الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ﴾ أوْجَبَ اللَّهُ تَعالى بِهَذِهِ الآيَةِ عَلى رَسُولِهِ تَبْلِيغَ ما أنْزَلَ عَلَيْهِ مِن كِتابِهِ سَواءٌ كانَ حُكْمًا، أوْ حَدًّا، أوْ قِصاصًا، فَأمّا تَبْلِيغُ غَيْرِهِ مِنَ الوَحْيِ فَتَخْصِيصُ وُجُوبِهِ: بِما يَتَعَلَّقُ بِالأحْكامِ دُونَ غَيْرِها. ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ﴾ يَعْنِي إنْ كَتَمْتَ آيَةً مِمّا أُنْزِلَ عَلَيْكَ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ لِأنَّهُ [يَكُونُ]، غَيْرَ مُمْتَثِلٍ لِجَمِيعِ الأمْرِ. وَيَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ آخَرَيْنِ. أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ مَعْناهُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ فِيما وعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ، فَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ حَقَّ رِسالَتِهِ فِيما كَلَّفَكَ مِنَ الأمْرِ، لِأنَّ اسْتِشْعارَ النَّصْرِ يَبْعَثُ عَلى امْتِثالِ الأمْرِ. والثّانِي: أنْ يَكُونَ مَعْناهُ بَلِّغْ ما أنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ بَلاغًا يُوجِبُ الِانْقِيادَ إلَيْهِ بِالجِهادِ عَلَيْهِ، وإنْ لَمْ تَفْعَلْ ما يَقُودُ إلَيْهِ مِنَ الجِهادِ عَلَيْهِ فَما بَلَّغْتَ ما عَلَيْكَ مِن حَقِّ الرِّسالَةِ إلَيْكَ. ﴿واللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ﴾ يَعْنِي أنْ يَنالُوكَ بِسُوءٍ مِن قَتْلٍ أوْ غَيْرِهِ. واخْتَلَفَ أهْلُ التَّفْسِيرِ في سَبَبِ نُزُولِ ذَلِكَ عَلى قَوْلَيْنِ: أحَدُهُما: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَزَلَ مَنزِلًا في سَفَرِهِ واسْتَظَلَّ بِشَجَرَةٍ يَقِيلُ تَحْتَها، فَأتاهُ أعْرابِيٌّ فاخْتَرَطَ سَيْفَهُ ثُمَّ قالَ: مَن يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ فَقالَ: اللَّهُ، فَرَعَدَتْ يَدُ الأعْرابِيِّ وسَقَطَ سَيْفُهُ وضَرَبَ بِرَأْسِهِ الشَّجَرَةَ حَتّى انْتَثَرَ دِماغُهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: (p-٥٤)﴿واللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ﴾»، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ. والثّانِي: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَهابُ قُرَيْشًا، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ»، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. وَرَوَتْ عائِشَةُ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يُحْرَسُ حَتّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿واللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ﴾ فَأخْرَجَ النَّبِيُّ ﷺ رَأسَهُ مِنَ القُبَّةِ وقالَ: يا أيُّها النّاسُ انْصَرِفُوا فَقَدْ عَصَمَنِي اللَّهُ. » ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الكافِرِينَ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: لا يُعِينُهم عَلى بُلُوغِ غَرَضِهِمْ. الثّانِي: لا يَهْدِيهِمْ إلى الجَنَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب