الباحث القرآني
وقوله تعالى: ﴿خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا﴾ قال ابن عباس ومقاتل: أي علمت [["تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 99، و"تفسير مقاتل" 1/ 412.]].
وقال الزجاج: خافت [[في "معاني الزجاج": "إن خافت".]] الإقامة من بعلها على الإعراض والنشوز، وليست تخاف ذلك إلا وقد بدا منه شيء [[في "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 116.]]. وقد ذكرنا مثل هذين الوجهين في قوله: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾ [النساء: 34].
وأما البعل فقال الليث: البعل: الزوج، يقال: بعل يبعل بعولة، فهو باعل [[في "العين" 2/ 149: "فهو بعل" وهذا اللفظ عند المؤلف من "تهذيب اللغة" 1/ 363 (بعل).]] مستعلج [["العين" 2/ 149، وفيه: "مستبعل" بدل "مستعلج" وما ذكره المؤلف من "التهذيب"، و"مستعلج" غير واضح المعنى، فقد يكون ما في العين هو الصواب، لا غير.]].
قال الأزهري: وهذا من أغاليط الليث، إنما سُمي زوج المرأة بعلًا لأنه سيدها ومالكها، وليس من باب الاستعلاج في شيء [["تهذيب اللغة" 1/ 363 (بعل). ولم يرد في "العين" الاستعلاج كما تقدم، وإنما ورد الاستبعال، فليتنبه.]].
وروى عطاء عن ابن عباس في هذه الآية [[يحتمل أن هذا الكلام من ابن عباس أو من المصنف والثاني أقرب.]]: والبعل السيد في كلام العرب [[لم أقف عليه عن ابن عباس، وانظر: "تهذيب اللغة" 1/ 363 (بعل).]].
ويقال للرجل: هو بعل المرأة، وللمرأة: بعله، وبعلته. ويجمع البعل: بعولة [[نظر: "الصحاح" 4/ 1635 (بعل).]]. وقد مر في سورة البقرة.
وقوله تعالى: ﴿نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ يقال: نشزت المرأة، تنشُزُ وتنشِزُ نشوزًا، إذا استعصت على زوجها، وأصله من قولهم: نشز الشيء، إذا ارتفع، وقد مر [[انظر فيما سبق عند تفسير الآية 34]].
قال أبو إسحاق: النشوز يكون من الزوجين، وهو كراهة كل واحد منهما صاحبه، واشتقاقه من النشز وهو ما ارتفع من الأرض [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 47، وقد ذكر الزجاج ذلك في تفسير قوله تعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾ [النساء:34].]].
قال المفسرون: ﴿نُشُوزًا﴾ ترفعًا لبغضها ﴿أَوْ إِعْرَاضًا﴾ عنها لموجدة وأثرة [[انظر: الطبري 5/ 305، و"بحر العلوم" 1/ 392، و"الكشف والبيان" 4/ 127 ب، و"النكت والعيون" 1/ 533.]].
قال الكلبي: يعني ترك مجامعتها، وإِعْرَاضًا بوجهه عنها [["الكشف والبيان" 4/ 127 ب، وانظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 99.]].
وقال مقاتل: ﴿نُشُوزًا﴾ عصيانًا - يعني: الأثرة، وهو قول ابن عباس ﴿أَوْ إِعْرَاضًا﴾ عنها لما به من الميل إلى أخرى [[انظر: "تفسير مقاتل" 1/ 412، ولم أقف عليه عن ابن عباس.]].
وقال الزجاج: النشوز من بعل المرأة أن يسيء عشرتها، وأن يمنعها نفسه ونفقته [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 115.]].
وقوله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾. جعل الله عز وجل الصلح (جائزًا) [[في المخطوط: جائز (بدون نصب).]] بين الرجل والمرأة، إذا رضيت منه بإيثار غيرها عليها.
قال جميع المفسرين: هذا الصلح في القسمة والنفقة، وهو أن يقول الرجل لامرأته: إنك دميمة، أو قد دخلت في السن وأريد أن أتزوج عليك شابة جميلة، وأوثرها عليك في القسمة بالليل والنهار، فإن رضيت بهذا فأقيمي، وإن كرهت خليت سبيلك. فإن رضيت بذلك (كانت الواجب) [[هكذا في المخطوط، ولعل الصواب: "كان الواجب"، انظر: "الكشف والبيان" 4/ 127 ب.]] على الزوج أن يوفيها حقها من المقام عندها والنفقة، أو يسرحها بإحسان ولا يحبسها على [الحيف] [[ما بين المعقوفين في المخطوط: "الخسف"، والتصويب من "الكشف والبيان" 4/ 127 ب.]]، (وليس يُجبر) [[هكذا في المخطوط، والأولى: "ولا يجبر"، انظر: "الكشف والبيان" 4/ 127 ب.]] الزوج على الوطء إذا عدل في المقام والنفقة، وكل ما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز، وهو أن تترك له من مهرها، أو بعض أيامها [[من "الكشف والبيان" 4/ 127 ب بتصرف يسير، وانظر: "تفسير ابن عباس" ص 160، والطبري 5/ 306، و"معاني الزجاج" 2/ 116، و"بحر العلوم" 1/ 293، و"النكت والعيون" 1/ 533.]].
روى خالد بن عرعرة [[هو خالد بن عرعرة التيمي، سمع عليًّا وروى عنه سماك بن حرب والقاسم بن عوف الشيباني.
انظر: "التاريخ الكبير" للبخاري 3/ 163، و"الجرح والتعديل" 3/ 343.]]، قال: سأل رجل عليًّا عن قوله: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا﴾ الآية. قال: "تكون المرأة عند الرجل، فتنبو عينه عنها من دمامه أو كبر، فتفتدي منه بكره فرقته، فإن أعطته من مالها فهو له حل، وإن أعطته من أيامها فهو له حل" [[أخرجه بنحوه من طرق الطبري 5/ 306، وانظر: "الدر المنثور" 2/ 411.]].
واختلف القراء في قوله: (يَصّالَحَا) فقرئ: (يُصْلِحَا) [[قراءة: "يصّالَحا" بتشديد الصاد المفتوحة بعدها مد لابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر وأبي يعقوب، وقرأ الباقون "يُصْلحا" بضم الياء وسكون الصاد. انظر: "السبعة" ص 238، و"الحجة" 3/ 183، و"المبسوط" ص 158.]] أيضًا، فمن قرأ، (يَصّالحا) أراد: يتصالحا، فأدغم التاء في الصاد، وحجته أن الأشهر في الاستعمال في هذا النحو: تصالحا [[انظر: الطبري 5/ 310، و"الحجة" 3/ 183.]].
وفي حرف عبد الله: (فلا جناح عليهما أن أصَّالَحا) [["الحجة" 3/ 183، وانظر: "البحر المحيط" 3/ 363.]].
وانتصب (صلحًا) في هذه القراءة على المصدر، ولكنه بحذف الزوائد كما قال:
وإن يَهلِكْ فذلكَ كان قَدْري [[عجز بيت ليزيد بن سنان، وصدره:
فإن يبرأ فلم أنفث عليه
"الحجة" 2/ 129، و"حاشيته" 3/ 184.]]
أي: تقديري. وقد يوضع الاسم موضع المصدر، كقول القطامي:
وبعد عطائِكَ المائة الرِّتاعا [[عجز بيت للقطامي، وصدره:
أكفرًا بعد رد الموت عني
والمئة الرتاع من الإبل. "الحجة" 1/ 182، 3/ 184، و"الخصائص" 1/ 221.]]
قال أبو حاتم [[هو سهل بن محمد بن عثمان بن القاسم النحوي السجستاني، تقدمت ترجمته.]]: كأن المصدر على القياس: يصالحا اصالحًا وتصالحًا ، ولكن هذا كقوله: ﴿أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا﴾ [نوح: 17]، ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل: 8]، مما يخالف المصدر المصدر [[لم أقف على قول أبي حاتم، وقد أشار إليه مكي في "الكشف" 1/ 399.]].
"ومن قرأ: ﴿يُصْلِحَا﴾ فإن الإصلاح عند التنازع والتشاجر أيضًا قد استعمل، كما استعمل: تصالحا، قال الله تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ} [البقرة: 182]، وقال: ﴿أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114].
والصلح على هذه القراءة اسم تعدى الفعل إليه كتعدِّيه إلى الأسماء. فقوله: (يُصلحا صلحًا) كقولك: "أصلحت ثوبًا" [["الحجة" 3/ 183، 184، وانظر: "الكشف" 1/ 399.]].
وقوله تعالى: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾.
قال ابن عباس: "يريد أعظم لثوابه وثوابها" [[لم أقف عيه.]].
وقال الكلبي: والصلح خير من النشوز والإعراض والإقامة عليهما [[لم أقف عيه.]].
وقال الزجاج: الصلح خير من الفرقة [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 116.]].
قال أهل المعاني: يقول: إن يصالحا على شيء خير من أن يتفرقا، أو يُقيما على النشوز والإعراض [[انظر: "النكت والعيون" 1/ 533، و"زاد المسير" 2/ 218.]].
وقوله تعالى: ﴿وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ﴾.
الشح: البُخل، والشحيح: البخيل، وجمعه: أشحة [[انظر: "تهذيب اللغة" 2/ 1835 (شح).]].
قال الفراء: يقال: شح يشِحُّ، بكسر الشين. قال: وكذلك كل فعيل من النعوت إذا كان مضاعفًا، مثل: خفيف وذفيف [[ذفيف بمعنى: خفيف سريع. انظر: "اللسان" 3/ 1505 (ذفف).]]، فهو على فَعَل يَفْعِل، ومثله: ضنين، وقد قالوا: ضنَّ يضنُّ، واللغة العالية: يَضنُّ [[في "تهذيب اللغة" 2/ 1836 (شح).]].
قال ابن عباس: "يريد والغالب على نفس المرأة الشح على نصيبها من زوجها ومالها" [[أخرجه بنحو الطبري 5/ 310، وابن المنذر، انظر: "الدر المنثور" 2/ 412.]]. وهو قول سعيد بن جبير [[أخرجه عنه من طرق الطبري 5/ 311، وانظر: "النكت والعيون" 1/ 533.]].
وقال الفراء: ضن الرجل بنصيبه ميت الشابة، وضنت الكبيرة بنصيبها منه [["معاني القرآن" 1/ 291.]].
وهو قول جماعة من المفسرين، قالوا: شحت المرأة بنصيبها من زوجها، وشح الرجل بنصيبه من الأخرى [[من "الكشف والبيان" 4/ 128 ب، وانظر: الطبري 5/ 311 - 312، و"بحر العلوم" 1/ 393، و"النكت والعيون" 1/ 533، و"زاد المسير" 2/ 219.]].
وقال الحسن وابن سيرين: أُحضرت نفس كل واحد من الرجل والمرأة والشح [[هكذا في المخطوط، ولعل الواو زائدة من الناسخ.]] بحقه قبل صاحبه، فالمرأة تشحّ على مكانها من زوجها، والرجل يشحّ على المرأة بنفسه، إذا كان غيرها أحب إليه منها [[ذكره عن الحسن الماوردي في "النكت والعيون" 1/ 533، ولم أقف عليه عن ابن سيرين.]]. وهذا قول الزجاج [[في "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 116.]].
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا﴾.
قال ابن عباس: يريد حسن المعاشرة والصحبة، وتتقوا الله فإنها أمانة [[لم أقف عليه.]].
وقال الكلبي: "يعني تُصلحوا وتتقوا الجوز والميل" [[انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 99.]].
{"ayah":"وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضࣰا فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِمَاۤ أَن یُصۡلِحَا بَیۡنَهُمَا صُلۡحࣰاۚ وَٱلصُّلۡحُ خَیۡرࣱۗ وَأُحۡضِرَتِ ٱلۡأَنفُسُ ٱلشُّحَّۚ وَإِن تُحۡسِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق