الباحث القرآني

وقوله تعالى ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ معنى النور في اللغة: الضياء [["تهذيب اللغة" للأزهري 15/ 230 (نار) نقلاً عن ابن المظفر.]]. وهو ضد الظلمة [["تهذيب اللغة" للأزهري 15/ 234 (نار) نقلاً عن ابن السكيت. وانظر: "الصحاح" للجوهري 2/ 838 (نور)، "لسان العرب" 5/ 240 (نور).]]. قال ابن عباس في رواية عطاء: الله هادي أهل السموات وأهل الأرض [[لم أجده من رواية عطاء. لكن أخرج الطبري 18/ 135، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 44 ب من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: هادي أهل السموات والأرض. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 197 وزاد نسبته لابن المنذر والبيهقي في "الأسماء والصفات". قال الإمام ابن القيم في كتابه "اجتماع الجيوش الإسلامية" ص 8 - 9: (وقد فُسِّر قوله تعالى ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ بكونه منوّر السموات والأرض، وهادي أهل السموات والأرض، فبنوره اهتدى أهل السموات والأرض. وهذا إنما هو فعله، وإلَّا فالنور الذي هو من أوصافه قائم منه، ومنه اشتق له اسم النور، الذي هو أحد أسمائه الحسنى. والنور يضاف إليه سبحانه على أحد وجهين: إضافة صفة إلى موصوفها، وإضافة مفعول إلى فاعله. فالأول كقوله: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا﴾ [الزمر: 69]. فهذا إشراقها يوم القيامة بنوره تعالى إذا جاء لفصل القضاء، ومنه قول النبي -ﷺ- == في الدعاء المشهور: "أعوذ بنور وجهك الكريم أن تضلّني، لا إله إلا أنت"، وفي الأثر الآخر: "أعوذ بوجهك، أو بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات". فأخبر -ﷺ- أن الظلمات أشرقت لنور وجه الله، كما أخبر تعالى أن الأرض تشرق يوم القيامة بنوره. وفي معجم الطبراني والسنَّة له، وكتاب عثمان بن سعيد الدارمي وغيرهما، عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: ليس عند ربكم ليل ولا نهار، نور السموات والأرض من نور وجهه. وهذا الذي قاله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أقرب إلى تفسير الآية من قول من فسرها بأنه هادي أهل السموات والأرض. وأما من فسَّرها بأنه منور السموات والأرض فلا تنافي بينه وبين قول ابن مسعود. والحق أنُّه نور السموات والأرض بهذه الاعتبارات كلها. وفي "صحيح مسلم" وغيره من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قام فينا رسول الله -ﷺ- بخمس كلمات، فقال: "إنَّ الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النَّهار وعمل النَّهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه". وفي "صحيح مسلم" عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -ﷺ-: هل رأيت ربك؟ قال: "نور، أنَّى أراه". سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول: معناه: كان ثمَّ نور، أو حال دون رؤيته نور، فأنَّى أراه؟. قال: ويدل عليه: أنَّ في بعض الألفاظ الصحيحة: هل رأيت ربك؟ قال: "رأيت نورًا" .. ويدل على صحة ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر -رضي الله عنه-: قوله -ﷺ- في الحديث الآخر: "حجابه النور" فهذا النور -والله أعلم- النور المذكور في حديث أبى ذر -رضي الله عنه-: "رأيت نورًا"). انتهى كلام ابن القيم رحمه الله. ويبيَّن ما قاله ابن القيم من أنَّه نور السموات والأرض بهذه الاعتبارات كلها ما قاله العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي في "تفسيره" 3/ 401: "الله نور السموات والأرض" الحسي والمعنوي، وذلك أنه تعالى بذاته نور، وحجابه نور الذي لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، وبه استنار العرش =]]. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . وهذا قول مقاتل [["تفسير مقاتل" 2/ 38 ب.]]، والكلبي، وروي ذلك عن أنس [[رواه الطبري 18/ 135 من طريق فرقد السجني، عنه قال: إن إلهي يقول: نوري هداي. وإسناد ضعيف لضعف فرقد. انظر: "المغني في الضعفاء" للذهبي 2/ 509 - 510، و"تهذيب التهذيب" لابن حجر 8/ 262 - 263.]] -رضي الله عنه-. والنور من صفات الله جل ثناؤه ورد ذلك في الأسماء التسعة والتسعين [[روى الترمذي في "جامعه" كتاب: الدعوات 9/ 482 عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: قال: قال رسول الله -ﷺ-: "إن لله تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة، وهو الله الذي لا إله إلا هو، الرحمن .. النّور". الحديث. وحديث أبي هريرة رواه البخاري في "صحيحه" كتاب: الدعوات- باب: لله مائة اسم غير واحدة 11/ 214 وغيره دون سرد الأسماء. وقد اختلف العلماء في سرد الأسماء هل هو مرفوع إلى النبي -ﷺ-، أو مدرج في الخبر من بعض الرواة. قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 2/ 269: والذي عوَّل عليه جماعة من الحفاظ أنَّ سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه. كما رواه الوليد بن مسلم وعبد الملك بن محمد الصنعاني، عن زهير بن محمد أنَّه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنَّهم قالوا ذلك، أي أنَّهم جمعوها من القرآن كما روي عن جعفر بن محمد وسفيان بن عيينة وأبي زيد اللغوي، والله أعلم.]]، ونطق به القرآن في هذه الآية نصًا. وفسّره هؤلاء الذين ذكرناهم بالهادي، وحقيقته أن النَّور هو الذي يبيِّن الأشياء وُيري الأبصار حقيقتها [[في "تهذيب اللغة" للأزهري 15/ 235 (نار): والنور هو الذي .. حقيقتها.]]، وعلى هذا المعنى ورد النّور في صفة الله تعالى [[تقدَّم أن النور صفة ذاتية له سبحانه كما دل على ذلك الكتاب والسنة.]]؛ لأنَّه هو الذي يهدي المؤمنين ويبيّن لهم ما يهتدون بها من الضَّلالة. وهذا معنى قول ابن قتيبة: أي: بنوره يهتدي من في السموات والأرض [["مشكل القرآن" لابن قتيبة ص 328.]]. [وذكر السموات والأرض] [[ساقط من (أ).]] والمراد أهلها كما ذُكرت القُرى والقرية في مواضع من القرآن والمراد أهلها وسكانها. ويحمل هذا على حذف المضاف. وقال مجاهد في هذه الآية: مدبّر الأمور في السموات والأرض [[رواه الطبري 18/ 135، وذكره الثعلبي 3/ 82 ب، والبغوي 6/ 45 وابن الجوزي 6/ 40، وابن كثير 3/ 289.]]. واختار أبو إسحاق هذا القول فقال: أي مدبر أمرهما [[في (ع): (أمرها).]] بحكمة بالغة وحجّة نيّرة [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 43.]]. وهذا كما يقال: فلان نور هذا الأمر ونور البلد، أي هو الذي يجريه [[في (ع): (أمرها).]] ويجري أمره على سنن السَّداد [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 43.]]. وقال الضحاك والقرظي [[ذكره عنهما الثعلبي 3/ 82 ب، والقرطبي 12/ 257. وذكره البغوي 6/ 45 عن الضحَّاك.]]: منوّر السموات والأرض. ففسر النور بالمنوّر وهذا [[في (ع): (هذا).]] على المبالغة؛ لأنَّه لما كان خالق الأنوار والشمس والقمر والنجوم التي بها نور السموات والأرض وصف بأنَّه النور كما يقال: فلان جُود وفلان كرم، ويقال في ضده: فلان لُوم وبُخل. إذا بالغوا [[في (أ) زيادة: (كان) بعد قوله: (إذا).]] في وصفه بهذه الأشياء، ويقال: فلان رحمة وسخطة، وهو لا يكون في نفسه رحمة ولا سخطة وإنَّما يكونان منه [[منه: ساقطة من (ع).]]. وعلى هذا الوجه يتوجّه أيضًا قول من قال: مُزيِّن السموات بالشمس والقمر والنجوم، ومزين الأرض بالأنبياء والعلماء؛ لأنَّ معنى المزيّن هنا: المنوِّر. وهذا القول يروى عن أبي بن كعب وأبي العالية [[في (أ): (وأبو العالية).]] والحسن [[ذكره عنهم الثعلبي 3/ 82 ب، والبغوي 6/ 45، والرازي 23/ 224، والقرطبي 12/ 257.]]. ﴿مَثَلُ نُورِهِ﴾ قال ابن عباس في رواية سعيد بن جبير: مثل نوره الذي أعطاه المؤمن [[ذكره عنه البغوي 6/ 45 من رواية سعيد بن جبير. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 196 وعزاه للفريابي. وروى الطبري 18/ 137، وابن أبي حاتم 7/ 45 أمن رواية علي بن أبي طلحة، عنه، نحو هذا.]]. ونحو هذا قال الكلبي: مثل نور الله في قلب المؤمن. وعلى هذا القول الكناية عائدة إلى الله تعالى. والمراد: مثل نوره الذي يقذفه في قلب المؤمن ويهديه به. وروي عن أبي بن كعب أنه قال في هذه الآية: ثم ذكر نور المؤمن فقال ﴿مَثَلُ نُورِهِ﴾ يقول مثل نور المؤمن وكان أُبيّ يقرؤها (مثل نور المؤمن) قال: وهو عبد قد جعل القرآن والإيمان في صدره [[رواه الطبري 18/ 136، وابن أبي حاتم 7/ 44 ب، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 197، ونسبه أيضًا لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.]]. وهذا القول كما روى عطاء عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: مثل نور من آمن بالله [[رواه ابن أبي حاتم 7/ 45 أ، والحاكم في "مستدركه" 2/ 397 من رواية عطاء، عن سعيد، عن ابن عباس، به. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 196 عن ابن عباس، وعزاه لمن تقدمت ترجمته.]]. وهذا قول عامر الشعبي [[في (ظ)، (ع): (والشعبي)، وهو خطأ.]] [[روى عبد بن حميد وابن الأنباري كما في "الدر المنثور" للسيوطي 6/ 196 عن الشعبي قال: في قراءة أبي بن كعب: "مثل نور المؤمن كمشكاة".]]. وقال السدي: مثل نوره في قلب المؤمن [قال [[ذكر البغوي 6/ 45 قراءة ابن مسعود دون قول السدي.]]: وهو قراءة ابن مسعود: (مثل نوره في قلب المؤمن)] [[ساقط من (ظ)، (ع).]]. وهذا كقول الكلبي في عود الكناية إلى اسم الله تعالى. وعلى القول الثاني عادت الكناية إلى غير مذكور وهو المؤمن [[ذكر ابن القيم في "اجتماع الجيوش الإسلامية" ص 9 التقديرين في عود الكناية، وزاد ثالثًا -وهو ما سيذكره الواحدي فيما بعد- وهو أنَّ الضَّمير يعود لرسول الله -ﷺ-. ثم قال: والصحيح أنَّه يعود على الله -سبحانه وتعالى-، والمعنى: مثل نور الله -سبحانه وتعالى- في قلب عبده، وأعظم عباده نصيبًا من هذا النور رسوله -ﷺ-. فهذا مع ما تضمنَّه عود الضمير المذكور -وهو وجه الكلام- يتضمَّن التقادير الثلاثة وهو أتم لفظًا ومعنى. == وهذا النُّور يضاف إلى الله تعالى إذ هو معطيه لعبده وواهبه إيّاه، ويضاف إلى العبد إذ هو محلّه وقابله. فيضاف إلى الفاعل والقابل. اهـ.]]. قال الأخفش: مثل ما أنار من الحق في بيانه [["معاني القرآن" للأخفش 2/ 641.]]. قوله ﴿كَمِشْكَاةٍ﴾ قال أبو عبيدة [["مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 66.]] والفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 252.]] والكسائي [[لم أجد قول الكسائي، فلعله في الكتاب الذي ذكره الأزهري في مقدمة كتابه "تهذيب اللغة" 2/ 16، حيث قال: وللكسائي كتاب في "معاني القرآن" حسن وهو دون كتاب الفراء، وكان أبو الفضل المنذري ناولني هذا الكتاب.]]: المشكاة: الكُوَّة ليست بنافذة. وأنشد أبو عبيدة [[ليس إنشاد أبي عبيدة في كتابه "المجاز" عند هذه الآية ولا في موضع آخر من كتابه.]] لأبي زُبيد [[هو: حرملة بن المنذر، وقيل: المنذر بن حرملة، بن معد يكرب، أبو زبيد. تقدم.]]: كأنَّ عينيه مشكاتان في حجر قيضا ... اقتياضًا [[في (ع): اقتضاضًا.]] بأطراف المناقير [[البيت بهذه الرواية عند الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 83 ب، والقرطبي 12/ 257 - 258، ولم ينسباه لأحد. وورد هذا البيت برواية أخرى لصدره منسوبًا لأبي زبيد في كتابي: "الشعر والشعراء" لابن قتيبة ص 542، "الصناعتين" لأبي هلال العسكري ص 118. ورواية ابن قتيبة: كأنَّما عينه وقبان من حجر ... قيضا ... ورواية العسكري: كأن عينيه في وقَبَين من حجرٍ ... قيضا ... وهو من قصيدة له يصف فيها الأسد. والوَقْب: نُقرة يجتمع فيها الماء، وقيضا: حفرا. والمناقير: جمع "منقار" وهو == حديدة كالفأس مشككة مستديرة لها خلف ويُقطع بها الحجار والأرض الصلبة. انظر: "اللسان" 1/ 801 (وقب)، 7/ 225 (قيض)، و"تاج العروس" للزبيدي 14/ 274 (نقر).]] وروى أبو عمر [[في (ظ)، (ع): (أبو عمرو)، وهو خطأ. وهو: أبو عمر الدُّوري -كما في "السَّبعة" لابن مجاهد، و"الحجة" للفارسي- واسمه حفص بن عمر بن عبد العزيز، الدُّوري، الأزدي، البغدادي، النحوي، صاحب الكسائي. كان شيخ المقرئين في عصره. وقد طال عمره وقصد من الآفاق؛ لعلو سنده وسعة علمه. وكان عالمًا بالقرآن وتفسيره، ذا دين وخير. ويقال إنه أول من جمع القراءات. توفي سنة 246 هـ. "تاريخ بغداد" 8/ 203، "معرفة القراء الكبار" 1/ 191، "غاية النهاية" 1/ 255، "تهذيب التهذيب" 2/ 408، "شذرات الذهب" 2/ 111.]] عن الكسائي الإمالة في (مشكاة) وهي غير ممتنعة [[انظر: "السبعة" ص 455، "المبسوط" لابن مهران ص 108، "إرشاد المبتدي وتذكرة المنتهي" للقلانسي ص 416.]]؛ لأنَّ مشكاة إذا ثنّي انقلب ألفها ياء [[في "الحجة": إذا ثَّنيت انقلبت ألفها ياءً.]] سواء كان الألف فيها منقلبة عن ياء أو واو، وإذا كان كذلك لم تمتنع الإمالة [[من قوله: (وروى أبو عمر .. إلى هنا) هذا كلام أبي علي الفارسي و"الحجة" 5/ 322 مع اختلاف يسير.]]. قال ابن عباس في رواية عطاء وسليمان [بن قتَّة [[(قتة) مهملة في (أ)، (ظ).]]] [[ساقط من (ع).]]: ﴿كَمِشْكَاةٍ﴾ يعني كُوَّة غير نافذة بلسان الحبش [[روى عبد بن حميد كما في "الدر المنثور" للسيوطي 6/ 199 عن ابن عباس قال: المشكاة بلسان الحبشة. الكُوَّة.]]. وهذا قول السدي، والكلبي، وقتادة [[لم أجد من ذكره عن السدي والكلبي، وعن قتادة رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 60.]]، وجميع المفسرين [[نسبة المؤلف هذا القول إلى جميع المفسرين فيه تجوز. إلَّا أن يريد أن جميع المفسرين قد حكي عنهم هذا القول، أو أنَّ قولهم يرجع إلى هذا القول، فمجاهد مثلاً -الذي سيحكي الواحدي عنه قولًا آخر- روى عنه ابن أبي حاتم 7/ 45 ب أنَّه قال: المشكاة الكوة بلغة الحبشة. ومحمد بن كعب الذي سيذكره الواحدي بعد ذلك يرجع قوله إلى أنَّها كوة غير نافذة توضع فيها الفتيلة. وهكذا. فقد ذكر الطبري 18/ 137 - 138 فيها أقوالًا بعد قوله: اختلف أهل التأويل في معنى المشكاة. وذكر ابن أبي حاتم 7/ 45 ب فيها وجوها. وذكر فيها ابن الجوزي 6/ 40 ثلاثة أقوال، وحكى الماوردي في "النكت والعيون" 4/ 102 فيها خمسة أقوال: أحدها: ما ذكر المؤلف أن المشكاة كوَّة لا منفذ لها. الثاني: المشكاة: القنديل. الثالث: المشكاة: موضع الفتيلة من القنديل. الرابع: المشكاة: الحديد الذي يعلّق به القنديل، وهي التي تُسمَّى السلسلة. الخامس: المشكاة: صدر المؤمن. وحكاية الماوردي للأخير محل نظر؛ لأن مراد قائل هذا القول بيان المثل وما يقابله لا بيان لفظة المشكاة. وقد رجَّح ابن كثير 3/ 290 القول الثالث بعد أن حكاه عن ابن عباس ومجاهد ومحمد بن كعب وغير واحد. وقال: هذا هو المشهور.]]. قالوا: هي الكُوَّة غير النافذة كما قال أهل اللغة، غير أنَّ بعضهم ذكر أنها بلغة الحبشة. وهو السُّدي، وعكرمة، والكلبي [[ذكر عنه الماوردي 4/ 103 أنها لفظ حبشي معرب، ولم يذكر عنه معناها.]]، وسعد [[في (أ)، (ظ): (سعيد)، والمثبت من (ع)، و"صحيح البخاري"، وجميع كتب التراجم. ووقع في المطبوع من الطبري و"الدر المنثور" و"المهذّب فيما وقع في == القرآن من المعرب: سعيد. وهكذا وقع أيضًا في "مصنف ابن أبي شيبة" المطبوع وقد ذكر محققه أنه في الأصل وباقي النسخ: سعد. فغيَّرها إلى سعيد تبعًا للطبرق و"الدر المنثور". وهو: سعد بن عياض الثمالي - الأزدق - الكوفي - تابعي قليل الحديث. قال البخاري: خرج فمات بأرض الروم. انظر: "التاريخ الكبير" للبخاري" / 62 - "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم / 88 - 89 "الطبقات" لابن سعد 6/ 176 - " تهذيب التهذيب" لابن حجر 3/ 79". وقوله رواه وكيع في "تفسيره" - كما في "المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب" ص"1" وقد وقع فيه: سعيد عن عياض. فتصحَّفت بن إلى: (عن -عن إسرائيل- عن أبي إسحاق- عن سعد بن عياض - به. ورواه ابن أبي شيبة في "مصنَّفه" 10/ 70، عن وكيع - به. ورواه البخاري في "صحيحه" كتاب: التفسير - سورة النور 6/ 8، معلقًا. ووصله ابن حجر في "تغليق التعليق" 4/ 264 - و"الفتح" 7/ 8، من رواية ابن شاهين وأبي جعفر السراج في فوائده. ورواه عن ابن عياض الطبري 18/ 139 دون قوله: بلسان الحبشة. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 200 وعزاه لابن أبي شيبة.]] بن عياض- وعطاء عن ابن عباس. وذكر محمد بن كعب القرظي المراد بالمشكاة فقال: هي موضع الفتيلة من القنديل [[رواه ابن أبي حاتم في " تفسيره" 7/ ب. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 199 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.]]. وذكره ابن أبي نجيح- عن مجاهد أيضًا فقال: هي القصبة التي في جوف القنديل [[رواه الطبري 18/ 10 - وابن أبي حاتم 7/ ب من رواية ابن أبي نجيح- عنه. وعندهما: الصُّفر الذي في جوف القنديل. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 200 بمثل رواية الطبري ونسبه أيضًا لعبد بن حميد.]]. قال الأزهري: شبّه الله سبحانه قصبة الزجاجة التي توضع فيها الفتيلة التي يستصبح [[يستصبح بها: أي يشعل بها السرّج. "لسان العرب" 2/ 506 (صبح).]] بها بكوّة غير نافذة ولذلك سمَّاه مشكاة [["تهذيب اللغة" للأزهري 10/ 301 (شكا) مع تقديم وتأخير.]]. قوله ﴿فِيهَا مِصْبَاحٌ﴾ المصباح [[في (أ): (الزجاجة)، وهو خطأ.]]: السّراج، في قول أهل اللغة [[انظر: "صبح" في "تهذيب اللغة" للأزهري 4/ 266، "الصحاح" للجوهري 1/ 380، "لسان العرب" 2/ 506.]] والتفسير [[لأهل التفسير أقوالٌ في المصباح: أحدها: ما ذكره المؤلف. الثاني: أنَّ المصباح: الفتيلة. الثالث: أنَّ المصباح: الضَّوء. انظر: "النكت والعيون" للماوردي 4/ 102، "زاد المسير" لابن الجوزي 6/ 40.]]. قال الليث: وهو قُرطه [[قُرطه: أي شُعلة النار. "القاموس المحيط" 2/ 378 (القرط).]] الذي تراه في القنديل وغيره يضيء [[قول الليث في "تهذيب اللغة" للأزهري 4/ 266 (صبح) دون قوله: يضيء. وهو في "العين" 3/ 126 (صبح) بمثل ما في "تهذيب اللغة".]]. قال مقاتل: هو السراج التام الضوء [[انظر: "تفسير مقاتل" 2/ 38 ب.]]. قال أبو علي: قوله ﴿فِيهَا مِصْبَاحٌ﴾ صفة للمشكاة لأنها جملة فيها ذكر يعود إلى الموصوف [["الحجَّة" لأبي علي الفارسي 5/ 322. وانظر: "الإملاء" للعكبري 2/ 156، "الدر المصون" 8/ 405.]]. وقوله ﴿الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ﴾ قال الفراء: اجتمع القراء على ضمّ الزاي [[عند الفراء: الزجاجة.]] وقد يقال: زجاجة وزجاجة [["معاني القرآن" للفراء 2/ 252.]]. وروى أبو عبيد، عن الأموي [[هو: عبد الله بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص، أبو محمد الأموي. أحد اللغويين الكوفيين. روى عنه أبو عبيد وغيره. لقي العلماء، ودخل البادية، وأخذ عن فصحاء الأعراب. وأخذ عنه العلماء. وكان ثقة في نقله، حافظًا للأخبار والشعر وأيام العرب. "تهذيب اللغة" 1/ 11 - 12، "إنباه الرواة" للقفطي 2/ 120، "بغية الوعاة" 2/ 43.]] قال: هو الزُّجاج والزَّجاج والزِّجاج للقوارير [[في (أ): (القوارير).]]. قال وأقلها الكسر [[رواية أبي عبيد عن الأموي في "تهذيب اللغة" للأزهري 10/ 454 (زجّ).]]. والمراد بالزجاجة هاهنا القنديل [[هذا قول الليث كما في "تهذيب اللغة" 10/ 454 فقد ذكره بعد رواية أبي عبيد.]]. قال أبو إسحاق: النور في الزّجاج. وضوء النار أبين منه في كل شيء، وضوؤه يزيد [[في (أ): (يضيء).]] في الزجاج [["معاني القرآن" للزَّجَّاج 4/ 43 - 44.]]. ثم وصف الزجاجة فقال: ﴿الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ﴾ ودُريّ [[ودري: ساقطة من (أ). و"درِّي" بضم الدال وتشديد الراء المكسورة وتشديد الياء من غير همز، وهي قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وحفص عن عاصم. "السبعة" ص 455 - 456، "التبصرة" ص 273، "التيسير" ص 162.]] منسوب إلى أنَّه كالدُّر في صفائه وحسنه [[من قوله: ثم وصف .. إلى هنا. هذا كلام الزَّجَّاج في "معانيه" 4/ 44.]]. قال أبو علي: ويجوز أن يكون فعيِّلًا من الدَّرء مخففة الهمزة انقلبت ياءً [[العبارة في "الحجة": مخفَّف الهمزة فانقلبت ياءً.]]، كما تنقلب في النسيء والنِّبي ونحوه إذا خفِّفت [[في (ع): (خفف).]] ياؤه [["الحجَّة" لأبي علي الفارسي 5/ 323.]]. قال أبو إسحاق: يقال للكوكب: درأ يدرأ إذا تدافع منقضًا، فتضاعف ضوؤه، وهي النجوم الدَّراري التي تدرأ. أي: ينحطُّ ويسير متدافعًا [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 44 مع تقديم وتأخير.]]. وقال الفراء: درأ الكوكب إذ انحطّ كأنه رُجم به الشيطان فيدفعه [[عند الفراء: فيدمغه.]]، والعرب تُسمّي الكواكب العظام التي لا تعرف أسماءها: الدَّراري بغير همز [["معاني القرآن" للفراء 2/ 252.]]. وهذا أيضًا على تخفيف الهمز؛ لأن الأصل الهمز من الدَّرء وهو الدفع. وذكرنا للدَّفع وجهين، أحدهما ذكره أبو إسحاق، والثاني ذكره الفراء. وذكر أبو علي وجهًا ثالثًا فقال: المعنى أنَّ [[في (أ): (أنّ أنّ). مكررة.]] الخفاء اندفع عنه لتلألئه في ظهوره فلم يخف كما خفي نحو السُّها [[السُّها: كوكب خفىّ في بنات نعش الكبرى، والناس يمتحنون به أبصارهم. "الصحاح" للجوهري 6/ 2386.]] وما لا يُحصى [[هكذا في جميع النسخ. وفي "الحجة": وما لم يُضىء.]] من الكواكب [["الحجة" لأبي علي الفارسي 5/ 323. == وانظر في توجيه القراءة أيضًا: "علل القراءات" للأزهري 2/ 545، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 499، "الكشف" لمكي 2/ 138، "إبراز المعاني" لأبي شامة ص 614.]]. [وقرأ أبو عمرو والكسائي: (درّيء) مكسورة الدال مهموزة [[انظر: "السبعة" ص 456، "التَّبصرة" ص 273، "التيسير" ص 162.]]، وهو فعيِّل من الدَّرء الذي هو الدفع كما ذكرنا، ومثله السِّكِّير والفسيق. قال أبو عثمان [[هو: أبو عثمان المازني.]]، عن الأصمعي، عن أبي عمرو [[هو: أبو عمرو بن العلاء. وفي (أ): (أبي عمر)، وهو خطأ.]] قال: مُذْ خرجت من الخندق لم أسمع أعرابيًا يقول إلا كأنّه كوكب درِّي بكسر الدال، من درأت النجوم تدرأ، إذا اندفعت، وهذا فعيِّل منه [[من قوله: (وقرأ أبو عمرو .. إلى هنا). هذا كلام أبي علي في "الحجة" 5/ 323 مع اختلاف يسير.]]. قال سيبويه: (درّي) بكسر الدال إذا كان مضيئًا فهو مشتق من درأ يدرأ إذا [[(إذا): ساقطة من (أ).]] كان ضوؤه يدفع بعضه بعضًا من لمعانه [[لم أقف عليه.]]. وقال ابن الأعرابي: درأ علينا فلان، أي: هجم. قال: والدِّرِّئ: الكوكب المنقض يدرأ على الشيطان [[قول ابن الأعرابي في "تهذيب اللغة" للأزهري 14/ 158 (دري).]]. وقال خالد بن يزيد: درأ علينا فلان وطرأ إذا طلع فجأةً، ودرأ الكوكب دروءًا من ذلك [[قول ابن يزيد في "تهذيب اللغة" للأزهري 14/ 158 - 159 (دري).]]. وقال نُصير الرازي: دُرُوء الكوكب طلوعه، يقال: درأ علينا [[قول نُصير في "تهذيب اللغة" للأزهري 14/ 159 (دري).]]. وهذا القول في الكوكب الدّرّي غير الأوّل. وقال شمر: يقال: درأت النار إذا أضاءت [[قول شمر في "تهذيب اللغة" للأزهري 14/ 158 (دري).]]. وهذا قول ثالث. وقرأ حمزة (دُرِّيء) بضم الدال مهموزًا [[وهي أيضًا قراءة عاصم في رواية أبي بكر. "السبعة" ص 456، "التَّبصرة" ص 273، "التيسير" ص 162.]]. قال الفراء: ولا تُعرف [جهة] [[زيادة من "معاني الفراء" يستقيم بها المعنى.]] ضمّ أوله وهمزه؛ لأنَّه لا يكون في الكلام فعيل إلا عجميًا [["معاني القرآن" للفراء 2/ 252.]]. وقال أبو إسحاق: لا يجوز أن يُضم الدال وُيهمز؛ لأنَّه ليس في الكلام فعيِّل، [والنحويون أجمعون لا يعرفون الوجه في هذا؛ لأنَّه ليس في كلام العرب شيء على فعيِّل] [[ساقط من (ظ).]] [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 44 مع تقديم وتأخير.]]. وحكى أبو بكر، عن أبي العباس [[هو: المبرّد.]] أنَّه قال: غلط من قرأ (دُرِّيء)؛ لأنَّه بناه على فعيِّل، وليس في كلام العرب فعيِّل، غير أن سيبويه [[انظر: "الكتاب" 4/ 268.]] قال عن أبي الخطاب: وكوب دُريء، وهذه أضعف اللغات، قال: وهو في معنى (دُرّي) مأخوذ من الضوء والتلألؤ وليس بمنسوب إلى الدر. قال أبو علي: وجه هذه القراءة معروف، وهو أنَّه (فُعيِّل) من الدرء الذي هو الدفع، وهو صفة، ونظيره من الأسماء غير الصفة قولهم: المرِّيق [[المُرِّيق: حبُّ العصفر. "لسان العرب" 10/ 342 (مرق).]]، وقد حكاه سيبويه .. [قال سيبويه] [[ما بين المعقوفين ساقط من (أ).]]: ويكون الكلام على (فُعيِّل) وهو قليل في الكلام [قالوا] [[زيادة من الإغفال والكتاب يستقيم المعنى بها.]]: المريِّق، حدثنا أبو الخطاب عن العرب قالوا: كوكب دري وهو صفة [["الكتاب" 4/ 268.]]. هكذا قرأته [[القارئ هو: أبو علي الفارسي.]] على أبي بكر [[هو: أبو بكر السراج.]] بالهمز. وقد صرَّح سيبويه بأنه فعيِّل، وأنه في الصفة مثل المرِّيق في الاسم. ويدلك أيضًا على أن (دُرّي) عنده (فعِّيل) ما قبله وما بعده في الكتاب من الفصول، فالذي قبله (فعَّيل) وهو [[في (أ): (فهو).]] [في] [[زيادة يستقيم بها المعنى.]] الاسم: السكين والبطِّيخ، والصفة: الفسِّيق [[انظر: الكتاب 4/ 268.]]، وبعده (فُعَّيْل) في الاسم: العليق والقبيط [[العليق: نبات يتعلق بالشجر، ويلتوي عليه. "لسان العرب" 10/ 265 (علق). والقبيط: النَّاطف، وهو نوع من الحلوى يصنع من اللوز والجوز والفُستق. انظر: "لسان العرب" 7/ 373 "قبط"، "المعجم الوسيط" 2/ 930 - 931.]]، والصفة: الزُّميل والسكيَّت [[في (ظ)، (ع): (السكيت) بدون واو. والسكيت: هو الذي يجيء في آخر الحلبة آخر الخيل. "لسان العرب" 2/ 44 (سكت). والزُّميل: الضعيف الجبان. "القاموس المحيط" 3/ 390.]] [[انظر: "الكتاب" 4/ 268.]]. فكما [[في (أ): (وكما).]] أن ما [[ما: ساقطة من (أ).]] بعد [[في (ع): (بعده).]] الياء في هذه الفصول لا مات، كذلك ما بعد الياء في (دري) لام، وقد ثبت الضم مع الهمز بحكاية سيبويه وإثبات أبي الحسن [[هو الأخفش. انظر: "الإغفال" ل 117 ب.]] وغيره، وقول من زعم أن ذلك ليس في كلامهم مع ما حكيناه غلط، ومما يثبت ما حكيناه ويقويه قولهم: العُلِّيَّة [[العُلية: الغرفة. "لسان العرب" 15/ 86 (علا).]]، وهو فعيلة من [العلو إلَّا أن اللام انقلبت للياء الساكنة قبلها [[قال الجوهري في "الصحاح" 6/ 2437: وأصله علِّيوة، فأبدلت الواو ياءً وأدغمت، لأن هذه الواو إذا سكِّن ما قبلها صحَّت، ... ، وهو من علوت.]]، ولا يجوز أن يكون فعيلة من] [[ساقط من (ظ).]] مضاعف [[في (ظ)، (ع): (تضاعف)، والمثبت من (أ) هو الموافق لما في "الإغفال".]] العين واللام، لأن معنى العلو قائم فيه، فلا يحمل اللفظ إلى [[في (ع): (على).]] غير العلو مع وجود هذا المعنى فيه، وهذا قول الأخفش، ومثله: السرية [[السرِّية: هي الجارية المتَّخذة للملك والجماع. "لسان العرب" 4/ 358 (سرر).]] وهي فعيِّلة من السَّرو [[السَّرو: الشرف والمروءة. "لسان العرب" 4/ 377 (سرا).]]، ولأن صاحبها إذا أراد استيلادها لم يمتهنها ولم يبتذلها [كما يتبذل] [[ساقط من (ظ)، (ع).]] من لا يراد للاستيلاد ولا يكون فعيلة من السرِّ لأنَّ السرَّ لا يتجه فيها إلا أن يريد: [أنَّ] [[زيادة من الحجة يستقيم بها المعنى.]] المولى قد يسر بها عن حرِّية [[في (أ)، (ع): (حرية)، وهي مهملة في (ظ). قال ابن منظور في "لسان العرب" 4/ 182 (حرر): وحرية العرب: أشرافهم .. ويقال: هو من حرية قومه، أي: من خالصهم. اهـ. ووقع من المطبوع من "الحجة": عمَّن حدَّثه. وهو تصحيف. وقد تكون الكلمة: حرته. فتصحفت في النسختين، ففي "لسان العرب" 4/ 358 (سرر)، و"تاج العروس" للزبيدي 12/ 13 (سرر): والسرِّية: الأمة التي بوأتها بيتًا، وهي فعلية منسوبة إلى السِّر، وهو الجماع والإخفاء، لأن الإنسان كثيرًا ما يسرها ويسترها عن حرّته.]]. ويجوز إن أخذتها من السرور لأن صاحبها يُسر بها [[في "الحجة": لأنَّ صاحبها يسر بها من حيث كانت نفسًا عن الحرة.]] أمران: أحدهما: أن يكون فعلية [[في (ظ): (فعيلة)، وهو خطأ.]] من السرور. والآخر: أن تكون فعيلة [[في (أ): (فعلية)، وهو خطأ. وهكذا وقع أيضًا في المطبوع من الحجة.]] فأبدل من لام فعيلة للتضعيف حرف الليل وأدغم [[في (أ): (وأدغمها).]] ياء فعيلة فيها فصارت سرِّية [[يعني أنَّها فعيلة -أي: سريرة- من السرور، فأبدل لام فعيلة -وهو الراء- للتضعيف حرف الياء فأبحت: سربية. وأدغم هذه الياء في ياء فعيلة، فأبحت: سرِّية.]]. قال: ولا يكون فعيِّلة [[في (أ): (فعيلة).]] من السراة لأن السراة: الظهر، وهي لا تؤتى من ذلك المأتى، ومن رأى ذلك جاز عنده أن يكون فعيِّلة من السراة. هذا الذي حكينا كلامه ذكر بعضه في كتاب "إصلاح الإغفال" [["الإغفال" 2/ 1142 - 1149.]] وبعضه في "الحجة" [[انظر: "الحجة" 5/ 323 - 324.]] في وجه تصحيح قراءة حمزة. والقدماء من النحويين على إنكارها، ويقولون في المريق: إنَّه أعجمي ذكر ذلك أبو العباس المبرد وغيره. والله أعلم. وذكر أبو عبيد لهذه القراءة وجهاً آخر فقال: كان في الأصل دروء على فعول ثم استثقلت الضمات المجتمعة فرد بعضها إلى الكسر فقيل: درِّئ، وقد وجدنا العرب تفعل هذا في فعول وهو أخف من الأول، كقراءة من قرأ: (عِتيا) [مريم: 8] بالكسر، فإذا كان التحريك ممكنًا في المثال الأخف فهو في الثقيل أحرى وأمكن [[ذكر الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 83 ب كلام أبي عبيد مع اختلاف يسير.]]. وحكى أبو إسحاق في هذا الحرف قراءة شاذة وهي (درّي) بالفتح من غير همز [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 44. وقد نسبت هذه القراءة إلى: سعيد بن المسيب، ونصر بن عاصم، وأبي رجاء العطاردي، وقتادة، وزيد بن علي، والضحاك. انظر: "إعراب القرآن" للنحاس 3/ 36، "المحتسب" لابن جني 2/ 110، "البحر المحيط" 6/ 456.]]. قال أبو علي: ولا يكون ذلك إلا على تغيير النسب، ألا ترى أنه ليس في الكلام شيء على فعيل إلا ما حكاه أبو زيد أن بعضهم قال: عليكم بالسَّكِّينة في السَّكِينة، وذلك نادر فإذا كان كذلك علمت أنه مثل قولهم في الإضافة إلى أمية: أموي [["الإغفال" 2/ 1147.]]. قوله (يُوقَدُ) قرأ ابن كثير وأبو عمرو [[في (أ): (وابن عمرو)، وهو خطأ.]] بالتاء مفتوحة ونصب الدال [[(توقَّد). انظر: "السبعة" ص 455 - 456، "التيسير" ص 162.]]، على أن فاعل (تَوقَّد) المصباحُ، وهذه القراءة هي البيّنة لأنَّ المصباح هو الذي يتوقد. قال امرؤ القيس: سَمَوت إليها والنُّجوم كأنَّها ... مصابيح رهبان تُشبُّ لقفَّال [[البيت في "ديوانه" ص 31 وروايته فيه: نظرت إليها والنجوم كأنها. وفي "الحجة" 5/ 324 بمثل رواية الواحدي. وفي "العمدة" لابن رشيق 2/ 45، و"خزانة الأدب" 1/ 68 بمثل رواية الديوان. وقبل هذا البيت: تنوَّرتُها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظرٌ عالِ قال ابن رشيق في "العمدة" 2/ 45: ومن بيان المبالغة قول امرئ القيس يصف نارًا -وإن كان فيه إغراق:- نظرت إليها والنجوم .. والبيت. يقول: نظرت إلى نار هذه المرأة تُشب لقفال، والنجوم كأنها مصابيح رُهبان وقد قال: تنورتها من أذرعات .. البيت، وبين المكانين بعد -لأن أذرعات بالشام ويثرب هذه المدينة- وإنما يرجع القُفال من الغزو والغارات وجه الصباح فإذا رآها من مسيرة أيام وجه الصباح، وقد خمد سناها وكلِّ موقدها، فكيف كانت أول الليل؟! وشبَّه النجوم بمصابيح الرهبان أنَّها في السحر يضعف نورها كما يضعف نور المصابيح الموقدة ليلها أجمع، لا سيما مصابيح الرهبان لأنَّهم يكلون من سهر الليل، فربما نعسوا في ذلك الوقت. ونقل البغدادي في "خزانة الأدب" 1/ 69 عن بعضهم قوله: ومن التشبيه الصادق هذا البيت، فإنَّه شبَّه النجوم بمصابيح رهبان لفرط ضيائها، وتعهد الرهبان لمصابيحهم وقيامهم عليها لتزهر إلى الصبح، فكذلك النجوم زاهرة طول الليل وتتضاءل إلى الصبح كتضاؤل المصابيح له. وقال: "تشب لقفال" لأن أحياء العرب بالبادية إذا قفلت إلى مواضعها التي تأوي إليه من مصيف إلى مشتى إلى مربع، أوقدت لها نيران على قدر كثرة منازلها وقلتها؛ ليهتدوا بها، فشبَّه النجوم ومواقعها في السماء بتفرق تلك النيران واجتماعها من مكان بعد مكان، على حسب منازل القفال بالنيران الموقدة لهم. اهـ.]] وقرئ (يُوقد) بضم الياء وبالدال [[وهي قراءة نافع وابن عامر وحفص عن عاصم. "السبعة" ص 456، "التبصرة" ص 273، "التيسير" ص 162.]]، أي: المصباح. وهذه القراءة كالأولى في المعنى. وقرئ (تُوقدُ) [[بضم التاء والدال والتخفيف. وهي قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر عن عاصم. "السبعة" ص 456، "التبصرة" ص 273، "التيسير" ص 162.]] أي الزجاجة. والمعنى على مصباح الزجاجة، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه [["الحجة" لأبي علي الفارسي 5/ 325.]]. وقرئ (توقَّدُ) بفتح التاء [[في (أ): (الياء)، وهو خطأ. ومهملة في (ظ).]] وتشديد القاف وضم الدال [[وهي قراءة مجاهد، والحسن، والسُّلمي، وابن محيصن، وجماعة، ورواية المفضل عن عاصم. "الشواذ" لابن خالويه ص 102، "البحر المحيط" 6/ 456، "الدر المصون" 8/ 407، "إتحاف فضلاء البشر" 2/ 298.]]. وهذا أيضًا على حمل الكلام على الزجاجة والمعنى (تتوقَّد) فحذف التَّاء الثانية [["الحجة" الفارسي 5/ 325.]]. وقوله تعالى ﴿مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ قال أبو علي: أي من زيت شجرة، فحذف المضاف، يدلّك [[في (ظ): (ويدلك).]] على ذلك قوله ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ﴾ [["الحجة" للفارسي 5/ 324.]]. روى أبو أسيد [[هو: أبو أسيد -بفتح الهمزة- بن ثابت، الأنصاري، الزُّرقي، المدني. قيل: اسمه عبد الله، وكان يخدم النبي -ﷺ-. "الكنى" لدولابي 1/ 15، "الاستغناء" لابن عبد البر 1/ 92، "الاستيعاب" 3/ 875، "أسد الغابة" 3/ 189، "الإصابة" 4/ 8.]]، عن النبي -ﷺ- أنه قال: "كلوا الزَّيت [[في (ظ)، (ع): (بالزيت).]] وادَّهنُوا [[في (أ): (واندهنوا).]] به؛ فإنَّه من شجرة مباركة" [[رواه الإمام أحمد 3/ 497، والدارمي 2/ 102، والترمذي في الأطعمة- باب: ما جاء في أكل الزيت 5/ 585 والحاكم في "مستدركه" 2/ 397 - 398 والبغوي في "شرح السنة" 11/ 311 - 312 وفي "تفسيره" 6/ 47. وتصحَّف في المطبوع من "التفسير" إلى: أسد بن ثابت وأبي أسلم الأنصاري. وصوابه: أسيد بن ثابت أو أبي أسيد الأنصاري كلهم من طريق سفيان، عن عبد الله بن عيسى، عن عطاء رجل كان بالشام وليس بابن أبي رباح، عن أبي أسيد، به. وعطاء هذا قال عنه الذهبي في "الميزان" 3/ 77: ليَّن البخاري حديثه، لا يدري من هو. لكن ذكر الألباني في "الصحيحة" (1/ ح 379) لهذا الحديث شواهد من حديث عمر وأبي هريرة وابن عباس -رضي الله عنه-، ثم قال (1/ ق 4 ص 112): وجملة القول أنَّ الحديث بمجموع طريقي عمر وطريق أبي أسيد -وتصحف في المطبوع إلى:- سعيد- يرتقي إلى درجة الحسن لغيره على أقل الأحوال. والله أعلم.]]. وروى عبد الله بن جراد [[في (أ): (جواد)، وهو خطأ. وهو: عبد الله بن جراد بن المنتفق بن عامر بن عقل العامري، العقيلي. له صحبة، من أهل الطائف. روى عنه يعلى الأشدق وغيره. "التاريخ الكبير" للبخاري 5/ 35، "الاستيعاب" 3/ 880، "أسد الغابة" 3/ 132، "الإصابة" 2/ 279.]] أنَّ النبي -ﷺ- قال: "اللهم بارك في الزيت والزيتون، اللهم بارك في الزيت والزيتون" [[رواه الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 84 أمن طريق يعلى الأشدق، عن عمه عبد الله بن جراد به. وفي سنده يعلى الأشدق قال عنه البخاري: لا يكتب حديثه. وقال أبو حاتم. == ليس بشيء، ضعيف في الحديث. وقال أبو زرعة: هو عندي لا يُصدّق، ليس بشيء. انظر: "التاريخ الصغير" للبخاري 2/ 165، "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 9/ 303، "المغني في الضعفاء" للذهبي 2/ 760، "لسان الميزان" لابن حجر 6/ 312.]]. ومن البركة في الزيت والزيتون [[في (ع): (الزيتونة).]] ما ذكره عطاء، عن ابن عباس قال: فيها أنواع من المنافع، فالزيت يُسرج به، وهو إدام، وهو دهان، وهو دباغ، وهو وقيد [[في (ع): (وقود)، وهما لغتان. انظر: "القاموس المحيط" 1/ 346 (الوّقد).]] يوقد بحطبه وثفله [[في (أ): وتفله. ومهملة في (ظ). والثُّفل: ما سفل من كل شيء. "لسان العرب" 11/ 84 (ثفل).]]، وليس منه شيء إلا وفيه [[في (ظ)، (ع): (وفيها).]] منافع حتى الرَّماد يُغسل به الإبريسم [[ذكره عن ابن عباس: القُرطبيُّ 12/ 258، وذكره ابن الجوزي 6/ 43 من غير نسبة.]]. ومن بركتها أنها أول شجرة نبتت بعد الطوفان، وهي تنبت في منازل الأنبياء والمرسلين والأرض المقدسة، ودعا لها سبعون نبيًا بالبركة منهم إبراهيم الخليل [[(الخليل): زيادة من (ع).]] - عليه السلام - [[من قوله: ومن بركتها. إلى هنا، ذكره الثعلبي 3/ 84 أوصدَّره بقوله: قيل. وما ذُكر يحتاج إلى دليل. والله أعلم.]] ونبينا محمد -ﷺ- كما ذكرنا. وذكر الزجاج من بركتها أنَّ أغصانها تكون مورقة من أسفلها إلى أعلاها، وليس في الشجر شيء يورق غصنه من أوله إلى آخره مثل الزيتون والرمّان [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 45.]]. وكذلك قال أبو طالب في بعض القرشيين [[هو: مسافر بن أبي عمرو بن أمية، ولذا يقول أبو طالب في مطلع قصيدته: ليت شعري مسافر بن أبي ... عمرو وليت يقولها المحزون وانظر خبر موت مسافر في "الأغاني" للأصفهاني 9/ 51، و"الخزانة" للبغدادي 10/ 468.]] وقد مات بغزَّة [[في (أ)، (ظ): (لعده) مهملة. وغزَّة: موضع معروف من مشارف الشام، انظر: "معجم البلدان" لياقوت 6/ 289 - 290 و"معجم ما استعجم" للبكري 2/ 997. ومسافر بن عمرو لم يمت بغزَّة، وإنَّما مات بهبالة أو تباله، قال أبو طاب في تلك القصيدة: ميت صدق على هبالة أمسيت ... ومن دون ملتقاك الحجون وفي "ديوان أبي طالب" ص 51: ميت صدق على تبالة وهبالة: ماء لبني عقيل- وقيل لبني نمير .. وقد ذكره ياقوت في "معجم البلدان" 8/ 442 وذكر فيه شعر أبي طالب. وانظر: "معجم ما استعجم" 2/ 1344. وتبالة: موضع بقرب الطائف. "معجم ما استعجم" للبكري 1/ 301. أما الذي مات بغزَّة من القرشيين فهو هاشم بن عبد مناف كما ذكر ذلك ياقوت 6/ 290، والبكري في "معجم ما استعجم" 2/ 997.]] يرثيه: بُورك الميت الغريب كما بورك ... نضر [[في (أ): (نضر)، أهمل أوله وفي (ع): (نضو)، وفي (ظ): (نصو) مهملة.]] الرمان والزيتون [[البيت لأبي طالب وهو منسوب له في: كتاب "النَّبات" للأصمعي ص 26 حيث قال: ويقال: نَضَح الشَّجر ينضح نضحًا، إذا تفطَّر للتوريق، قال أبو طالب بن عبد المطلب: بورك الميت الغريب كما بورك ... نضحُ الرمان والزيتون. و"نسب قريش" لأبي عبد الله المصعب الزبيري ص 137 بمثل رواية: الأصمعي. وفي "ديوان شيخ الأباطح أبي طالب جمع أبي هفَّان المهزمي وشرح أبي الفتح == ابن جني" ص 21 بمثل رواية الأصمعي. و"الأغاني" للأصفهاني 6/ 51 وعنده: بورك .. .. نضر الريحان والزيتون و"المحرر الوجيز" لابن عطية 10/ 511، والقرطبي 12/ 258 وعندهما (نبع) في موضع (نضح). و"البحر المحيط" لأبي حيان 6/ 457 وعنده: "نَضْر" بمثل رواية الواحدي. و"خزانة الأدب" للبغدادي 10/ 463، 467 وذكر رواية الديوان ورواية صاحب الأغاني، لكن رواية صاحب الأغاني عنده: .. كما بورك غُصنُ الريحان والزيتون. والبيت غير منسوب في "معاني القرآن" للزَّجَّاج 4/ 45 وفي المطبوع: .. كما بورك نظم .. ، و"أحكام القرآن" لابن العربي 3/ 1388 وعنده: (نضر). أما معنى البيت فقد قال البغدادي في "الخزانة" 10/ 470: "بورك الميت" إلخ جملة دعائية، والبركة: الزيادة، والنضح -بفتح النون وسكون الضّاد المعجمة بعدها حاء مهملة-: القليل .. نضح الشجر إذا تفطَّر، وأراد به اسم المفعول أي الفروع المنشقة عند ما يخرج. والزيتون معطوف على نضح.]] ولا يحتاج دهنه إلى عصّار يستخرجه [[في (ع): (يخرجه أو يستخرجه).]] [[هذا قول الثعلبي في "تفسيره" 3/ 84 أ.]]. وهذه كلها من بركات هذه الشجرة. وقوله ﴿زَيْتُونَةٍ﴾ بدل من قوله ﴿شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ [[ذكرأبو حيّان 6/ 458 هذا القول، ثم قال. وجوَّز بعضهم أن يكون عطف بيان، ولا يجوز على مذهب البصريين، لأن عطف البيان عندهم لا يكون إلا في المعارف، وأجاز الكوفيون وتبعهم الفارسي أنه يكون في النكرات. وذكر السمين الحلبي في "الدر المصون" 8/ 408 القولين، وذكر أن القول بالبدلية هو أشهرهما.]]. وخص الزيتونة من بين سائر الأشجار؛ لأن دهنها أضوى وأصفي [[هذا قول الثعلبي في "تفسيره" 3/ 84 أ.]]. قوله ﴿لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ﴾ قال ابن عباس في رواية عكرمة: هي شجرة بالصحراء [[في (أ): (الصحراء).]]، لا يظلها شجر ولا جبل ولا كهف، ولا يواريها شيء، وهو أجود لزيتها [[رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 3/ 747 ب، 48 أمن رواية عكرمة عن ابن عباس وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 201 وزاد نسبته للفريابي وذكره البغوي 6/ 47، وابن الجوزي 6/ 43 من رواية عكرمة، عنه.]]. وقال السدي: يقول: ليست بشرقيّة يحوزها المشرق دون المغرب، وليست [[في (ع): (ولا).]] بغربيّة يحوزها المغرب دون المشرق، ولكنّها على رأس جبل في صحراء تصيبها الشمس النهار كله [[رواه عنه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 48 أ. وذكره عنه ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" 3/ 291.]]. وقال الكلبي: هي بفلاة [[فلاة: الصحراء الواسعة أو المستوية التي ليس فيها شيء. "لسان العرب" 15/ 164 (فلا).]] على تلعة [[التَّلعة: ما ارتفع من الأرض. "القاموس المحيط" 3/ 10.]] من الأرض لا يصيبها ظل غرب ولا شرق، ولا يسترها من المشرق ولا من المغرب شيء، وهو أصفى الزيت [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 60 عن الكلبي من قوله: ولا يسترها.]]. وقال قتادة: هي شجرة لا يفي عليها ظل شرق ولا غرب [[في (أ) زيادة: (ويسترها من المشارق) بعد قوله: (ولا غرب)، وهو انتقال نظر من الناسخ إلى السطر الذي قبله.]]، ضاحية للشمس [[في (ع): (للنّهار).]]. وزيتها أصفى الزيت [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 60. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 200 وعزاه أيضًا لعبد بن حميد والطبري. ولم أره في الطبري.]]. ونحو هذا قال عكرمة [[ذكره عنه الثعلبي 3/ 84 أ، ورواه عنه سعيد بن منصور في "سننه" 160 أ، والطبري 18/ 142، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 48 أ. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 201 من رواية عبد بن حميد عنه.]]، ومجاهد [[رواه الطبري 18/ 142، وابن أبي حاتم 7/ 48.]]، وجويبر عن الضحاك [[قال السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 201 - بعد أن ذكر هذا القول عن ابن عباس-: (وروى عبد بن حميد عن عكرمة، والضحَّاك مثله).]]، وأكثر المفسرين [[انظر: "الطبري" 18/ 142، ابن أبي حاتم 7/ 47 ب، 48 أ، ب، ابن كثير 3/ 290 - 291، "الدر المنثور" للسيوطي 6/ 200 - 201.]]. واختاره الفراء، والزجاج [[انظر: "معاني القرآن" للزَّجَّاج 4/ 45.]]. قال الفراء: الشَّرقية التي تأخذها الشمس إذا شرقت ولا تصبها [إذا غربت؛ لأن لها سترًا [[في (أ): (يسترا).]]. والغربية التي تصيبها الشمس بالعشي [[(بالعشي): ساقطة من (ع).]] ولا تصيبها] [[ساقط من (ظ).]] بالغداة، فلذلك قال ﴿لَا شَرْقِيَّةٍ﴾ وحدها ﴿وَلَا غَرْبِيَّةٍ﴾ وحدها ولكنها شرقية غربية، وهو [[في (أ): (وهذا).]] كما تقول في الكلام: فلان لا مُسافر ولا مُقيم، إذا كان يسافر ويقيم، والمعنى أنه ليس بمنفرد بإقامة ولا سفر [["معاني القرآن" للفراء 2/ 253.]]. ونحو هذا قال أحمد بن يحيى [[هو ثعلب. وقد ذكر عنه هذا القول الثعلبي 3/ 84 أ.]]، فقال: يقول: هي شرقية غربية، كما تقول: ليس هذا بأبيض ولا أسود، إذا كان له من كلا الأمرين قسط ونصيب. قال الفرزدق: بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم ... ولم يكثر [[في (ظ)، (ع): (يكثروا).]] القتلى [[في (ظ)، (ع). (القتل).]] بها حين سلَّت [[البيت في "المعاني الكبير" لابن قتيبة 2/ 899 - 900، 1081، و"الكامل" للمبرد 1/ 308، و"الأضداد" لابن الأنباري ص 259 و"لسان العرب" 12/ 330 (شيم). قال ابن قتيبة 2/ 900: أراد لا يشيمون سيوفهم ولم يكثر القتلى بها، ولكنهم يشيمونها إذا أكثروا بها القتلى. وقال 2/ 1081: يقول: لم يغمدوا سيوفهم والقتلى لم تكثر حين سلت، ولكن أغمدوها حين كثرت القتلى. وقال المبرّد في "الكامل" 1/ 308: وهذا البيت طريف عند أصحاب المعاني، وتأويله: (لم يشيموا): لم يغمدوا، (ولم تكثر القتلى) أي لم يغمدوا سيوفهم إلاَّ وقد كثرت القتلى بها حين سلت. وقال ابن الأنباري ص 295: أراد: لم يغمدوا سيوفهم حتى كثرت القتلى.]] يعني: شاموا سيوفهم وأكثروا بها من القتلى. وقال الزجاج: أي تصيبها الشمس بالغداة والعشي فهو أنضر لها وأجود لزيتها وزيتونها [["معاني القرآن" للزجاح 4/ 45.]]. وفسر قوله ﴿لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ﴾ بضد التفسير الذي ذكرنا: قال أبو مالك في قوله ﴿لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ﴾: هي شجرة بين [[في (أ): (من).]] الأشجار، لا تصيبها الشمس في شرق ولا غرب [[قال السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 201 - بعد أن ذكر عن ابن جبير نحو هذا القول: وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك وكعب نحوه.]]. وهذا قول أبي روق، والضحاك [[جاء عن الضحاك خلاف هذا القول، فقد ذكر السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 201. بعد ذكره لقول ابن عباس: شجرة لا يظلها كهفٌ ولا جبل ولا يواريها شيء، وهو أجود لزيتها، قال: وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة والضحاك .. مثله.]]، وسعيد بن جبير [[رواه سعيد بن منصور في "سننه" (ل 160 أ)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 47 ب. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 201 ونسبه أيضًا لعبد بن حميد وابن المنذر.]]، قالوا: لا تصيبها الشمس لا شرقًا ولا غربًا. قال سعيد: وذاك أجود ما يكون من الزيت [[رواه ابن أبي حاتم 7/ 48 بمثله. ورواه سعيد بن منصور في "سننه" (ل 160 أ) بلفظ: وهي من أجود الشَّجر.]]. وهذا القول يروى عن أبيّ بن كعب رحمه الله قال: هي شجرة التفَّ بها الشجر [[في (ظ)، (ع): (الشجرة).]] فهي خضراء ناعمة، لا تصيبها الشمس على أي حال كانت لا إذا طلعت ولا إذا غربت [[رواه الطبري 18/ 138، وابن أبي حاتم 7/ 47 ب، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 197 ونسبه أيضًا لعبد بن حميد وابن المنذر.]]. وروى الربيع بن أنس [[في (ظ): (عن أنس)، وهو خطأ.]]، عن أبي العالية قال: ليس هذا في الدنيا إنما هو مثل ضرب [[لم أجد من ذكره عنه.]]. ونحو هذا قال الحسن: ليست هذه الشجرة من شجر الدنيا، ولو كانت في الأرض لكانت شرقية أو غربية، وإنَّما هو مثل ضربه الله -عز وجل- [[ذكره عنه الثعلبي 3/ 84 أبهذا اللفظ. ورواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 60، والطبري 18/ 142، وابن أبي حاتم 7/ 48 ب بنحوه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 201 ونسبه أيضًا لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر. قال الثعلبي 3/ 48 أ: وقد أفصح القرآن بأنَّها من شجر الدنيا، لأنَّه أبدل من الشجرة فقال: "زيتونة". وضعَّف هذا القول الرازي في "تفسيره" 23/ 236، وردَّه الشنقيطي كما في "تفسير سورة النور" ص 138.]]. وقال ابن زيد: يعني أنها شامية؛ لأنَّ الشَّام لا شرقي ولا غربي [[رواه الطبري 18/ 142، وابن أبي حاتم 7/ 48 ب بنحوه مختصرًا.]]. والقول هو الأول. قوله: ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا﴾ زيت الزيتونة يعني: الدهن ﴿يُضِيءُ﴾ المكان من ضيائه وصفائه [[الثعلبي 3/ 84 ب.]]. ﴿وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾ ولو لم تصبه النار. واختلفوا في المراد بهذا المثل. فروي عن أبي بن كعب أنه قال: هذا مثل لعبد قد جُعل الإيمان والقرآن في صدره، فالمشكاة: قلبه، والمصباح: هو الإيمان والقرآن، والزجاجة: صدره [[ذكره عنه الثعلبي 3/ 85 أوعنده: المشكاة: نفسه. == ورواه الطبري 18/ 138، وابن أبي حاتم مفرقًا 7/ 45 أ - ب، 46 أ - ب عنه -رضي الله عنه- لكن في روايتهما أن المشكاة: صدره، والزجاجة: قلبه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 197 بمثل رواية الطبري وابن أبي حاتم، وعزاه لهما وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه وغيرهم.]]. وهذا قول الكلبي، والسدي، وقتادة [[رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 49 ب عن السدي وقتادة بمعناه مختصرًا.]] والحسن، وابن زيد [[ذكره الثعلبي 3/ 85 أعن الحسن وابن زيد: بنحوه. ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 45 أعن الحسن بنحوه. ورواه الطبري في "تفسيره" 18/ 139، عن ابن زيد، بنحوه.]]، وقول ابن عباس في رواية سعيد بن جبير [[روى ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 45 أمن طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (مثل نوره): مثل نور من آمن بالله.]]. قال ابن عباس في قوله ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾: يكاد قلب المؤمن يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم، فإذا جاءه العلم ازداد هدى على هدى ونورًا على نور، كقول إبراهيم -عليه السلام- قبل أن تجيئه المعرفة ﴿هَذَا رَبِّي﴾ [الأنعام: 76] من غير أن أخبره [[عند الطبري: يخبره.]] أحدٌ أن له ربًّا [[ذكر ابن كثير 2/ 151 اختلاف المفسرين في قوله إبراهيم ﴿هَذَا رَبِّي﴾ هل هو مقام نظر أو مناظرة، ثم قال: والحق أنَّ إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- كان في المقام مناظرًا لقومه، مبينًا لهم بطلان ما كانوا عليه من عبادة الهياكل والأصنام. ثم بيَّن ذلك وساق الأدلة على هذا الأمر.]]، فلما أخبره الله أنَّه ربه ازداد هدى على هدى [[رواه الطبري 18/ 138. وذكره مختصرًا السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 197، ونسبه للطبري وابن أبي حاتم وابن المنذر والبيهقي في "الأسماء والصفات".]]. قوله تعالى: ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾ قال مجاهد: النار على الزيت [[رواه الطبري 18/ 143، وابن أبي حاتم 7/ 49 ب، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 200 ونسبه أيضًا لعبد بن حميد.]]. وقال الكلبي: المصباح نور، والقنديل نور [[ذكره عن ابن الجوزي 6/ 43 لكن فيه الزجاجة بدلاً من القنديل.]]. قال ابن عباس: وهو مثل لإيمان المؤمن وعمله [[رواه الطبري 18/ 139، وابن أبي حاتم 7/ 49 أ، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 198 ونسبه أيضًا لابن مردويه.]]. وقال الحسن: يعني أن القرآن نور من الله لخلقه مع ما قد [[(قد): ساقطة من (أ).]] قام لهم الدلائل والأعلام قبل نزول القرآن [[ذكره عنه البغوي 6/ 49، وذكر الثعلبي 3/ 85 أهذا القول بنصِّه ولم ينسبه لأحد.]]. وقال أُبي بن كعب: ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾ يعني أن المؤمن يتقلَّب في خمسة من النور: فكلامه نور، وعمله نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى النور يوم القيامة [[رواه الطبري 18/ 138، وابن أبي حاتم 7/ 49، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 197 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه وغيرهم.]]. وقال السدي: نور الإيمان ونور القرآن [[رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 7/ 49 ب، وذكره عنه البغوي 6/ 49، وابن كثير 3/ 291.]]. وقال ابن عباس في رواية عطاء: ﴿مَثَلُ نُورِهِ﴾ يعني محمدًا -ﷺ- [[هذا مروي عن سعيد بن جبير والضحاك وكعب. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" 7/ 45 أ، البغوي 6/ 45.]]. قال أبو إسحاق: وذلك جائز أن يراد بالنور في قوله ﴿مَثَلُ نُورِهِ﴾ محمد -ﷺ- لأنَّه هو المرشد والمبيّن والناقل عن الله -عز وجل- على ما هو نيّر بيّن [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 43.]]. والمشكاة: قلبه، والمصباح: مثل لما في قلبه من الإيمان والنّور [[(والنّور): ساقطة من (ع).]] والنبوة والحكمة، والزجاج: مثل لصدره في الصفاء والحسن والنقاء، ثم قال: ﴿يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ يقول: استنار نور محمد -ﷺ- من نور إبراهيم - عليه السلام -؛ لأنَّه من ولده وعلى دينه ومنهاجه وسنّته، ويعني بالزيتونة حسن طاعة إبراهيم لله تعالى في دار الدنيا، ثم قال في صفة الزيتونة ﴿لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ﴾ يقول: إن إبراهيم -عليه السلام- لم يكن يصلي [[في (أ): (يصل).]] قبل المشرق ولا قبل المغرب أي: لم يكن يصلي قبلة اليهود ولا قبلة النصارى [[في (ظ): (لليهود، للنّصارى).]] وقوله ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ﴾ يقول: لو أنَّ إبراهيم لم يكن نبيًا لأعطاه الله بحسن [[في (ظ): (لحسن).]] طاعته لله في الدنيا الثواب مع الأنبياء، ثم قال: ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾ يقول: استنار نور محمد -ﷺ- من نور إبراهيم. وهذا كلام ابن عباس في رواية عطاء [[لم أجده.]]. ونحو هذا روي عن ابن عمر [[رواه الطبراني في "الكبير" 12/ 317، وفي، "الأوسط" 2/ 501 - 502، وابن عدي في "الكامل في ضعفاء الرجال" 7/ 2556، والثعلبي في "تفسيره" 3/ 84 ب كلهم من طريق الوازع بن نافع، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر، فذكر نحوه. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 83: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه الوازع بن نافع وهو متروك.]] وكعب الأحبار [[رواه الطبري في "تفسيره" 18/ 137، وابن أبي حاتم في "تفسيره" مفرقًا 7/ 46 أ == عن شمر بن عطية قال: جاء ابن عباس رضي الله عنهما إلى كعب الأحبار فقال: حدثني عن قول الله "الله نور السموات والأرض"، فذكر نحوه. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 198 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردوية. وهذا الأثر منقطع؛ فإنَّ شمَّر بن عطية. لم يلق ابن عباس. قال أبو بكر بن العربي في "أحكام القرآن" 3/ 1389 - بعد ذكره هذا القول-: وهذا كلّه عدول عن الظاهر، وليس يمتنع في التمثيل أن يتوسع المرء فيه، ولكن على الطريقة التي شرعناها في قانون التأويل لا على الاسترسال المطلق الذي يخرج الأمر عن بابه، ويُحمِّل على اللفظ ما لا يطيقه.]] في هذه الآية. قال القرظي: المشكاة: إبراهيم، والزجاجة: إسماعيل، والمصباح: محمد -ﷺ-، والشجرة المباركة: إبراهيم؛ لأن أكثر الأنبياء كانوا من صلبه، ﴿لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ﴾ لم يكن يهوديًّا ولا نصرانيًّا. وقوله ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ﴾ يقول: تكاد محاسن محمد -ﷺ- تظهر للناس قبل أن يوحى [[في (ظ)، (ع): (أوحى).]] إليه ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾ نبي مرسل من نسل نبي مرسل [[ذكره عنه الثعلبي 3/ 84 ب، 85 أ، والبغوي 6/ 48، والقرطبي 12/ 263.]]. وقال مقاتل: شبه عبد المطلب بالمشكاة، وعبد الله بالزجاجة، والنبي محمد -ﷺ- بالمصباح، فورث النبوة من أبيه إبراهيم -عليه السلام-، وهو قوله ﴿يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ [[عند الثعلبي 3/ 85 أ: روى مقاتل، عن الضحاك: شبَّه عبد المطلب بالمشكاة .. بمثل ما ذكره الواحدي هنا. فالذي يظهر أن الواحدي نقله عن الثعلبي وأسقط الضحاك؛ لأن قول مقاتل في "تفسيره" والذي ينقل منه الواحدي عادة - يختلف عما هنا، فإن فيه 2/ 38 ب: يعني بالمشكاة صُلب عبد الله أبي محمد -ﷺ-، ويعني بالزجاجة جسد محمد -ﷺ-، ويعنى بالسِّراج الإيمان في جسد محمد -ﷺ-، فلما == خرجت الزجاجة فيها المصباح من الكُوَّة صارت الكوَّة مظلمة فذهب نورها، والكوة مثل عبد الله ثم شبَّه الزجاجة بمحمد -ﷺ- .. ويعني بالشجرة إبراهيم. اهـ. وقد تقدَّم كلام ابن العربي في هذه الأقوال البعيدة.]]. قوله تعالى: ﴿يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ قال ابن عباس: لدينه الإسلام [[ذكره عنه البغوي 6/ 49. وذكره ابن الجوزي 6/ 44 من غير نسبة.]]. وإن شئت قلت للقرآن، وإن شئت لمحمد -ﷺ- على اختلاف التفسير في قوله: ﴿مَثَلُ نُورِهِ﴾. ﴿وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ﴾ ويبيّن الله الأشباه للناس تقريبًا إلى الأفهام وتسهيلًا لسبل الإدراك [[الثعلبي 3/ 85 ب.]] ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب