الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ الآية، روى الحسن أن النبي ﷺ قال: "إن الله بعثني برسالته، وضقت به ذرعًا، وعرفت أن الناس مكذّبي" وكان يهاب قريشًا واليهود والنصارى، فأنزل الله هذه الآية [[انظر: "أسباب النزول" للمؤلف ص 204، "تفسير البغوي" 3/ 78، "زاد المسير" 2/ 396، "الدر المنثور" 2/ 528، وعزاه السيوطي لأبي الشيخ عن الحسن.]]، قال ابن الأنباري: كان النبي ﷺ يجاهر ببعض القرآن أيام كان بمكة، ويخفي بعضه إشفاقًا على نفسه من تسرع المشركين إليه وإلى أصحابه، فلما أعزه الله وأيده بالمؤمنين قال له: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [[انظر: "تفسير الوسيط" 2/ 208، 209.]].
وقال أبو إسحاق: أي لا تراقبن أحدًا ولا تتركن شيئًا مما أنزل إليك تخوفًا من أن ينالك مكروه [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 192، انظر: "زاد المسير" 2/ 397.]]، قالا [[أي الزجاج وابن الأنباري.]]: والمعنى في قوله: ﴿بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ بلغ جميع ما أنزل إليك من ربك مجاهرًا به، فإن أخفيت منه شيئًا في وقت لخوف يلحقك فما بلغت رسالته، فذلك وله: ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 192، انظر: "تفسير البغوي" 3/ 79.]].
قال ابن عباس: يقول إن كتمت آية مما أنزلت عليك لم تبلغ رسالاتي [[أخرجه الطبري 6/ 307، وانظر: "تفسير الوسيط" 2/ 209، "زاد المسير" 2/ 397.]]، يعني: إنه إن ترك إبلاغ البعض كان كمن لم يبلغ، لأن تركه البعض محبط لإبلاغ ما بلغ، وجرمه في كتمان البعض كجرمه لو لم يبلغ شيئًا مما أنزل الله، في أنه يستحق العقوبة من ربه [[انظر: "تفسير الطبري" 6/ 309، "بحر العلوم" 1/ 449، "النكت والعيون" 2/ 53، "تفسير البغوي" 3/ 79.]]، وحاشا لرسول الله أن يكتم شيئًا مما أوحي إليه، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: "من زعم أن رسول الله ﷺ كتم شيئًا من الوحي، فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ﴾ ولو كتم رسول الله شيئاً من الوحي لكتم قوله تعالى: ﴿وَتُخْفِي في نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ﴾ [الأحزاب: 37] " [[أخرجه البخاري (4612) كتاب التفسير، باب: يا أيها الرسول بلغ، بنحوه، وبلفظه مسلم (177) كتاب الإيمان: باب 77 معنى قول الله عز وجل ﴿ولقد رآه نزلة أخرى﴾، ولكن دون: "ولو كنتم ... "، "تفسير الطبري" 6/ 309.]].
قال مقاتل بن حبان: هذا تحريض من الله نبيه على تبليغ الرسالة [[بمعناه في تفسير مقاتل بن سليمان 1/ 492.]].
وقال مجاهد: لما نزلت ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ قال: "يا رب كيف أصنع؟ أنا واحد، أخاف أن يجتمعوا علي" فأنزل الله: ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [[أخرجه الطبري 6/ 307.]].
فكل هذه الأقوال في تفسير هذه الآية تدل على أن النبي ﷺ كان يشفق على نفسه غائلة اليهود والكفار، فكان لا يجاهرهم بعيب دينهم وسب آلهتهم، حتى أمنه الله تعالى بقوله: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾، واختلفوا في قوله: ﴿فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ فقرىء (رسالته) [[قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي "ابن كثير" وحفص عن عاصم. انظر: "الحجة" 3/ 239.]] على [[تكرر هذا الحرف في (ج).]] واحدة، و (رسالاته) على الجمع [[قراءة نافع وابن عامر وأبي بكر عن عاصم. انظر: "الحجة" 3/ 239.]]، فمن جمع قال: إن الرسل يبعثون بضروب من الرسالات وأحكام في الشريعة مختلفة، وكل آية أنزلها [[في (ج): (أنزله) بالتذكير.]] الله على رسوله فهي رسالة، فحسن لفظ الجمع [[انظر: "الحجة" 3/ 245.]]، ومن أفرد قال: القرآن كله رسالة واحدة، وأيضًا فإن لفظ الواحد قد يدل على الكثرة وإن لم يجمع كقوله تعالى: ﴿وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا﴾ [الفرقان: 14] فوقع الاسم الواحد على الجمع كما يقع على الواحد، فكذلك الرسالة [["الحجة" 3/ 245، 246.]].
وقوله تعالى: ﴿وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾، أي: يمنعك أن ينالوك بسوء من قتل أو أسر أو قهر [[انظر: "النكت والعيون" 2/ 53.]]، وقالت عائشة: كان رسول الله ﷺ يُحرس حتى نزلت هذه الآية: ﴿وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ وكان سعدٌ وحذيفة يحرسانه، فأخرج رسول الله رأسه من قبة أدم وقال: "انصرفوا أيها الناس فقد عصمني الله" [[أخرجه بنحوه الترمذي (3046) كتاب: التفسير، باب: من تفسير سورة المائدة، "تفسير الطبري" 6/ 308، وعزاه في "الدر المنثور" 2/ 529 أيضًا إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.]].
وقال الزجاج في قوله: ﴿وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾: أي يحول بينهم وبين أن يصيبك منهم مكروه [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 192.]]، فإن قيل: أليس قد شج جبينه وكسرت رباعيته؟، قلنا: كان هذا قبل نزول الآية؛ لأن هذه السورة من آخر القرآن نزولا، أو نقول: المراد بالعصمة: أن يعصمه من قتله وأسره على ما ذكرنا أولاً [[انظر: "تفسير البغوي" 3/ 79، "زاد المسير" 2/ 397.]].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: 67]، قال ابن عباس: يريد لا يرشد من كذبك وأعرض عن ذكري [["تفسير الوسيط" 2/ 210، وانظر: "بحر العلوم" 1/ 449، "النكت والعيون" 2/ 54، "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 119.]]، وقد روى ابن عباس عن النبي ﷺ مثل ما روى الحسن، وهو أن رسول الله ﷺ "قال: "بعثني الله برسالاته، فضقت بها ذرعًا، فأَوحَى إلى: "إن لم تبلغ رسالاتي عذبتك، وضمن لي العصمة" [[لم أقف عليه.]].
{"ayah":"۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُۥۚ وَٱللَّهُ یَعۡصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق