الباحث القرآني
(p-٣٥٨)﴿ويَسْتَفْتُونَكَ في النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكم فِيهِنَّ وما يُتْلى عَلَيْكم في الكِتابِ في يَتامى النِّساءِ اللّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وتَرْغَبُونَ أنْ تَنْكِحُوهُنَّ والمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الوِلْدانِ وأنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالقِسْطِ وما تَفْعَلُوا مِن خَيْرٍ فَإنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيمًا﴾ ﴿وإنِ امْرَأةٌ خافَتْ مِن بَعْلِها نُشُوزًا أوْ إعْراضًا فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحًا والصُّلْحُ خَيْرٌ وأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ وإنْ تُحْسِنُوا وتَتَّقُوا فَإنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ ﴿ولَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ ولَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوها كالمُعَلَّقَةِ وإنْ تُصْلِحُوا وتَتَّقُوا فَإنَّ اللَّهَ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١٢٩] ﴿وإنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِن سَعَتِهِ وكانَ اللَّهُ واسِعًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٣٠] ﴿ولِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ ولَقَدْ وصَّيْنا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم وإيّاكم أنِ اتَّقُوا اللَّهَ وإنْ تَكْفُرُوا فَإنَّ لِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ وكانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا﴾ [النساء: ١٣١] ﴿ولِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ وكَفى بِاللَّهِ وكِيلًا﴾ [النساء: ١٣٢] ﴿إنْ يَشَأْ يُذْهِبْكم أيُّها النّاسُ ويَأْتِ بِآخَرِينَ وكانَ اللَّهُ عَلى ذَلِكَ قَدِيرًا﴾ [النساء: ١٣٣] ﴿مَن كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا والآخِرَةِ وكانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: ١٣٤] ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ بِالقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ ولَوْ عَلى أنْفُسِكم أوِ الوالِدَيْنِ والأقْرَبِينَ إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أوْ فَقِيرًا فاللَّهُ أوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الهَوى أنْ تَعْدِلُوا وإنْ تَلْوُوا أوْ تُعْرِضُوا فَإنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: ١٣٥] ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ والكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ والكِتابِ الَّذِي أنْزِلَ مِن قَبْلُ. ومَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ ومَلائِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ واليَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: ١٣٦] ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهم ولا لِيَهْدِيَهم سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٣٧] ﴿بَشِّرِ المُنافِقِينَ بِأنَّ لَهم عَذابًا ألِيمًا﴾ [النساء: ١٣٨] ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الكافِرِينَ أوْلِياءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ أيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ العِزَّةَ فَإنَّ العِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ [النساء: ١٣٩] ﴿وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكم في الكِتابِ أنْ إذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها ويُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهم حَتّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكم إذًا مِثْلُهم إنَّ اللَّهَ جامِعُ المُنافِقِينَ والكافِرِينَ في جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ [النساء: ١٤٠] ﴿الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكم فَإنْ كانَ لَكم فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا ألَمْ نَكُنْ مَعَكم وإنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا ألَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكم ونَمْنَعْكم مِنَ المُؤْمِنِينَ فاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكم يَوْمَ القِيامَةِ ولَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلى المُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٤١] . الشُّحُّ: قالَ ابْنُ فارِسٍ البُخْلُ مَعَ الحِرْصِ. وتَشاحَّ الرَّجُلانِ في الأمْرِ لا يُرِيدانِ أنْ يَفُوتَهُما، وهو بِضَمِّ الشِّينِ وكَسْرِها. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الشُّحُّ الضَّبْطُ عَلى المُعْتَقَداتِ والإرادَةِ؛ فَفي الهِمَمِ والأمْوالِ ونَحْوِ ذَلِكَ مِمّا أفْرَطَ فِيهِ، وفِيهِ بَعْضُ المَذَمَّةِ. وما صارَ إلى حَيِّزِ الحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ، وما تَقْتَضِيهِ المُرُوءَةُ فَهو البُخْلُ، وهو رَذِيلَةٌ. لَكِنَّها قَدْ تَكُونُ في المُؤْمِنِ، ومِنهُ الحَدِيثُ: «قِيلَ يا رَسُولَ اللَّهِ، أيَكُونُ المُؤْمِنُ بَخِيلًا ؟ قالَ نَعَمْ»، وأمّا الشُّحُّ فَفي كُلِّ أحَدٍ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ: ﴿وأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ﴾، ﴿ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾ [الحشر: ٩] لِكُلِّ نَفْسٍ شُحٌّ، وقَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ: «أنْ تَصَدَّقَ وأنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ»، ولَمْ يُرِدْ بِهِ واحِدًا بِعَيْنِهِ، ولَيْسَ يُحْمَدُ أنْ يُقالَ هُنا أنْ تَصَدَّقَ وأنْتَ صَحِيحٌ بَخِيلٌ.
المُعَلَّقَةُ: هي الَّتِي لَيْسَتْ مُطَلَّقَةً، ولا ذاتَ بَعْلٍ. قالَ الرَّجُلُ: هَلْ هي إلّا خُطَّةٌ أوْ تَعْلِيقٌ أوْ صَلَفٌ، أوْ بَيْنَ ذاكَ تَعْلِيقٌ. وفي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ: «زَوْجِي العَشَنَّقُ إنْ أُنْطِقَ أُطَلَّقْ، وإنْ أسْكُتْ أُعَلَّقْ» شَبَّهَتِ المَرْأةَ بِالشَّيْءِ المُعَلَّقِ مِن شَيْءٍ؛ لِأنَّهُ لا عَلى الأرْضِ اسْتَقَرَّ، ولا عَلى ما عُلِّقَ مِنهُ. وفي المَثَلِ: أرْضٌ مِنَ المَرْكَبِ بِالتَّعْلِيقِ.
الخَوْضُ: الِاقْتِحامُ في الشَّيْءِ، تَقُولُ: خُضْتُ الماءَ خَوْضًا وخِياضًا، وخُضْتُ الغَمَراتِ اقْتَحَمْتُها، وخاضَهُ بِالسَّيْفِ حَرَّكَ سَيْفَهُ في المَضْرُوبِ، وتَخاوَضُوا في الحَدِيثِ تَفاوَضُوا فِيهِ والمَخاضَةُ مَوْضِعُ الخَوْضِ. قالَ الشّاعِرُ، وهُ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُبْرُمَةَ:
؎إذا شالَتِ الجَوْزاءُ والنَّجْمُ طالِعٌ فَكُلُّ مَخاضاتِ الفُراتِ مَعابِرُ
والخَوْضَةُ بِفَتْحِ الخاءِ اللُّؤْلُؤَةُ، واخْتاضَ بِمَعْنى خاضَ، وتَخَوَّضَ: تَكَلَّفَ الخَوْضَ. الِاسْتِحْواذُ: الِاسْتِيلاءُ والتَّغَلُّبُ؛ قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ والزَّجّاجُ. ويُقالُ: حاذَ يَحُوذُ حَوْذًا، وأحاذَ بِمَعْنًى مِثْلَ حاذَ وأحاذَ. (p-٣٥٩)وشَذَّتْ هَذِهِ الكَلِمَةُ فَصَحَّتْ عَيْنُها في النَّقّالِ، قاسَ عَلَيْها أبُو زَيْدٍ الأنْصارِيُّ.
﴿ويَسْتَفْتُونَكَ في النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكم فِيهِنَّ﴾ سَبَبُ نُزُولِها: أنَّ قَوْمًا مِنَ الصَّحابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم سَألُوا عَنْ أمْرِ النِّساءِ، وأحْكامِهِنَّ في المَوارِيثِ، وغَيْرِ ذَلِكَ. وأمّا مُناسَبَتُها فَكَذَلِكَ عَلى تَرْبِيعِ العَرَبِ في كَلامِها أنَّها تَكُونُ في أمْرٍ، ثُمَّ تَخْرُجُ مِنهُ إلى شَيْءٍ، ثُمَّ تَعُودُ إلى ما كانَتْ فِيهِ أوَّلًا. وهَكَذا كِتابُ اللَّهِ يُبَيَّنُ فِيهِ أحْكامُ تَكْلِيفِهِ، ثُمَّ يُعْقَبُ بِالوَعْدِ والوَعِيدِ والتَّرْغِيبِ والتَّرْهِيبِ، ثُمَّ يُعْقَبُ ذَلِكَ بِذِكْرِ المُخالِفِينَ المُعانِدِينَ، الَّذِينَ لا يَتَّبِعُونَ تِلْكَ الأحْكامَ، ثُمَّ بِما يَدُلُّ عَلى كِبْرِياءِ اللَّهِ تَعالى وجَلالِهِ، ثُمَّ يُعادُ لِتَبْيِينِ ما تَعَلَّقَ بِتِلْكَ الأحْكامِ السّابِقَةِ. وقَدْ عَرَضَ هُنا في هَذِهِ السُّورَةِ أنْ بَدَأ بِأحْكامِ النِّساءِ والمَوارِيثِ، وذِكْرِ اليَتامى، ثُمَّ ثانِيًا بِذِكْرِ شَيْءٍ مِن ذَلِكَ في هَذِهِ الآيَةِ، ثُمَّ أخِيرًا بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنَ المَوارِيثِ أيْضًا. ولَمّا كانَتِ النِّساءُ مُطَّرِحًا أمْرُهُنَّ عِنْدَ العَرَبِ في المِيراثِ وغَيْرِهِ، وكَذَلِكَ اليَتامى أكَدَّ الحَدِيثَ فِيهِنَّ مِرارًا، لِيَرْجِعُوا عَنْ أحْكامِ الجاهِلِيَّةِ. والِاسْتِفْتاءُ طَلَبَ الإفْتاءِ، وأفْتاهُ إفْتاءً، وفُتْيا وفَتْوى، وأفْتَيْتُ فُلانًا في رُؤْياهُ عَبَرْتُها لَهُ. ومَعْنى الإفْتاءِ إظْهارُ المُشْكِلِ عَلى السّائِلِ. وأصْلُهُ مِنَ الفَتى، وهو الشّابُّ الَّذِي قَوِيَ وكَمُلَ؛ فالمَعْنى: كَأنَّهُ بَيانُ ما أشْكَلَ فَيَثْبُتُ ويَقْوى. والِاسْتِفْتاءُ لَيْسَ في ذَواتِ النِّساءِ؛ وإنَّما هو عَنْ شَيْءٍ مِن أحْكامِهِنَّ ولَمْ يُبَيَّنْ فَهو مُجْمَلٌ. ومَعْنى يُفْتِيكم فِيهِنَّ: يُبَيِّنُ لَكم حالَ ما سَألْتُمْ عَنْهُ وحُكْمَهُ.
* * *
(p-٣٦٠)﴿وما يُتْلى عَلَيْكم في الكِتابِ في يَتامى النِّساءِ اللّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وتَرْغَبُونَ أنْ تَنْكِحُوهُنَّ والمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الوِلْدانِ﴾؛ ذَكَرُوا في مَوْضِعِ (ما) مِنَ الإعْرابِ: الرَّفْعَ والنَّصْبَ والجَرَّ؛ فالرَّفْعُ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلى اسْمِ اللَّهِ؛ أيِ اللَّهُ يُفْتِيكم والمَتْلُوُّ في الكِتابِ في مَعْنى اليَتامى. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿وإنْ خِفْتُمْ أنْ لا تُقْسِطُوا في اليَتامى﴾ [النساء: ٣]، وهو قَوْلُهُ أعْجَبَنِي زَيْدٌ وكَرَمُهُ، انْتَهى. والثّانِي: أنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلى الضَّمِيرِ المُسْتَكِنِّ في يُفْتِيكم، وحَسُنَ الفَصْلُ بَيْنَهُما بِالمَفْعُولِ والجارِّ والمَجْرُورِ. الثّالِثُ: أنْ يَكُونَ ما يُتْلى مُبْتَدَأً، وفي الكِتابِ خَبَرُهُ عَلى أنَّها جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ. والمُرادُ بِالكِتابِ اللَّوْحُ المَحْفُوظُ تَعْظِيمًا لِلْمَتْلُوِّ عَلَيْهِمْ، وأنَّ العَدْلَ والنُّصْفَةَ في حُقُوقِ اليَتامى مِن عَظائِمِ الأُمُورِ المَرْفُوعَةِ الدَّرَجاتِ عِنْدَ اللَّهِ الَّتِي يَجِبُ مُراعاتُها والمُحافَظَةُ عَلَيْها والمُخِلُّ ظالِمٌ مُتَهاوِنٌ بِما عَظَّمَهُ اللَّهُ. ونَحْوُهُ في تَعْظِيمِ القُرْآنِ، ﴿وإنَّهُ في أُمِّ الكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الزخرف: ٤] . وقِيلَ في هَذا الوَجْهِ: الخَبَرُ مَحْذُوفٌ والتَّقْدِيرُ: ﴿وما يُتْلى عَلَيْكم في الكِتابِ في يَتامى النِّساءِ﴾ لَكم أوْ يُفْتِيكم، وحُذِفَ لِدَلالَةِ ما قَبْلَهُ عَلَيْهِ. وعَلى هَذا التَّقْدِيرِ في الكِتابِ بِقَوْلِهِ: ﴿يُتْلى عَلَيْكُمْ﴾، أوْ تَكُونُ في مَوْضِعِ الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ في يُتْلى، و﴿فِي يَتامى﴾ بَدَلٌ مِن ﴿فِي الكِتابِ﴾ . وقالَ أبُو البَقاءِ في الثّانِيَةِ: تَتَعَلَّقُ بِما تَعَلَّقَتْ بِهِ الأُولى؛ لِأنَّ مَعْناها يَخْتَلِفُ؛ فالأُولى ظَرْفٌ والثّانِيَةُ بِمَعْنى الباءِ؛ أيْ بِسَبَبِ اليَتامى، كَما تَقُولُ: جِئْتُكَ في يَوْمِ الجُمْعَةِ في أمْرِ زَيْدٍ. ويَجُوزُ أنْ تَتَعَلَّقَ الثّانِيَةُ بِالكِتابِ؛ أيْ فِيما كَتَبَ بِحُكْمِ اليَتامى. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ الثّانِيَةُ حالًا، فَتَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ. وأمّا النَّصْبُ؛ فَعَلى التَّقْدِيرِ: ويُبَيِّنُ لَكم ما يُتْلى؛ لِأنَّ يُفْتِيكم مَعْناها يُبَيِّنُ فَدَلَّتْ عَلَيْها. وأمّا الجَرُّ فَمِن وجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنْ تَكُونَ الواوُ لِلْقَسَمِ كَأنَّهُ قالَ: وأُقْسِمُ بِما يُتْلى عَلَيْكم في الكِتابِ والقَسَمُ بِمَعْنى التَّعْظِيمِ؛ قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ: والثّانِي: أنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلى الضَّمِيرِ المَجْرُورِ في (فِيهِنَّ)؛ قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ أبِي مُوسى. وقالَ: أفْتاهُمُ اللَّهُ فِيما سَألُوا عَنْهُ، وفي ما لَمْ يَسْألُوا عَنْهُ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ويُضَعِّفُ هَذا التَّأْوِيلَ ما فِيهِ مِنَ العَطْفِ عَلى الضَّمِيرِ المَخْفُوضِ بِغَيْرِ إعادَةِ حَرْفِ الخَفْضِ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَيْسَ بِسَدِيدٍ أنْ يُعْطَفَ عَلى المَجْرُورِ في فِيهِنَّ؛ لِاخْتِلالِهِ مِن حَيْثُ اللَّفْظُ والمَعْنى، انْتَهى.
والَّذِي أخْتارُهُ هَذا الوَجْهُ، وإنْ كانَ مَشْهُورَ مَذْهَبِ جُمْهُورِ البَصْرِيِّينَ (p-٣٦١)أنَّ ذَلِكَ لا يَجُوزُ إلّا في الشِّعْرِ، لَكِنْ قَدْ ذَكَرْتُ دَلائِلَ جَوازِ ذَلِكَ في الكَلامِ. وأمْعَنْتُ في ذِكْرِ الدَّلائِلِ عَلى ذَلِكَ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: (وكُفْرٌ بِهِ)، و(المَسْجِدِ الحَرامِ)، ولَيْسَ مُخْتَلًّا مِن حَيْثُ اللَّفْظُ؛ لِأنّا قَدِ اسْتَدْلَلْنا عَلى جَوازِ ذَلِكَ، ولا مِن حَيْثُ المَعْنى كَما زَعَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ؛ بَلِ المَعْنى عَلَيْهِ، ويَكُونُ عَلى تَقْدِيرِ حَذْفٍ؛ أيْ يُفْتِيكم في مَتْلُوِّهِنَّ، وفِيما يُتْلى عَلَيْكم في الكِتابِ مِن إضافَةِ مَتْلُوٍّ إلى ضَمِيرِهِنَّ سائِغَةٌ؛ إذِ الإضافَةُ تَكُونُ لِأدْنى مُلابَسَةٍ لِما كانَ مَتْلُوًّا فِيهِنَّ صَحَّتِ الإضافَةُ إلَيْهِما. ومِن ذَلِكَ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎إذا كَوْكَبُ الخَرْقاءِ لاحَ بِسَحَرَةٍ
وأمّا قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ: لِاخْتِلالِهِ في اللَّفْظِ والمَعْنى، فَهو قَوْلُ الزَّجّاجِ بِعَيْنِهِ. قالَ الزَّجّاجُ: وهَذا بَعِيدٌ؛ لِأنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلى اللَّفْظِ وإلى المَعْنى؛ أمّا لِلَّفْظِ فَإنَّهُ يَقْتَضِي عَطْفَ المُظْهَرِ عَلى المُضْمَرِ؛ وذَلِكَ غَيْرُ جائِزٍ. كَما لَمْ يَجُزْ قَوْلُهُ: ﴿تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ﴾ [النساء: ١]، وأمّا المَعْنى فَإنَّهُ تَعالى أفْتى في تِلْكَ المَسائِلِ، وتَقْدِيرُ العَطْفِ عَلى الضَّمِيرِ يَقْتَضِي أنَّهُ أفْتى فِيما يُتْلى عَلَيْكم في الكِتابِ. ومَعْلُومٌ أنَّهُ لَيْسَ المُرادُ ذَلِكَ؛ وإنَّما المُرادُ أنَّهُ تَعالى يُفْتِي فِيما سَألُوهُ مِنَ المَسائِلِ، انْتَهى كَلامُهُ. وقَدْ بَيَّنّا صِحَّةَ المَعْنى عَلى تَقْدِيرِ ذَلِكَ المَحْذُوفِ والرَّفْعِ عَلى العَطْفِ عَلى اللَّهِ، أوْ عَلى ضَمِيرٍ يُخْرِجُهُ عَنِ التَّأْسِيسِ. وعَلى الجُمْلَةِ تَخْرُجُ الجُمْلَةَ بِأسْرِها عَنِ التَّأْسِيسِ، وكَذَلِكَ الجَرُّ عَلى القَسَمِ؛ فالنَّصْبُ بِإضْمارِ فِعْلٍ والعَطْفُ عَلى الضَّمِيرِ يَجْعَلُهُ تَأْسِيسًا. وإذا أرادَ الأمْرَيْنِ: التَّأْسِيسَ والتَّأْكِيدَ، كانَ حَمْلُهُ عَلى التَّأْسِيسِ هو الأوْلى، ولا يَذْهَبُ إلى التَّأْكِيدِ إلّا عِنْدَ اتِّضاحِ عَدَمِ التَّأْسِيسِ. وتَقَدَّمَ الكَلامُ في تَعَلُّقِ قَوْلِهِ: ﴿فِي يَتامى النِّساءِ﴾ . وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: بِمَ تَعَلَّقَ قَوْلُهُ: ﴿فِي يَتامى النِّساءِ﴾ ؟ قُلْتُ: في الوَجْهِ الأوَّلِ هو صِلَةُ (يُتْلى)؛ أيْ يُتْلى عَلَيْكم في مَعْناهُنَّ: ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ﴿فِي يَتامى النِّساءِ﴾ بَدَلًا مِن (فِيهِنَّ) . وأمّا في الوَجْهَيْنِ الأخِيرَيْنِ فَبَدَلٌ لا غَيْرُ، انْتَهى كَلامُهُ. ويَعْنِي بِقَوْلِهِ في الوَجْهِ الأوَّلِ: أنْ يَكُونَ وما يُتْلى في مَوْضِعِ رَفْعٍ؛ فَأمّا ما أجازَهُ في هَذا الوَجْهِ مِن أنَّهُ يَكُونُ صِلَةَ يُتْلى؛ فَلا يُتَصَوَّرُ إلّا إنْ كانَ ﴿فِي يَتامى﴾ بَدَلًا مِن ﴿فِي الكِتابِ﴾، أوْ تَكُونُ في لِلسَّبَبِ؛ لِئَلّا يَتَعَلَّقَ حَرْفا جَرٍّ بِمَعْنًى واحِدٍ بِفِعْلٍ واحِدٍ؛ فَهو لا يَجُوزُ إلّا إنْ كانَ عَلى طَرِيقَةِ البَدَلِ أوْ بِالعَطْفِ. وأمّا ما أجازَهُ في هَذا الوَجْهِ أيْضًا مِن أنَّ في يَتامى بَدَلٌ مِن فِيهِنَّ؛ فالظّاهِرُ أنَّهُ لا يَجُوزُ لِلْفَصْلِ بَيْنَ البَدَلِ والمُبْدَلِ مِنهُ بِالعَطْفِ. ونَظِيرُ هَذا التَّرْكِيبِ: زَيْدٌ يُقِيمُ في الدّارِ، وعَمْرٌو في كِسْرٍ مِنها؛ فَفَصَلَتْ بَيْنَ في الدّارِ وبَيْنَ في كِسْرٍ مِنها بِالعَطْفِ والتَّرْكِيبِ المَعْهُودِ: زَيْدٌ يُقِيمُ في الدّارِ في كِسْرٍ مِنها وعَمْرٌو. واتَّفَقَ مَن وقَفْنا عَلى كَلامِهِ في التَّفْسِيرِ عَلى أنَّ هَذِهِ الآيَةَ إشارَةٌ إلى ما مَضى في صَدْرِ هَذِهِ السُّورَةِ، وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤]، وقَوْلُهُ: ﴿وآتُوا اليَتامى أمْوالَهُمْ﴾ [النساء: ٢]، وقَوْلُهُ: (p-٣٦٢)﴿كَبِيرًا وإنْ خِفْتُمْ ألّا تُقْسِطُوا في اليَتامى فانْكِحُوا ما طابَ لَكم مِنَ النِّساءِ﴾ [النساء: ٢] «قالَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ يَعْنِي: ﴿وإنْ خِفْتُمْ أنْ لا تُقْسِطُوا في اليَتامى﴾ [النساء: ٣] أوَّلًا، ثُمَّ سَألَ ناسٌ بَعْدَها رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ أمْرِ النِّساءِ؛ فَنَزَلَتْ: ﴿ويَسْتَفْتُونَكَ في النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكم فِيهِنَّ﴾، وما يُتْلى عَلَيْكم؛» فَعَلى ما قالَهُ المُفَسِّرُونَ، وما نُقِلَ عَنْ عائِشَةَ يَكُونُ يُفْتِيكم، ويُتْلى فِيهِ وُضِعَ المُضارِعُ مَوْضِعَ الماضِي؛ لِأنَّ الإفْتاءَ والتِّلاوَةَ قَدْ سَبَقَتْ. والإضافَةُ في يَتامى النِّساءِ مِن بابِ إضافَةِ الخاصِّ إلى العامِّ؛ لِأنَّ النِّساءَ يَنْقَسِمْنَ إلى يَتامى وغَيْرِ يَتامى. وقالَ الكُوفِيُّونَ: هي مِن إضافَةِ الصِّفَةِ إلى المَوْصُوفِ، وهَذا عِنْدَ البَصْرِيِّينَ لا يَجُوزُ، وذَلِكَ مُقَرَّرٌ في عِلْمِ النَّحْوِ.
وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: الإضافَةُ في يَتامى النِّساءِ ما هي ؟ قُلْتُ: إضافَةٌ بِمَعْنى (مِن) هي إضافَةُ الشَّيْءِ إلى جِنْسِهِ؛ كَقَوْلِكَ: خاتَمُ حَدِيدٍ، وثَوْبُ خَزٍّ، وخاتَمُ فِضَّةٍ. ويَجُوزُ الفَصْلُ، وإتْباعُ الجِنْسِ لِما قَبْلَهُ ونَصْبُهُ وجَرُّهُ بِـ (مِن) والَّذِي يَظْهَرُ في ﴿يَتامى النِّساءِ﴾، وفي سَحْقِ عِمامَةٍ أنَّها إضافَةٌ عَلى مَعْنى اللّامِ، ومَعْنى اللّامِ الِاخْتِصاصُ. وقَرَأ أبُو عَبْدِ اللَّهِ المَدَنِيُّ: (في يَتامى النِّساءِ) بِياءَيْنِ، وأخْرَجَهُ ابْنُ جِنِّيٍّ عَلى أنَّ الأصْلَ أيامى، فَأُبْدِلَ مِنَ الهَمْزَةِ ياءً، كَما قالُوا: باهِلَةُ بْنُ يَعْصُرَ، وإنَّما هو أعْصُرُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
؎أثْناكَ أنَّ أباكَ غَيَّرَ لَوْنَهُ ∗∗∗ كَرُّ اللَّيالِي واخْتِلافُ الأعْصُرِ
وقالُوا في عَكْسِ ذَلِكَ: قَطَعَ اللَّهُ أيْدَهُ يُرِيدُونَ يَدَهُ؛ فَأُبْدِلَ مِنَ الياءِ هَمْزَةً. وأيامى جَمْعُ أيِّمٍ عَلى وزْنِ فَعِيلٍ، وهو مِمّا اخْتَصَّ بِهِ المُعْتَلُّ، وأصْلُهُ: أيايِمُ كَسَيايِدَ جَمْعُ سَيِّدٍ، قُلِبَتِ اللّامُ مَوْضِعَ العَيْنِ فَجاءَ أيامى، فَأُبْدِلَ مِنَ الكَسْرَةِ فَتْحَةً انْقَلَبَتِ الياءُ ألِفًا لِتَحَرُّكِها وانْفِتاحِ ما قَبْلَها. وقالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: ولَوْ قالَ قائِلٌ: كُسِّرَ أيِّمٍ عَلى أيْمى عَلى وزْنِ سَكْرى، ثُمَّ كُسِّرَ أيْمى عَلى أيامى لَكانَ وجَهًا حَسَنًا.
ومَعْنى ما كُتِبَ لَهُنَّ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ وجَماعَةٌ: هو المِيراثُ. وقالَ آخَرُونَ: هو الصَّداقُ، والمُخاطَبُ بِقَوْلِهِ: ﴿لا تُؤْتُونَهُنَّ﴾ أوْلِياءُ المَرْأةِ كانُوا يَأْخُذُونَ صَدَقاتِ النِّساءِ، ولا يُعْطُونَهُنَّ شَيْئًا. وقِيلَ أوْلِياءُ اليَتامى كانُوا يُزَوِّجُونَ اليَتامى اللَّواتِي في حُجُورِهِنَّ، ولا يَعْدِلُونَ في صَدَقاتِهِنَّ. وقُرِئَ: ”ما كَتَبَ اللَّهُ لَهُنَّ“ . وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: ﴿وتَرْغَبُونَ أنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾، هَذا اللَّفْظُ يَحْتَمِلُ الرَّغْبَةَ والنَّفْرَةَ؛ فالمَعْنى في الرَّغْبَةِ في أنْ تَنْكِحُوهُنَّ لِما لَهُنَّ أوْ لِجَمالِهِنَّ والنَّفْرَةِ، وتَرْغَبُونَ عَنْ أنْ تَنْكِحُوهُنَّ لِقُبْحِهِنَّ فَتُمْسِكُوهُنَّ رَغْبَةً في أمْوالِهِنَّ. والأوَّلُ قَوْلُ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها وجَماعَةٍ انْتَهى. وكانَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْخُذُ النّاسَ بِالدَّرَجَةِ الفُضْلى في هَذا المَعْنى؛ فَكانَ إذا سَألَ الوَلِيَّ عَنْ ولِيَّتِهِ؛ فَقِيلَ هي غَنِيَّةٌ جَمِيلَةٌ قالَ لَهُ: اطْلُبْ لَها مَن هو خَيْرٌ مِنكَ، وأعْوَدُ عَلَيْها بِالنَّفْعِ. وإذا قِيلَ هي دَمِيمَةٌ فَقِيرَةٌ قالَ لَهُ: أنْتَ أوْلى بِها وبِالسَّتْرِ عَلَيْها مِن غَيْرِكَ. و﴿المُسْتَضْعَفِينَ﴾ [النساء: ٩٨] مَعْطُوفٌ عَلى ﴿يَتامى النِّساءِ﴾ والَّذِي تُلِيَ فِيهِمْ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ في أوْلادِكُمْ﴾ [النساء: ١١] الآيَةَ؛ وذَلِكَ أنَّ العَرَبَ كانَتْ لا تُوَرِّثُ الصَّبِيَّةَ، ولا الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ، وكانَ الكَبِيرُ يَنْفَرِدُ بِالمالِ، وكانُوا يَقُولُونَ: إنَّما يَرِثُ مَن يَحْمِي الحَوْزَةَ، ويَرُدُّ الغَنِيمَةَ، ويُقاتِلُ عَنِ الحَرِيمِ، فَفَرَضَ اللَّهُ تَعالى لِكُلِّ واحِدٍ حَقَّهُ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ خِطابًا لِلْأوْصِياءِ؛ كَقَوْلِهِ: ﴿ولا تَتَبَدَّلُوا الخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ [النساء: ٢]، وقِيلَ المُسْتَضْعَفِينَ هُنا العَبِيدُ والإماءُ.
﴿وأنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالقِسْطِ﴾ هو في مَوْضِعِ جَرٍّ عَطْفًا عَلى ما قَبْلَهُ أيْ وفي أنْ تَقُومُوا. والَّذِي تُلِيَ في هَذا المَعْنى قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا تَأْكُلُوا أمْوالَهم إلى أمْوالِكُمْ﴾ [النساء: ٢] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِمّا ذُكِرَ في مالِ اليَتِيمِ. والقِسْطُ: العَدْلُ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَنصُوبًا؛ بِمَعْنى ويَأْمُرُكم، أنْ تَقُومُوا. وهو خِطابٌ لِلْأئِمَّةِ في أنْ يَنْظُرُوا لَهم، ويَسْتَوْفُوا لَهم حُقُوقَهم، ولا يُخَلُّوا أحَدًا يَهْتَضِمُهم، انْتَهى. وفي رَيِّ الظَّمْآنِ: ويُحْتَمَلُ أنْ يُرْفَعَ، وأنْ تَقُومُوا بِالِابْتِداءِ، وخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ؛ أيْ خَيْرٌ (p-٣٦٣)لَكم، انْتَهى. وإذا أمْكَنَ حَمْلُهُ عَلى غَيْرِ حَذْفٍ؛ بِكَوْنِهِ قَدْ عُطِفَ عَلى مَجْرُورٍ، كانَ أوْلى مِن إضْمارِ ناصِبٍ؛ كَما ذَهَبَ إلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ. ومِن كَوْنِهِ مُبْتَدَأً قَدْ حُذِفَ خَبَرُهُ.
﴿وما تَفْعَلُوا مِن خَيْرٍ فَإنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيمًا﴾ لَمّا تَقَدَّمَ ذِكْرُ النِّساءِ، ويَتامى النِّساءِ والمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الوِلْدانِ والقِيامِ بِالقِسْطِ؛ عَقَّبَ ذَلِكَ بِأنَّهُ تَعالى يَعْلَمُ ما يَفْعَلُ مِنَ الخَيْرِ بِسَبَبِ مَن ذَكَرَ، فَيُجازِي عَلَيْهِ بِالثَّوابِ الجَزِيلِ. واقْتَصَرَ عَلى ذِكْرِ فِعْلِ الخَيْرِ؛ لِأنَّهُ هو الَّذِي رَغَّبَ فِيهِ، وإنْ كانَ تَعالى يَعْلَمُ ما يَفْعَلُ مِن خَيْرٍ ومِن شَرٍّ، ويُجازِي عَلى ذَلِكَ بِثَوابِهِ، وعِقابِهِ.
﴿وإنِ امْرَأةٌ خافَتْ مِن بَعْلِها نُشُوزًا أوْ إعْراضًا فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحًا﴾ نَزَلَتْ بِسَبَبِ ابْنِ بِعَكَكَ وامْرَأتِهِ؛ قالَهُ مُجاهِدٌ. وبِسَبَبِ رافِعِ بْنِ خُدَيْجٍ، وامْرَأتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وكانَتْ قَدْ أسَنَّتْ فَتَزَوَّجَ عَلَيْها شابَّةً فَآثَرَها؛ فَلَمْ تَصْبِرْ خَوْلَةُ فَطَلَّقَها ثُمَّ راجَعَها، وقالَ: إنَّما هي واحِدَةٌ؛ فَإمّا أنْ تَقْوَيْ عَلى الأثَرَةِ وإلّا طَلَّقْتُكِ فَفَرَّتْ؛ قالَهُ عُبَيْدَةُ وسُلَيْمانُ بْنُ يَسارٍ وابْنُ المُسَيَّبِ. أوْ بِسَبَبِ النَّبِيِّ ﷺ وسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ خَشِيَتْ طَلاقَها فَقالَتْ: لا تُطَلِّقْنِي، واحْبِسْنِي مَعَ نِسائِكَ، ولا تَقْسِمْ لِي؛ فَفَعَلَ؛ فَنَزَلَتْ؛ قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ وجَماعَةٌ.
والخَوْفُ هُنا عَلى بابِهِ؛ لَكِنَّهُ لا يَحْصُلُ إلّا بِظُهُورِ أماراتٍ ما تَدُلُّ عَلى وُقُوعِ الخَوْفِ. وقِيلَ مَعْنى خافَتْ عَلِمَتْ. وقِيلَ ظَنَّتْ. ولا يَنْبَغِي أنْ يَخْرُجَ عَنِ الظّاهِرِ؛ إذِ المَعْنى مَعَهُ يَصِحُّ. والنُّشُوزُ: أنْ يُجافِيَ عَنْها بِأنْ يَمْنَعَها نَفْسَهُ ونَفَقَتَهُ والمَوَدَّةَ الَّتِي بَيْنَهُما، وأنَّ يُؤْذِيَها بِسَبَبٍ أوْ ضَرْبٍ. والإعْراضُ: أنْ يُقِلَّ مُحادَثَتَها، ومُآنَسَتَها لِطَعْنٍ في سِنٍّ أوْ دَمامَةٍ، أوْ شَيْنٍ في خُلُقٍ أوْ خَلْقٍ، أوْ مَلالٍ، أوْ طُمُوحِ عَيْنٍ إلى أُخْرى، أوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وهو أخَفُّ النُّشُوزِ. فَرَفَعَ الجُناحَ بَيْنَهُما في الصُّلْحِ بِجَمِيعِ أنْواعٍ مِن بَذْلٍ مِنَ الزَّوْجِ لَها عَلى أنْ تَصْبِرَ، أوْ بَذْلٍ مِنها لَهُ عَلى أنْ يُؤْثِرَها، وعَنْ أنْ يُؤْثِرَ، وتَتَمَسَّكُ بِالعِصْمَةِ، أوْ عَلى صَبْرٍ عَلى الأثَرَةِ ونَحْوِ ذَلِكَ؛ فَهَذا كُلُّهُ مُباحٌ. ورَتَّبَ رَفْعَ الجُناحِ عَلى تَوَقُّعِ الخَوْفِ، وظُهُورِ أماراتِ النُّشُوزِ والإعْراضِ؛ وهو مَعَ وُقُوعِ تِلْكَ وتَحَقُّقِها أوْلى؛ لِأنَّهُ إذا أُبِيحَ الصُّلْحُ مَعَ خَوْفِ ذَلِكَ؛ فَهو مَعَ الوُقُوعِ أوْكَدُ؛ إذْ في الصُّلْحِ بَقاءُ الأُلْفَةِ والمَوَدَّةِ. ومِن أنْواعِ الصُّلْحِ أنْ تَهَبَ يَوْمَها لِغَيْرِها مِن نِسائِهِ كَما فَعَلَتْ سَوْدَةُ، وأنْ تَرْضى بِالقَسْمِ لَها في مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ مَرَّةً، أوْ تَهَبَ لَهُ المَهْرَ أوْ بَعْضَهُ أوِ النَّفَقَةَ؛ والحَقُّ الَّذِي لِلْمَرْأةِ عَلى الزَّوْجِ هو المَهْرُ والنَّفَقَةُ؛ والقَسَمُ هو عَلى إسْقاطِ ذَلِكَ أوْ شَيْءٍ مِنهُ عَلى أنْ لا يُطَلِّقَها، وذَلِكَ جائِزٌ.
وقَرَأ الكُوفِيُّونَ: (يُصْلِحا) مِن أصْلَحَ عَلى وزْنِ أكْرَمَ. وقَرَأ باقِي السَّبْعَةِ: يَصّالَحا، وأصْلُهُ يَتَصالَحا، وأُدْغِمَتِ التّاءُ في الصّادِ. وقَرَأ عَبِيدَةُ السَّلْمانِيُّ: يُصالِحا مِنَ المُفاعَلَةِ. وقَرَأ الأعْمَشُ: إنِ اصّالَحا، وهي قِراءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ جُعِلَ ماضِيًا. وأصْلُهُ تَصالَحَ عَلى وزْنِ تَفاعَلَ، فَأدْغَمَ التّاءَ في الصّادِ، واجْتُلِبَتْ هَمْزَةُ الوَصْلِ والصُّلْحُ لَيْسَ مَصْدَرَ الشَّيْءِ مِن هَذِهِ الأفْعالِ الَّتِي قُرِئَتْ؛ فَإنْ كانَ اسْمًا لِما يُصْلَحُ بِهِ كالعَطاءِ والكَرامَةِ مَعَ أعْطَيْتُ، وأكْرَمْتُ، فَيُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ انْتِصابُهُ عَلى إسْقاطِ حَرْفِ الجَرِّ؛ أيْ يُصْلَحُ أيْ بِشَيْءٍ يَصْطَلِحانِ عَلَيْهِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لِهَذِهِ الأفْعالِ عَلى حَذْفِ الزَّوائِدِ.
﴿والصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ ظاهِرُهُ أنَّ خَيْرًا أفْعَلُ التَّفْضِيلِ، وأنَّ المُفَضَّلَ عَلَيْهِ هو مِنَ النُّشُوزِ والإعْراضِ، فَحُذِفَ لِدَلالَةِ ما قَبْلَهُ عَلَيْهِ. وقِيلَ مِنَ الفُرْقَةُ. وقِيلَ مِنَ الخُصُومَةِ، وتَكُونُ الألِفُ واللّامُ في الصُّلْحِ لِلْعَهْدِ، ويَعْنِي بِهِ صُلْحًا السّابِقَ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كَما أرْسَلْنا إلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا﴾ [المزمل: ١٥] ﴿فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ [المزمل: ١٦] . وقِيلَ الصُّلْحُ عامٌّ. وقِيلَ الصُّلْحُ الحَقِيقِيُّ الَّذِي تَسْكُنُ إلَيْهِ النُّفُوسُ، ويَزُولُ بِهِ الخِلافُ، ويَنْدَرِجُ تَحْتَهُ صُلْحُ الزَّوْجَيْنِ، ويَكُونُ المَعْنى: خَيْرٌ مِنَ الفُرْقَةِ والِاخْتِلافِ. وقِيلَ خَيْرٌ هُنا لَيْسَ أفْعَلَ تَفْضِيلٍ، وإنَّما مَعْناهُ خَيْرٌ مِنَ الخُيُورِ، كَما أنَّ الخُصُومَةَ شَرٌّ مِنَ الشُّرُورِ.
﴿وأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ﴾ هَذا مِن بابِ المُبالَغَةِ جُعِلَ الشُّحُّ كَأنَّهُ شَيْءٌ مُعَدٌّ في مَكانٍ. وأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ، (p-٣٦٤)وسِيقَتْ إلَيْهِ، ولَمْ يَأْتِ، وأُحْضِرَ الشُّحُّ الأنْفُسَ فَيَكُونُ مَسُوقًا إلى الأنْفُسِ، بَلِ الأنْفُسُ سِيقَتْ إلَيْهِ؛ لِكَوْنِ الشُّحِّ مَجْبُولًا عَلَيْهِ الإنْسانُ، ومَرْكُوزًا في طَبِيعَتِهِ، وخَصَّ المُفَسِّرُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ هُنا؛ فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ جُبَيْرٍ: هو شُحُّ المَرْأةِ بِنَصِيبِها مِن زَوْجِها، ومالِها. وقالَ الحَسَنُ، وابْنُ زَيْدٍ: هو شُحُّ كُلِّ واحِدٍ مِنهُما بِحَقِّهِ. وقالَ الماتُرِيدِيُّ: ويُحْتَمَلُ أنْ يُرادَ بِالشُّحِّ الحِرْصُ، وهو أنْ يَحْرِصَ كُلٌّ عَلى حَقِّهِ يُقالُ: هو شَحِيحٌ بِمَوَدَّتِكَ؛ أيْ حَرِيصٌ عَلى بَقائِها، ولا يُقالُ في هَذا بَخِيلٌ، فَكَأنَّ الشُّحَّ والحِرْصَ واحِدٌ في المَعْنى؛ وإنْ كانَ في أصْلِ الوَضْعِ الشُّحُّ لِلْمَنعِ والحِرْصُ لِلْمَطْلَبِ؛ فَأُطْلِقَ عَلى الحِرْصِ الشُّحُّ؛ لِأنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنهُما سَبَبٌ لِكَوْنِ الآخَرِ، ولِأنَّ البُخْلَ يُحْمَلُ عَلى الحِرْصِ، والحِرْصُ يُحْمَلُ عَلى البُخْلِ، انْتَهى.
وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ في قَوْلِهِ: ﴿والصُّلْحُ خَيْرٌ﴾، وهَذِهِ الجُمْلَةُ اعْتِراضٌ، وكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ﴾ . ومَعْنى إحْضارِ الأنْفُسِ الشُّحَّ: أنَّ الشُّحَّ جُعِلَ حاضِرًا لَها لا يَغِيبُ عَنْها أبَدًا، ولا تَنْفَكُّ عَنْهُ؛ يَعْنِي: أنَّها مَطْبُوعَةٌ عَلَيْهِ. والغَرَضُ أنَّ المَرْأةَ لا تَكادُ تَسْمَحُ بِأنْ يُقْسَمَ لَها، أوْ يُمْسِكَها إذا رَغِبَ عَنْها، وأحَبَّ غَيْرَها، انْتَهى. قَوْلُهُ ﴿والصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ جُمْلَةٌ اعْتِراضِيَّةٌ، وكَذَلِكَ، ﴿وأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ﴾ هو بِاعْتِبارِ أنَّ قَوْلَهُ: ﴿وإنْ يَتَفَرَّقا﴾ [النساء: ١٣٠] مَعْطُوفٌ عَلى قَوْلِهِ: ﴿فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أنْ يُصْلِحا﴾، وقَوْلُهُ: ومَعْنى إحْضارِ الأنْفُسِ الشُّحَّ أنَّ الشُّحَّ جُعِلَ حاضِرًا لا يَغِيبُ عَنْها أبَدًا؛ جَعَلَهُ مِن بابِ القَلْبِ، ولَيْسَ بِجَيِّدٍ؛ بَلِ التَّرْكِيبُ القُرْآنِيُّ يَقْتَضِي أنَّ الأنْفُسَ جُعِلَتْ حاضِرَةً لِلشُّحِّ لا تَغِيبُ عَنْهُ؛ لِأنَّ الأنْفَسَ هو المَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهي الَّتِي كانَتْ فاعِلَةً قَبْلَ دُخُولِ هَمْزَةِ النَّقْلِ، إذِ الأصْلُ: حَضَرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ؛ عَلى أنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ الجُمْهُورِ في هَذا البابِ إقامَةُ المَفْعُولِ الثّانِي مَقامَ الفاعِلِ عَلى تَفْصِيلٍ في ذَلِكَ؛ وإنْ كانَ الأجْوَدُ عِنْدَهم إقامَةَ الأوَّلِ. فَيُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ الأنْفَسُ هي المَفْعُولَ الثّانِيَ والشُّحُّ هو المَفْعُولَ الأوَّلَ، وقامَ الثّانِي مَقامَ الفاعِلِ. والأوْلى حَمْلُ القُرْآنِ عَلى الأفْصَحِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ. وقَرَأ العَدَوِيُّ: (الشِّحُّ) بِكَسْرِ الشِّينِ، وهي لُغَةٌ.
﴿وإنْ تُحْسِنُوا وتَتَّقُوا فَإنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ نَدَبَ تَعالى إلى الإحْسانِ في العِشْرَةِ عَلى النِّساءِ؛ وإنْ كَرِهْنَ مُراعاةً لِحَقِّ الصُّحْبَةِ، وأمَرَ بِالتَّقْوى في حالِهِنَّ؛ لِأنَّ الزَّوْجَ قَدْ تَحْمِلُهُ الكَراهَةُ لِلزَّوْجَةِ عَلى أذِيَّتِها، وخُصُومَتِها لا سِيَّما، وقَدْ ظَهَرَتْ مِنهُ أماراتُ الكَراهَةِ مِنَ النُّشُوزِ والإعْراضِ. وقَدْ وصّى النَّبِيُّ ﷺ بِهِنَّ؛ «فَإنَّهُنَّ عَوانٍ عِنْدَ الأزْواجِ» . وقالَ الماتُرِيدِيُّ: وإنْ تُحْسِنُوا في أنْ تُعْطُوهُنَّ أكْثَرَ مِن حَقِّهِنَّ، وتَتَّقُوا في أنْ لا تَنْقُصُوا مِن حَقِّهِنَّ شَيْئًا. أوْ أنْ تُحْسِنُوا في إيفاءِ حَقِّهِنَّ والتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُنَّ، وتَتَّقُوا الجَوْرَ والمَيْلَ، وتَفْضِيلَ بَعْضٍ عَلى بَعْضٍ. أوْ أنْ تُحْسِنُوا في اتِّباعِ ما أمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ مِن طاعَتِهِنَّ، وتَتَّقُوا ما نَهاكم عَنْهُ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، انْتَهى. وخَتَمَ آخَرَ هَذِهِ بِصِفَةِ الخَبِيرِ، وهو عِلْمُ ما يَلْطُفُ إدْراكُهُ ويَدِقُّ؛ لِأنَّهُ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِن خَفايا الأُمُورِ ما لا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلّا اللَّهُ تَعالى، ولا يَظْهَرُ أنَّ ذَلِكَ لِكُلِّ أحَدٍ. وكانَ عِمْرانُ بْنُ حِطّانَ الخارِجِيُّ مِن آدَمِ النّاسِ، وامْرَأتُهُ مِن أجْمَلِهِنَّ؛ فَأجالَتْ في وجْهِهِ نَظَرَها ثُمَّ تابَعَتِ الحَمْدَ لِلَّهِ، فَقالَ: ما لَكِ ؟ قالَتْ: حَمِدْتُ اللَّهَ عَلى أنِّي وإيّاكَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ قالَ: كَيْفَ ؟ قالَتْ: لِأنَّكَ رُزِقْتَ مِثْلِي فَشَكَرْتَ، ورُزِقْتُ مِثْلَكَ فَصَبَرْتُ، وقَدْ وعَدَ اللَّهُ الجَنَّةَ الشّاكِرِينَ والصّابِرِينَ.
{"ayahs_start":127,"ayahs":["وَیَسۡتَفۡتُونَكَ فِی ٱلنِّسَاۤءِۖ قُلِ ٱللَّهُ یُفۡتِیكُمۡ فِیهِنَّ وَمَا یُتۡلَىٰ عَلَیۡكُمۡ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ فِی یَتَـٰمَى ٱلنِّسَاۤءِ ٱلَّـٰتِی لَا تُؤۡتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرۡغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِینَ مِنَ ٱلۡوِلۡدَ ٰنِ وَأَن تَقُومُوا۟ لِلۡیَتَـٰمَىٰ بِٱلۡقِسۡطِۚ وَمَا تَفۡعَلُوا۟ مِنۡ خَیۡرࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِۦ عَلِیمࣰا","وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضࣰا فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِمَاۤ أَن یُصۡلِحَا بَیۡنَهُمَا صُلۡحࣰاۚ وَٱلصُّلۡحُ خَیۡرࣱۗ وَأُحۡضِرَتِ ٱلۡأَنفُسُ ٱلشُّحَّۚ وَإِن تُحۡسِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣰا"],"ayah":"وَإِنِ ٱمۡرَأَةٌ خَافَتۡ مِنۢ بَعۡلِهَا نُشُوزًا أَوۡ إِعۡرَاضࣰا فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِمَاۤ أَن یُصۡلِحَا بَیۡنَهُمَا صُلۡحࣰاۚ وَٱلصُّلۡحُ خَیۡرࣱۗ وَأُحۡضِرَتِ ٱلۡأَنفُسُ ٱلشُّحَّۚ وَإِن تُحۡسِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق