الباحث القرآني
ولَمّا صارُوا يُعْطُونَ اليَتامى أمْوالَهُمْ؛ وصارُوا يَتَزَوَّجُونَ ذَواتِ الأمْوالِ مِنهُنَّ؛ ويُضاجِرُونَ بَعْضَهُنَّ؛ عَقَّبَ ذَلِكَ (تَعالى) بِالإفْتاءِ في أحْوالِ المُشاقَقَةِ بَيْنَ الأزْواجِ؛ فَقالَ: ﴿وإنِ امْرَأةٌ﴾؛ أيْ: واحِدَةٌ؛ أوْ عَلى ضَرائِرَ؛ ولَمّا كانَ ظَنُّ المَكْرُوهِ مَخُوفًا؛ قالَ: ﴿خافَتْ﴾؛ أيْ: تَوَقَّعَتْ؛ (p-٤٢٢)وظَنَّتْ بِما يَظْهَرُ لَها مِنَ القَرائِنِ؛ ﴿مِن بَعْلِها نُشُوزًا﴾؛ أيْ: تَرَفُّعًا؛ بِما تَرى مِنَ اسْتِهانَتِهِ لَها بِمَنعِ حُقُوقِها؛ أوْ إساءَةِ صُحْبَتِها؛ ﴿أوْ إعْراضًا﴾؛ عَنْها بِقَلْبِهِ؛ بِألّا تَرى مِن مُحادَثَتِهِ؛ ومُؤانَسَتِهِ؛ ومُجامَعَتِهِ؛ ما كانَتْ تَرى قَبْلَ ذَلِكَ؛ تَخْشى أنْ يَجُرَّ إلى الفِراقِ؛ وإنْ كانَ مُتَكَلِّفًا لِمُلاطَفَتِها؛ بِقَوْلِهِ وفِعْلِهِ؛ ﴿فَلا جُناحَ﴾؛ أيْ: حَرَجَ؛ ومَيْلَ؛ ”عَلَيْهِما أنْ يَصّالَحا“؛ أيْ: يُوقِعَ الزَّوْجانِ؛ ﴿بَيْنَهُما﴾؛ تَصالُحًا؛ ومُصالَحَةً؛ هَذا عَلى قِراءَةِ الجَماعَةِ؛ وعَلى قِراءَةِ الكُوفِيِّينَ بِضَمِّ الياءِ؛ وإسْكانِ الصّادِ؛ وكَسْرِ اللّامِ؛ التَّقْدِيرُ: ”إصْلاحًا“؛ لَكِنَّهُ لَمّا كانَ المَأْمُورُ بِهِ يَحْصُلُ بِأقَلِّ ما يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصُّلْحِ بَنى المَصْدَرَ عَلى غَيْرِ هَذَيْنِ الفِعْلَيْنِ؛ فَقالَ - مُجَرِّدًا لَهُ -: ﴿صُلْحًا﴾؛ بِأنْ تَلِينَ هي بِتَرْكِ بَعْضِ المَهْرِ؛ أوْ بَعْضِ القَسْمِ؛ أوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ وأنْ يَلِينَ لَها هو بِإحْسانِ العِشْرَةِ في مُقابَلَةِ ذَلِكَ.
ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”ولا جُناحَ عَلَيْهِما أنْ يَتَفارَقا عَلى وجْهِ العَدْلِ“؛ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿والصُّلْحُ﴾؛ أيْ: بِتَرْكِ كُلٍّ مِنهُما حَقَّهُ؛ أوْ بَعْضَ حَقِّهِ؛ ﴿خَيْرٌ﴾؛ أيْ: مِنَ المُفارَقَةِ الَّتِي أشارَتْ إلَيْها الجُمْلَةُ المَطْوِيَّةُ؛ لِأنَّ الصُّلْحَ مَبْناهُ الإحْسانُ الكامِلُ بِالرِّضا مِنَ الجانِبَيْنِ؛ والمُفارَقَةَ مَبْناها العَدْلُ الَّذِي يَلْزَمُهُ في الأغْلَبِ غَيْظُ أحَدِهِما؛ وإنْ كانَتْ مُشارِكَةً لِلصُّلْحِ في الخَيْرِ؛ لَكِنَّها مَفْضُولَةٌ؛ وتَخْصِيصُ المُفارَقَةِ بِالطَّيِّ لِأنَّ مَبْنى السُّورَةِ عَلى المُواصَلَةِ. (p-٤٢٣)ولَمّا كانَ مَنشَأُ التَّشاجُرِ المانِعِ مِنَ الصُّلْحِ شَكاسَةً في الطِّباعِ؛ صَوَّرَ - سُبْحانَهُ وتَعالى - ذَلِكَ؛ تَنْفِيرًا عَنْهُ؛ فَقالَ - اعْتِراضًا بَيْنَ هَذِهِ الجُمَلِ؛ لِلْحَثِّ عَلى الجُودِ؛ بانِيًا الفِعْلَ لِلْمَجْهُولِ؛ إشارَةً إلى أنَّ هَذا المُحْضَرَ لا يَرْضى أحَدٌ نِسْبَتَهُ إلَيْهِ -: ﴿وأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ﴾؛ أيْ: النّاظِرَةُ إلى نَفاسَتِها عُجْبًا؛ ﴿الشُّحَّ﴾؛ أيْ: الحِرْصَ؛ وسُوءَ الخُلُقِ؛ وقِلَّةَ الخَيْرِ؛ والنَّكَدَ؛ والبُخْلَ بِالمَوْجُودِ؛ وكُلُّهُ يَرْجِعُ إلى سُوءِ الخُلُقِ؛ والطَّبْعِ الرَّدِيءِ؛ واعْوِجاجِ الفِطْرَةِ الأُولى؛ الَّذِي كَنّى عَنْهُ بِالإحْضارِ المُلازِمِ؛ الَّذِي لا انْفِكاكَ لَهُ؛ إلّا بِجِهادٍ كَبِيرٍ؛ يَنالُهُ بِهِ الأجْرُ الكَثِيرُ.
ولَمّا كانَ هَذا خُلُقًا رَدِيئًا لَمْ يَذْكُرْ فاعِلَهُ؛ والمَعْنى: أحْضَرَها إيّاهُ مُحَضِرٌ؛ فَصارَ مُلازِمًا لَها؛ لا تَنْفَكُّ عَنْهُ إلّا بِتَوْفِيقٍ مِنَ اللَّهِ - سُبْحانَهُ وتَعالى -؛ في قَهْرِها عَلَيْهِ؛ بِتَذْكِيرِ ما عِنْدَهُ - سُبْحانَهُ وتَعالى - مِن حُسْنِ الجَزاءِ؛ ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”فَإنْ شَحَحْتُمْ فَإنَّهُ أعْلَمُ بِما في الشُّحِّ مِن مُوجِباتِ الذَّمِّ“؛ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿وإنْ تُحْسِنُوا﴾؛ أيْ: تُوقِعُوا الإحْسانَ بِالإقامَةِ عَلى نِكاحِكُمْ؛ وما نُدِبْتُمْ إلَيْهِ مِن حُسْنِ العِشْرَةِ؛ وإنْ كُنْتُمْ كارِهِينَ؛ ﴿وتَتَّقُوا﴾؛ أيْ: تُوقِعُوا التَّقْوى؛ بِمُجانَبَةِ كُلِّ ما يُؤْذِي نَوْعَ أذًى؛ إشارَةً إلى أنَّ الشَّحِيحَ لا مُحْسِنٌ؛ ولا مُتَّقٍ؛ ﴿فَإنَّ اللَّهَ﴾؛ أيْ: وهو الجامِعُ لِصِفاتِ الكَمالِ؛ (p-٤٢٤)﴿كانَ﴾؛ أزَلًا وأبَدًا؛ ﴿بِما تَعْمَلُونَ﴾؛ أيْ: في كُلِّ شُحٍّ وإحْسانٍ؛ ﴿خَبِيرًا﴾؛ أيْ: بالِغَ العِلْمِ بِهِ؛ وأنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّهُ أكْرَمُ الأكْرَمِينَ؛ فَهو مُجازِيكم عَلَيْهِ أحْسَنَ جَزاءٍ.
{"ayah":"وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضࣰا فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِمَاۤ أَن یُصۡلِحَا بَیۡنَهُمَا صُلۡحࣰاۚ وَٱلصُّلۡحُ خَیۡرࣱۗ وَأُحۡضِرَتِ ٱلۡأَنفُسُ ٱلشُّحَّۚ وَإِن تُحۡسِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











