الباحث القرآني

﴿يا أيُّها الرَسُولُ بَلِّغْ ما أُنْـزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ﴾ جَمِيعَ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ، وأيَّ شَيْءٍ أُنْزِلَ إلَيْكَ غَيْرَ مُراقِبٍ في تَبْلِيغِهِ أحَدًا، ولا خائِفٍ أنْ يَنالَكَ مَكْرُوهٌ ﴿وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ﴾ وإنْ لَمْ تُبَلِّغْ جَمِيعَهُ كَما أمَرْتُكَ ﴿فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ﴾ (رِسالاتِهِ) مَدَنِيٌّ، وشامِيٌّ، وأبُو بَكْرٍ. أيْ: فَلَمْ تُبَلِّغْ إذًا ما كُلِّفْتَ مِن أداءِ الرِسالَةِ، ولَمْ تُؤَدِّ مِنها شَيْئًا قَطُّ، وذَلِكَ أنَّ بَعْضَها لَيْسَ بِأوْلى بِالأداءِ مِن بَعْضٍ، فَإذا لَمْ تُؤَدِّ بَعْضَها فَكَأنَّكَ أغْفَلْتَ أداءَها جَمِيعًا، كَما أنَّ مَن لَمْ يُؤْمِن بِبَعْضِها كانَ كَمَن لَمْ يُؤْمِن بِكُلِّها، لِكَوْنِها في حُكْمِ شَيْءٍ واحِدٍ لِدُخُولِها تَحْتَ خِطابٍ واحِدٍ، والشَيْءُ الواحِدُ لا يَكُونُ مُبَلَّغًا غَيْرَ مُبَلَّغٍ، مُؤْمَنًا بِهِ غَيْرَ مُؤْمَنٍ. قالَتِ المُلْحِدَةُ -لَعَنَهُمُ اللهُ تَعالى-: هَذا كَلامٌ لا يُفِيدُ، وهو كَقَوْلِكَ لِغُلامِكَ: كُلْ هَذا الطَعامَ، فَإنْ لَمْ تَأْكُلْهُ فَإنَّكَ ما أكَلْتَهُ. قُلْنا: هَذا أمْرٌ بِتَبْلِيغِ الرِسالَةِ في المُسْتَقْبَلِ، أيْ: بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ في المُسْتَقْبَلِ، فَإنْ لَمْ تَفْعَلْ، أيْ: إنْ لَمْ تُبَلِّغِ الرِسالَةَ في المُسْتَقْبَلِ، فَكَأنَّكَ لَمْ تُبَلِّغِ الرِسالَةَ أصْلًا، أوْ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ الآنَ، ولا تَنْتَظِرْ بِهِ كَثْرَةَ الشَوْكَةِ والعُدَّةِ، فَإنْ لَمْ تُبَلِّغْ كُنْتَ كَمَن لَمْ يُبَلِّغْ أصْلًا، أوْ بَلِّغْ ذَلِكَ غَيْرَ خائِفٍ أحَدًا، فَإنْ لَمْ تُبَلِّغْ عَلى هَذا الوَصْفِ، فَكَأنَّكَ لَمْ تُبَلِّغِ الرِسالَةَ أصْلًا، ثُمَّ قالَ مُشَجِّعًا لَهُ في التَبْلِيغِ: ﴿واللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ الناسِ﴾ يَحْفَظُكَ مِنهم قَتْلًا، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وإنْ شُجَّ في وجْهِهِ يَوْمَ أُحُدٍ، وكُسِرَتْ رَباعِيَتُهُ، أوْ نَزَلَتْ بَعْدَما أصابَهُ ما أصابَهُ. (p-٤٦٢)والناسُ: الكُفّارُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الكافِرِينَ﴾ لا يُمَكِّنُهم مِمّا يُرِيدُونَ إنْزالَهُ بِكَ مِنَ الهَلاكِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب