الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً﴾ قَرَأ الحَسَنُ: "يُوَرِّثُ" بِفَتْحِ الواوِ، وكَسْرِ الرّاءِ مَعَ التَّشْدِيدِ. وفي الكَلالَةِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّها ما دُونُ الوالِدِ والوَلَدِ، قالَهُ أبُو بَكْرٍ الصِّدِيقُ. وقالَ عُمَرُ ابْنُ الخَطّابِ: أتى عَلى حِينٍ وأنا لا أعْرِفُ ما الكَلالَةُ، فَإذا هُوَ: مَن لَمْ يَكُنْ لَهُ والِدًا ولا ولَدًا، وهَذا قَوْلُ عَلِيٍّ، وابْنِ مَسْعُودَ، وزَيْدِ بْنِ ثابِتٍ، وابْنِ عَبّاسٍ، (p-٣١)والحَسَنِ، وسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وعَطاءٍ، والزُّهْرِيِّ، وقَتادَةَ، والفَرّاءِ، وذَكَرَ الزَّجّاجُ عَنْ أهْلِ اللُّغَةِ، أنَّ "الكَلالَةَ": مِن قَوْلِهِمْ: تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ، أيْ: لَمْ يَكُنِ الَّذِي يَرِثُهُ ابْنُهُ، ولا أباهُ. قالَ: والكَلالَةُ سِوى الوالِدِ والوَلَدِ، وإنَّما هو كالإكْلِيلِ عَلى الرَّأْسِ. وذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ أنَّهُ مَصْدَرُ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ: إذا أحاطَ بِهِ. والِابْنُ والأبُ: طَرَفانِ لِلرِّجْلِ، فَإذا ماتَ، ولَمْ يَخْلُفْهُما، فَقَدْ ماتَ عَنْ ذَهابِ طَرَفَيْهِ، فَسُمِّيَ ذَهابُ الطَّرَفَيْنِ: كَلالَةً [وَكَأنَّها اسْمٌ لِلْمُصِيبَةِ في تَكَلَّلَ النَّسَبُ مَأْخُوذٌ مِنهُ؛ نَحْوُ هَذا قَوْلُهُمْ: وجَّهْتُ الشَّيْءَ" أخَذَتُ وجْهَهُ، وثَغَرْتُ الرَّجُلَ: كَسَرْتُ ثَغْرَهُ] والثّانِي: أنَّ الكَلالَةَ: مَن لا ولَدَ لَهُ، رَواهُ ابْنُ عَبّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ، وهو قَوْلُ طاوُسَ. والثّالِثُ: أنَّ الكَلالَةَ: ما عَدا الوالِدَ، قالَهُ الحَكَمُ. والرّابِعُ: أنَّ الكَلالَةَ: بَنُو العَمِّ الأباعِدِ، ذَكَرَهُ ابْنُ فارِسٍ، عَنِ ابْنِ الأعْرابِيِّ. واخْتَلَفُوا عَلى ما يَقَعُ اسْمَ الكَلالَةِ عَلى ثَلاثَةِ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ اسْمٌ لِلْحَيِّ الوارِثِ، وهَذا مَذْهَبُ أبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ، وعامَّةُ (p-٣٢)العُلَماءِ الَّذِينَ قالُوا: إنَّ الكَلالَةَ مِن دُونِ الوالِدِ والوَلَدِ، فَإنَّهم قالُوا: الكَلالَةُ: اسْمٌ لِلْوَرَثَةِ إذا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ ولَدٌ ولا والِدٌ، قالَ بَعْضُ الأعْرابِ: مالِي كَثِيرٌ، ويَرِثُنِي كَلالَةٌ مُتَراخٍ نَسَبُهم. والثّانِي: أنَّهُ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والسُّدِّيُّ، وأبُو عُبَيْدَةَ في جَماعَةٍ. قالَ القاضِي أبُو يَعْلى: الكَلالَةُ: اسْمٌ لِلْمَيِّتِ، ولِحالِهِ، وصِفَتِهِ، ولِذَلِكَ انْتَصَبَ. والثّالِثُ: أنَّهُ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ والحَيِّ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. وَفِيما أُخِذَتْ مِنهُ الكَلالَةُ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ اسْمٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الإحاطَةِ، ومِنهُ الإكْلِيلُ، لِإحاطَتِهِ بِالرَّأْسِ. والثّانِي: أنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الكَلالِ، وهو التَّعَبُ، كَأنَّهُ يَصِلُ إلى المِيراثِ مِن بُعْدٍ وإعْياءٍ. قالَ الأعْشى: ؎ فَآَلَيْتُ لا أرْثِي لَها مِن كَلالَةٍ ولا مَن حَفى حَتّى تَزُورَ مُحَمَّدًا (p-٣٣)قَوْلُهُ: ﴿وَلَهُ أخٌ أوْ أُخْتٌ﴾ يَعْنِي: مِنَ الأُمِّ بِإجْماعِهِمْ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَهم شُرَكاءُ في الثُّلُثِ﴾ قالَ قَتادَةُ: ذَكَرَهم وأُنْثاهم فِيهِ سَواءٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿غَيْرَ مُضارٍّ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: غَيْرُ مَنصُوبٍ عَلى الحالِ، والمَعْنى: يُوصِي بِها غَيْرَ مُضارٍّ، يَعْنِي: لِلْوَرَثَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب