الباحث القرآني
قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إثْمٌ كَبِيرٌ ومَنافِعُ لِلنّاسِ وإثْمُهُما أكْبَرُ مِن نَفْعِهِما ويَسْأَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ العَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: ٢١٩].
وهذا مِن أسئلةِ الصحابةِ للنبيِّ ﷺ، وهي نحوُ ثلاثةَ عشَرَ سؤالًا، وهذا المذكورُ في القرآنِ، والأسئلةُ كثيرةٌ، والسُّنَّةُ مليئةٌ بذلِك.
وأخرَجَ الدارِمِيُّ، وأبو يَعْلى، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عبّاسٍ، قال: «ما رأيتُ قومًا كانوا خيرًا مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، ما سَأَلُوهُ إلاَّ عن ثلاثَ عَشْرةَ مسألةً حتّى قُبِضَ، كُلُّهُنَّ في القرآنِ»[[أخرجه الدارمي في «سننه» (١٢٧).]].
وكان النبيُّ ﷺ يَنْهى عن كثرةِ السؤالِ، خشيةَ أن يَنزِلَ تحريمٌ، فيَشُقَّ ذلك على الناسِ، ولذا كانوا يُحِبُّون أنْ يأتِيَ الرجلُ مِن الأعرابِ أو مِن الغُرَباءِ، فيسألوا النبيَّ عن شيءٍ مِن الدِّينِ فيستفيدوا، ويأمَنوا مِن الحرَجِ الذي لا يُرِيدُهُ النبيُّ ﷺ عليهم، رحمةً بهم وشَفَقةً بالمؤمنينَ مِن بعدِهم، واليومَ وبعدَ انقطاعِ الوحيِ أصبحَ رفعُ الجهلِ بالسؤالِ مؤكَّدًا.
والسؤالُ هنا عَنِ الخمرِ والمَيْسِرِ، ويَحتمِلُ أنّ السؤالَ عنهُما جميعًا مرَّةً واحدةً، ويَحتَمِلُ تفرُّقَ السؤالِ عنهما، واجتماعَ الجوابِ، للمصلحةِ في ذلك.
اقترانُ الخمرِ بالميسِرِ:
وذلك أنّ الخمرَ والمَيْسِرَ مِن الأمورِ التي تَمَسُّ حياتَهُما كلَّ يومٍ غالبًا، وربَّما كانا متلازِمَيْنِ، فمَن شَرِبَ الخمرَ، فهو مِن أهلِ المَيْسِرِ، ومَن تعامَلَ بالمَيْسِرِ، فهو مِن أهلِ الخمرِ، واجتماعُ بيانِ الحُكمَيْنِ الشرعيَّيْنِ المتلازِمَيْنِ وقوعًا ولو غالبًا: واجبٌ، ولذا تلازَمَ الكلامُ عنهما هنا، وتَلازَمَ في الآيةِ الأُخرى المبيِّنةِ لقَطْعِيَّةِ التحريمِ: ﴿إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ والأَنْصابُ والأَزْلامُ رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ فاجْتَنِبُوهُ﴾ [المائدة: ٩٠].
والتلازُمُ بينهما ظاهرٌ وباطنٌ، فالظاهرُ مِن جهةِ العَمَلِ، فمَن بُلِيَ بالخمرِ يُبلى بالقمارِ غالبًا، وفي الباطنِ فكِلاهُما مِن المُوبِقاتِ الموجِبةِ للفِسْقِ وضَعْفِ الإيمانِ ضعفًا شديدًا، فمَن ترَكَ الميسِرَ ظاهرًا، وهو يشرَبُ الخمرَ، فهو يترُكُ المَيسِرَ بلا تسليمٍ باطنٍ غالبًا، بل مع حبٍّ وشهوةٍ له، وكذلك مَن تعامَلَ بالميسِرِ، وترَكَ الخمرَ ظاهرًا، فهو يترُكُهُ بلا تسليمٍ باطنٍ غالبًا، بل مع حبٍّ وشهوةٍ له، فجاءتِ الشريعةُ بإصلاحِ الظاهرِ والباطنِ جميعًا، بالنهيِ عنِ العمَلَيْنِ المتلازِمَيْنِ.
وقد أنزَلَ اللهُ في تلازُمِ الإثمَيْنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ قولَهُ تعالى: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ [المائدة: ٩٣].
روى ابنُ جريرٍ، عن عليِّ بنِ أبي طَلْحةَ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، ما نَقولُ لإخوانِنا الذين مَضَوْا؟ كانوا يَشرَبونَ الخمرَ، ويأكُلُونَ المَيسِرَ؟! فأنزَلَ اللهُ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا﴾ [المائدة: ٩٣] [[«تفسير الطبري» (٨/٦٦٨).]].
وهما مِمّا عمَّتْ بهِما البَلْوى، فاحتاجا إلى التدرُّجِ بالتنفيرِ منهما، والعمَلُ الذي تعُمُّ به البلوى يشُقُّ على الناسِ الإقلاعُ عنه مرَّةً واحدةً، فجاء الحُكْمُ مبيِّنًا غلَبَةَ شَرِّهِ على خيرِه.
ولمّا كان المَيسِرُ والخمرُ يتَلبَّسُ بهما العامَّةُ والخاصَّةُ، جاء تحريمُهما على سبيلِ التدرُّجِ، حتّى لا يَنفِرَ ضعيفُ الإيمانِ مِن تحريمِهما.
وكانت عملًا مشهورًا في أسواقِهم، تشرَّبَتْهُ قلوبُهم حتّى بلَغَ أنّهم يتَقامَرُونَ على أموالِهم وأولادِهم وأهلِيهم! فقد روى ابنُ جريرٍ، عن عليٍّ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، قال: المَيسِرُ: القِمارُ، كان الرَّجُلُ في الجاهليَّةِ يُخاطِرُ على أهلِهِ ومالِهِ، فأيُّهما قَمَرَ صاحِبَهُ، ذهَبَ بأهلِهِ ومالِه[[«تفسير الطبري» (٣/٦٧٤).]].
وكثيرًا ما يُقامِرونَ مع حضورِ الخَمْرِ، قال سَبْرَةُ بنُ عمرٍو الفَقْعَسيُّ:
نُحابِي بها أكْفاءَنا ونُهِينُها
ونَشْرَبُ فِي أثْمانِها ونُقامِرُ
والخَمْرُ أكثرُ شيوعًا ـ في الأغنياءِ والفقراءِ ـ في الجاهليَّةِ، وهِي مِن غايةِ اللَّذّاتِ عِندَهم، قال طَرَفَةُ بنُ العبدِ:
ولَوْلا ثَلاثٌ هُنَّ مِن عِيشَةِ الفَتى
وجَدِّكَ لم أحْفِلْ مَتى قامَ عُوَّدِي
فَمِنهُنَّ سَبْقِي العاذِلاتِ بِشَرْبَةٍ
كُمَيْتٍ مَتى ما تَعْلُ بِالماءِ تُزْبِدِ
التدرُّجُ بتحريمِ الخمرِ والميسِرِ:
وقَد كان التدرُّجُ بتحريمِ الخمرِ والمَيْسِرِ، حتّى يخرُجَ قويُّ الإيمانِ منها بالتلميحِ ويتجنَّبَها، فيكثُرَ سَوادُ التارِكِينَ لها، لأنّ قويَّ الإيمانِ يترُكُ المتشابِهاتِ ورَعًا، وضعيفَ الإيمانِ يقَعُ فيها ولا يُبالي، ثمَّ يَقِلَّ العامِلُ بها فيَنزِلَ عليهِمُ النصُّ، فيَستثقِلُوا البقاءَ على الفِعْلِ المحرَّمِ، ولا يَجِدوا من يأنَسُونَ به مِن الثِّقاتِ على البقاءِ عليها، فيَرَوْهُمْ قد سبَقُوهُم بالتَّرْكِ، فإنْ لم يترُكُوها إيمانًا، ترَكُوها حياءً ومسايَرةً، والتروكُ في الإسلامِ يهتمُّ الشارعُ بتركِها ولو بلا نِيَّةٍ، بخلافِ الأفعالِ.
وفي الآيةِ: أنّه عند اشتِهارِ الشرِّ، وتلبُّسِ الناسِ به: تُذكَرُ الموازَنةُ فيما عَظُمَ شَرُّهُ على خيرِه، وتقريرُ ذلك ولو كانَ قطعيَّ التحريمِ في الشريعةِ، لأنّ النّاسَ لا تُوغِلُ في عمَلٍ محرَّمٍ إلاَّ وهي ترى نفْعَهُ في دنياها غالبًا، فذِكْرُ الموازَنةِ إقرارٌ بصِحَّةِ عقولِهم مع قِصَرِ نظَرِهم، فإلغاءُ النفعِ الذي يرَوْنَهُ إلغاءً تامًّا يَحمِلُهم على ازدراءِ المخالِفِ واتِّهامِه بالمكابَرةِ والمعانَدةِ المَحضةِ، فالإقرارُ بما يُؤمِنونَ بِنَفْعِهِ وصِحَّةِ ذلك: أدْعى لقَبُولِ الحقِّ وتمييزِه، لأنّ أخطرَ وجوهِ الصدِّ عن الحقِّ جَحْدُ سلامةِ عقلِ المخالِفِ بالجملةِ وإنكارُه، فيحضُرُ العِنادُ والمكابَرةُ، وتَغِيبُ الحُجَّةُ فلا تُرى صحيحةً.
فاللهُ بيَّنَ صِحَّةَ ما يرَوْنَهُ مِن منافِعَ في الخمرِ والمَيسِرِ، وسلامةَ ذلك النَّظَرِ، ولكنْ بَيَّنَ ما غاب عنهم مِن مَفاسدِهما الغالبةِ، وهذا إيناسٌ للنفوسِ أنْ تُقبِلَ ولا تُعانِدَ وتُكابِرَ.
وهذه الموازَنةُ في الأمرِ المحرَّمِ الذي تثبُتُ مَنافِعُه، لا في المحرَّمِ الذي مَنافِعُهُ متوهَّمةٌ فتُصنَعُ له مَنافعُ تأليفًا وتقريبًا، فهذا غِشٌّ وتدليسٌ وظُلْمٌ، ولا كذلك في المحرَّمِ غيرِ المستقِرِّ في الناسِ ولا الراسخِ فيهم، فتبيينُ مَنافِعِهِ لهم تَرغيبٌ لهم في البقاءِ وإيناسٌ لهم على باطلِهم، وهذه الأحوالُ تقَعُ بحسَبِ ميزانِ العالِمِ لها، وتَختلِفُ بحسَبِ نوعِ المحرَّمِ وزمَنِهِ وبلَدِهِ.
والخمرُ مأخوذٌ مِن التخميرِ، وهو التغطيةُ، فكلُّ ما خامَرَ العقلَ وغيَّبَهُ، فهو خَمْرٌ، وتخميرُ الإناءِ: تغطيتُهُ، وخِمارُ المرأةِ: ما ستَرَها، وكلُّ مشروبٍ أو مطعومٍ أو مُستنشَقٍ يغيِّبُ العقلَ: داخِلٌ في معنى الخَمْرِ.
إقامةُ الحدِّ على آكلِ المخدِّرات:
واختلَفَ الفقهاءُ في المخدِّراتِ والحَشيشةِ، هل يُقامُ على متناوِلِها حَدُّ شاربِ الخَمْرِ أم لا؟! على أقوالٍ ثلاثةٍ:
قـيـلَ: بِأخذِها حُكْمَ الخمرِ في الحدِّ.
وقـيلَ: لا تأخُذُ حُكمَه.
وقِيل: تأخُذُ حُكْمَهُ، ويُزادُ على ذلك تعزيرًا، للإضرارِ بالنفسِ، فإنّ الخمرَ يغيِّبُ العقلَ ولا يُتلِفُهُ، وأمّا المخدِّراتُ والحشيشةُ، فغالِبُها يغيِّبُ العقلَ ويُتلِفُهُ، فهو كمَن شَرِبَ خمرًا وتَناوَلَ سُمًّا، يُجلَدُ حدَّ السُّكْرِ، ويعزَّرُ على تناوُلِ السُّمِّ.
والنصوصُ جاءتْ عامَّةً في إشراكِ كُلِّ مُسْكِرٍ في الحدِّ، ولم يقيَّدْ بنوعٍ دونَ نوعٍ، ولا بصفةِ تناوُلٍ معيَّنةٍ، فالمشروبُ والمأكولُ والمستنشَقُ في ذلك سواءٌ، فقد جاءَ في «الصحيحَيْنِ» عن عائشةَ رضي الله عنها، عن النبيِّ ﷺ أنه قال: (كُلُّ شَرابٍ أسْكَرَ، فَهُوَ حَرامٌ) [[أخرجه البخاري (٢٤٢) (١/٥٨)، ومسلم (٢٠٠١) (٣/١٥٨٥).]].
وفي «الصحيحَيْنِ»، عنْ أبي مُوسى، عنِ النبيِّ ﷺ، أنّه سُئِلَ فقيل له: عِنْدَنا شَرابٌ مِنَ العَسَلِ يُقالُ لَهُ: البِتْعُ، وشَرابٌ مِنَ الذُّرَةِ يُقالُ لَهُ: المِزْرُ؟ قالَ: فقال: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ) [[أخرجه البخاري (٤٣٤٣) (٥/١٦١)، ومسلم (١٧٣٣) (٣/١٥٨٦).]].
والشريعةُ وإنْ غلَبَ إطلاقُها السُّكْرَ على المشروبِ، فلأنّ عُرْفَ الناسِ في الجاهِليَّةِ على هذا، والشريعةُ تنزِّلُ ألفاظَ اللُّغَةِ العامَّةَ على عُرْفِ الناسِ، ولا يَعني هذا تقييدًا للحُكْمِ على الصُّورَةِ التي يعرِفُها الناسُ، بل يشترِكُ مَعَها ما في حُكْمِها، إلاَّ العباداتِ، فهي مقيَّدةٌ بما وصَفَهُ الشارِعُ.
معنى القِمارِ والميسِرِ:
وأمّا المَيْسِرُ: فهو على وزنِ «مَفْعِلٍ»، بكسرِ العَيْنِ، وهو ضِدُّ العُسْرِ، وقولُهُمْ: «يَسَرَ لي هذا الأمْرُ»، يَعْنِي: وجَبَ لِي حَقًّا، والياسِرُ: الواجِبُ، ولذا يسمّى مَن يَتعامَلُ بالقِمارِ: ياسِرًا ويَسَرًا.
والقِمارُ والمَيْسِرُ: هو المراهَنةُ على غَرَرٍ مَحْضٍ.
والقِمارُ: هو المَيسِرُ، قاله ابنُ عُمَرَ، ومجاهِدٌ، وعطاءٌ، وطاوسٌ، والحَسَنُ، وقَتادةُ، والسُّدِّيُّ، والضَّحّاكُ، روى ابنُ جريرٍ، عن ابنِ أبِي نَجِيحٍ، عن مجاهِدٍ في قَولِهِ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ﴾، قال: «القِمارُ».
وعن لَيْثٍ، عن مجاهِدٍ، قال: «كُلُّ القِمارِ مِن المَيْسِرِ، حَتّى لَعِبُ الصِّبْيانِ بالجَوْزِ».
وعن أبِي الأَحْوَصِ، عن عبدِ اللهِ، أنّه قالَ: «إيّاكُمْ وهَذِهِ الكِعابَ التي تَزْجُرونَ بها زَجْرًا، فإنّها مِن المَيْسِرِ».
أخرَجَهُ ابنُ جريرٍ[[«تفسير الطبري» (٣/٦٧١).]].
والمرادُ بالزَّجْرِ: هو الضَّرْبُ مِنَ التوقُّعِ والخَرْصِ.
والمحرَّماتُ في المعامَلاتِ على نوعَيْنِ: رِبًا، ومَيْسِرٌ:
والرِّبا: أكْلُ مالِ الناسِ بالباطِلِ، مع العِلْمِ بمَن يأخُذُ المالَ، ومِقْدارِ أخذِهِ، ووَقْتِ أخذِهِ.
وعِلَّةُ تحريمِ الرِّبا: أنّه أخْذُ المالِ بِلا حَقٍّ، وفيه استغلالُ ضَعْفِ الفقيرِ وحاجةِ المحتاجِ، فهو لم يأخُذْهُ مختارًا، وإنّما مضطَرًّا.
وفي المنعِ مِن الرِّبا: وأْدٌ لِشَرَهِ الأغنياءِ، وكَسْرٌ لطغيانِ الكُبَراءِ، ومنعٌ لزيادةِ فقرِ الفقيرِ لِيَزدادَ غِنى الغنيِّ.
وأمّا المَيْسِرُ، فهو: أكلُ أموالِ الناسِ بالباطلِ، للجَهالةِ فيه، فلا يُعرَفُ آخِذُ المالِ، وربَّما لا يُعرَفُ عينُ المالِ ومِقْدارُهُ.
الفرقُ بينَ الربا والميسِرِ:
ويَختلِفُ الميسِرُ عنِ الرِّبا: أنّ الرِّبا معلومُ المقدارِ وآخِذِ المالِ، ولكنَّه أُخِذَ بلا حقٍّ، وأمّا المَيسِرُ فلا يُعرَفُ آخِذُ المالِ، وقد لا يُعرَفُ مِقدارُهُ، ويُؤخَذُ بلا حقٍّ.
والغالِبُ في الميسرِ: أنّ المتعامِلَ يفعلُهُ مختارًا بلا حاجةٍ، ويكونُ بين الأغنياءِ غالبًا، وأمّا الرِّبا: فيكونُ بين غنيٍّ وفقيرٍ أو محتاجٍ، ولذا عَظُمَ أمرُهُ مِن هذا الوجهِ.
الرضا بالرِّبا والميسِرِ:
ولا أثَرَ للتراضِي بين الأطرافِ في ثبوتِ الحُكْمِ وعدَمِه، لأنّ الرِّبا لم يَرْضَهُ المحتاجُ إلاَّ لحاجَتِهِ، فهو يَرضى ظاهرًا لا باطنًا، ليَقضِيَ حاجتَهُ، وكذلك المتعامِلونَ بالمَيْسِرِ، لا أثَرَ لرِضاهُم في ثبوتِ مَفاسدِه، فهم يَرضَوْنَ ابتداءً، ويتنازعونَ عندَ غلَبةِ أحَدِهم، وإنْ لم يُوجَدِ النِّزاعُ والاعتراضُ ظاهرًا، فهو موجودٌ باطنًا، فتقَعُ العداوةُ، فالشريعةُ جاءَتْ بمُعالَجةِ الظواهرِ والبواطنِ وتطهيرِها.
ثمَّ إنّ المالَ الذي يُؤخَذُ بالمغالَبةِ الذِّهنيَّةِ بينَ طرفَيْنِ ـ أو البدَنيَّةِ، أو بالحظِّ والجَهالةِ ـ يحصُلُ فيه منافَسةٌ وترقُّبٌ للفوزِ، فالنفسُ الخاسرةُ تحزَنُ وتتألَّمُ، وتُبغِضُ وتَكرَهُ، فتحسُدُ وتَحقِدُ، بخلافِ المالِ الذي يُؤخَذُ بلا مغالَبةٍ كالهَدِيَّةِ، فالإنسانُ يُعطيها أحَدًا، ولا يترقَّبُ شيئًا، ولا تتشوَّفُ نفسُهُ إلاَّ إلى المودَّةِ، ولهذا جاز للإنسانِ أن يُهدِيَ ألفَ دينارٍ، ولا يجوزُ أن يُقامِرَ على دِرْهَمٍ.
ويعلِّلُ العلماءُ التحريمَ: بعَدَمِ وجودِ عَيْنِ عِوَضٍ ومُعامَلةٍ ومستحِقٍّ للمالِ، وهذه جَهالةٌ، وهذا تعليلٌ صحيحٌ، لأنّ وجودَ هذه الجهالةِ هو سببُ وجودِ المغالَبةِ النفسيَّةِ، وتُوجِدُ البغضاءَ في النفوسِ، لأنّ النفسَ ترى أنّها أوْلى مِن غيرِها، بِخلافِه في البيعِ فيتفرَّقُ المتبايِعانِ، وكلٌّ فَرِحٌ بما لدَيْهِ، البائِعُ فَرِحٌ بما باع، والمشتري فَرِحٌ بما اشتَرى، لأنّ البيعَ لا جَهالةَ فيه تُوجِدُ المغالَبةَ، وهناك حقٌّ متبادَلٌ يُطفِئُ نارَ الغَبْنِ والحِقْدِ.
ويعظُمُ المَيسِرُ بعِظَمِ المالِ المأخوذِ، لأنّه بعِظَمِهِ تعظُمُ البغضاءُ والعَداوةُ، وكذلك بِعِظَمِ المأخوذِ رِبًا يعظُمُ الرِّبا، لعِظَمِ الضَّرَرِ الواقعِ على الفقيرِ والمحتاجِ.
ويدخُلُ في حُكْمِ المَيْسِرِ وفي معناهُ: كلُّ جَهالةٍ في البيوعِ، كالمنابَذةِ والمزابَنةِ والملامَسةِ وبَيْعِ الحَصاةِ، ولكنَّ الميسِرَ غلَبَ مصطلَحًا على صورةٍ من أنواعِ الجَهالةِ.
والقِمارُ لا تقيَّدُ صورتُهُ بعمَلٍ أو آلةٍ معيَّنةٍ، فلا يَنْزِلُ القِمارُ إلاَّ عليها، فهو نازِلٌ على القولِ والعملِ، صغيرًا أو جليلًا، فعن ابنِ سِيرينَ، قال: «كلُّ لَعِبٍ فيه قِمارٌ مِن شُرْبٍ أو صِياحٍ أو قيامٍ، فهو مِنَ الميسِرِ»[[«تفسير الطبري» (٣/٦٧٢).]].
فما كان مِن رميِ القِداحِ أو الجَوْزِ أو الحَصى أو المكعَّباتِ أو الألعابِ الإلكترونيَّةِ الحديثةِ أو الورَقيَّةِ، فهي داخِلةٌ في ذلك.
والميسِرُ والقِمارُ يَتَّفِقُ في صورتِهِ، ولكنَّه يختلِفُ في آلتِهِ مِن زمَنٍ إلى زمنٍ، ومِن بلدٍ إلى بلدٍ، فتختلِفُ الآلةُ بحسَبِ البُلْدانِ، فمِنهم مَن يستعمِلُ المكعَّباتِ، ومنهُمُ الشِّطْرَنْجَ، ومِنهمُ الحَصى، ومِنهمُ السِّهامَ، ومِنهم آلاتٍ إلكترونيَّةً أو أوراقًا حديثةً.
وأشدُّه تحريمًا: ما يضمَنُ الرِّبْحَ فيه واحدٌ بعَيْنِه، ويَخسَرُ الباقونَ، فهذا جمَعَ لَعْنَ الرِّبا وشِدَّةَ المَيْسِرِ، وهو أن يَقُومَ أحدٌ بجَمْعِ الأموالِ مِن الناسِ ليُعطِيَ واحدًا منهم بعضَها، وهو بنَفْسِهِ واحدٌ منهم، فيأخُذُ مِن المالِ حقَّ جمعِهِ ورعايتِه، ويُعطِي واحدًا مِنهم بالقُرْعةِ جُزءًا منها، فهو رابحٌ في كلِّ حالٍ، وهذا ما تفعَلُه الشَّرِكاتُ والمؤسَّساتُ.
والشريعةُ إنّما حَرَّمَتِ المَيسِرَ، لأنّه أخذٌ للمالِ بصورةٍ باطلةٍ ولو رَضِيَها الإنسانُ، لِما تتضمَّنُهُ مِن أخذِ المالِ بلا حقٍّ ومعاوَضةٍ، والمالُ محتَرَمٌ، فكما حَرَّمَ اللهُ إتلافَهُ وحَرْقَه، فقد ضبَطَ اللهُ التعامُلَ فيه، فلا يُؤخَذُ إلاَّ بمبادَلةٍ شرعيَّةٍ، أو عن طِيبِ نفسِه بهِبَةٍ أو عطيَّةٍ أو صَدَقةٍ.
وقولُه تعالى: ﴿وإثْمُهُما أكْبَرُ مِن نَفْعِهِما﴾.
النَّفْعُ: ما يَجِدونَهُ في الخمرِ والميسِرِ مِن تجارةٍ ورِبْحٍ، وتسليةٍ وإهدارِ وقتٍ.
نفعُ الخمرِ والميسِرِ وإثمهما:
واستَعمَلَ في الآيةِ قولَهُ: «النَّفْعَ» في بيانِ الخيرِ فيهما، و«الإثمَ» في بيانِ الشرِّ، وما يُقابِلُ النَّفْعَ هو الضرُّ، لأنّ النَّفْعَ عاجِلٌ، ولا يَلزَمُ مِن الانتفاعِ الإثابةُ عليه في الآخِرةِ، وأمّا الإثمُ: فيَلزَمُ منه الشرُّ في الدُّنيا، والعقابُ في الآخِرةِ.
ويَظهَرُ في هذا: التخويفُ، وأنّ النَّفْعَ إنّما هو عاجِلٌ زائِلٌ، والشرَّ غالبٌ، والإثمَ باقٍ، واستعمالُ الترهيبِ والوعظِ والتخويفِ مِن العاقبةِ يُحْيي الإيمانَ ويُوقِظُه، واستعمالُ الموازينِ الماديَّةِ لإحقاقِ الحقِّ وتبيينِ المحرَّمِ وإثباتِهِ، والاقتصارُ على ذلك: خطأٌ، فهو يعلِّقُ القلبَ والعقلَ ألاَّ يُؤمِنَ إلاَّ بما تثبُتُ عِلَّتُه، وينفِّرُ مِن الأحكامِ التي يحرِّمُها الشرعُ عندَ غيابِ عِلَّةِ التحريمِ، ولا تُترَكُ الموازنةُ العقليَّةُ، ولكنْ لا يجوزُ تغليبُها على وجوبِ التسليمِ بالحُكْمِ الإلهيِّ.
وربطُ الناسِ بالتسليمِ ليس تعطيلًا للعقلِ، بل تعظيمًا للخالقِ وسَعَةِ عِلْمِه، فإنّ الإنسانَ إذا رجَعَ كلَّ شيءٍ إلى نَفْسِهِ، تَكبَّرَ، وإذا رجَعَهُ إلى غيرِهِ، عَلِمَ ما لم يَعلَمْ، فهذا في البشَرِ، والفارِقُ بين البشرِ في العِلْمِ والحِكْمةِ محدودٌ، والفارقُ في العلمِ والحِكْمةِ بين الإنسانِ وربِّه ليس له حَدٌّ، وتسليمُ الإنسانِ بحُكْمِ رَبِّهِ قوةُ إيمانٍ، وأَثْبَتُ على التمسُّكِ بالحقِّ، فإنّ العقولَ تتمسَّكُ بما ترى نفعَهُ، فإذا زالَ النفعُ، انتكَسَتْ عنه، وأمّا مَن سلَّم للهِ، فما عندَ اللهِ ثابتٌ لا يزولُ، روى ابنُ جريرٍ، عن عليِّ بنِ أبي طَلْحةَ، عنِ ابنِ عَباسٍ، قولَهُ: ﴿وإثْمُهُما أكْبَرُ مِن نَفْعِهِما﴾، يقولُ: «ما يَذهَبُ مِنَ الدِّينِ، والإثمُ فيه: أكبَرُ مِمّا يُصِيبُونَ في فَرَحِها إذا شَرِبُوها»[[«تفسير الطبري» (٣/٦٨٠)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٢/٣٩٢).]].
وهذه الآيةُ تمهيدٌ لما أتى بعدَها مِن التحريمِ، حيثُ أنزَلَ اللهُ قولَهُ تعالى: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ والأَنْصابُ والأَزْلامُ رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ فاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: ٩٠]، وذلك لبيانِ التحريمِ ووضوحِه، وقَطْعِ الرَّيْبِ والشكِّ الواقعِ في النفوسِ مِن حُكْمِ الخمرِ والميسِرِ.
وأكثرُ المفسِّرينَ: على أنّ آيةَ البابِ لم يثبُتْ بها تحريمُ الخمرِ قطعًا، وإنّما إلماحًا، وروى ابنُ جريرٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، قالَ: «لمّا نزَلَتْ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إثْمٌ كَبِيرٌ ومَنافِعُ لِلنّاسِ﴾، فكَرِهَها قومٌ، لقولِه: ﴿فِيهِما إثْمٌ كَبِيرٌ﴾، وشَرِبها قومٌ، لقولِه: ﴿ومَنافِعُ لِلنّاسِ﴾، حتّى نزَلَتْ: ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأَنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣]، قال: فكانُوا يَدَعُونها في حِينِ الصلاةِ، ويَشرَبونَها في غيرِ حينِ الصلاةِ، حتّى نزلَتْ: ﴿إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ والأَنْصابُ والأَزْلامُ رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ فاجْتَنِبُوهُ﴾ [المائدة: ٩٠]، فقال عمرُ: ضَيْعَةً لَكِ! اليومَ قُرِنْتِ بالميسِرِ!»[[«تفسير الطبري» (٣/٦٨١).]]
والخمرُ ممّا وقَعَ الخلافُ في تحريمِ الشرائعِ السابِقةِ لها، والكتُبُ السابقةُ فيها ما يُشِيرُ إلى هذا وهذا، واللهُ أعلَمُ.
وقولُه: ﴿ويَسْأَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ العَفْوَ﴾.
المرادُ بالعفوِ: ما زادَ وفضَلَ عن حاجةِ النَّفْسِ والزَّوْجةِ والوَلَدِ، روى مِقسَمٌ، عن ابنِ عبّاسٍ، قال: «العفوُ: ما فضَلَ عن أهلِك».
وقال بهذا عطاءٌ وقتادةُ وغيرُهما[[«تفسير ابن أبي حاتم» (٢/٣٩٣).]].
التوسُّطُ في النفقةِ:
وفيه: الحَثُّ على التوسُّطِ في النَّفَقةِ، وعدَمِ السَّرَفِ، والسَّرَفُ بالنفقةِ: أنْ يُنفِقَ الإنسانُ نفقةً تَضُرُّ مَن تجبُ عليه كِفايَتُهم، كوالِدَيْهِ وأولادِه وزَوْجِه، فهو يقدِّمُ مستحَبًّا على واجبٍ.
وأمّا تقديمُ أبي بكرٍ لمالِهِ كلِّه ولم يُبْقِ لهم إلاَّ اللهَ ورسولَهُ، فذلك أنّ النبيَّ ﷺ استَنْفَقَ الناسَ، وهو في حُكْمِ النَّفِيرِ، ثمَّ إنّ أبا بكرٍ لم يجرِّدْ أهلَهُ مِن المالِ الذي يقومُونَ به مِن مَلْبَسِهم ومَرْكَبِهم ومَسْكَنِهم القائِمِينَ عليه، فهو لم يَبِعْ بيتًا ولا بِساطًا ولا مَرْكَبًا، وإنّما أنفَقَ مالَهُ ممّا زاد عن ذلك مِن نَقْدٍ وعَيْنٍ.
وفي الحثِّ على النفقةِ بفضلِ المالِ: إشارةٌ إلى النهيِ عنِ الخمرِ والميسرِ بلا تصريحٍ، فاللهُ نَهى عنِ الإنفاقِ للهِ بإسرافٍ مع كونِهِ قُرْبةً، فكيف بما يفعَلُهُ الناسُ مِن إهدارِ المالِ لغيرِ اللهِ؟!
وفي ذلك: أنّ اللهَ لمّا حَرَّمَ عليهِم إهدارَ المالِ في الخمرِ والميسِرِ، أرشَدَهُم إلى إنفاقِه، وذلك أنّ بعضَ النفوسِ تميلُ إلى الميسِرِ، لفَضْلِ مالٍ عِنْدَهُ وزيادةٍ فيه، فالنفقةُ في ذلك خيرٌ وأَبْقى مِن الميسِرِ.
وفيه امتحانٌ للنفوسِ، فما تُنْفِقُهُ في حرامٍ بحُجَّةِ رضا النفسِ وطِيبِها به، فما تفعلُ فيما يجبُ عليها ويُستحَبُّ؟! هل تَطِيبُ النفسُ به وتَدْفَعُهُ فيه كذلك، أم تَشُحُّ وتُمسِكُ؟!
وفي ذلك: إشارةٌ إلى أنّ المالَ إذا صُرِفَ في حرامٍ، تعطَّلَتْ مصالِحُ النفقةِ الواجبةِ والمستحَبَّةِ فيه.
وقيلَ: المرادُ بالعفوِ: أفضلُ المالِ وأطيَبُهُ، قاله الربيعُ وقتادةُ[[«تفسير الطبري» (٣/٦٨٩)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٢/٣٩٣).]].
وقولُه: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾.
وفي الآيةِ: إشارةٌ إلى أنّ إعمالَ الفِكْرِ والعَقْلِ لا يَنتَهِي بالإنسانِ إلاَّ إلى مرادِ اللهِ، وإنّما العَيْبُ في قصورِ الفِكْرِ وضَعْفِ النَّظَرِ.
واللهُ يبيِّنُ للناسِ الغاياتِ، ويختصِرُ لهم توضيحَ النهاياتِ، ليَصِلُوا بعقولِهِم إليها بأدنى تأمُّلٍ، وأقربِ تفكُّرٍ.
وإنّما ذكَرَ اللهُ ﴿الدُّنْيا والآخِرَةِ﴾ كما في الآيةِ التالية [البقرة: ٢٢٠]، لأنّ التفكُّرَ فيهما والتوازُنَ بينهما هو طريقُ الوصولِ إلى النتائجِ الحَقَّةِ، فالتفكُّرُ في المادِّيّاتِ ـ وهي الدُّنيا ـ مجرَّدًا عن أمرِ الآخِرةِ: يُورِثُ جَهالةً في الدِّينِ، والتفكُّرُ في أمرِ الآخِرةِ وتعطيلُ التفكُّرِ في منافعِ الدُّنيا: يُورِثُ تعطيلًا للدُّنيا.
وأكثرُ الخَلَلِ في نتائجِ تفكُّرِ العقولِ: أنّها تضعُفُ في تأمُّلِ الحقيقةِ، إمّا في الدُّنيا أوِ الآخِرةِ، فتضطَرِبُ نتائجُها، فمَن لا يُؤمِنُ بجَدْوى حُكْمِ اللهِ، فهو تفكَّرَ فيما يَراهُ مِن دُنْياهُ، لا فيما يراهُ مِن عاقبتِهِ ممّا غاب عنه في الدُّنيا والآخِرةِ.
{"ayah":"۞ یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَیۡسِرِۖ قُلۡ فِیهِمَاۤ إِثۡمࣱ كَبِیرࣱ وَمَنَـٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثۡمُهُمَاۤ أَكۡبَرُ مِن نَّفۡعِهِمَاۗ وَیَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَا یُنفِقُونَۖ قُلِ ٱلۡعَفۡوَۗ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق