الباحث القرآني

يَقُولُ تَعَالَى: وَلَكُمْ -أَيُّهَا الرِّجَالُ-نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِذَا مُتْن عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ [وَصِيَّةٍ] [[زيادة من جـ، ر، أ.]] يُوصِينَ بِهَا أَوْ دِينٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَبَعْدَهُ الْوَصِيَّةُ ثُمَّ الْمِيرَاثُ، وَهَذَا أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَحُكْمُ أَوْلَادِ الْبَنِينَ وَإِنْ سَفُلُوا حُكْمُ أَوْلَادِ الصُّلْبِ. ثُمَّ قَالَ: ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ] [[زيادة من جـ، ر، أ.]] ﴾ إِلَخْ، وَسَوَاءٌ فِي الرُّبُعِ أَوِ الثُّمُنِ الزَّوْجَةُ والزوجتان الاثنتان والثلاث والأربع يشتركن [[في أ: "يشتركون".]] فيه. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ﴾ إِلَخْ، الْكَلَامُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً﴾ الْكَلَالَةُ: مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْإِكْلِيلِ، وَهُوَ الَّذِي يُحِيطُ بِالرَّأْسِ مِنْ جَوَانِبِهِ، وَالْمُرَادُ هُنَا [[في أ: "هاهنا".]] مَنْ يَرِثُهُ مِنْ حَوَاشِيهِ لَا أُصُولِهِ وَلَا فُرُوعِهِ، كَمَا رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْكَلَالَةِ، فَقَالَ: أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي، فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ، وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ مِنْهُ: الْكَلَالَةُ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ. فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: إِنِّي لِأَسْتَحْيِيَ [[في ر: "إنني لأستحي"، وفي جـ، أ: "إني أستحي".]] أَنْ أُخَالِفَ أَبَا بَكْرٍ فِي رَأْيٍ رَآهُ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ [[تفسير الطبري (٨/٥٤) ورواه سعيد بن منصور في السنن برقم (٥٩١) ومن طريقه رواه البيهقي في السنن الكبرى (٦/٢٤٤) من طريق سفيان عن عاصم الأحول بنحوه.]] . وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كُنْتُ آخِرَ النَّاسِ عَهْدًا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: الْقَوْلُ مَا قُلْتُ، وَمَا قُلْتُ [[في ر: "القول".]] وَمَا قُلْتُ. قَالَ: الْكَلَالَةُ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ [[تفسير ابن أبي حاتم (٢/ل١١٥) ورواه سعيد بن منصور في السنن برقم (٥٨٩) من طريق سفيان بن عيينة به.]] . وَهَكَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَصَحَّ عَنْ [[في جـ، ر، أ: "من".]] غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَبِهِ يَقُولُ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالْحَكَمُ. وَبِهِ يَقُولُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ. وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجُمْهُورِ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ [[في جـ، ر: "الخلف والسلف".]] بَلْ جَمِيعِهِمْ. وَقَدْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَوَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ. قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ اللَّبَّانِ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ. وَالصَّحِيحُ عَنْهُ الْأَوَّلُ، وَلَعَلَّ الرَّاوِيَ مَا فُهِمَ عَنْهُ [[في جـ: "ولعل الراوي عنه ما فهم ما أراد".]] مَا أَرَادَ. * * * وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ﴾ أَيْ: مِنْ أُمٍّ، كَمَا هُوَ فِي قِرَاءَةِ بَعْضِ السَّلَفِ، مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَكَذَا فَسَّرَهَا أَبُو بَكْرٍ الصَّدِيقُ فِيمَا رَوَاهُ [[في أ: "فيما روى".]] قَتَادَةُ عَنْهُ، ﴿فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ﴾ وَإِخْوَةُ الْأُمِّ يُخَالِفُونَ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ مِنْ وُجُوهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ يَرِثُونَ مَعَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ وَهِيَ الْأُمُّ. الثَّانِي: أَنَّ ذَكَرَهُمْ وَأُنْثَاهُمْ سَوَاءٌ. الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ إِلَّا إِذَا كَانَ مَيِّتُهُمْ يُورَثُ كَلَالَةً، فَلَا يَرِثُونَ مَعَ أَبٍ، وَلَا جَدٍّ، وَلَا وَلَدٍ، وَلَا [[في جـ: "وكذا".]] وَلَدِ ابْنٍ. الرَّابِعُ: أَنَّهُمْ لَا يُزَادُونَ [[في أ: "يزدادون".]] عَلَى الثُّلُثِ، وَإِنْ كَثُرَ [[في جـ: "كنا".]] ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ مِنَ الْأُمِّ بَيْنَهُمْ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ الْأُنْثَى [[في ر: "مثل حظ الأنثيين".]] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ: وَلَا أَرَى عُمَرَ قَضَى بِذَلِكَ حَتَّى عَلِمَ بِذَلِكَ [[في جـ: "ذلك".]] مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلِهَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي قَالَ الله تَعَالَى: ﴿فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ﴾ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَهِيَ: زَوْجٌ، وَأَمٌّ أَوْ جَدَّةٌ، وَاثْنَانِ [[في جـ، أ: "وابنان".]] مَنْ وَلَدِ الْأُمِّ وَوَاحِدٌ [[في ر: "وواحدا".]] أَوْ أَكْثَرُ مَنْ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ. فَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ: لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ أَوِ الْجَدَّةِ السُّدُسُ، وَلِوَلَدِ الْأُمِّ الثُّلُثُ، وَيُشَارِكُهُمْ فِيهِ وَلَدُ الْأَبِ وَالْأُمِّ بِمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ إخوةُ الْأُمِّ. وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي زَمَنِ [[في جـ، ر، أ: "زمان".]] أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَعْطَى الزَّوْجَ النِّصْفَ، وَالْأُمَّ السُّدُسَ، وَجَعَلَ الثُّلُثَ لِأَوْلَادِ الْأُمِّ، فَقَالَ لَهُ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا، أَلَسْنًا مِنْ أُمٍّ وَاحِدَةٍ؟ فَشَرَّكَ بَيْنَهُمْ. وَصَحَّ التَّشْرِيكُ عَنْهُ وَعَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَبِهِ يَقُولُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي، وَمَسْرُوقٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالثَّوْرِيُّ، وشريك وهو مذهب مالك والشافعي، وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ. وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَا يُشَرِّكُ بَيْنَهُمْ، بَلْ يَجْعَلُ الثُّلُثَ لِأَوْلَادِ الْأُمِّ، وَلَا شَيْءَ لِأَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، لِأَنَّهُمْ عَصَبَةٌ. وَقَالَ وَكِيع بْنُ الْجَرَّاحِ: لَمْ يَخْتَلِفْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّعْبِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، وزُفَر بْنِ الهُذيل، وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ وَنُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَدَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ الظَّاهِرِيِّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ اللَّبَّانِ الْفَرَضِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي كِتَابِهِ "الْإِيجَازُ". * * * وَقَوْلُهُ: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ﴾ أَيْ: لِتَكُونَ [[في جـ، ر، أ: "لتكن"، وفي أ: "ليكن".]] وَصِيَّتُهُ عَلَى الْعَدْلِ، لَا عَلَى الْإِضْرَارِ وَالْجَوْرِ وَالْحَيْفِ بِأَنْ يَحْرِمَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ، أَوْ يَنْقُصَهُ، أَوْ يَزِيدَهُ عَلَى مَا قدرَ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْفَرِيضَةِ فَمَتَى سَعَى فِي ذَلِكَ كَانَ كَمَنْ ضَادَّ اللَّهَ فِي حِكْمَتِهِ [[في جـ: "حكمه".]] وَقِسْمَتِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ الدِّمَشْقِيُّ الْفَرَادِيسِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَر بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "الْإِضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ". وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ الْمُغِيرَةِ هَذَا [[تفسير الطبري (٨/٦٦) ورواه البيهقي في السنن الكبرى (٦/٢٧١) من طريق عمر بن المغيرة به.]] وَهُوَ أَبُو حَفْصٍ بَصْرِيٌ سَكَنَ الْمِصِّيصَةَ، قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: وَيُعْرَفُ بِمُفْتِي الْمَسَاكِينِ. وَرَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ. وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: هُوَ شَيْخٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: هُوَ مَجْهُولٌ لَا أَعْرِفُهُ. لَكِنْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَلِيِّ ابْنِ حُجْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِر، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، موقوفًا: "الْإِضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ". وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَشَجِّ، عَنْ عَائِذِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ. وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْحُفَّاظِ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا [[سنن النسائي الكبرى برقم (١١٠٩٢) وتفسير الطبري (٨/٦٥) .]] وَفِي بَعْضِهَا: وَيَقْرَأُ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿غَيْرَ مُضَارٍّ﴾ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ [[في أ: "ابن جرير".]] وَالصَّحِيحُ الْمَوْقُوفُ. وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ: هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التُّهْمَةِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَوْصَى لَهُ بِصِيغَةِ الْإِقْرَارِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أعْطَى كُلَّ ذِي حَق حَقَّه، فَلَا وَصِيَّة لِوَارِثٍ". وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَالْقَوْلُ الْقَدِيمُ لِلشَّافِعِيِّ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ، وَذَهَبَ فِي الْجَدِيدِ إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ. وَهُوَ مَذْهَبُ طَاوُسٍ، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ [[في أ: "واختاره أبو عبد الله".]] الْبُخَارِيِّ فِي صَحِيحِهِ. وَاحْتَجَّ بِأَنَّ رَافع بْنَ خَدِيجٍ أَوْصَى أَلَّا تُكْشَف [[في جـ، ر، أ: "لا يكشف".]] الفَزَارية عَمَّا أغْلقَ عَلَيْهِ بَابُهَا قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ لِلْوَرَثَةِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "إِيَّاكُمْ والظنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أكذبُ الْحَدِيثِ". وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النِّسَاءِ:٥٨] فَلَمْ يَخُصَّ وَارِثًا وَلَا غَيْرَهُ. انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ. فَمَتَى كَانَ الإقرارُ صَحِيحًا مُطَابِقًا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ جَرَى فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ، وَمَتَى كَانَ حِيلَةً وَوَسِيلَةً إِلَى زِيَادَةِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَنُقْصَانِ بَعْضِهِمْ، فَهُوَ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَبِنَصِّ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ﴿غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ [ثُمَّ قَالَ اللَّهُ] [[زيادة من أ.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب