر القراءات.
قوله: {والصلح خَيْرٌ} مبتدأ وخبر، وهذه الجملة قال الزمخشري فيها وفي التي بعدها: «إنهما اعتراضٌ» ولم يبيِّنْ ذلك، وكأنه يريد أن قولَه: «وإنْ يَتفَرَّقا» معطوفٌ على قوله: «فلا جناح» فجاءت الجملتان بينهما اعتراضاً، هكذا قال الشيخ وفيه نظر، فإن بعدهما جملاً أُخَرَ فكان ينبغي أن يقول الزمخشري في الجميع: إنها اعتراض، ولا يخص: «والصلح خير» «وأُحْضِرَت الأنفسُ» بذلك، وإنما يريد الزمخشري بذلك الاعتراضَ بين قوله: {وَإِنِ امرأة} وقوله: {وَإِن تُحْسِنُواْ} فإنهما شرطان متعاطفان، ويَدُلُّ عليه تفسيرُه له بما يفيد هذا المعنى فإنه قال: «وإن تحسنوا بالإِقامة على نسائكم وإن كرهتموهن وأحببتم غيرهن وتتقوا النشوزَ والإِعراضَ» انتهى. والألفُ واللام في «الصلح» يجوزُ أن تكونَ للجنس وأن تكونَ للعهد لتقدُّمِ ذكره نحو: {فعصى فِرْعَوْنُ الرسول} [المزمل: 16] . و «خير» يُحْتمل أن تكون للتفضيل على بابها والمفضَّلُ عليه محذوفٌ فقيل: تقديرُه: من النشوز والإِعراض، وقيل: خيرٌ من الفرقة، والتقدير الأولُ أَوْلى للدلالة اللفظية، ويُحْتمل أن تكون صفةً مجردةً أي: والصلحُ خيرٌ من الخيور، كما أنَّ الخصومةَ شرُّ من الشرور.
قوله: {وَأُحْضِرَتِ الأنفس الشح} «حَضَر» يتعدى إلى مفعول، واكتسب بالهمزة مفعولاً ثانياً، فلمَّا بُني للمفعول قامَ أحدُهما مقامَ الفاعل فانتصبَ الآخرُ. والقائمُ مقامَ الفاعلِ هنا يَحْتمل وجهين أظهرهما - وهو المشهورُ مِنْ مذاهب النحاة - أنه الأول وهو «الأنفس» فإنه الفاعل في الأصل، إذ الأصل: «حضرت الأنفسُ الشحَّ» والثاني: أنه المفعول الثاني، والأصل: وحضر الشحُّ الأنفسَ، ثم أحضر اللَّهُ الشحَّ الأنفسَ، فلما بُني الفعل للمفعول أٌقيم الثاني - وهو الأنفسُ- مقامَ الفاعل، فأُخِّر الأول وبقي منصوباً، وعلى هذا يجوز أن يقال: «أُعْطِي درهمٌ زيداً» و «كُسِي جبةً عمراً» والعكس هو المشهورُ كما تقدَّم، وكلامُ الزمخشري يَحْتمل كونَ الثاني هو القائمَ مقامَ الفاعلِ فإنه قال: «ومعنى إحضارِ الأنفس الشحَّ أنَّ الشح جُعِل حاضراً لها لا يَغيب عنها أبداً ولا ينفك» يعني أنها مطبوعةٌ عليه، فأُسْنِدَ الحضورُ إلى الشح كما ترى، ويحتمل أنه جَعَله من باب القلب فنسَب الحضورَ إلى الشحِّ وهو في الحقيقة منسوب إلى الأنفس. وقرأ العدوي: « الشِحَّ» بكسر الشين وهي لغة. والشُّحُّ: البخل مع حرص فهو أخص من البخل.
{"ayah":"وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضࣰا فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِمَاۤ أَن یُصۡلِحَا بَیۡنَهُمَا صُلۡحࣰاۚ وَٱلصُّلۡحُ خَیۡرࣱۗ وَأُحۡضِرَتِ ٱلۡأَنفُسُ ٱلشُّحَّۚ وَإِن تُحۡسِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











