الباحث القرآني

﴿وَلَكم نِصْفُ ما تَرَكَ أزْواجُكُمْ﴾ أيْ: زَوْجاتُكم ﴿إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ ولَدٌ﴾ أيِ: ابْنٌ، أوْ بِنْتٌ. ﴿فَإنْ كانَ لَهُنَّ ولَدٌ﴾ مِنكُمْ، أوْ مِن غَيْرِكُمْ، ﴿فَلَكُمُ الرُبُعُ مِمّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أوْ دَيْنٍ ولَهُنَّ الرُبُعُ مِمّا تَرَكْتُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَكم ولَدٌ فَإنْ كانَ لَكم ولَدٌ فَلَهُنَّ الثُمُنُ مِمّا تَرَكْتُمْ (p-٣٣٨)مِن بَعْدِ وصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أوْ دَيْنٍ﴾ والواحِدَةُ والجَماعَةُ سَواءٌ في الرُبُعِ والثُمُنِ. جَعَلَ مِيراثَ الزَوْجِ ضِعْفَ مِيراثِ الزَوْجَةِ، لِدَلالَةِ قَوْلِهِ: ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ﴾ ﴿وَإنْ كانَ رَجُلٌ﴾ يَعْنِي: المَيِّتَ، وهو اسْمُ كانَ ﴿يُورَثُ﴾ مِن وُرِثَ، أيْ: يُورَثُ مِنهُ، وهو صِفَةٌ لِرَجُلٍ ﴿كَلالَةً﴾ خَبَرُ كانَ، أيْ: وإنْ كانَ رَجُلٌ مَوْرُوثٌ مِنهُ كَلالَةً، أوْ "يُورَثُ" خَبَرُ كانَ، و"كَلالَةً" حالٌ مِنَ الضَمِيرِ في "يُورَثُ"، و"الكَلالَةُ" تُطْلَقُ عَلى مَن لَمْ يُخَلِّفْ ولَدًا ولا والِدًا، وعَلى مَن لَيْسَ بِوَلَدٍ ولا والِدٍ مِنَ المُخَلَّفِينَ، وهو في الأصْلِ مَصْدَرٌ بِمَعْنى الكَلالِ، وهو ذَهابُ القُوَّةِ مِنَ الإعْياءِ. ﴿أوِ امْرَأةٌ﴾ عَطْفٌ عَلى رَجُلٍ ﴿وَلَهُ أخٌ أوْ أُخْتٌ﴾ أيْ: لِأُمٍّ، فَإنْ قُلْتَ: قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الرَجُلِ والمَرْأةِ، فَلِمَ أفْرَدَ الضَمِيرُ وذَكَرَّهُ؟ قُلْتُ: أمّا إفْرادُهُ: فَلِأنَّ "أوْ" لِأحَدِ الشَيْئَيْنِ، وأمّا تَذْكِيرُهُ فَلِأنَّهُ يَرْجِعُ إلى رَجُلٍ، لِأنَّهُ مُذَكَّرٌ مَبْدُوءٌ بِهِ، أوْ يَرْجِعُ إلى أحَدِهِما، وهو مُذَكَّرٌ، ﴿فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما السُدُسُ فَإنْ كانُوا أكْثَرَ مِن ذَلِكَ﴾ مِن واحِدٍ ﴿فَهم شُرَكاءُ في الثُلُثِ﴾ لِأنَّهم يَسْتَحِقُّونَ بِقَرابَةِ الأُمِّ، وهي لا تَرِثُ أكْثَرَ مِنَ الثُلُثِ، ولِهَذا لا يُفَضَّلُ الذَكَرُ مِنهم عَلى الأُنْثى ﴿مِن بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصى بِها أوْ دَيْنٍ﴾ إنَّما كُرَّرَتِ الوَصِيَّةُ لِاخْتِلافِ المُوصِينَ، فالأوَّلُ: الوالِدانِ والأوْلادُ، والثانِي: الزَوْجَةُ، والثالِثُ: الزَوْجُ، والرابِعُ: الكَلالَةُ، ﴿غَيْرَ مُضارٍّ﴾ حالٌ، أيْ: يُوصِي بِها وهو غَيْرُ مَضارٍّ لِوَرَثَتِهِ، وذَلِكَ بِأنْ ﴿وَصِيَّةً مِنَ اللهِ﴾ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ، أيْ: يُوصِيكم بِذَلِكَ وصِيَّةً ﴿واللهُ عَلِيمٌ﴾ مِمَّنْ جارَ، أوْ عَدَلَ في وصِيَّتِهِ، ﴿حَلِيمٌ﴾ عَلى الجائِرِ لا يُعاجِلُهُ بِالعُقُوبَةِ، وهَذا وعِيدٌ، فَإنْ قُلْتَ: فَأيْنَ ذُو الحالِ فِيمَن قَرَأ يُوصِي بِها ؟ قُلْتُ: يُضْمَرُ يُوصِي فَيَنْتَصِبُ عَنْ فاعِلِهِ، لِأنَّهُ لَمّا قِيلَ: يُوصى بِها عُلِمَ أنَّ ثَمَّ مُوصِيًا. كَما كانَ "رِجالٌ" فاعِلٌ ما يَدُلُّ عَلَيْهِ يُسَبَّحُ، لِأنَّهُ لَمّا قِيلَ: ﴿يُسَبِّحُ لَهُ﴾ [النُورُ: ٣٦] عُلِمَ أنَّ ثَمَّ مُسَبِّحًا فَأضْمَرَ يُسَبِّحُ. (p-٣٣٩)واعْلَمْ أنَّ الوَرَثَةَ أصْنافٌ: أصْحابُ الفَرائِضِ، وهُمُ الَّذِينَ لَهم سِهامٌ مُقَدَّرَةٌ: كالبِنْتِ: ولَها النِصْفُ، ولِلْأكْثَرِ الثُلُثانِ، وبِنْتِ الِابْنِ وإنْ سَفُلَتْ: وهي عِنْدَ عَدَمِ الوَلَدِ كالبِنْتِ، ولَها مَعَ البِنْتِ الصُلْبِيَّةِ السُدْسُ، وتَسْقُطُ بِالِابْنِ وبِنْتَيِ الصُلْبِ إلّا أنْ يَكُونَ مَعَها غُلامٌ فَيَعْصِبُها، والأخَواتِ لِأبٍ وأُمٍّ: وهُنَّ عِنْدَ عَدَمِ الوَلَدِ ووَلَدِ الِابْنِ كالبَناتِ، والأخَواتِ لِأبٍ، وهُنَّ كالأخَواتِ لِأبٍ وأُمٍّ عِنْدَ عَدَمِهِنَّ، ويَصِيرُ الفَرِيقانِ عَصَبَةً مَعَ البِنْتِ أوْ بِنْتِ الِابْنِ، ويَسْقُطْنَ بِالِابْنِ وابْنِهِ وإنْ سَفُلَ والأبِ وبِالجَدِّ عِنْدَ أبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ ووَلَدِ الأُمِّ، فَلِلْواحِدِ السُدُسِ ولِلْأكْثَرِ الثُلُثُ، وذَكَرُهم كَأُنْثاهُمْ، ويَسْقُطُونَ بِالوَلَدِ ووَلَدِ الِابْنِ وإنْ سَفُلَ والأبِ والجَدِّ، والأبُ: ولَهُ السُدُسُ مَعَ الِابْنِ أوِ ابْنِ الِابْنِ وإنْ سَفُلَ، ومَعَ البِنْتِ أوْ بِنْتِ الِابْنِ وإنْ سَفُلَتِ السُدُسُ والباقِي، والجَدُّ: وهو أبُو الأبِ، وهو كالأبِ عِنْدَ عَدَمِهِ، إلّا في رَدِّ الأُمِّ إلى ثُلُثِ ما يَبْقى، والأُمُّ: ولَها السُدُسُ مَعَ الوَلَدِ أوْ ولَدِ الِابْنِ وإنْ سَفُلَ، أوِ الِاثْنَيْنِ مِنَ الإخْوَةِ والأخَواتِ فَصاعِدًا مِن أيِّ جِهَةٍ كانا، وثُلُثُ الكُلِّ عِنْدَ عَدِمَهُمْ، وثُلُثُ ما يَبْقى بَعْدَ فَرْضِ أحَدِ الزَوْجَيْنِ في زَوْجٍ وأبَوَيْنِ، أوْ زَوْجَةٍ وأبَوَيْنِ، والجَدَّةُ: ولَها السُدُسُ وإنْ كَثُرَتْ لِأُمٍّ كانَتْ أوْ لِأبٍ، والبُعْدى تُحْجَبُ بِالقُرْبى، والكُلُّ بِالأُمِّ، والأبَوِيّاتِ بِالأبِ، والزَوْجُ: ولَهُ الرُبُعُ مَعَ الوَلَدِ، أوْ ولَدِ الِابْنِ وإنْ سَفُلَ، وعِنْدَ عَدَمِهِ النِصْفُ، والزَوْجَةُ: ولَها الثُمُنُ مَعَ الوَلَدِ أوْ ولَدِ الِابْنِ وإنْ سَفُلَ، وعِنْدَ عَدَمِهِ الرُبُعُ، والعَصَباتُ: وهُمُ الَّذِينَ يَرِثُونَ ما بَقِيَ مِنَ الفَرْضِ، وأوْلاهُمُ: الِابْنُ، ثُمَّ ابْنُهُ وإنْ سَفُلَ، ثُمَّ الأبُ، ثُمَّ أبُوهُ وإنْ عَلا، ثُمَّ الأخُ لِأبٍ وأُمٍّ، ثُمَّ الأخُ لِأبٍ، ثُمَّ ابْنُ الأخِ لِأبٍ وأُمٍّ، ثُمَّ ابْنُ الأخِ لِأبٍ، ثُمَّ الأعْمامُ، ثُمَّ أعْمامُ الأبِ، ثُمَّ أعْمامُ الجَدِّ، ثُمَّ المُعْتَقُ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ عَلى التَرْتِيبِ، واللاتِي فَرْضُهُنَّ النِصْفُ والثُلُثانِ يَصِرْنَ عَصَبَةً بِأخَواتِهِنَّ لا غَيْرِهِنَّ، وذَوُو الأرْحامِ: وهُمُ الأقارِبُ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنَ العَصَباتِ ولا مِن أصْحابِ الفَرائِضِ، وتَرْتِيبُهم كَتَرْتِيبِ العَصَباتِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب