الباحث القرآني
ثم قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة ٦٧] انتبه للنداء وللوصف الذي وُجِّه إليه النداء: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ﴾، قدَّمنا كثيرًا أن تصدير الخطاب بالنداء يدل على الاهتمام به والعناية به، وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ﴾ وصفه بالرسالة إشارةً إلى أن هذا الوصف مقتضاه وإن لم يؤمَر بالإبلاغ أن يكون مبلِّغًا لأنه رسول.
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ﴾ ويعني به محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعلى هذا فتكون (أل) للعهد الذهني، أمَّا في قوله: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ [المزمل ١٥، ١٦] فـ(أل) للعهد الذِّكْري.
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ﴾ يعني محمدًا ﷺ.
﴿بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ ﴿بَلِّغْ﴾ أي: اجعله بالغًا؛ بمعنى أن تؤدِّيه إلى من أُرسِلْتَ إليه، وهو صلى عليه وسلم أُرسِلَ إلى الجِنِّ والإنسِ منذ بُعِثَ إلى يوم القيامة، وعلى هذا فيكون تبليغه إمَّا مباشرًا كالذين رأوه وسمعوا منه، وإمَّا بواسطة من خَلَفه في أمَّته عِلمًا ودعوةً، وهم العلماء؛ فالرسول بلَّغ البلاغَ المبينَ، عليه الصلاة والسلام.
﴿بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ ﴿مَا﴾ اسمٌ موصولٌ، واسم الموصول يفيد العموم؛ أي: جميع ما أُنزِل إليه.
وقوله: ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾ إشارةٌ إلى أن كونه مربوبًا لله عز وجل يستلزم أن يُبَلِّغ، ثم أيضًا فيه شيءٌ آخر وهو أن ربوبية الله عز وجل لرسوله عليه الصلاة والسلام ربوبية خاصة.
﴿بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ ما الذي أُنزِل إليه؟ القرآن، كما قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾، وتبليغ الرسول عليه الصلاة والسلام يشمل تبليغ اللفظ وتبليغ المعنى، ولذلك تجد بعض الآيات يفسرها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا كانت مجملة أو غامضة؛ فهو يفسرها بقوله ويفسرها بفعله عليه الصلاة والسلام.
﴿بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾، ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ هذا كلام شديد؛ ﴿إِنْ لَمْ تَفْعَلْ﴾ أي: تبلِّغْ كل ما أُنزِل إليك ﴿فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ حتى فيما بلَّغته مما كتمته فإنه لا يكون بلاغًا؛ لأن جحد بعض ما أُنزِل كجحد الكل؛ الإيمان لا يتبعض، ما يمكن تؤمن بشيء وتنكر شيئًا، ولهذا قال: ﴿إِنْ لَمْ تَفْعَلْ﴾ أيش تفعل؟ تُبلِّغ ما أُنزِل، كلَّ ما أُنزِل ﴿فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ حتى فيما بلَّغْتَ لم تُبلِّغ؛ لأنه لا بد أن تُبلِّغ أيش؟ جميعَ ما أُنزِل، ولهذا بلَّغَ عليه الصلاة والسلام كلَّ ما أُنزِل إليه حتى فيما كان فيه لَوْمٌ عليه عليه الصلاة والسلام؛ قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ [الأحزاب ٣٧] هذه فيها لومٌ عظيمٌ، هذه لو قيلت لواحدٍ منا لطار من الغضب، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لا بد أن يبلِّغ كلَّ ما أُنزِل إليه حتى فيما كان فيه اللوم عليه، ولهذا قالت عائشة: «لو كان محمدٌ كاتمًا شيئًا مما أنزل الله عليه لكتم هذه الآية:» ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ [[أخرجه مسلم (١٧٧ / ٢٨٨) من حديث عائشة.]].
يقول: ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ أي: رسالة ربك، وأضاف الرسالة إليه سبحانه لأنه المرسِل، وقد تُضاف الرسالة إلى الرسول فيقال: هذه رسالة محمد؛ لأنه مُبَلِّغها، فتُضاف إلى الله باعتباره المرسِل وإلى الرسول باعتباره المبلِّغ.
﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ يعني: إن كنتَ قد تُخفي شيئًا خوفًا من الناس فلا تَخَفْ؛ فإن الله يعصمك من الناس؛ أي: يمنعك من الناس أن يضرُّوك بشيء، وهذا هو الذي حصل والحمد لله، وإلا فما أكثر الذين يريدون قتله عليه الصلاة والسلام؛ أوَّلَ ما قدم المدينة كان يخاف؛ تقول عائشة: «في ليلةٍ من الليالي لم يَنَمْ الرسول عليه الصلاة والسلام، سهِر، وقال: «اللَّهُمَّ ابْعَثْ لَنَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِكَ يَحْرُسُنِي» -أو كلامًا نحو هذا- «فما أن فرغ من دعائه إلا وفيه حِسّ السلاح، فقال: «مَنْ هَذَا؟». قال: سعد بن مالك » -يعني سعدَ بن أبي وقاص- «قال: «مَا الَّذِي جَاءَ بِكَ؟» قال: خفتُ عليك يا رسول الله فأتيتُ أحرسكَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٨٨٥)، ومسلم (٢٤١٠ / ٣٩) من حديث عائشة.]]. بعثه الله عز وجل فصار يحرسه، وفي بعض الروايات لكن ليس في الصحيحين «أن حذيفة أيضًا جاء معه، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام لما نزلت هذه الآية أمرهم أن يتفرَّقوا»[[أخرجه الترمذي (٣٠٤٦) من حديث عائشة، ولفظه: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحْرَسُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَأْسَهُ مِنَ القُبَّةِ فَقَالَ لَهُمْ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، انْصَرِفُوا فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّهُ» وليس فيه حذيفة. ]]؛ لأن الله التزم عز وجل بأن يعصمه من الناس، ومعلوم أن الله إذا التزم بمثل هذا فإنه محروس أشد من حراسة بني آدم ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾.
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ يعني أنه لن يُسَلَّط عليك -لو سُلِّط- إلا كافر.
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ أي: لا يُصلح شأنهم حتى يصلوا إلى ما يريدون، وعلى هذا فيكون قوله: ﴿لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ أي: لا يدُلُّهم إلى ما يريدون من قتل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويحتمل أن المعنى: لا يهديه هداية دين، ويكون ﴿لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ الذين قضى الله عليهم بالكفر والموت عليه، فتكون هذه الآية كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [يونس ٩٦، ٩٧].
في هذه الآية قراءة في قوله: ﴿فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾: ﴿فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَاتِهِ﴾ ؛ أما على قراءة الإفراد فلا إشكال فيها، وأما على قراءة الجمع فلماذا جُمِعتْ والرسالة واحدة؟
نقول: باعتبار الشرائع التي جاءت بها هذه الرسالة؛ لأنها جاءت بأعمال وأقوال واعتقادات، أعمال قلوبٍ وأعمال جوارح، جاءت بفعلٍ وبتركٍ، فكل نوع يُعتبر رسالة، فصحَّ الجمع.
* في هذه الآية الكريمة فوائد منها: إثبات رسالة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ﴾.
* ومن فوائدها: مَنْقبةٌ عظيمةٌ للرسول عليه الصلاة والسلام؛ حيث كان رسولًا لمن؟ لله عز وجل، هذه منقبة، الناس الآن فيما بينهم يُكرَم الرسولُ لإكرام مرسِلِه، وإذا كان مرسِلُه ذا شأن في المجتمع كان كونه رسولًا له أيش؟ شرفًا له، إذن فالرسول عليه الصلاة والسلام في نداء الله له بهذا الوصف منقبةٌ عظيمة له وشرفٌ عظيم، وإذا كان وصف العبودية شرفًا فوصف الرسالة أشد؛ لأن الرسالة متضمِّنة للعبودية وزيادة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه يجب على الرسول عليه الصلاة والسلام أن يبلِّغ كلَّ ما أُنزِل إليه، وقد حصل هذا، وشهدت له الأُمَّة بذلك ولله الحمد؛ «ففي أكبر مجتمع اجتمع فيه الرسول عليه الصلاة والسلام بأُمَّته في يوم عرفة قال لهم: «أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟». قالوا: نعم. ثلاث مرات وهو يقول: «أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟» فيقولون: نعم. فيُشهِد الله: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٧١)، ومسلم (١٦٧٩ / ٣١) من حديث أبي بكرة. ]]. وشهادة صدر هذه الأُمَّة تنسحب إلى بقية الأُمَّة إلى يوم القيامة؛ فنحن نشهد بالله أنه بلَّغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام وبلَّغ الرسالة كاملةً.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: الرد على الرافضة الذين يقولون: إن ثلث القرآن لم يُبَلَّغ وأنه مكتوم.
فنقول: كل القرآن مُبَلَّغ والحمد لله ولم يبقَ شيء، وقد ذكر ذلك المفسرون رحمهم الله وقالوا: هذا فيه ردٌّ على الرافضة؛ لأن الرافضة يعتقدون أن ما بين أيدينا من القرآن ليس هو القرآن، وأن محمدًا كتم بعضه -والعياذ بالله- أو مَن بعده كتموا أيضًا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات أن القرآن كلام الله؛ لقوله: ﴿مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾.
* وفيها أيضا: إثبات العُلوِّ، وسبق قريبًا.
* ومن فوائد الآية الكريمة: عناية الله بالرسول عليه الصلاة والسلام؛ لقوله: ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾.
* ومن فوائدها: أن النبي ﷺ -وحاشاه- لو كتم شيئًا مما أُنزِل إليه لم يكن أدَّى حقَّ الرسالة، من أين تؤخذ؟ ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾.
* ومن فوائدها: وجوب إبلاغ الشريعة على أهل العلم؛ وجه ذلك أن العلماء ورثة الأنبياء، وإذا كانوا ورثة الأنبياء وجب عليهم أن يقوموا بحق الإرث فيبلغوا ما علموا من شريعة الله وجوبًا؛ إما بالقول وإما بالفعل، إما بالكتابة وإما بالإشارة، بأيِّ وسيلة، يجب عليهم أن يبلِّغوا ما أُنزِل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، ومِن ثَمَّ يجب أن تذكروا ما أقوله لكم كثيرًا: أنه قد تجب السُّنن على طالب العلم، السُّنن التي هي سُنن تجب على طالب العلم؛ لأن هذا من إبلاغ الرسالة؛ يعني لو أن إنسانًا طالبَ علم معتبَرًا عند الناس قام يصلي وترك رفْع اليدين مثلًا عند تكبيرة الإحرام مثلًا، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول، أو ركع ركوعًا على غير وجه مشروع؛ لعددته آثِمًا؛ لأن هذا الفعل الذي أخلَّ بالسُّنَّة فيه سيكون حُجَّةً، حُجَّةً لمن؟ للناس، لو كان هذا مشروعًا ما تركه فلان، كذلك الأفعال التي تكون مكروهة في حق غيره قد تكون في حقه محرَّمة، كما أنه يجب أيضًا على طالب العلم أن يفعل ما يعتقد الناس أنه حرامٌ من أجل أن يعرفوا أنه ليس بحرام؛ يعني بعض الناس يقول: أيّ حركة في الصلاة تُبطِل الصلاة. فنقول: إذا وجد سبب الحركة -يعني السبب الذي يبيحها- فليفعله العالِم حتى يبيِّن للناس، لكن في هذه الحال إذا خاف أن يُقتدى به يبيِّن بالقول أنه فعل ذلك لحاجة، وأن الحركة في الصلاة إذا كانت للحاجة فلا بأس بها، وما أشبه ذلك.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: شدة تأكيد الله عز وجل على إبلاغ شريعته؛ لأن هذه الكلمة أو الجملة ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ﴾ شديدة جدًّا، مما يدل على أن الله عز وجل لا يرضى لعباده أن يتركوا شريعتهم غير مبلَّغة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن كتم شيء من الشريعة ككتم جميعها؛ لقوله: ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾، وهذا من فوائد القراءة الثانية ﴿فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَاتِهِ﴾ لأنه قد يقول قائل: هو بلَّغ الرسالة فيما بلَّغ، فإذا قال: ﴿فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَاتِهِ﴾ شمل الذي بلَّغ والذي لم يُبَلِّغ، فهذه من فوائد القراءة الثانية.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: عناية الله تعالى بالرسول عليه الصلاة والسلام في عصمته من الناس؛ في قوله: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾.
وهل هذه مطْلقة، أو مقيَّدة بما يحصل به البلاغ؛ يعني يعصمك من الناس حتى تبلِّغ الرسالة؟
إن نظرنا إلى ظاهر الآية قلنا: إنها مطلقة؛ ﴿يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾، وإن نظرنا إلى أن النبي ﷺ أُهدِيتْ إليه شاةٌ مسمومةٌ في غزوة خيبر وأكل منها وأثَّرت في لَهَواته، وكان أثرها مشاهَدًا، وفي مرض موته أخبر أن أكلة خيبر ما زالت تعاوده وقال: «هَذَا أَوَانُ انْقِطَاعِ الْأَبْهَرِ»[[أخرجه البخاري تعليقًا (٤٤٢٨) من حديث عائشة.]]. الأبهر: عِرقٌ في الظَّهر متصل بالقلب إذا انقطع هلك الإنسان، فهذا يدل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام مات بسبب السم الذي حصل من هذه المرأة اليهودية، وقد قيل: إنها أسلمت. فإذا كان كذلك يجب أن تُقيَّد الآية؛ يعصمك من الناس إلى متى؟ حتى تبلِّغ الرسالة، وفِعلًا بلَّغ الرسالة، وأنزل الله على رسوله نعيه في قوله: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ [النصر ١ - ٣] والحديث -يعني حديث الشاة- في البخاري[[البخاري (٤٤٢٨) من حديث عائشة.]]، ذكره تعليقًا جازمًا به، والحديث المعلَّق عند البخاري يكون صحيحًا عنده، ما هو عند كل أحد، عنده، وقد ذكره معلَّقًا بصيغة الجزم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: الإشارة إلى أن القلوب بيد الله عز وجل وأن أفعال الخلق تابعة لإرادة الله، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿يَعْصِمُكَ﴾؛ لأن عصمة الرسول من الناس تنقسم إلى قسمين: إما عدم الإرادة بأن يصرف الله القلوب عن قتله؛ وإما بالعجز بأن يحاول الفاعل ولكن يعجز، وهذا حصل؛ لعلَّكم تذكرون قصة بني النضير: «لما جاء الرسول عليه الصلاة والسلام يستعين بهم كادوا له؛ قالوا: اجلس حتى نأتي لك. ثم انبعث واحد منهم بطبق الرحا من أجل أن يلقيه على الرسول عليه الصلاة والسلام وهو جالس، فأخبره جبريل بهذا، فقام ودخل المدينة»[[أخرجه الطبري في التفسير (٨ / ٢٢٩) من حديث يزيد بن أبي زياد.]]، هذا عصمة من الإرادة ولَّا عدم القدرة؟
* الطلبة: من عدم القدرة.
* الشيخ: من عدم القدرة، وإلا فقد أرادوا.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الكافرين وإن كادوا لأولياء الله فإن الله سبحانه وتعالى لا يهديهم؛ لقوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾، هذا على تفسير أيش؟ أن المراد بالهداية دلالتهم على تنفيذ ما يريدون، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ [الطارق ١٥، ١٦] يعني كيدًا أعظمَ من كيدهم، وقال تعالى: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال ٣٠]، أما على الاحتمال الثاني أنه لا يهديهم هداية شرع فيكون فيه دليل على أن من قضى الله عليه بالكفر فإنه لا يستطيع أحد أن يهديه؛ لأن الله لا يهدي القوم الكافرين.
* ومن فوائد الآية: أن من علم الله تعالى منه الكفر فإنه لا يُهدَى ولا يوفَّق، فتكون هذه الآية كقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [الصف ٥].
* طالب: بارك الله فيكم، ما فهمت وجه ضعف قول مَن قال مِن العلماء: إن المراد في: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ أنه الكتب السابقة، وجه الضعف فيه.
* الشيخ: نعم، وجه الضعف فيه أن الذي نعلم نحن الآن أنهم كُلِّفوا بالتوراة والإنجيل، هذا وجه.
وجه آخر: أن هذه الآية على نسق قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ [آل عمران ٣، ٤].
* الطالب: شيخ، ما هو كفر الناس برسالة واحدة كالكفر بجميع الـ..؟
* الشيخ: بلى، لكن ما أُنزِل إليهم، ما يقال: هذا -مثلًا- الكتاب الذي نزل على نوح نازل على اليهود والنصارى. لكن يجب عليهم الإيمان به، كما أن التوراة والإنجيل ما نزلت علينا لكن يجب علينا الإيمان بها.
طالب: شيخ، بارك الله فيكم، ما فهمت ما وجه ضعف قول من قال من العلماء أن المراد بـ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ [المائدة ٦٦] أنه الكتب السابقة؟ وجه الضعف؟
* الشيخ: نعم، وجه الضعف فيه أن الذي نعلم نحن الآن أنهم كُلِّفوا بالتوراة والإنجيل، هذا وجه.
وجه آخر: أن هذه الآية على نسق قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ [آل عمران ٣، ٤].
* الطالب: بس يا شيخ، ما هو بكفر الناس برسالة واحدة؛ الكفر بجميعها.
* الشيخ: بلى، لكن ما أُنزِل إليهم.
ما يقال: هذا مثلًا الكتاب الذي نَزل على نوح؛ نازل على اليهود والنصارى، لكن يجب عليهم الإيمان به، كما أن التوراة والإنجيل ما نَزلت علينا، لكن يجب علينا الإيمان بها.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ [المائدة ٥١، ٥٢].
* الشيخ: قوله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ كيف كان اليهود أولياء للنصارى، والنصارى أولياء لليهود، مع أنهم يقولون، النصارى يقولون: ﴿لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ﴾ [البقرة ١١٣]، واليهود يقولون: ﴿لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ﴾؟
* طالب: هذا في حال اجتماعهم على المسلمين.
* الشيخ: نعم، في حال اجتماعهم على المسلمين يكون بعضهم أولياء بعض، أمّا إذا نظر أحدهم كل واحد على حدة، فهم؟
* الطالب: بعضهم أعداء بعض.
* الشيخ: فإن بعضهم لبعض عدو، أحسنت.
قول الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ مع أننا علمنا أن الله هدى قومًا ظالمين من اليهود، والنصارى، والمشركين؟
* طالب: أي مَن بقي على ظلم؛ أن الله لا يهديه هداية توفيق وتسديد.
* الشيخ: لا، ما هو الظاهر.
* طالب: مِمَّن علم الله منهم عدم الإيمان.
* الشيخ: نعم؛ يعني ممن حقت عليهم كلمة الله، وقضى الله عليهم بالضلال والهلاك؛ فيكون هذا العام أُريد به أيش؟ الخاص.
وفيه أيضًا: التحذير من الظلم، فإن الإنسان إذا ظلم؛ فعسى ألَّا يُهدى -والعياذ بالله- لأن الله يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، فهو كقوله: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [الصف ٥].
* الشيخ: قوله: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ ما المراد بالمرض هنا؟
* طالب: النفاق.
* الشيخ: النفاق، ما هو دليلك على أن المراد به النفاق؛ لأنه يطلق على النفاق وعلى غيره؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، نريد من القرآن.
* طالب: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة ٨] ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [البقرة ١٠].
* الشيخ: لأن الله قال في المنافقين: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾. طيب، أحسنت.
يُطلق المرض على الكفر، كما في قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ﴾ [التوبة ١٢٤، ١٢٥].
ويُطلق على الفاحشة ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ [الأحزاب ٣٢]؛ إذن المراد بالمرض هنا أيش؟
* طالب: النفاق.
* الشيخ: النفاق؛ لأنهم هم الذين يُسارعون في موالاة اليهود والنصارى، ويقولون: نخشى أن تُصيبنا دائرة.
قوله: ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ [المائدة ٥٢] ما المراد بالفتح؟
* طالب: النصر.
* الشيخ: النصر، أحسنت. ﴿أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾؟
* طالب: هدايتهم.
* الشيخ: هدايتهم، صحيح أو يهتدوا فيأتي الله بأمر ما كان على بالكم، ولا على خاطركم.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (٥٣) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [المائدة ٥٣، ٥٤].
* الشيخ: قوله تعالى: ﴿مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ﴾ هل فيها قراءة أخرى؟
* طالب: ﴿مَنْ يَرْتَدِدْ﴾ .
* الشيخ: نعم، بفك الإدغام.
جواب (من) الشرطية؟
* طالب: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ﴾.
* الشيخ: ماذا يفيد هذا الجواب، والشرط؟
* طالب: أن دين الله عز وجل ليست إقامته موقوفة على هؤلاء، بل إذا تولوا يأتي الله عز وجل بخير منهم، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ [محمد ٣٨].
* الشيخ: نعم، أحسنت، في هذه الآية رد على طائفة معينة من أهل البدع، مَن؟
* الطالب: فيه رد على نفاة الأفعال، أفعال الله عز وجل الاختيارية؛ لقوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ﴾، وأيضًا فيه رد على ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ﴾ فرتَّب إتيان الله عز وجل بالقوم على فعله.
* الشيخ: هذا إثبات الأفعال الاختيارية، الصفة الأخرى؟
* الطالب: فيه إثبات صفة المحبة؛ محبة لله عز وجل لعبيده، ومحبة العبيد لله عز وجل.
* الشيخ: مَن تحفّظ من أهل البدع؛ أنكر ذلك؟
* الطالب: أما الغلاة فأنكروا أن الله عز وجل..
* الشيخ: أنكروا المحبة.
* الطالب: أن الله عز وجل يُحِب أو يُحَب، وأنكر الأشاعرة أن الله عز وجل يحب عباده، وأوَّلوها بالثواب، أو بإرادة الثواب.
* الشيخ: طيب، ويش حجتهم؟
* الطالب: حجتهم أن المحبة من الصفات الحادثة، أن هذه الأفعال الاختيارية من الأفعال الحادثة، وأنه لو اتصف الله عز وجل بها لكان حادثًا؛ لأن ما قام به الحادث فهو حادث.
* الشيخ: طيب، إنكارهم أن الله يُحَب، أيش حجتهم؟
* الطالب: الإنكار هذا قول الغلاة أن الله عز وجل يُحَب..
* طالب آخر: أن الحب بين مستويان يا شيخ.
* الشيخ: متناسبين، بين متناسبين، ولا تناسب بين الخالق والمخلوق. على كل حال هذا التعليل غير صحيح.
كيف قال: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى﴾، ولم يقل: أذلة للمؤمنين؟
* طالب: الحروف تتناوب.
* الشيخ: هذا جواب لا بأس به، لكنه هزيل.
* طالب: أنهم مع حنوهم وعطفهم على المؤمنين، فهم في ذلة (...).
* الشيخ: بس قال: ﴿عَلَى﴾ ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى﴾ يعني كأن أحدًا يقول: (على) تقتضي الاستعلاء؟
* طالب: هم في منزلة عالية، وكأنهم فوقهم لمنزلتهم وشرفهم، ومع هذا فهم يُذِلُّون لهم.
* طالب آخر: شيخ، يدل على أنهم على شفقة.. على المؤمنين.
* الشيخ: يعني كأنه ضمن مع الإشفاق؟ يعني مشفقين على المؤمنين.
* طالب: أن الذلة تعديت بـ(على)، فيها معنى القوة مع القدرة، أما باللام فمع العجز..
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: الذلة مع العجز ما هي كمال، لكن كان عن قدرة تسلط، فإذا ذَلَّ الإنسان كان كمالًا في حقه.
* الشيخ: إذا كانوا أقوياء على المؤمنين يَستعلون عليهم؟
* الطالب: بإمكانهم ذلك، لكن لما مَنعوا أنفسهم من ذلك، كان كمال في حقهم.
* الشيخ: هذا وجهان.
* طالب: أن هذه الذلة ليس عن ضعف.
* الشيخ: هذا قريب من معنى كلام محمد.
على كل حال، بعضهم قال كما قال الأخ الأول إن ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ يعني مُضَمَّن معنى الشفقة؛ يعني أذلة بشفقة على المؤمنين.
وبعضهم قال: إن هذه تدل على أن الذلة صار من علو، وليس من ضعف؛ لأن الذليل قد يكون ذليلًا لضعفه لا لعلوه، ولكن هذه تفيد أنهم أذلاء مع العلو والرفعة.
في قوله: ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ﴾ واسع أيش؟
* طالب: واسع في كل شيء، واسع في العطاء..
* الشيخ: يعني كل صفاته فهي واسعة لا يُحاط بها، في العلم، والقدرة، والحياة، والسمع، والبصر، إلى آخره.
* طالب: شيخ، يقال: إن الولاية نوعان: ولاية الله لعباده، وولاية العباد لله عز وجل.
أما الثانية: ولاية العباد لله، فبنصرة دينه، وأما ولاية الله لعباده فبحفظهم..
* الشيخ: إذن نقول: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ [المائدة ٥٥] يعني إنما الذي ينبغي أن تتخذوه وليًّا، هو الله ورسوله والذين آمنوا، دون اليهود والنصارى.
ثم رغَّب في ذلك، فقال: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [المائدة ٥٦] يعني ليتخذا الله ورسوله وليًّا ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ إذن زال الإشكال، إذا قلنا: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ﴾ المعنى ما الذي ينبغي أن تتخذوه وليًّا إلا الله ورسوله والذين آمنوا.
طيب، في الآية إثبات الحزبية، فهل الحزبية مشروعة؟
* طالب: الحزبية بين المسلمين ليست مشروعة، أمَّا التحزب على دين الله، ونصرته، هو الذي يجب اتباعه.
* الشيخ: أحسنت، إذن الحزبية بين المسلمين غير مشروعة، بل هي أداة للتفرق، أما الحزبية بين الكفار وبين المسلمين فهي واجبة؛ لأن غير المسلمين هم حزب الشيطان أليس كذلك؟
فالله تعالى جعل لنفسه حزبًا، وجعل للشيطان حزبًا، ولا بد من هذا، لكن بين المسلمين محرمة؛ لأنها تؤدي إلى الفُرقة.
إذا قال قائل: ﴿فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ هذه الجملة فيها حصر؛ لأن الغلبة لِمَن؟
* طالب: لحزب الله.
* الشيخ: لحزب الله عز وجل.
لو أورد عليك إيراد هذا القائل، وقال: إننا نجد أن المسلمين صار عليهم هزائم، وصارت الغلبة لأعدائهم حتى في عهد الرسول ﷺ؟
* طالب: لكن النصرة النهائية هي للمؤمنين.
* الشيخ: يعني فهم الغالبون باعتبار النهاية؟ باعتبار النهاية هذا جيد، هم الغالبون باعتبار النهاية.
* طالب: قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾ [آل عمران ١٤٠] هذا دليل أن أحيانًا الفتح، وأحيانًا النصر، وأحيانًا..
* الشيخ: يعني أن الغَلبة لا بد أن تكون لها حكمة، غلبة غير المسلمين لا بد أن يكون لها حكمة وهي مثلًا في أُحد سببها؟
* طالب: المخالفة.
* الشيخ: المخالفة والمعصية، وفي حُنين سببها الإعجاب، فالله تعالى قد يُدير الكفار على المسلمين لحكمة، إما لتقصير المسلمين، أو لغلوهم في أنفسهم، أو لأي سبب، لكن في النهاية -كما قال محمود- تكون الغلبة لمَن: لحزب الله الذين هم أولياء الله.
* الشيخ: في قوله: ﴿وَالْكُفَّار﴾ قراءتان؟
* طالب: ﴿الْكُفَّارَ﴾ و﴿الْكُفَّارِ﴾ .
* الشيخ: إعرابهما؟
* طالب: إذا قلنا: ﴿وَالْكُفَّارَ﴾ تكون معطوفة على ﴿الَّذِينَ﴾ الأولى، وإذا قلنا: ﴿الْكُفَّارِ﴾ معطوفة على ﴿الَّذِينَ﴾ الثانية، أحسنت تمام.
{"ayah":"۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُۥۚ وَٱللَّهُ یَعۡصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق