الباحث القرآني
وَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣]
قالَ: ذاكَ نُورُهُ الَّذِي هو نُورُهُ إذا تَجَلّى بِهِ لَمْ يَقُمْ لَهُ شَيْءٌ.
وَهَذا النُّورُ الَّذِي يَظْهَرُ لِلصّادِقِ: هو نُورُ الإيمانِ الَّذِي أخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ﴾ [النور: ٣٥] قالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: مَثَلُ نُورِهِ في قَلْبِ المُؤْمِنِ فَهَذا نُورٌ يُضافُ إلى الرَّبِّ، ويُقالُ: هو نُورُ اللَّهِ، كَما أضافَهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ إلى نَفْسِهِ، والمُرادُ: نُورُ الإيمانِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ خَلْقًا وتَكْوِينًا، كَما قالَ تَعالى: ﴿وَمَن لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَما لَهُ مِن نُورٍ﴾ [النور: ٤٠]
فَهَذا النُّورُ إذا تَمَكَّنَ مِنَ القَلْبِ، وأشْرَقَ فِيهِ فاضَ عَلى الجَوارِحِ، فَيُرى أثَرُهُ في الوَجْهِ والعَيْنِ، ويَظْهَرُ في القَوْلِ والعَمَلِ، وقَدْ يَقْوى حَتّى يُشاهِدَهُ صاحِبُهُ عِيانًا، وذَلِكَ لِاسْتِيلاءِ أحْكامِ القَلْبِ عَلَيْهِ، وغَيْبَةِ أحْكامِ النَّفْسِ.
والعَيْنُ شَدِيدَةُ الِارْتِباطِ بِالقَلْبِ تُظْهِرُ ما فِيهِ، فَتَقْوى مادَّةُ النُّورِ في القَلْبِ ويَغِيبُ صاحِبُهُ بِما في قَلْبِهِ عَنْ أحْكامِ حِسِّهِ، بَلْ وعَنْ أحْكامِ العِلْمِ، فَيَنْتَقِلُ مِن أحْكامِ العِلْمِ إلى أحْكامِ العِيانِ.
وَسِرُّ المَسْألَةِ: أنَّ أحْكامَ الطَّبِيعَةِ والنَّفْسِ شَيْءٌ، وأحْكامَ القَلْبِ شَيْءٌ، وأحْكامَ الرُّوحِ شَيْءٌ، وأنْوارَ العِباداتِ شَيْءٌ، وأنْوارَ اسْتِيلاءِ مَعانِي الصِّفاتِ والأسْماءِ عَلى القَلْبِ شَيْءٌ، وأنْوارَ الذّاتِ المُقَدَّسَةِ شَيْءٌ وراءَ ذَلِكَ كُلِّهِ.
فَهَذا البابُ يَغْلَطُ فِيهِ رَجُلانِ؛ أحَدُهُما: غَلِيظُ الحِجابِ، كَثِيفُ الطَّبْعِ، والآخَرُ: قَلِيلُ العِلْمِ، يَلْتَبِسُ عَلَيْهِ ما في الذِّهْنِ بِما في الخارِجِ، ونُورُ المُعامَلاتِ بِنُورِ رَبِّ الأرْضِ والسَّماواتِ ﴿وَمَن لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَما لَهُ مِن نُورٍ﴾.
* (فصل)
وقد ضرب سبحانه وتعالى النور في قلب عبده مثلًا لا يعقله إلا العالمون فقال سبحانه وتعالى: ﴿الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم﴾
قال أبي بن كعب: مثل نوره في قلب المسلم.
وهذا هو النور الذي أودعه في قلبه من معرفته ومحبته والإيمان به وذكره، وهو نوره الذي أنزله إليهم فأحياهم به وجعلهم يمشون به بين الناس، وأصله في قلوبهم ثم تقوى مادته فتتزايد حتى يظهر على وجوههم وجوارحهم وأبدانهم، بل ثيابهم ودورهم، يبصره من هو من جنسهم وسائر الخلق له منكر.
فإذا كان يوم القيامة برز ذلك النور وصار بإيمانهم يسعى بين أيديهم في ظلمة الجسر حتى يقطعوه، وهم فيه على حسب قوته وضعفه في قلوبهم في الدنيا، فمنهم من نوره كالشمس وآخر كالقمر وآخر كالنجوم وآخر كالسراج وآخر يعطي نورًا على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفأ أخرى إذا كانت هذه حال نوره في الدنيا فأعطى على الجسر بمقدار ذلك، بل هو نفس نوره ظهر له عيانًا، ولما لم يكن للمنافق نور ثابت في الدنيا بل كان نوره ظاهرًا لا باطنًا أعطى نورًا ظاهرًا مآله إلى الظلمة والذهاب.
وضرب الله عز وجل لهذا النور ومحله وحامله ومادته مثلًا بالمشكاة وهي الكوة في الحائط فهي مثل الصدر، وفي تلك المشكاة زجاجة من أصفى الزجاج وحتى شبهت بالكوكب الدري في بياضه وصفائه وهي مثل القلب، وشبه بالزجاجة لأنها جمعت أوصافًا هي في قلب المؤمن وهي الصفاء والرقة، فيرى الحق والهدى بصفائه، وتحصل منه الرأفة والرحمة والشفقة برقته، ويجاهد أعداء الله تعالى ويغلظ عليهم ويشتد في الحق ويصلب فيه بصلابته، ولا تبطل صفة منه صفة أخرى ولا تعارضها، بل تساعدها وتعاضدها، ﴿أشداء على الكفار رحماء بينهم﴾ وقال تعالى: ﴿فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك﴾ وقال تعالى: ﴿يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم﴾
وفي أثر القلوب: آنية الله تعالى في أرضه، فأحبها إليه وأرقها وأصلبها وأصفاها وبإزاء هذا القلب قلبان مذمومان في طرفي نقيض:
أحدهما: قلب حجري قاس لا رحمة فيه ولا إحسان ولا بر، ولا له صفاء يرى به الحق، بل هو جبار جاهل: لا علم له بالحق، ولا رحمة للخلق.
وبإزائه قلب ضعيف مائي لا قوة فيه ولا استمساك، بل يقبل كل صورة، وليس له قوة حفظ تلك الصور ولا قوة التأثير في غيره، وكل ما خالطه أثر فيه من قوي وضعيف، وطيب خبيث.
وفي الزجاجة مصباح، وهو النور الذي في الفتيلة، وهي حاملته.
ولذلك النور مادة، وهو زيت قد عصر من زيتونة في أعدل الأماكن تصيبها الشمس أول النهار وآخره، فزيتها من أصفى الزيت وأبعده من الكدر، حتى إنه ليكاد من صفائه يضيء بلا نار، فهذه مادة نور المصباح.
وكذلك مادة نور المصباح الذي في قلب المؤمن هو من شجرة الوحي التي هي أعظم الأشياء بركة وأبعدها من الانحراف، بل هي أوسط الأمور وأعدلها وأفضلها، لم تنحرف انحراف النصرانية ولا انحراف اليهودية، بل هي وسط بين الطرفين المذمومين في كل شيء، فهذه مادة مصباح الإيمان في قلب المؤمن.
ولما كان ذلك الزيت قد اشتد صفاؤه حتى كاد أن يضيء بنفسه، ثم خالط النار فاشتدت بها اضاءته وقويت مادة ضوء النار به، كان ذلك نورًا على نور.
وهكذا المؤمن قلبه مضيء يكاد يعرف الحق بفطرته وعقله ولكن لا مادة له من نفسه، فجاءت مادة الوحي فباشرت قلبه وخالطت بشاشته فازداد نورًا بالوحي على نوره الذي فطره الله تعالى عليه، فاجتمع له نور الوحي إلى نور الفطرة، نور على نور، فيكاد ينطق بالحق وإن لم يسمع فيه أثر، ثم يسمع الأثر مطابقًا لما شهدت به فطرته فيكون نورًا على نور، فهذا شأن المؤمن يدرك الحق بفطرته مجملًا ثم يسمع الأثر جاء به مفصلًا، فينشأ إيمانه عن شهادة الوحي والفطرة.
فليتأمل اللبيب هذه الآية العظيمة، ومطابقتها لهذه المعاني الشريفة.
فذكر سبحانه وتعالى نوره في السماوات والأرض، ونوره في قلوب عباده المؤمنين، النور المعقول المشهود بالبصائر والقلوب، والنور المحسوس المشهود بالأبصار الذي استنارت به أقطار العالم العلوي والسفلي، فهما نوران عظيمان أحدهما أعظم من الآخر، وكما أنه إذا فقد أحدهما من مكان أو موضع لم يعش فيه آدمي ولا غيره، لأن الحيوان إنما يتكون حيث النور، ومواضع الظلمة التي لا يشرق عليها نور لا يعيش فيها حيوان ولا يتكون ألبتة، فكذلك أمة فقد فيها نور الوحي والإيمان ميتة وقلب فقد منه هذا النور ميت ولا بد، لا حياة له ألبتة، كما لا حياة للحيوان في مكان لا نور فيه.
والله سبحانه وتعالى يقرن بين الحياة والنور كما في قوله عز وجل ﴿أومن كان ميتًا فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها﴾
وكذلك قوله عز وجل ﴿وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان، ولكن جعلناه نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا﴾.
* [فَصْلٌ: في ذِكْرِ الأنْوارِ وفِيهِ فَوائِدُ جَلِيلَةٌ]
واللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى سَمّى نَفْسَهُ نُورًا، وجَعَلَ كِتابَهُ نُورًا، ورَسُولَهُ ﷺ نُورًا، ودِينَهُ نُورًا، واحْتَجَبَ عَنْ خَلْقِهِ بِالنُّورِ، وجَعَلَ دارَ أوْلِيائِهِ نُورًا تَتَلَأْلَأُ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ المِصْباحُ في زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشاءُ ويَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثالَ لِلنّاسِ واللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [النور: ٣٥]
وَقَدْ فُسِّرَ: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ والأرْضِ. .﴾ بِكَوْنِهِ: مُنَوِّرُ السَّماواتِ والأرْضَ، وهادِي أهْلِ السَّماواتِ والأرْضِ، فَبِنُورِهِ اهْتَدى أهْلُ السَّماواتِ والأرْضِ، وهَذا إنَّما هو فِعْلُهُ، وإلّا فالنُّورُ الَّذِي هو مِن أوْصافِهِ، قائِمٌ بِهِ، ومِنهُ اشْتُقَّ لَهُ اسْمُ النُّورُ الَّذِي هو أحَدُ الأسْماءِ الحُسْنى.
والنُّورُ يُضافُ إلَيْهِ سُبْحانَهُ عَلى أحَدِ وجْهَيْنِ: إضافَةُ صِفَةٍ إلى مَوْصُوفِها، وإضافَةُ مَفْعُولٍ إلى فاعِلِهِ. فالأوَّلُ: كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَأشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّها. .﴾ [الزمر: ٦٩] الآيَةَ فَهَذا إشْراقُها يَوْمَ القِيامَةِ بِنُورِهِ تَعالى إذا جاءَ لِفَصْلِ القَضاءِ. ومِنهُ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ في الدُّعاءِ المَشْهُورِ:
«أعُوذُ بِنُورِ وجْهِكَ الكَرِيمِ أنْ تُضِلَّنِي لا إلَهَ إلّا أنْتَ»). وفي الأثَرِ الآخَرِ: («أعُوذُ بِنُورِ وجْهِكَ الَّذِي أشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُماتُ») فَأخْبَرَ ﷺ أنَّ الظُّلُماتِ أشْرَقَتْ لِنُورِ وجْهِهِ، كَما أخْبَرَ تَعالى: أنَّ الأرْضَ تُشْرِقُ يَوْمَ القِيامَةِ بِنُورِهِ.
وَفِي مُعْجَمِ الطَّبَرانِيِّ والسُّنَّةِ لَهُ، وكِتابِ عُثْمانَ الدّارِمِيِّ، وغَيْرِها، عَنِ ابْنِ
مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: «لَيْسَ عِنْدَ رَبِّكم لَيْلٌ ولا نَهارٌ، نُورُ السَّماواتِ والأرْضِ مِن نُورِ وجْهِهِ»)، وهَذا الَّذِي قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أقْرَبُ إلى تَفْسِيرِ الآيَةِ مِن قَوْلِ مَن فَسَّرَها بِأنَّهُ هادِي أهْلِ السَّماواتِ والأرْضِ،
" وأمّا مَن فَسَّرَها بِأنَّهُ مُنَوِّرُ السَّماواتِ والأرْضِ "
فَلا تَنافِي بَيْنَهُ وبَيْنَ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، والحَقُّ أنَّهُ نُورُ السَّماواتِ والأرْضِ بِهَذِهِ الِاعْتِباراتِ كُلِّها وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وغَيْرِهِ مِن حَدِيثِ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قامَ فِينا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِخَمْسِ " كَلِماتٍ " فَقالَ: «إنَّ اللَّهَ لا يَنامُ ولا يَنْبَغِي لَهُ أنْ يَنامَ يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ " عَمَلِ " النَّهارِ، وعَمَلُ النَّهارِ قَبْلَ " عَمَلِ " اللَّيْلِ، حِجابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأحْرَقَتْ سُبُحاتُ وجْهِهِ ما انْتَهى إلَيْهِ بَصَرُهُ مِن خَلْقِهِ»). وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قالَ: «سَألْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ هَلْ رَأيْتَ رَبَّكَ؟ قالَ: (نُورٌ أنّى أراهُ)» فَسَمِعْتُ شَيْخَ الإسْلامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ يَقُولُ: مَعْناهُ كانَ ثَمَّ نُورٌ، أوْ حالَ دُونَ رُؤْيَتِهِ نُورٌ فَأنّى أراهُ.
قالَ: ويَدُلُّ عَلَيْهِ أنَّ في بَعْضِ ألْفاظِ الصَّحِيحِ «هَلْ رَأيْتَ رَبَّكَ؟ فَقالَ: رَأيْتُ نُورًا»، وقَدْ أُعْضِلَ أمْرُ هَذا الحَدِيثِ عَلى كَثِيرٍ مِنَ النّاسِ حَتّى صَحَّفَهُ بَعْضُهم فَقالَ: «نُورانِيٌّ أراهُ»، عَلى أنَّها ياءُ النَّسَبِ، والكَلِمَةُ كَلِمَةٌ واحِدَةٌ وهَذا خَطَّأٌ لَفْظًا ومَعْنى، وإنَّما أوْجَبَ لَهم هَذا الإشْكالَ والخَطَأ أنَّهم لَمّا اعْتَقَدُوا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأى رَبَّهُ وكانَ قَوْلُهُ: «أنّى أراهُ»، كالإنْكارِ لِلرُّؤْيَةِ حارُوا في الحَدِيثِ ورَدَّهُ بَعْضُهم بِاضْطِرابِ لَفْظِهِ وكُلُّ هَذا عُدُولٌ عَنْ مُوجَبِ الدَّلِيلِ.
وَقَدْ حَكى عُثْمانُ بْنُ سَعِيدٍ الدّارِمِيُّ، في كِتابِ " الرَّدِّ " لَهُ، إجْماعَ الصَّحابَةِ عَلى أنَّهُ لَمْ يَرَ رَبَّهُ لَيْلَةَ المِعْراجِ، وبَعْضُهُمُ اسْتَثْنى ابْنَ عَبّاسٍ مِن ذَلِكَ، وشَيْخُنا يَقُولُ: لَيْسَ ذَلِكَ بِخِلافٍ في الحَقِيقَةِ. فَإنَّ ابْنَ عَبّاسٍ لَمْ يَقُلْ: رَآهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ، وعَلَيْهِ اعْتَمَدَ أحْمَدُ في إحْدى الرِّوايَتَيْنِ حَيْثُ قالَ: " أنَّهُ رَآهُ عَزَّ وجَلَّ ولَمْ يَقُلْ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ ولَفْظُ أحْمَدَ كَلَفْظِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ويَدُلُّ عَلى صِحَّةِ ما قالَهُ شَيْخُنا في " مَعْنى " حَدِيثِ أبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَوْلُهُ ﷺ في الحَدِيثِ الآخَرِ: حِجابُهُ النُّورُ. فَهَذا النُّورُ هو - واللَّهُ أعْلَمُ - النُّورُ المَذْكُورُ في حَدِيثِ أبِي ذَرٍّ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " «رَأيْتُ نُورًا».
* [فَصْلٌ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى (مَثَلُ نُورِهِ. .). الآيَةَ]
* فَصْلٌ: في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مَثَلُ نُورِهِ. .﴾ [النور: ٣٥]. الآيَةَ
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ. .﴾ [النور: ٣٥] الآيَةَ هَذا مَثَلٌ لِنُورِهِ في قَلْبِ عَبْدِهِ المُؤْمِنِ، كَما قالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وغَيْرُهُ، وقَدِ اخْتُلِفَ في تَفْسِيرِ الضَّمِيرِ في نُورِهِ، فَقِيلَ: هو النَّبِيُّ ﷺ أيْ: مَثَلُ نُورِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وقِيلَ: تَفْسِيرُهُ المُؤْمِنُ، أيْ: مَثَلُ نُورِ المُؤْمِنِ، والصَّحِيحُ أنَّهُ يَعُودُ عَلى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ والمَعْنى: مَثَلُ نُورِ اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى في قَلْبِ عَبْدِهِ، وأعْظَمُ عِبادِهِ نَصِيبًا مِن هَذا النُّورِ رَسُولُهُ ﷺ فَهَذا مَعَ ما تَضَمَّنَهُ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلى المَذْكُورِ، وهو وجْهُ الكَلامِ يَتَضَمَّنُ التَّقادِيرَ الثَّلاثَةَ، وهو أتَمُّ مَعْنًى ولَفْظًا.
وَهَذا النُّورُ يُضافُ إلى اللَّهِ تَعالى إذْ هو مُعْطِيهِ لِعَبْدِهِ وواهِبُهُ إيّاهُ، ويُضافُ إلى العَبْدِ إذْ هو مَحَلُّهُ وقابِلُهُ، فَيُضافُ إلى الفاعِلِ والقابِلِ، ولِهَذا النُّورِ فاعِلٌ وقابِلٌ، ومَحَلٌّ وحامِلٌ، ومادَّةٌ، وقَدْ تَضَمَّنَتِ الآيَةُ ذِكْرَ هَذِهِ الأُمُورِ كُلِّها عَلى وجْهِ التَّفْصِيلِ.
فالفاعِلُ: هو اللَّهُ تَعالى مُفِيضُ الأنْوارِ الهادِي لِنُورِهِ مَن يَشاءُ، والقابِلُ: العَبْدُ المُؤْمِنُ، والمَحَلُّ قَلْبُهُ، والحامِلُ: هِمَّتُهُ وعَزِيمَتُهُ وإرادَتُهُ، والمادَّةُ: قَوْلُهُ وعَمَلُهُ، وهَذا التَّشْبِيهُ العَجِيبُ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الآيَةُ فِيهِ مِنَ الأسْرارِ والمَعانِي وإظْهارِ تَمامِ نِعْمَتِهِ عَلى عَبْدِهِ المُؤْمِنِ بِما أنالَهُ مِن نُورِهِ ما تَقَرَّ بِهِ عُيُونُ أهْلِهِ وتَبْتَهِجُ بِهِ قُلُوبُهم.
وَفِي هَذا التَّشْبِيهِ لِأهْلِ المَعانِي طَرِيقَتانِ: أحَدُهُما: طَرِيقَةُ التَّشْبِيهِ المُرَكَّبِ وهي أقْرَبُ مَأْخَذًا وأسْلَمُ مِنَ التَّكَلُّفِ، وهي أنْ تُشَبَّهَ الجُمْلَةُ بِرُمَّتِها بِنُورِ المُؤْمِنِ مِن غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِتَفْصِيلِ كُلِّ جُزْءٍ مِن أجْزاءِ المُشَبَّهِ ومُقابَلَتِهِ بِجُزْءٍ مِنَ المُشَبَّهِ بِهِ وعَلى هَذا عامَّةُ أمْثالِ القُرْآنِ الكَرِيمِ.
فَتَأمَّلْ صِفَةَ مِشْكاةٍ، وهي كُوَّةٌ لا تَنْفَذُ لِتَكُونَ أجْمَعَ لِلضَّوْءِ قَدْ وُضِعَ فِيها مِصْباحٌ وذَلِكَ المِصْباحُ داخِلَ زُجاجَةٍ تُشْبِهُ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ في صَفائِها وحُسْنِها، ومادَّتُهُ مِن أصْفى الأدْهانُ وأتَمِّها وقُودًا مِن زَيْتِ شَجَرَةٍ في وسَطِ القَراحِ، لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ، بِحَيْثُ تُصِيبُها الشَّمْسُ في أحَدِ طَرَفَيِ النَّهارِ بَلْ هي في وسَطِ القَراحِ مَحْمِيَّةٌ بِأطْرافِهِ، تُصِيبُها الشَّمْسُ أعْدَلَ إصابَةٍ والآفاتُ إلى الأطْرافِ دُونَها، فَمِن شِدَّةِ إضاءَةِ زَيْتِها وصَفائِهِ وحُسْنِهِ يَكادُ يُضِيءُ مِن غَيْرِ أنْ تَمَسَّهُ نارٌ، فَهَذا المَجْمُوعُ المُرَكَّبُ هو مَثَلُ نُورِ اللَّهِ تَعالى الَّذِي وضَعَهُ في قَلْبِ عَبْدِهِ المُؤْمِنِ وخَصَّهُ بِهِ.
والطَّرِيقَةُ الثّانِيَةُ: طَرِيقَةُ التَّشْبِيهِ المُفَصَّلِ، فَقِيلَ: المِشْكاةُ صَدْرُ المُؤْمِنِ والزُّجاجَةُ قَلْبُهُ، وشَبَّهَ قَلْبَهُ بِالزُّجاجَةِ لِرِقَّتِها وصَفائِها وصَلابَتِها، وكَذَلِكَ قَلْبُ المُؤْمِنِ فَإنَّهُ قَدْ جَمَعَ الأوْصافَ الثَّلاثَةَ فَهو يَرْحَمُ ويُحْسِنُ ويَتَحَنَّنُ ويُشْفِقُ عَلى الخَلْقِ بِرِقَّتِهِ.
وَبِصَفائِهِ تَتَجَلّى فِيهِ صُوَرُ الحَقائِقِ والعُلُومِ عَلى ما هي عَلَيْهِ ويُباعَدُ الكَدَرُ والدَّرَنُ والوَسَخُ بِحَسَبَ ما فِيهِ مِنَ الصَّفاءِ، وبِصَلابَتِهِ يَشْتَدُّ في أمْرِ اللَّهِ تَعالى، ويَتَصَلَّبُ في ذاتِ اللَّهِ تَعالى ويَغْلُظُ عَلى أعْداءِ اللَّهِ تَعالى ويَقُومُ بِالحَقِّ لِلَّهِ تَعالى، وقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعالى القُلُوبَ كالآنِيَةِ، كَما قالَ بَعْضُ السَّلَفِ: القُلُوبُ آنِيَةُ اللَّهِ في أرْضِهِ وأحَبُّها إلَيْهِ أرَقُّها وأصْلَبُها وأصْفاها.
والمِصْباحُ هو نُورُ الإيمانِ في قَلْبِهِ والشَّجَرَةُ المُبارَكَةُ هي شَجَرَةُ الوَحْيِ المُتَضَمِّنَةُ لِلْهُدى، ودِينُ الحَقِّ وهي مادَّةُ المِصْباحِ الَّتِي يَتَّقِدُ مِنها، والنُّورُ عَلى النُّورِ: نُورُ الفِطْرَةِ الصَّحِيحَةِ والإدْراكِ الصَّحِيحِ، ونُورُ الوَحْيِ والكِتابِ، فَيَنْضافُ أحَدُ النُّورَيْنِ إلى الآخَرِ فَيَزْدادُ العَبْدُ نُورًا عَلى نُورٍ، ولِهَذا يَكادُ يَنْطِقُ بِالحَقِّ والحِكْمَةِ قَبْلَ أنْ يَسْمَعَ " ما " فِيهِ بِالأثَرِ ثُمَّ يَبْلُغُهُ الأثَرُ بِمِثْلِ ما وقَعَ في قَلْبِهِ ونَطَقَ بِهِ فَيَتَّفِقُ عِنْدَهُ شاهِدُ العَقْلِ والشَّرْعِ والفِطْرَةُ والوَحْيُ فَيُرِيَهُ عَقْلُهُ وفِطْرَتُهُ وذَوْقُهُ " أنَّ " الَّذِي جاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ هو الحَقُّ لا يَتَعارَضُ عِنْدَهُ العَقْلُ والنَّقْلُ البَتَّةَ بَلْ يَتَصادَقانِ ويَتَوافَقانِ فَهَذا عَلامَةُ النُّورِ عَلى النُّورِ، عَكْسُ مَن تَلاطَمَتْ في قَلْبِهِ " أمْواجُ " الشُّبَهِ الباطِلَةِ، والخَيالاتِ الفاسِدَةِ مِنَ الظُّنُونِ الجَهْلِيّاتِ الَّتِي يُسَمِّيها أهْلُها القَواطِعَ العَقْلِيّاتِ، فَهي في صَدْرِهِ كَما قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿أوْ كَظُلُماتٍ في بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِن فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إذا أخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها ومَن لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَما لَهُ مِن نُورٍ﴾ [النور: ٤٠] فانْظُرْ كَيْفَ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الآياتُ طَرائِفَ بَنِي آدَمَ كُلِّهِمْ أتَمَّ انْتِظامٍ، واشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أكْمَلَ اشْتِمالٍ.
* (فصل)
من لم يعرف نَفسه كَيفَ يعرف خالقه، فاعْلَم أن الله تَعالى خلق في صدرك بَيْتا وهو القلب ووضع في صَدره عرشا لمعرفته يَسْتَوِي عَلَيْهِ المثل الأعْلى فَهو مستو على عَرْشه بِذاتِهِ بائِن من خلقه والمثل الأعْلى من مَعْرفَته ومحبته وتوحيده مستو على سَرِير القلب وعَلى السرير بِساط من الرِّضا ووضع عَن يَمِينه وشماله مرافق شرائعه وأوامره وفتح إلَيْهِ بابا من جنَّة رَحمته والأنس بِهِ والشوق إلى لِقائِه وأمطره من وابل كَلامه ما أنبت فِيهِ أصْناف الرياحين والأشْجار المثمرة من أنْواع الطّاعات والتهليل والتَّسْبِيح والتحميد والتَّقْدِيس وجعل في وسط البُسْتان شَجَرَة معرفَة فَهي تُؤْتِي أكلها كل حِين بِإذْنِ رَبِّها من المحبَّة والإنابة والخشية والفرح بِهِ والابتهاج بِقُرْبِهِ وأجرى إلى تِلْكَ الشَّجَرَة ما يسقيها من تَدْبِير كَلامه وفهمه والعَمَل بوصاياه وعلّق في ذَلِك البَيْت قِنْدِيلًا أسرجه بضياء مَعْرفَته والإيمان بِهِ وتوحيده فَهو يستمد من شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تمسسه نار ثمَّ أحاط عَلَيْهِ حائِطا يمنعهُ من دُخُول الآفات والمفسدين ومن يُؤْذِي البُسْتان فَلا يلْحقهُ إذا هم وأقام عَلَيْهِ حرسا من المَلائِكَة يَحْفَظُونَهُ في يقظته ومنامه ثمَّ أعلم صاحب البَيْت والبستان بالساكن فِيهِ فَهو دائِما همه إصْلاح السكن ولم شعثه ليرضاه السّاكِن منزلا، وإذا أحس بِأدْنى شعث في السكن بادر إلى إصْلاحه ولمّه خشيَة انْتِقال السّاكِن مِنهُ، فَنعم السّاكِن ونعم المسكن.
فسبحان الله رب العالمين كم بَين هَذا البَيْت وبَيت قد استولى عَلَيْهِ الخراب، وصارَ مأوى للحشرات والهوام، ومحلا لإلقاء الأنتان والقاذورات فِيهِ.
فَمن أرادَ التخلي وقَضاء الحاجة وجد خربة لا ساكن فِيها ولا حافظ لَها وهِي معدة لقَضاء الحاجة مظْلمَة الأرجاء مُنْتِنَة الرّائِحَة قد عمّها الخراب وملأتها القاذورات فَلا يأنس بها ولا ينزل فِيها إلّا من يُناسِبه سكناها من الحشرات والديدان والهوام الشَّيْطان جالس على سريرها وعَلى السرير بِساط من الجَهْل وتخفق فِيهِ الأهْواء وعم يَمِينه وشماله مرافق الشَّهَوات وقد فتح إلَيْهِ باب من حقل الخذلان والوحشة والركون إلى الدُّنْيا والطمأنينة بها والزهد في الآخِرَة، وأمطر من وابل الجَهْل والهوى والشرك والبدع، وما أنبت فِيهِ أصْناف الشوك والحنظل والأشْجار المثمرة بأنواع المعاصِي والمخالفات من الزَّوائِد والتنديبات والنوادر والهزليات والمضحكات والأشعار الغزليات والخمريات الَّتِي تهيج على ارْتِكاب المُحرمات، وتزهد في الطّاعات، وجعل في وسط الحقل شَجَرَة الجَهْل بِهِ والإعراض عَنهُ، فَهي تؤتي أكلها كل حِين من الفسوق والمعاصي واللَّهْو واللعب والمجون والذهاب مَعَ كل ريح واتّباع كل شَهْوَة، ومن ثَمَرها العُمُوم والغموم والأحْزان والآلام، ولكنها متوارية بإشغال النَّفس بلهوها ولعبها، فَإذا أفاقت من سكرها أحضرت كل هم وغم وحزن وقلق ومعيشة ضنك، وأجرى إلى تِلْكَ الشَّجَرَة ما يسقيها من اتّباع الهوى وطول الأمل والغرور، ثمَّ ترك ذَلِك البَيْت وظلماته وخراب حيطانه بِحَيْثُ لا يمْنَع مِنهُ مُفسد ولا حَيَوان ولا مؤذ ولا قذر.
فسبحان خالق هَذا البَيْت، وذَلِكَ البَيْت.
فَمن عرف بَيته وقدر السّاكِن فِيهِ وقدّر ما فِيهِ من الكُنُوز والذخائر والآلات انْتفع بحياته ونَفسه، ومن جهل ذَلِك جهل نَفسه وأضاع سعادته.
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.
{"ayah":"۞ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ مَثَلُ نُورِهِۦ كَمِشۡكَوٰةࣲ فِیهَا مِصۡبَاحٌۖ ٱلۡمِصۡبَاحُ فِی زُجَاجَةٍۖ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوۡكَبࣱ دُرِّیࣱّ یُوقَدُ مِن شَجَرَةࣲ مُّبَـٰرَكَةࣲ زَیۡتُونَةࣲ لَّا شَرۡقِیَّةࣲ وَلَا غَرۡبِیَّةࣲ یَكَادُ زَیۡتُهَا یُضِیۤءُ وَلَوۡ لَمۡ تَمۡسَسۡهُ نَارࣱۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورࣲۚ یَهۡدِی ٱللَّهُ لِنُورِهِۦ مَن یَشَاۤءُۚ وَیَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَـٰلَ لِلنَّاسِۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق