الباحث القرآني
﴿ولَكم نِصْفُ ما تَرَكَ أزْواجُكم إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ ولَدٌ فَإنْ كانَ لَهُنَّ ولَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أوْ دَيْنٍ﴾ لَمّا ذَكَرَ تَعالى مِيراثَ الفُرُوعِ مِنَ الأُصُولِ، ومِيراثَ الأُصُولِ مِنَ الفُرُوعِ، أخَذَ في ذِكْرِ مِيراثِ المُتَّصِلِينَ بِالسَّبَبِ لا (p-١٨٨)بِالنَّسَبِ وهو لِلزَّوْجِيَّةِ هُنا، ولَمْ يُذْكَرْ في القُرْآنِ التَّوارُثُ بِسَبَبِ الوَلاءِ. والتَّوارُثُ المُسْتَقِرُّ في الشَّرْعِ هو بِالنَّسَبِ والسَّبَبِ الشّامِلِ لِلزَّوْجِيَّةِ والوَلاءِ. وكانَ في صَدْرِ الإسْلامِ يُتَوارَثُ بِالمُوالاةِ والخَلَفِ والهِجْرَةِ، فَنُسِخَ ذَلِكَ. وقُدِّمَ ذِكْرُ مِيراثِ سَبَبِ الزَّوْجِيَّةِ عَلى ذِكْرِ الكَلالَةِ وإنْ كانَ بِالنَّسَبِ، لِتَواشُجِ ما بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ واتِّصالِهِما واسْتِغْناءِ كُلٍّ مِنهُما بِعِشْرَةِ صاحِبِهِ دُونَ عِشْرَةِ الكَلالَةِ، وبُدِئَ بِخِطابِ الرِّجالِ لِما لَهم مِنَ الدَّرَجاتِ عَلى النِّساءِ. ولَمّا كانَ الذَّكَرُ مِنَ الأوْلادِ حَظُّهُ مَعَ الأُنْثى مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، جُعِلَ في سَبَبِ التَّزَوُّجِ - الذِّكْرُ لَهُ مِثْلا حَظِّ الأُنْثى. ومَعْنى ﴿كانَ لَهُنَّ ولَدٌ﴾ أيْ: مِنكم أيُّها الوارِثُونَ، أوْ مِن غَيْرِكم. والوَلَدُ: هُنا ظاهِرُهُ أنَّهُ مَن ولَدَتْهُ لِبَطْنِها ذَكَرًا كانَ أوْ أُنْثى، واحِدًا كانَ أوْ أكْثَرَ، وحُكْمُ بَنِي الذُّكُورِ مِنها وإنْ سَفَلُوا حُكْمُ الوَلَدِ لِلْبَطْنِ، في أنَّ فَرْضَ الزَّوْجِ مِنها الرُّبُعُ مَعَ وُجُودِهِ بِإجْماعٍ.
﴿ولَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّا تَرَكْتُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَكم ولَدٌ فَإنْ كانَ لَكم ولَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّا تَرَكْتُمْ مِن بَعْدِ وصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أوْ دَيْنٍ﴾ الوَلَدُ هُنا كالوَلَدِ في تِلْكَ الآيَةِ. والرُّبُعُ والثُّمُنُ يَشْتَرِكُ فِيهِ الزَّوْجاتُ إنْ وُجِدْنَ، وتَنْفَرِدُ بِهِ الواحِدَةُ. وظاهِرُ الآيَةِ: أنَّهُما يُعْطَيانِ فَرْضَهُما المَذْكُورَ في الآيَتَيْنِ مِن غَيْرِ عَوْلٍ، وإلى ذَلِكَ ذَهَبَ ابْنُ عَبّاسٍ. وذَهَبَ الجُمْهُورُ إلى أنَّ العَوْلَ يَلْحَقُ فَرْضَ الزَّوْجِ والزَّوْجَةِ، كَما يَلْحَقُ سائِرَ الفَرائِضِ المُسَمّاةِ.
﴿وإنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أوِ امْرَأةٌ ولَهُ أخٌ أوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما السُّدُسُ﴾ الكَلالَةُ: خُلُوُّ المَيِّتِ عَنِ الوالِدِ والوَلَدِ، قالَهُ أبُو بَكْرٍ، وعُمَرُ، وعَلِيٌّ، وسُلَيْمُ بْنُ عُبَيْدٍ، والسُّدِّيُّ، والحَكَمُ، وابْنُ زَيْدٍ، والسَّبِيعِيُّ. وقالَتْ طائِفَةٌ: هي الخُلُوُّ مِنَ الوَلَدِ فَقَطْ. ورُوِيَ عَنْ أبِي بَكْرٍ وعُمَرَ ثُمَّ رَجَعا عَنْهُ إلى القَوْلِ الأوَّلِ. ورُوِيَ أيْضًا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وذَلِكَ مُسْتَقِرٌّ مِن قَوْلِهِ في الإخْوَةِ مَعَ الوالِدَيْنِ: إنَّهم يَحُطُّونَ الأُمَّ ويَأْخُذُونَ ما يَحُطُّونَهُ. ويَلْزَمُ عَلى قَوْلِهِ: إذْ ورِثَهم - بِأنَّ الفَرِيضَةَ كَلالَةً أنْ يُعْطِيَهُمُ الثُّلُثَ بِالنَّصِّ. وقالَتْ طائِفَةٌ، مِنهُمُ الحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ، هي الخُلُوُّ مِنَ الوَلَدِ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وهَذانِ القَوْلانِ ضَعِيفانِ؛ لِأنَّ مَن بَقِيَ والِدُهُ أوْ ولَدُهُ فَهو مَوْرُوثٌ بِنَسَبٍ لا بِتَكَلُّلٍ. وأجْمَعْتِ الأُمَّةُ الآنَ عَلى أنَّ الإخْوَةَ لا يَرِثُونَ مَعَ ابْنٍ ولا أبٍ، وعَلى هَذا مَضَتِ الأعْصارُ والأمْصارُ. انْتَهى.
واخْتُلِفَ في اشْتِقاقِها. فَقِيلَ: مِنَ الكَلالِ وهو الإعْياءُ، فَكَأنَّهُ يَصِيرُ المِيراثُ إلى الوارِثِ مِن بَعْدِ إعْياءٍ. قالَ الأعْشى:
؎فَآلَيْتُ لا أرْثِي لَها مِن كَلالَةٍ ولا مِن وجًى حَتّى نُلاقِيَ مُحَمَّدًا
وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: والكَلالَةُ في الأصْلِ مَصْدَرٌ بِمَعْنى الكَلالِ، وهو ذَهابُ القُوَّةِ مِنَ الإعْياءِ. فاسْتُعِيرَتْ لِلْقَرابَةِ مِن غَيْرِ جِهَةِ الوَلَدِ والوالِدِ، لِأنَّها بِالإضافَةِ إلى قَرابَتِها كالَّةٌ ضَعِيفَةٌ. انْتَهى. وقِيلَ: هي مُشْتَقَّةٌ مَن تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ: أحاطَ بِهِ. وإذا لَمْ يَتْرُكْ والِدًا ولا ولَدًا فَقَدِ انْقَطَعَ طَرَفاهُ، وهُما عَمُودا نَسَبِهِ، وبَقِيَ مَوْرُوثُهُ لِمَن يَتَكَلَّلُهُ نَسَبُهُ، أيْ: يُحِيطُ بِهِ مِن نَواحِيهِ كالإكْلِيلِ. ومِنهُ رَوْضٌ مُكَلَّلٌ بِالزَّهْرِ. وقالَ الفَرَزْدَقُ:
؎ورِثْتُمْ قَناةَ المَجْدِ لا عَنْ كَلالَةٍ ∗∗∗ عَنِ ابْنَيْ مَنافٍ عَبْدِ شَمْسٍ وهاشِمِ
وقالَ الأخْفَشُ: الكَلالَةُ مَن لا يَرِثُهُ أبٌ ولا أُمٌّ. والَّذِي عَلَيْهِ الجُمْهُورُ أنَّ الكَلالَةَ المَيِّتُ الَّذِي لا ولَدَ لَهُ ولا مَوْلُودَ، وهو قَوْلُ جُمْهُورِ أهْلِ اللُّغَةِ وصاحِبِ العَيْنِ، وأبِي مَنصُورٍ اللُّغَوِيِّ، وابْنِ عَرَفَةَ، وابْنِ الأنْبارِيِّ، والعُتْبِيِّ، وأبِي عُبَيْدَةَ. وغَلِطَ أبُو عُبَيْدَةَ في ذِكْرِ الأخِ مَعَ الأبِ والوَلَدِ، وقُطْرُبٌ في قَوْلِهِ: الكَلالَةُ اسْمٌ (p-١٨٩)لِمَن عَدا الأبَوَيْنِ والأخِ، وسُمِّي ما عَدا الأبَ والوَلَدَ كَلالَةً، لِأنَّهُ بِذَهابِ طَرَفَيْهِ تَكَلَّلَهُ الوَرَثَةُ وطافُوا بِهِ مِن جَوانِبِهِ. ويُرَجِّحُ هَذا القَوْلَ نُزُولُ الآيَةِ في جابِرٍ ولَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَ نُزُولِها ابْنٌ ولا أبٌ، لِأنَّ أباهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَصارَتْ قِصَّةُ جابِرٍ بَيانًا لِمُرادِ الآيَةِ. وأمّا الكَلالَةُ في الآيَةِ فَقالَ عَطاءٌ: هو المالُ. وقالَتْ طائِفَةٌ: الكَلالَةُ الوَرَثَةُ، وهو قَوْلُ الرّاغِبِ قالَ: الكَلالَةُ اسْمٌ لِكُلِّ وارِثٍ. قالَ الشّاعِرُ:
؎والمَرْءُ يَجْمَعُ لِلْغِنى ∗∗∗ ولِلْكَلالَةِ ما يَسِيمُ
وقالَ عُمَرُ وابْنُ عَبّاسٍ: الكَلالَةُ المَيِّتُ المَوْرُوثُ. وقالَتْ طائِفَةٌ: الوَرَثَةُ بِجُمْلَتِها كُلُّهم كَلالَةٌ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿يُورَثُ﴾ بِفَتْحِ الرّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، مِن أُورِثَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وقَرَأ الحَسَنُ: بِكَسْرِها مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ مَن أوْرَثَ أيْضًا. وقَرَأ أبُو رَجاءٍ والحَسَنُ والأعْمَشُ: بِكَسْرِ الرّاءِ وتَشْدِيدِها. مِن ورَّثَ. فَأمّا عَلى قِراءَةِ الجُمْهُورِ ومَعْنى الكَلالَةِ أنَّهُ المَيِّتُ أوِ الوارِثُ، فانْتِصابُ الكَلالَةِ عَلى الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ المُسْتَكِنِّ في ﴿يُورَثُ﴾ . وإذا وقَعَ عَلى الوارِثِ احْتِيجَ إلى تَقْدِيرِ: ذا كَلالَةٍ؛ لِأنَّ الكَلالَةَ إذْ ذاكَ لَيْسَتْ نَفْسَ الضَّمِيرِ في ﴿يُورَثُ﴾ . وإنْ كانَ مَعْنى الكَلالَةِ القَرابَةَ، فانْتِصابُها عَلى أنَّها مَفْعُولٌ مِن أجْلِهِ، أيْ: يُورَثُ لِأجْلِ الكَلالَةِ. وأمّا عَلى قِراءَةِ الحَسَنِ وأبِي رَجاءٍ، فَإنْ كانَتِ الكَلالَةُ هي المَيِّتَ فانْتِصابُها عَلى الحالِ، والمَفْعُولانِ مَحْذُوفانِ، التَّقْدِيرُ: يُورِثُ وارِثَهُ مالَهُ في حالِ كَوْنِهِ كَلالَةً. وإنْ كانَ المَعْنِيُّ بِها الوارِثَ فانْتِصابُ الكَلالَةِ عَلى المَفْعُولِ بِهِ بِـ ﴿يُورَثُ﴾، ويَكُونُ المَفْعُولُ الثّانِي مَحْذُوفًا، تَقْدِيرُهُ: يُورَثُ كَلالَةً مالُهُ أوِ القَرابَةُ، فَعَلى المَفْعُولِ مِن أجْلِهِ والمَفْعُولانِ مَحْذُوفانِ أيْضًا، ويَجُوزُ في (كانَ) أنْ تَكُونَ ناقِصَةً، فَيَكُونَ ﴿يُورَثُ﴾ في مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلى الخَبَرِ. وتامَّةً، فَتَكُونَ في مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلى الصِّفَةِ. ويَجُوزُ إذا كانَتْ ناقِصَةً والكَلالَةُ بِمَعْنى المَيِّتِ - أنْ يَكُونَ ﴿يُورَثُ﴾ صِفَةً، ويَنْتَصِبُ ﴿كَلالَةً﴾ عَلى خَبَرِ كانَ، أوْ بِمَعْنى الوارِثِ. فَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلى حَذْفِ مُضافٍ أيْ: وإنْ كانَ رَجُلٌ مَوْرُوثٌ ذا كَلالَةٍ. وقالَ عَطاءٌ: الكَلالَةُ المالُ، فَيَنْتَصِبُ ﴿كَلالَةً﴾ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ ثانٍ، سَواءٌ بُنِيَ الفِعْلُ لِلْفاعِلِ أوْ لِلْمَفْعُولِ. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: الكَلالَةُ الوِراثَةُ، ويَنْتَصِبُ عَلى الحالِ أوْ عَلى النَّعْتِ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: وِراثَةً كَلالَةً.
* * *
وقَدْ كَثُرَ الِاخْتِلافُ في الكَلالَةِ، ومُلَخَّصُ ما قِيلَ فِيها: أنَّها الوارِثُ، أوِ المَيِّتُ المَوْرُوثُ، أوِ المالُ المَوْرُوثُ، أوِ الوِراثَةُ، أوِ القَرابَةُ. وظاهِرُ قَوْلِهِ: ﴿يُورَثُ﴾، أيْ: يُورَثُ مِنهُ، فَيَكُونُ هو المَوْرُوثَ لا الوارِثَ. ويُوَضِّحُهُ قِراءَةُ مَن كَسَرَ الرّاءَ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: فَإنْ جَعَلْتَ يُورَثُ عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ مِن أوْرَثَ فَما وجْهُهُ ؟ قُلْتُ: الرَّجُلُ حِينَئِذٍ هو الوارِثُ لا المَوْرُوثُ. فَإنْ قُلْتَ: فالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: ﴿فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما﴾ إلى مَن يَرْجِعُ حِينَئِذٍ ؟ قُلْتُ: إلى الرَّجُلِ وإلى أخِيهِ وأُخْتِهِ، وعَلى الأوَّلِ إلَيْهِما، فَإنْ قُلْتَ: إذا رَجَعَ الضَّمِيرُ إلَيْهِما أفادَ اسْتِواءَهُما في حِيازَةِ السُّدُسِ مِن غَيْرِ مُفاضَلَةِ الذَّكَرِ والأُنْثى، فَهَلْ تَبْقى هَذِهِ الفائِدَةُ قائِمَةً في هَذا الوَجْهِ ؟ قُلْتُ: نَعَمْ؛ لِأنَّكَ إذا قُلْتَ: السُّدُسُ لَهُ، أوْ لِواحِدٍ مِنَ الأخِ أوِ الأُخْتِ عَلى التَّخْيِيرِ، فَقَدْ سَوَّيْتَ بَيْنَ الذَّكَرِ والأُنْثى، انْتَهى كَلامُهُ. ومُلَخَّصُ ما قالَ: أنْ يَكُونَ المَعْنى: إنْ كانَ أحَدُ اللَّذَيْنِ يُورِثُهُما غَيْرُهُما مِن رَجُلٍ أوِ امْرَأةٍ لَهُ أحَدُ هَذَيْنِ مِن أخٍ أوْ أُخْتٍ، فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما السُّدُسُ. وعَطَفَ امْرَأةٌ عَلى رَجُلٌ، وحَذَفَ مِنها ما قَيَّدَ بِهِ الرَّجُلَ لِدَلالَةِ المَعْنى، والتَّقْدِيرُ: أوِ امْرَأةٌ تُورَثُ كَلالَةً. وإنْ كانَ مُجَرَّدُ العَطْفِ لا يَقْتَضِي تَقْيِيدَ المَعْطُوفِ بِقَيْدِ المَعْطُوفِ عَلَيْهِ. والضَّمِيرُ في: (ولَهُ) عائِدٌ عَلى الرَّجُلِ، نَظِيرُ: ﴿وإذا رَأوْا تِجارَةً أوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إلَيْها﴾ [الجمعة: ١١] في كَوْنِهِ عادَ عَلى المَعْطُوفِ عَلَيْهِ. وإنْ كانَ يَجُوزُ أنْ يُعادَ الضَّمِيرُ عَلى المَعْطُوفِ، تَقُولُ: زَيْدٌ أوْ هِنْدٌ قامَتْ، نَقَلَ ذَلِكَ الأخْفَشُ والفَرّاءُ. وقَدْ تَقَدَّمَ لَنا ذِكْرُ هَذا الحُكْمِ. وزادَ الفَرّاءُ وجْهًا ثالِثًا، وهو: أنْ يُسْنَدَ الضَّمِيرُ إلَيْهِما. قالَ الفَرّاءُ: عادَةُ العَرَبِ إذا رَدَّدَتْ (p-١٩٠)بَيْنَ اسْمَيْنِ بِـ (أوْ) أنْ تُعِيدَ الضَّمِيرَ إلَيْهِما جَمِيعًا، وإلى أحَدِهِما، أيَّهَما شِئْتَ. تَقُولُ: مَن كانَ لَهُ أخٌ أوْ أُخْتٌ فَلْيَصِلْهُ. وإنْ شِئْتَ فَلْيَصِلْها انْتَهى. وعَلى هَذا الوَجْهِ - ظاهِرُ قَوْلِهِ: ﴿إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أوْ فَقِيرًا فاللَّهُ أوْلى بِهِما﴾ [النساء: ١٣٥] وقَدْ تَأوَّلَهُ مَن مَنَعَ الوَجْهَ. وأصْلُ أُخْتٍ أخَوَةٍ عَلى وزْنِ شَرَرَةٍ، كَما أنَّ بِنْتًا أصْلُهُ بَنَيَةٍ عَلى أحَدِ القَوْلَيْنِ في ابْنٍ، أهُوَ المَحْذُوفُ مِنهُ واوٌ أوْ ياءٌ ؟ قِيلَ: فَلَمّا حُذِفَتْ لامُ الكَلِمَةِ وتاءُ التَّأْنِيثِ، وألْحَقُوا الكَلِمَةَ بِقُفْلٍ وجِذْعٍ بِزِيادَةِ التّاءِ آخِرَهُما، قالَ الفَرّاءُ: ضُمَّ أوَّلُ أُخْتٍ لِيَدُلَّ عَلى أنَّ المَحْذُوفَ واوٌ، وكُسِرَ أوَّلُ بِنْتٍ لِيَدُلَّ عَلى أنَّ المَحْذُوفَ ياءٌ انْتَهى. ودَلَّتْ هَذِهِ التّاءُ الَّتِي لِلْإلْحاقِ عَلى ما دَلَّتْ عَلَيْهِ تاءُ التَّأْنِيثِ مِنَ التَّأْنِيثِ. وظاهِرُ قَوْلِهِ: ﴿ولَهُ أخٌ أوْ أُخْتٌ﴾ الإطْلاقُ، إذِ الأُخُوَّةُ تَكُونُ بَيْنَ الأحْفافِ والأعْيانِ وأوْلادِ العَلّاتِ، وأجْمَعُوا عَلى أنَّ المُرادَ في هَذِهِ الآيَةِ الإخْوَةُ لِلْأُمِّ. ويُوَضِّحُ ذَلِكَ قِراءَةُ أُبَيٍّ: (ولَهُ أخٌ أوْ أُخْتٌ مِنَ الأُمِّ) . وقِراءَةُ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ: (ولَهُ أخٌ أوْ أُخْتٌ مِن أُمٍّ)، واخْتِلافُ الحُكْمَيْنِ هُنا وفي آخِرِ السُّورَةِ يَدُلُّ عَلى اخْتِلافِ المَحْكُومِ لَهُ، إذْ هُنا الِابْنانِ أوِ الإخْوَةُ يَشْتَرِكُونَ في الثُّلُثِ فَقَطْ ذُكُورًا أوْ إناثًا بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهم. وهُناكَ يَحُوزُونَ المالَ؛ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، والبِنْتانِ لَهُما الثُّلُثانِ، والضَّمِيرُ في (مِنهُما) الظّاهِرُ أنَّهُ يَعُودُ عَلى ﴿أخٌ أوْ أُخْتٌ﴾ . وعَلى ما جَوَّزَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ يَعُودُ عَلى أحَدِ رَجُلٍ وامْرَأةٍ وأحَدِ أخٍ وأُخْتٍ، ولَوْ ماتَتْ عَنْ زَوْجٍ وأُمٍّ وأشِقّاءَ فَلَهُ النِّصْفُ ولَهُما السُّدُسُ، ولَهُمُ الباقِي أوَّلًا فَلَهُمُ الثُّلُثُ. أوْ أخَوَيْنِ لِأُمٍّ أشِقّاءَ فَهَذِهِ الحَمّادِيَّةُ. فَهَلْ يَشْتَرِكُ الجَمِيعُ في الثُّلُثِ، أمْ يَنْفَرِدُ بِهِ الأخَوانِ لِأُمٍّ ؟ قَوْلانِ، قالَ بِالتَّشْرِيكِ عُمَرُ في آخِرِ قَضائِهِ، وابْنُ مَسْعُودٍ وزَيْدُ بْنُ ثابِتٍ وأبُو حَنِيفَةَ وأصْحابُهُ. وقالَ بِالِانْفِرادِ: عَلِيٌّ وأبُو مُوسى، وأُبَيٌّ، وابْنُ عَبّاسٍ.
﴿فَإنْ كانُوا أكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهم شُرَكاءُ في الثُّلُثِ﴾ الإشارَةُ بِذَلِكَ إلى أخٍ أوْ أُخْتٍ، أيْ أكْثَرَ مِن واحِدٍ. لِأنَّ المَحْكُومَ عَلَيْهِ بِأنَّ لَهُ السُّدُسَ هو كُلُّ واحِدٍ مِنَ الأخِ والأُخْتِ فَهو واحِدٌ، ولَمْ يُحْكَمْ عَلى الِاثْنَيْنِ بِأنَّ لَهُما جَمِيعًا السُّدُسَ، فَتَصِحُّ الأكْثَرِيَّةُ فِيما أُشِيرَ إلَيْهِ وهو ذَلِكَ، بَلِ المَعْنى هُنا بِأكْثَرَ يَعْنِي: فَإنْ كانَ مَن يَرِثُ زائِدًا عَلى ذَلِكَ أيْ: عَلى الواحِدِ، لِأنَّهُ لا يَصِحُّ أنْ يَقُولَ هَذا أكْثَرُ مِن واحِدٍ إلّا بِهَذا المَعْنى، لِتَنافِي مَعْنى كَثِيرٍ وواحِدٍ، إذِ الواحِدُ لا كَثْرَةَ فِيهِ. وفي قَوْلِهِ: ﴿فَإنْ كانُوا﴾، و﴿فَهم شُرَكاءُ﴾ غَلَبَ ضَمِيرُ المُذَكَّرِ، ولِذَلِكَ جاءَ بِالواوِ وبِلَفْظِ: فَهم، هَذا كُلُّهُ عَلى ما قُرِّرَتْ فِيهِ الأحْكامُ. وظاهِرُ الآيَةِ: أنَّهُ إذا تَرَكَ أخًا أوْ أُخْتًا، أيْ أحَدَ هَذَيْنِ، فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما السُّدُسُ أوْ أكْثَرُ اشْتَرَكُوا في الثُّلُثِ، أمّا إذا تَرَكَ اثْنَيْنِ مِن أخٍ أوْ أُخْتٍ، فَلا يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ ظاهِرُ الآيَةِ.
﴿مِن بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصى بِها أوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضارٍّ وصِيَّةً مِنَ اللَّهِ﴾ الضَّمِيرُ في ﴿يُوصى﴾ عائِدٌ عَلى رَجُلٌ، كَما عادَ عَلَيْهِ في: ﴿ولَهُ أخٌ﴾ . ويُقَوِّي عَوْدَ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ أنَّهُ هو المَوْرُوثُ لا الوارِثُ، لِأنَّ الَّذِي يُوصِي أوْ يَكُونُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ هو المَوْرُوثَ لا الوارِثَ. ومَن فَسَّرَ قَوْلَهُ: ﴿وإنْ كانَ رَجُلٌ﴾ أنَّهُ هو الوارِثُ لا المَوْرُوثُ - جَعَلَ الفاعِلَ في ﴿يُوصى﴾ عائِدًا عَلى ما دَلَّ عَلَيْهِ المَعْنى مِنَ الوارِثِ. كَما دَلَّ المَعْنى عَلى الفاعِلِ في قَوْلِهِ: ﴿فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ﴾ [النساء: ١١] لِأنَّهُ عُلِمَ أنَّ المُوصِيَ والتّارِكَ لا يَكُونُ إلّا المَوْرُوثَ، لا الوارِثَ. والمُرادُ: غَيْرُ مُضارٍّ ورَثَتَهُ بِوَصِيَّتِهِ أوْ دَيْنِهِ. ووُجُوهُ المُضارَّةِ كَثِيرَةٌ: كَأنْ يُوصِيَ بِأكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، أوْ لِوارِثِهِ، أوْ بِالثُّلُثِ، أوْ يُحابِيَ بِهِ، أوْ يَهَبَهُ، أوْ يَصْرِفَهُ إلى وُجُوهِ القُرْبِ مِن عِتْقٍ وشِبْهِهِ فِرارًا عَنْ وارِثٍ مُحْتاجٍ، أوْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ لَيْسَ عَلَيْهِ. ومَشْهُورُ مَذْهَبِ مالِكٍ أنَّهُ ما دامَ في الثُّلُثِ لا يُعَدُّ مُضارًّا، ويَنْبَغِي اعْتِبارُ هَذا القَيْدِ وهو انْتِفاءُ الضَّرَرِ فِيما تَقَدَّمَ مِن ذِكْرِ قَوْلِهِ: ﴿مِن بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصى بِها﴾ ( وتُوصُونَ ويُوصِينَ يَكُونُ قَدْ حُذِفَ مِمّا سَبَقَ لِدَلالَةِ ما بَعْدَهُ عَلَيْهِ، فَلا يَخْتَصُّ مِن حَيْثُ المَعْنى انْتِفاءُ الضَّرَرِ بِهَذِهِ الآيَةِ المُتَأخِّرَةِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: الضِّرارُ في الوَصِيَّةِ مِنَ الكَبائِرِ، (p-١٩١)ورَواهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ . وعَنْهُ ﷺ مِن حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ (مَن ضارَّ في وصِيَّتِهِ ألْقاهُ اللَّهُ في وادِي جَهَنَّمَ) وقالَ السُّدِّيُّ: نَهى اللَّهُ عَنِ الضِّرارِ في الحَياةِ وعِنْدَ المَماتِ.
قالُوا: وانْتِصابُ ﴿غَيْرَ مُضارٍّ﴾ عَلى الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ المُسْتَكِنِّ في ﴿يُوصى﴾، والعامِلُ فِيهِما ﴿يُوصى﴾ . ولا يَجُوزُ ما قالُوهُ؛ لِأنَّ فِيهِ فَصْلًا بَيْنَ العامِلِ والمَعْمُولِ بِأجْنَبِيٍّ مِنهُما، وهو قَوْلُهُ: أوْ دَيْنٍ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ: أوْ دَيْنٍ مَعْطُوفٌ عَلى وصِيَّةٍ المَوْصُوفَةِ بِالعامِلِ في الحالِ. ولَوْ كانَ عَلى ما قالُوهُ مِنَ الأعْرابِ لَكانَ التَّرْكِيبُ: مِن بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصى بِها غَيْرَ مُضارٍّ أوْ دَيْنٍ. وعَلى قِراءَةِ مَن قَرَأ: (يُوصى) بِفَتْحِ الصّادِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، لا يَصِحُّ أنْ يَكُونَ حالًا لِما ذَكَرْناهُ، ولِأنَّ المُضارَّ لَمْ يُذْكَرْ؛ لِأنَّهُ مَحْذُوفٌ قامَ مَقامَهُ المَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، ولا يَصِحُّ وُقُوعُ الحالِ مِن ذَلِكَ المَحْذُوفِ. لَوْ قُلْتَ: تُرْسَلُ الرِّياحُ مُبَشِّرًا بِها بِكَسْرِ الشِّينِ - لَمْ يَجُزْ، وإنْ كانَ المَعْنى: يُرْسِلُ اللَّهُ الرِّياحَ مُبَشِّرًا بِها. والَّذِي يَظْهَرُ أنَّهُ يُقَدَّرُ لَهُ ناصِبٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ ما قَبْلَهُ مِنَ المَعْنى، ويَكُونُ عامًّا لِمَعْنى ما يَتَسَلَّطُ عَلى المالِ بِالوَصِيَّةِ أوِ الدَّيْنِ، وتَقْدِيرُهُ: يَلْزَمُ ذَلِكَ مالَهُ أوْ يُوجِبُهُ فِيهِ غَيْرَ مُضارٍّ بِوَرَثَتِهِ بِذَلِكَ الإلْزامِ أوِ الإيجابِ. وقِيلَ: يُضْمَرُ ﴿يُوصِي﴾ [النساء: ١١] لِدَلالَةِ ﴿يُوصى﴾ عَلَيْهِ، كَقِراءَةِ (يُسَبَّحُ) بِفَتْحِ الباءِ. وقالَ رِجالٌ: أيْ يُسَبِّحُهُ رِجالٌ. وانْتِصابُ ﴿وصِيَّةً مِنَ اللَّهِ﴾ عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ، أيْ: يُوصِيكُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ وصِيَّةً، كَما انْتَصَبَ ﴿فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ﴾ [النساء: ١١] .
وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: هو مَصْدَرٌ في مَوْضِعِ الحالِ، والعامِلُ ﴿يُوصِيكُمُ﴾ [النساء: ١١] . وقِيلَ: هو نَصْبٌ عَلى الخُرُوجِ مِن قَوْلِهِ: ﴿فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما السُّدُسُ﴾ أوْ مِن قَوْلِهِ: ﴿فَهم شُرَكاءُ في الثُّلُثِ﴾ وجَوَّزَ هو والزَّمَخْشَرِيُّ نَصْبَ وصِيَّةً بِـ ﴿مُضارٍّ﴾ عَلى سَبِيلِ التَّجَوُّزِ؛ لِأنَّ المُضارَّةَ في الحَقِيقَةِ إنَّما تَقَعُ بِالوَرَثَةِ لا بِالوَصِيَّةِ، لَكِنَّهُ لَمّا كانَ الوَرَثَةُ قَدْ وصّى اللَّهُ تَعالى بِهِمْ صارَ الضَّرَرُ الواقِعُ بِالوَرَثَةِ كَأنَّهُ وقَعَ بِالوَصِيَّةِ. ويُؤَيِّدُ هَذا التَّخْرِيجَ قِراءَةُ الحَسَنِ: (غَيْرَ مُضارِّ وصِيَّةٍ)، فَخَفَضَ (وصِيَّةً) بِإضافَةِ ﴿مُضارٍّ﴾ إلَيْهِ، وهو نَظِيرُ: يا سارِقَ اللَّيْلَةِ، المَعْنى: يا سارِقِي في اللَّيْلَةِ، لَكِنَّهُ اتَّسَعَ في الفِعْلِ، فَعَدّاهُ إلى الظَّرْفِ تَعْدِيَتَهُ لِلْمَفْعُولِ بِهِ، وكَذَلِكَ التَّقْدِيرُ في هَذا: غَيْرَ مُضارٍّ في وصِيَّةٍ مِنَ اللَّهِ، فاتَّسَعَ وعَدّى اسْمَ الفاعِلِ إلى ما يَصِلُ إلَيْهِ بِوَساطَةٍ في تَعْدِيَتِهِ لِلْمَفْعُولِ بِهِ.
﴿واللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ عَلِيمٌ بِمَن جارَ أوْ عَدَلَ، حَلِيمٌ عَنِ الجائِرِ لا يُعاجِلُهُ بِالعُقُوبَةِ، قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. وفِيهِ دَسِيسَةُ الِاعْتِزالِ، أيْ: أنَّ الجائِرَ وإنْ لَمْ يُعاجِلْهُ اللَّهُ بِالعُقُوبَةِ فَلا بُدَّ لَهُ مِنها. والَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ حَلِيمٌ هو أنْ لا يُؤاخِذُ بِالذَّنْبِ كَما يَقُولُهُ أهْلُ السُّنَّةِ. وعَلى قَوْلِهِمْ يَكُونُ هَذا الوَصْفُ يَدُلُّ عَلى الصَّفْحِ عَنْهُ ألْبَتَّةَ. وحَسُنَ ذَلِكَ هُنا لِأنَّهُ لَمّا وصَفَ نَفْسَهُ بِقَوْلِهِ: عَلِيمٌ، ودَلَّ عَلى اطِّلاعِهِ عَلى ما يَفْعَلُهُ المَوْرُوثُ في مُضارَّتِهِ بِوَرَثَتِهِ في وصِيَّتِهِ ودَيْنِهِ، وأنَّ ذِكْرَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلى مُجازاتِهِ عَلى مُضارَّتِهِ، أعْقَبَ ذَلِكَ بِالصِّفَةِ الدّالَّةِ عَلى الصَّفْحِ عَمَّنْ شاءَ، وذَلِكَ عَلى عادَةِ أكْثَرِ القُرْآنِ بِأنَّهُ لا يَذْكُرُ ما يَدُلُّ عَلى العِقابِ، إلّا ويُرْدِفُ بِما دَلَّ عَلى العَفْوِ. وانْظُرْ إلى حُسْنِ هَذا التَّقْسِيمِ في المِيراثِ، وسَبَبُ المِيراثِ هو الِاتِّصالُ بِالمَيِّتِ، فَإنْ كانَ بِغَيْرِ واسِطَةٍ فَهو النَّسَبُ أوِ الزَّوْجِيَّةُ، أوْ بِواسِطَةٍ فَهو الكَلالَةُ. فَتَقَدَّمَ الأوَّلُ عَلى الثّانِي لِأنَّهُ ذاتِيٌّ، والثّانِي عَرَضٌ، وأخَّرَ الكَلالَةَ عَنْهُما لِأنَّ الِاثْنَيْنِ لا يَعْرِضُ لَهُما سُقُوطٌ بِالكُلِّيَّةِ، ولِكَوْنِ اتِّصالِهِما بِغَيْرِ واسِطَةٍ، ولِأكْثَرِيَّةِ المُخالَطَةِ. انْتَهى مُلَخَّصًا مِن كَلامِ الرّازِيِّ في تَفْسِيرِهِ.
{"ayah":"۞ وَلَكُمۡ نِصۡفُ مَا تَرَكَ أَزۡوَ ٰجُكُمۡ إِن لَّمۡ یَكُن لَّهُنَّ وَلَدࣱۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدࣱ فَلَكُمُ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكۡنَۚ مِنۢ بَعۡدِ وَصِیَّةࣲ یُوصِینَ بِهَاۤ أَوۡ دَیۡنࣲۚ وَلَهُنَّ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكۡتُمۡ إِن لَّمۡ یَكُن لَّكُمۡ وَلَدࣱۚ فَإِن كَانَ لَكُمۡ وَلَدࣱ فَلَهُنَّ ٱلثُّمُنُ مِمَّا تَرَكۡتُمۚ مِّنۢ بَعۡدِ وَصِیَّةࣲ تُوصُونَ بِهَاۤ أَوۡ دَیۡنࣲۗ وَإِن كَانَ رَجُلࣱ یُورَثُ كَلَـٰلَةً أَوِ ٱمۡرَأَةࣱ وَلَهُۥۤ أَخٌ أَوۡ أُخۡتࣱ فَلِكُلِّ وَ ٰحِدࣲ مِّنۡهُمَا ٱلسُّدُسُۚ فَإِن كَانُوۤا۟ أَكۡثَرَ مِن ذَ ٰلِكَ فَهُمۡ شُرَكَاۤءُ فِی ٱلثُّلُثِۚ مِنۢ بَعۡدِ وَصِیَّةࣲ یُوصَىٰ بِهَاۤ أَوۡ دَیۡنٍ غَیۡرَ مُضَاۤرࣲّۚ وَصِیَّةࣰ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق