الباحث القرآني
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر﴾ فالخمر: كل شراب مُسكر، وسمى الْمُسكر: خمرًا؛ لِأَنَّهُ يخَامر الْعقل ويستره.
وأصل الْخمر: السّتْر والتغطية. وَمِنْه الْخمار؛ لِأَنَّهُ يستر الرَّأْس. وَيُقَال: دخل فلَان فِي خمار النَّاس، أَي تستر فيهم.
وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: الْخمر مَا خامر الْعقل. وَهُوَ حجَّة أَصْحَاب الحَدِيث على أَن كل مُسكر خمر، وَمِنْه يُقَال للسكران من أَي شراب: كَانَ مخمورا.
وَالْميسر: الْقمَار. وَقَالَ ابْن مَسْعُود: دعوا الكعاب فَإِنَّهُ من الميسر.
وَقَالَ ابْن سِيرِين: كل مَا يعلب بِهِ فَهُوَ ميسر، حَتَّى الْجَوْز الَّذِي يلْعَب بِهِ الصّبيان. ثمَّ اخْتلفُوا فِي تَحْرِيم الْخمر أَنه بِأَيّ آيَة كَانَ؟ .
قَالَ بَعضهم: هُوَ بِهَذِهِ الْآيَة، فَإِنَّهُ قَالَ: (قل فيهمَا إِثْم كَبِير) " وَلَفظ الْإِثْم " يدل على التَّحْرِيم؛ فَإِنَّهُ حرم الْخمر بِلَفْظ الْإِثْم فِي آيَة أُخْرَى، حَيْثُ قَالَ: ﴿قل إِنَّمَا حرم رَبِّي الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وَالْإِثْم﴾ وَأَرَادَ بِهِ: الْخمر. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(شربت الْإِثْم حَتَّى ضل عَقْلِي ... كَذَاك الْإِثْم يذهب بالعقول)
وَقَالَ ابْن عَبَّاس، وَأكْثر الْمُفَسّرين: إِن تَحْرِيم الْخمر بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة. بِأَنَّهُ لما نزلت هَذِه الْآيَة: ﴿قل فيهمَا إِثْم كَبِير﴾ فَانْتهى بَعضهم، وَلم ينْتَه الْبَعْض. فَنزل قَوْله: ﴿لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾ فَكَانُوا يتحينون للشُّرْب حَتَّى كَانَ الرجل يشرب بعد الْعشَاء الْأَخِيرَة فَيُصْبِح وَقد زَالَ السكر، ثمَّ يشرب بعد صَلَاة الصُّبْح فيصحو إِذا جَاءَ وَقت الظّهْر، فَنزلت آيَة الْمَائِدَة. قَالَ ابْن عمر: حرمت الْخمر بِآيَة الْمِائَة، وروى هُوَ عَن رَسُول الله أَنه قَالَ: " تَحْرِيم الْخمر بِآيَة الْمَائِدَة ".
وَعَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه لما سمع قَوْله: ﴿فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ﴾ قَالَ: انتهينا رَبنَا.
﴿قل فيهمَا إِثْم كَبِير﴾ قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ: بالثاء وَقَرَأَ الْبَاقُونَ كَبِير بِالْبَاء، فالكبير: بِمَعْنى الْعَظِيم، وَالْكثير: لِكَثْرَة عدد الآثام فِي الْخمر الَّتِي ذكرهَا فِي آيَة الْمَائِدَة ﴿إِنَّمَا يُرِيد الشَّيْطَان أَن يُوقع بَيْنكُم الْعَدَاوَة والبغضاء﴾ الْآيَة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَمَنَافع للنَّاس﴾ فالإثم فِي الْخمر: هُوَ مَا يَقع فِيهِ من الْعَدَاوَة والبغضاء والصد عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة.
وَأما الْمَنَافِع فِي الْخمر: اللَّذَّة، والفرح، واستمراء الطَّعَام، وَالرِّبْح فِي التِّجَارَة فِيهِ.
وَقد قَالَ حسان بن ثَابت: فِي الْخمر ونفعها:
(ونشربها فتتركنا أسودا ... ولبوثا مَا ينهنهنا اللِّقَاء)
وَقَالَ آخر:
(وَإِذا سكرت فإنني ... رب (الخورنق) والسدير)
(وَإِذا صحوت فإنني ... رب الشويهة وَالْبَعِير)
وَأما الْمَنَافِع للنَّاس فِي الميسر: فَهُوَ إِصَابَة المَال فِيهِ من غير كد وتعب.
وَالْإِثْم فِيهِ: أَنه إِذا ذهب مَاله من غير عوض يَأْخُذهُ يسوءه ذَلِك؛ فيعادى صَاحبه، ويقصده بالسوء.
وَقَوله ﴿وإثمهما أكبر من نفعهما﴾ قيل: مَعْنَاهُ: إثمهما بعد التَّحْرِيم أكبر من نفعهما قبل التَّحْرِيم.
وَقيل: إثمهما أكبر من نفعهما قبل التَّحْرِيم، يَعْنِي: الْإِثْم الَّذِي يصير الْخمر سَببا فِيهِ من الْعَدَاوَة والعربدة أكبر من نفعهما.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ويسألونك مَاذَا يُنْفقُونَ قل الْعَفو﴾ قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَحده بِضَم الْوَاو، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا، فَمن قَرَأَ بِالضَّمِّ؛ فتقديره مَا الَّذِي يُنْفقُونَ، فَقَالَ: قل الَّذِي يُنْفقُونَ الْعَفو؛ وَمن قَرَأَ بِالْفَتْح فتقديره: مَاذَا يُنْفقُونَ؟ فَقَالَ: قل: يُنْفقُونَ الْعَفو. وَاخْتلفُوا فِي معنى الْعَفو، فَقَالَ طَاوس: هُوَ الْيَسِير من كل شَيْء، وَقَالَ أَكثر الْمُفَسّرين: الْعَفو: الْفضل، وَذَلِكَ أَن الصَّدَقَة إِنَّمَا تجب فِي الْفَاضِل عَن الْحَاجة، وَكَانَت الصَّحَابَة يكتسبون المَال، ويمسكون قدر النَّفَقَة، وَيَتَصَدَّقُونَ بِالْفَضْلِ، بِحكم هَذِه الْآيَة، ثمَّ نسخ ذَلِك بِآيَة الزَّكَاة.
وَقيل مَعْنَاهُ: [التَّصَدُّق] عَن ظهر الْغنى؛ وَذَلِكَ أَن يتَصَدَّق وَهُوَ غَنِي، وَلَا يتَصَدَّق وَهُوَ فَقير. فَيبقى كلا على النَّاس. وَهُوَ معنى قَوْله: " أفضل الصَّدَقَة مَا كَانَ عَن ظهر غنى ".
وَحَقِيقَة الْعَفو: الميسور. وَمِنْه قَوْله: ﴿خُذ الْعَفو﴾ أَي: مَا تيَسّر من أَخْلَاق الرِّجَال.
{كَذَلِك يبين الله لكم الْآيَات لَعَلَّكُمْ تتفكرون
{"ayah":"۞ یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَیۡسِرِۖ قُلۡ فِیهِمَاۤ إِثۡمࣱ كَبِیرࣱ وَمَنَـٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثۡمُهُمَاۤ أَكۡبَرُ مِن نَّفۡعِهِمَاۗ وَیَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَا یُنفِقُونَۖ قُلِ ٱلۡعَفۡوَۗ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق