الباحث القرآني
﴿ولَمّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أرِنِي أنْظُرْ إلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي ولَكِنُ انْظُرْ إلى الجَبَلِ فَإنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وخَرَّ مُوسى صَعِقًا فَلَمّا أفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إلَيْكَ وأنا أوَّلُ المُؤْمِنِينَ﴾ ﴿قالَ يا مُوسى إنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلى النّاسِ بِرِسالَتِي وبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾
جُعِلَ مَجِيءُ مُوسى في الوَقْتِ المُعَيَّنِ أمْرًا حاصِلًا غَيْرَ مُحْتاجٍ لِلْإخْبارِ عَنْهُ، لِلْعِلْمِ بِأنَّ مُوسى لا يَتَأخَّرُ ولا يَتْرُكُ ذَلِكَ، وجُعِلَ تَكْلِيمُ اللَّهِ إيّاهُ في خِلالِ ذَلِكَ المِيقاتِ أيْضًا حاصِلًا غَيْرَ مُحْتاجٍ لِلْإخْبارِ عَنْ حُلُولِهِ، لِظُهُورِ أنَّ المُواعَدَةَ المُتَضَمِّنَةَ لِلْمُلاقاةِ تَتَضَمَّنُ الكَلامَ؛ لِأنَّ مُلاقاةَ اللَّهِ بِالمَعْنى الحَقِيقِيِّ غَيْرُ مُمْكِنَةٍ، فَلَيْسَ يَحْصُلُ مِن شُئُونِ المُواعَدَةِ إلّا الكَلامُ الصّادِرُ عَنْ إرادَةِ اللَّهِ وقُدْرَتِهِ، فَلِذَلِكَ كُلِّهِ جُعِلَ مَجِيءُ مُوسى لِلْمِيقاتِ وتَكْلِيمُ اللَّهِ إيّاهُ شَرْطًا لِحِرْفِ (لَمّا) لِأنَّهُ كالمَعْلُومِ، وجُعِلَ الإخْبارُ مُتَعَلِّقًا بِما بَعْدَ ذَلِكَ وهو اعْتِبارٌ بِعَظَمَةِ اللَّهِ وجَلالِهِ، فَكانَ الكَلامُ ضَرْبًا مِنَ الإيجازِ بِحَذْفِ الخَبَرِ عَنْ جُمْلَتَيْنِ اسْتِغْناءً عَنْهُما بِأنَّهُما جُعِلَتا شَرْطًا لَلَمّا.
ويَجُوزُ أنْ تُجْعَلَ الواوُ في قَوْلِهِ ﴿وكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ زائِدَةً في جَوابِ (لَمّا) كَما قالَهُ الأكْثَرُ في قَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ:
؎فَلَمّا أجَزْنا ساحَةَ الحَيِّ وانْتَحى بِنا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقافٍ عَقَنْقَلِ
أنَّ جَوابَ لَمّا هو قَوْلُهُ وانْتَحى، وجَوَّزُوهُ في قَوْلِهِ - تَعالى - ﴿فَلَمّا أسْلَما وتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: ١٠٣] ﴿ونادَيْناهُ أنْ يا إبْراهِيمُ﴾ [الصافات: ١٠٤] الآيَةَ، أنْ يَكُونَ ونادَيْناهُ هو جَوابَ (لَمّا) فَيَصِيرُ (p-٩٠)التَّقْدِيرُ: لَمّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا كَلَّمَهُ رَبُّهُ، فَيَكُونُ إيجازًا بِحَذْفِ جُمْلَةٍ واحِدَةٍ، ولا يُسْتَفادُ مِن مَعْنى إنْشاءِ التَّكْلِيمِ الطَّمَعُ في الرُّؤْيَةِ إلّا مِن لازِمِ المُواعَدَةِ.
واللّامُ في قَوْلِهِ لِمِيقاتِنا صِنْفٌ مِن لامِ الِاخْتِصاصِ، كَما سَمّاها في الكَشّافِ ومَثَّلَها بِقَوْلِهِمْ: أتَيْتُهُ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنَ الشَّهْرِ، يَعْنِي أنَّهُ اخْتِصاصُ ما، وجَعَلَها ابْنُ هِشامٍ بِمَعْنى عِنْدَ وجَعَلَ ذَلِكَ مِن مَعانِي اللّامِ وهو أظْهَرُ، والمَعْنى: فَلَمّا جاءَ مُوسى مَجِيئًا خاصًّا بِالمِيقاتِ أيْ: حاصِلًا عِنْدَهُ لا تَأْخِيرَ فِيهِ، كَقَوْلِهِ - تَعالى - ﴿أقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء: ٧٨] وفي الحَدِيثِ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ أيُّ الأعْمالِ أفْضَلُ فَقالَ: الصَّلاةُ لِوَقْتِها» أيْ عِنْدَ وقْتِها ومِنهُ ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١] .
ويَجُوزُ جَعْلُ اللّامِ لِلْأجْلِ والعِلَّةِ، أيْ جاءَ لِأجْلِ مِيقاتِنا، وذَلِكَ لِما قَدَّمْناهُ مِن تَضَمُّنِ المِيقاتِ مَعْنى المُلاقاةِ والمُناجاةِ، أيْ جاءَ لِأجْلِ مُناجاتِنا.
والمَجِيءُ: انْتِقالُهُ مِن بَيْنِ قَوْمِهِ إلى جَبَلِ سِينا المُعَيَّنِ فِيهِ مَكانُ المُناجاةِ.
والتَّكْلِيمُ حَقِيقَتُهُ النُّطْقُ بِالألْفاظِ المُفِيدَةِ مَعانِي بِحَسَبِ وضْعٍ مُصْطَلَحٍ عَلَيْهِ، وهَذِهِ الحَقِيقَةُ مُسْتَحِيلَةٌ عَلى اللَّهِ - تَعالى - لِأنَّها مِن أعْراضِ الحَوادِثِ، فَتَعَيَّنَ أنْ يَكُونَ إسْنادُ التَّكْلِيمِ إلى اللَّهِ مَجازًا مُسْتَعْمَلًا في الدَّلالَةِ عَلى مُرادِ اللَّهِ - تَعالى - بِألْفاظٍ مِن لُغَةِ المُخاطَبِ بِهِ بِكَيْفِيَّةٍ يُوقِنُ المُخاطَبُ بِهِ أنَّ ذَلِكَ الكَلامَ مِن أثَرِ قُدْرَةِ اللَّهِ عَلى وفْقِ الإرادَةِ ووَفْقِ العِلْمِ، وهو تَعَلُّقٌ تَنْجِيزِيٌّ بِطَرِيقٍ غَيْرِ مُعْتادٍ، فَيَجُوزُ أنْ يَخْلُقَ اللَّهُ الكَلامَ في شَيْءٍ حادِثِ سَمِعَهُ مُوسى كَما رُوِيَ أنَّ اللَّهَ خَلَقَ الكَلامَ في الشَّجَرَةِ الَّتِي كانَ مُوسى حَذْوَها، وذَلِكَ أوَّلُ كَلامٍ كَلَّمَهُ اللَّهُ مُوسى في أرْضِ مَدْيَنَ في جَبَلِ (حُورِيبَ)، ويَجُوزُ أنْ يَخْلُقَ اللَّهُ الكَلامَ مِن خِلالِ السَّحابِ وذَلِكَ الكَلامُ الواقِعُ في طُورِ سِينا وهو المُرادُ هُنا. وهو المَذْكُورُ في الإصْحاحِ ١٩ مِن سِفْرِ الخُرُوجِ.
والكَلامُ بِهَذِهِ الكَيْفِيَّةِ كانَ يَسْمَعُهُ مُوسى حِينَ يَكُونُ بَعِيدًا عَنِ النّاسِ في المُناجاةِ أوْ نَحْوِها، وهو أحَدُ الأحْوالِ الثَّلاثَةِ الَّتِي يُكَلِّمُ اللَّهُ بِها أنْبِياءَهُ كَما في قَوْلِهِ - تَعالى - وما كانَ لِبَشَرٍ أنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلّا وحْيًا الآيَةَ في سُورَةِ الشُّورى، وهو حادِثٌ لا مَحالَةَ ونِسْبَتُهُ إلى اللَّهِ أنَّهُ صادِرٌ بِكَيْفِيَّةٍ غَيْرِ مُعْتادَةٍ لا تَكُونُ إلّا بِإرادَةِ اللَّهِ أنْ يُخالِفَ (p-٩١)بِهِ المُعْتادَ تَشْرِيفًا لَهُ، وهو المُعَبَّرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ أوْ مِن وراءِ حِجابٍ، وقَدْ كَلَّمَ اللَّهُ - تَعالى - مُحَمَّدًا ﷺ لَيْلَةَ الإسَراءِ، وأحْسَبُ الأحادِيثَ القُدْسِيَّةَ كُلَّها أوْ مُعْظَمَها مِمّا كَلَّمَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا ﷺ، وأمّا إرْسالُ اللَّهِ جِبْرِيلَ بِكَلامٍ إلى أحَدِ أنْبِيائِهِ فَهي كَيْفِيَّةٌ أُخْرى وذَلِكَ بِإلْقاءِ الكَلامِ في نَفْسِ المَلِكِ الَّذِي يُبَلِّغُهُ إلى النَّبِيءِ، والقُرْآنُ كُلُّهُ مِن هَذا النَّوْعِ، وقَدْ كانَ الوَحْيُ إلى مُوسى بِواسِطَةِ المَلَكِ في أحْوالٍ كَثِيرَةٍ وهو الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ في التَّوْراةِ بِقَوْلِها قالَ اللَّهُ لِمُوسى.
وقَوْلُهُ ﴿قالَ رَبِّ أرِنِي﴾ هو جَوابُ (لَمّا) عَلى الأظْهَرِ، فَإنْ قَدَّرْنا الواوَ في قَوْلِهِ وكَلَّمَهُ زائِدَةً في جَوابِ (لَمّا) كانَ قَوْلُهُ (قالَ) واقِعًا في طَرِيقِ المُحاوَرَةِ فَلِذَلِكَ فُصِلَ.
وسُؤالُ مُوسى رُؤْيَةَ اللَّهِ - تَعالى - تَطَلُّعٌ إلى زِيادَةِ المُعْرِفَةِ بِالجَلالِ الإلَهِيِّ؛ لِأنَّهُ لَمّا كانَتِ المُواعِدَةُ تَتَضَمَّنُ المُلاقاةَ. وكانَتِ المُلاقاةُ تَعْتَمِدُ رُؤْيَةَ الذّاتِ وسَماعَ الحَدِيثِ، وحَصَلَ لِمُوسى أحَدُ رُكْنَيِ المُلاقاةِ وهو التَّكْلِيمُ، أطْمَعَهُ ذَلِكَ في الرُّكْنِ الثّانِي وهو المُشاهَدَةُ، ومِمّا يُؤْذِنُ بِأنَّ التَّكْلِيمَ هو الَّذِي أطْمَعَ مُوسى في حُصُولِ الرُّؤْيَةِ جَعْلُ جُمْلَةِ (﴿وكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾) شَرْطًا لِحَرْفِ (لَمّا) لِأنَّ (لَمّا) تَدُلُّ عَلى شِدَّةِ الِارْتِباطِ بَيْنَ شَرْطِها وجَوابِها، فَلِذَلِكَ يَكْثُرُ أنْ يَكُونَ عِلَّةً في حُصُولِ جَوابِها كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ - تَعالى - ﴿فَلَمّا ذاقا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما﴾ [الأعراف: ٢٢] في هَذِهِ السُّورَةِ، هَذا عَلى جَعْلِ (وكَلَّمَهُ) عَطْفًا عَلى شَرْطِ (لَمّا) ولَيْسَ جَوابَ (لَمّا)، ولا نَشُكُّ في أنَّهُ سَألَ رُؤْيَةً تَلِيقُ بِذاتِ اللَّهِ - تَعالى - وهي مِثْلُ الرُّؤْيَةِ المَوْعُودِ بِها في الآخِرَةِ، فَكانَ مُوسى يَحْسَبُ أنَّ مِثْلَها مُمْكِنٌ في الدُّنْيا حَتّى أعْلَمَهُ اللَّهُ بِأنَّ ذَلِكَ غَيْرُ واقِعٍ في الدُّنْيا، ولا يَمْتَنِعُ عَلى نَبِيءٍ عَدَمُ العِلْمِ بِتَفاصِيلِ الشُّئُونِ الإلَهِيَّةِ قَبْلَ أنْ يُعَلِّمَها اللَّهُ إيّاهُ، وقَدْ قالَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ﷺ ﴿وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه: ١١٤]، ولِذَلِكَ كانَ أيِمَّةُ أهْلِ السُّنَّةِ مُحِقِّينَ في الِاسْتِدْلالِ بِسُؤالِ مُوسى رُؤْيَةَ اللَّهِ عَلى إمْكانِها بِكَيْفِيَّةٍ تَلِيقُ بِصِفاتِ الإلَهِيَّةِ لا نَعْلَمُ كُنْهَها وهو مَعْنى قَوْلِهِمْ ”بِلا كَيْفٍ“ .
وكانَ المُعْتَزِلَةُ غَيْرَ مُحِقِّينَ في اسْتِدْلالِهِمْ بِذَلِكَ عَلى اسْتِحالَتِها بِكُلِّ صِفَةٍ.
وقَدْ يَئُولُ الخِلافُ بَيْنَ الفَرِيقَيْنِ إلى اللَّفْظِ، فَإنَّ الفَرِيقَيْنِ مُتَّفِقانِ عَلى اسْتِحالَةِ (p-٩٢)إحاطَةِ الإدْراكِ بِذاتِ اللَّهِ واسْتِحالَةِ التَّحَيُّزِ، وأهْلُ السُّنَّةِ قاطِعُونَ بِأنَّها رُؤْيَةٌ لا تُنافِي صِفاتِ اللَّهِ - تَعالى -، وأمّا ما تَبَجَّحَ بِهِ الزَّمَخْشَرِيُّ في الكَشّافِ فَذَلِكَ مِن عُدْوانِ تَعَصُّبِهِ عَلى مُخالِفِيهِ عَلى عادَتِهِ، وما كانَ يَنْبَغِي لِعُلَماءِ طَرِيقَتِنا التَّنازُلُ لِمُهاجاتِهِ بِمِثْلِ ما هاجاهم بِهِ، ولَكِنَّهُ قالَ فَأوْجَبَ.
واعْلَمْ أنَّ سُؤالَ مُوسى رُؤْيَةَ اللَّهِ - تَعالى - طَلَبٌ عَلى حَقِيقَتِهِ كَما يُؤْذِنُ بِهِ سِياقُ الآيَةِ ولَيْسَ هو السُّؤالَ الَّذِي سَألَهُ بَنُو إسْرائِيلَ المَحْكِيَّ في سُورَةِ البَقَرَةِ بِقَوْلِهِ ﴿وإذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [البقرة: ٥٥] وما تَمَحَّلَ بِهِ في الكَشّافِ مِن أنَّهُ هو ذَلِكَ السُّؤالُ تَكَلُّفٌ لا داعِيَ لَهُ.
ومَفْعُولُ (أرِنِي) مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ الضَّمِيرِ المَجْرُورِ عَلَيْهِ في قَوْلِهِ (إلَيْكَ) .
وفُصِلَ قَوْلُهُ ﴿قالَ لَنْ تَرانِي﴾ لِأنَّهُ واقِعٌ في طَرِيقِ المُحاوَرَةِ.
و(لَنْ) يُسْتَعْمَلُ لِتَأْيِيدِ النَّفْيِ ولِتَأْكِيدِ النَّفْيِ في المُسْتَقْبَلِ، وهُما مُتَقارِبانِ، وإنَّما يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ كُلُّهُ بِهَذِهِ الحَياةِ المُعَبَّرِ عَنْها بِالأبَدِ، فَنَفَتْ (لَنْ) رُؤْيَةَ مُوسى رَبَّهُ نَفْيًا لا طَمَعَ بَعْدَهُ لِلسّائِلِ في الإلْحاحِ والمُراجَعَةِ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أنَّ طِلْبَتَهُ مُتَعَذَّرَةُ الحُصُولِ، فَلا دَلالَةَ في هَذا النَّفْيِ عَلى اسْتِمْرارِهِ في الدّارِ الآخِرَةِ.
والِاسْتِدْراكُ المُسْتَفادُ مِن (لَكِنْ) لِرَفْعِ تَوَهُّمِ المُخاطَبِ الِاقْتِصارَ عَلى نَفْيِ الرُّؤْيَةِ بِدُونِ تَعْلِيلٍ ولا إقْناعٍ، أوْ أنْ يَتَوَهَّمَ أنَّ هَذا المَنعَ لِغَضَبٍ عَلى السّائِلِ ومَنقَصَةٍ فِيهِ، فَلِذَلِكَ يَعْلَمُ مِن حَرْفِ الِاسْتِدْراكِ أنَّ بَعْضَ ما يَتَوَهَّمُهُ سَيُرْفَعُ، وذَلِكَ أنَّهُ أمَرَهُ بِالنَّظَرِ إلى الجَبَلِ الَّذِي هو فِيهِ هَلْ يَثْبُتُ في مَكانِهِ، وهَذا يَعْلَمُ مِنهُ أنَّ الجَبَلَ سَيَتَوَجَّهُ إلَيْهِ شَيْءٌ مِن شَأْنِ الجَلالِ الإلَهِيِّ، وأنَّ قُوَّةَ الجَبَلِ لا تَسْتَقِرُّ عِنْدَ ذَلِكَ التَّوَجُّهِ العَظِيمِ فَيَعْلَمُ مُوسى أنَّهُ أحْرى بِتَضاؤُلِ قُواهُ الفانِيَةِ لَوْ تَجَلّى لَهُ شَيْءٌ مِن سُبُحاتِ اللَّهِ - تَعالى - .
وعُلِّقَ الشَّرْطُ بِحَرْفِ (إنْ) لِأنَّ الغالِبَ اسْتِعْمالُها في مَقامِ نُدْرَةِ وُقُوعِ الشَّرْطِ أوِ التَّعْرِيضِ بِتَعَذُّرِهِ، ولَمّا كانَ اسْتِقْرارُ الجَبَلِ في مَكانِهِ مَعْلُومًا لِلَّهِ انْتِفاؤُهُ، صَحَّ تَعْلِيقُ الأمْرِ المُرادِ تَعَذُّرُ وُقُوعِهِ عَلَيْهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ دَلِيلِ الِانْتِفاءِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ في هَذا التَّعْلِيقِ حُجَّةٌ لِأهْلِ السُّنَّةِ عَلى المُعْتَزِلَةِ تَقْتَضِي أنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ - تَعالى - جائِزَةٌ عَلَيْهِ - تَعالى -، خِلافًا لِما اعْتادَ كَثِيرٌ مِن عُلَمائِنا مِنَ الِاحْتِجاجِ بِذَلِكَ.
(p-٩٣)وقَوْلُهُ ﴿فَسَوْفَ تَرانِي﴾ لَيْسَ بِوَعْدٍ بِالرُّؤْيَةِ عَلى الفَرْضِ لِأنَّ سَبْقَ قَوْلِهِ لَنْ تَرانِي أزالَ طَماعِيَّةَ السّائِلِ الرُّؤْيَةَ، ولَكِنَّهُ إيذانٌ بِأنَّ المَقْصُودَ مِن نَظَرِهِ إلى الجَبَلِ أنْ يَرى رَأْيَ اليَقِينِ عَجْزَ القُوَّةِ البَشَرِيَّةِ عَنْ رُؤْيَةِ اللَّهِ - تَعالى - بِالأحْرى، مِن عَدَمِ ثَباتِ قُوَّةِ الجَبَلِ، فَصارَتْ قُوَّةُ الكَلامِ: أنَّ الجَبَلَ لا يَسْتَقِرُّ مَكانَهُ مِنَ التَّجَلِّي الَّذِي يَحْصُلُ عَلَيْهِ، فَلَسْتَ أنْتَ بِالَّذِي تَرانِي، لِأنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَمَنزِلَةُ الشَّرْطِ هُنا مَنزِلَةُ الشَّرْطِ الِامْتِناعِيِّ الحاصِلِ بِحَرْفِ (لَوْ) بِدَلالَةِ قَرِينَةِ السّابِقِ.
والتَّجَلِّي حَقِيقَةُ الظُّهُورِ وإزالَةُ الحِجابِ، وهو هُنا مَجازٌ، ولَعَلَّهُ أُرِيدَ بِهِ إزالَةُ الحَوائِلِ المُعْتادَةِ الَّتِي جَعَلَها اللَّهُ حِجابًا بَيْنَ المَوْجُوداتِ الأرْضِيَّةِ وبَيْنَ قُوى الجَبَرُوتِ الَّتِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ - تَعالى - بِتَصْرِيفِها عَلى مَقادِيرَ مَضْبُوطَةٍ ومُتَدَرِّجَةٍ في عَوالِمَ مُتَرَتِّبَةٍ تَرْتِيبًا يَعْلَمُهُ اللَّهُ.
وتَقْرِيبُهُ لِلْإفْهامِ شَبِيهٌ بِما اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الحُكَماءُ في تَرْتِيبِ العُقُولِ العَشَرَةِ، وتِلْكَ القُوى تُنْسَبُ إلى اللَّهِ - تَعالى - لِكَوْنِها آثارًا لِقُدْرَتِهِ بِدُونِ واسِطَةٍ، فَإذا أزالَ اللَّهُ الحِجابَ المُعْتادَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنَ الأجْسامِ الأرْضِيَّةِ وبَيْنَ شَيْءٍ مِن تِلْكَ القُوى المُؤَثِّرَةِ تَأْثِيرًا خارِقًا لِلْعادَةِ اتَّصَلَتِ القُوَّةُ بِالجِسْمِ اتِّصالًا تَظْهَرُ لَهُ آثارٌ مُناسِبَةٌ لِنَوْعِ تِلْكَ القُوَّةِ، فَتِلْكَ الإزالَةُ هي الَّتِي اسْتُعِيرَ لَها التَّجَلِّي المُسْنَدُ إلى اللَّهِ - تَعالى - تَقْرِيبًا لِلْأفْهامِ، فَلَمّا اتَّصَلَتْ قُوَّةٌ رَبّانِيَّةٌ بِالجَبَلِ تُماثِلُ اتِّصالَ الرُّؤْيَةِ انْدَكَّ الجَبَلُ، ومِمّا يُقَرِّبُ هَذا المَعْنى ما رَواهُ التِّرْمِذِيُّ وغَيْرُهُ، مِن طُرُقٍ عَنْ أنَسٍ: «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأ قَوْلَهُ - تَعالى - ﴿فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ﴾ فَوَضَعَ إبْهامَهُ قَرِيبًا مِن طَرَفِ خِنْصَرِهِ يُقَلِّلُ مِقْدارَ التَّجَلِّي» .
وصَعِقَ مُوسى مِنَ انْدِكاكِ الجَبَلِ فَعَلِمَ مُوسى أنَّهُ لَوْ تَوَجَّهَ ذَلِكَ التَّجَلِّي إلَيْهِ لانْتَثَرَ جِسْمُهُ فُضاضًا.
وقَرَأ الجُمْهُورُ دَكًّا - بِالتَّنْوِينِ - والدَّكُّ مَصْدَرٌ وهو والدَّقُّ مُتَرادِفانِ وهو الهَدُّ وتَفَرُّقُ الأجْزاءِ كَقَوْلِهِ وتَخِرُّ الجِبالُ هَدًّا، وقَدْ أُخْبِرَ عَنِ الجَبَلِ بِأنَّهُ جُعِلَ دَكًّا لِلْمُبالَغَةِ، والمُرادُ أنَّهُ مَدْكُوكٌ أيْ: مَدْقُوقٌ مَهْدُومٌ. وقَرَأ الكِسائِيُّ، وحَمْزَةُ، وخَلَفٌ ”دَكّاءَ“ بِمَدٍّ بَعْدَ الكافِ وتَشْدِيدِ الكافِ، والدَّكّاءُ: النّاقَةُ الَّتِي لا سَنامَ لَها، فَهو تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ أيْ كالدَّكّاءِ أيْ ذَهَبَتْ قُنَّتُهُ، والظّاهِرُ أنَّ ذَلِكَ الَّذِي انْدَكَّ مِنهُ لَمْ يَرْجِعْ ولَعَلَّ آثارَ ذَلِكَ الدَّكِّ ظاهِرَةٌ فِيهِ إلى الآنِ.
(p-٩٤)والخُرُورُ السُّقُوطُ عَلى الأرْضِ.
والصَّعْقُ: وصْفٌ بِمَعْنى المَصْعُوقِ، ومَعْناهُ المَغْشِيُّ عَلَيْهِ مِن صَيْحَةٍ ونَحْوِها، مُشْتَقٌّ مِنَ اسْمِ الصّاعِقَةِ وهي القِطْعَةُ النّارِيَّةُ الَّتِي تَبْلُغُ إلى الأرْضِ مِن كَهْرَباءِ البَرْقِ، فَإذا أصابَتْ جِسْمًا أحْرَقَتْهُ، وإذا أصابَتِ الحَيَوانَ مِن قَرِيبٍ أماتَتْهُ، أوْ مِن بَعِيدٍ غُشِيَ عَلَيْهِ مِن رائِحَتِها، وسُمِّيَ خُوَيْلِدُ بْنُ نُفَيْلٍ الصَّعِقَ عَلَمًا عَلَيْهِ بِالغَلَبَةِ، وإنَّما رَجَّحْنا أنَّ الوَصْفَ والمَصْدَرَ مُشْتَقّانِ مِنَ اسْمِ الصّاعِقَةِ دُونَ أنْ نَجْعَلَ الصّاعِقَةَ مُشْتَقًّا مِنَ الصَّعْقِ لِأنَّ أيِمَّةَ اللُّغَةِ قالُوا: إنَّ الصَّعْقَ الغَشْيُ مِن صَيْحَةٍ ونَحْوِها، ولَكِنْ تَوَسَّعُوا في إطْلاقِ هَذا الوَصْفِ عَلى مَن غُشِيَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ هَدَّةٍ أوْ رَجَّةٍ وإنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنَ الصّاعِقَةِ.
والإفاقَةُ: رُجُوعُ الإدْراكِ بَعْدَ زَوالِهِ بِغَشْيٍ، أوْ نَوْمٍ، أوْ سُكْرٍ، أوْ تَخَبُّطِ جُنُونٍ.
وسُبْحانَكَ مَصْدَرٌ جاءَ عِوَضًا عَنْ فِعْلِهِ أيْ: أُسَبِّحُكَ وهو هُنا إنْشاءُ ثَناءٍ عَلى اللَّهِ وتَنْزِيهٍ عَمّا لا يَلِيقُ بِهِ، لِمُناسَبَةِ سُؤالِهِ مِنهُ ما تَبَيَّنَ لَهُ أنَّهُ لا يَلِيقُ بِهِ سُؤالُهُ دُونَ اسْتِئْذانِهِ وتَحَقُّقِ إمْكانِهِ كَما قالَ - تَعالى - لِنُوحٍ فَلا تَسْألْنِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ في سُورَةِ هُودٍ.
وقَوْلُهُ (﴿تُبْتُ إلَيْكَ﴾) إنْشاءٌ لِتَوْبَةٍ مِنَ العَوْدِ إلى مِثْلِ ذَلِكَ دُونَ إذْنٍ مِنَ اللَّهِ، وهَذا كَقَوْلِ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - ﴿رَبِّ إنِّي أعُوذُ بِكَ أنْ أسْألَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ﴾ [هود: ٤٧] . وصِيغَةُ - الماضِي مِن قَوْلِهِ تُبْتُ مُسْتَعْمَلَةٌ في الإنْشاءِ فَهي مُسْتَعْمَلَةٌ في زَمَنِ الحالِ مِثْلَ صِيَغِ العُقُودِ في قَوْلِهِمْ بِعْتُ وزَوَّجْتُ، مُبالَغَةً في تَحَقُّقِ العَقْدِ.
وقَوْلُهُ ﴿وأنا أوَّلُ المُؤْمِنِينَ﴾ أُطْلِقَ (الأوَّلُ) عَلى المُبادِرِ إلى الإيمانِ، وإطْلاقُ الأوَّلِ عَلى المُبادِرِ مَجازٌ شائِعٌ مُساوٍ لِلْحَقِيقَةِ، والمُرادُ بِهِ هُنا وفي نَظائِرِهِ - الكِنايَةُ عَنْ قُوَّةِ إيمانِهِ، حَتّى إنَّهُ يُبادِرُ إلَيْهِ حِينَ تَرَدُّدِ غَيْرِهِ فِيهِ، فَهو لِلْمُبالَغَةِ وقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ في قَوْلِهِ - تَعالى - ﴿ولا تَكُونُوا أوَّلَ كافِرٍ بِهِ﴾ [البقرة: ٤١] في سُورَةِ البَقَرَةِ، وقَوْلِهِ ﴿وأنا أوَّلُ المُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٣] في سُورَةِ الأنْعامِ.
والمُرادُ بِالمُؤْمِنِينَ مَن كانَ الإيمانُ وصْفَهم ولَقَبَهم، أيِ الإيمانُ بِاللَّهِ وصِفاتِهِ كَما يَلِيقُ بِهِ، فالإيمانُ مُسْتَعْمَلٌ في مَعْناهُ اللَّقَبِيِّ، ولِذَلِكَ شُبِّهَ الوَصْفُ بِأفْعالِ السَّجايا فَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ مُتَعَلِّقٌ، ومَن ذَهَبَ مِنَ المُفَسِّرِينَ يُقَدِّرُ لَهُ مُتَعَلِّقًا فَقَدْ خَرَجَ عَنْ نَهْجِ المَعْنى.
(p-٩٥)وفُصِلَتْ جُمْلَةُ ﴿قالَ يا مُوسى﴾ لِوُقُوعِ القَوْلِ في طَرِيقِ المُحاوَرَةِ والمُجاوَبَةِ، والنِّداءُ لِلتَّأْنِيسِ وإزالَةِ الرَّوْعِ.
وتَأْكِيدُ الخَبَرِ في قَوْلِهِ أنِّي اصْطَفَيْتُكَ لِلِاهْتِمامِ بِهِ إذْ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْإنْكارِ.
والِاصْطِفاءُ افْتِعالُ مُبالَغَةٍ في الإصْفاءِ وهو مُشْتَقٌّ مِنَ الصَّفْوِ، وهو الخُلُوصُ مِمّا يُكَدِّرُ، وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعالى - ﴿إنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ ونُوحًا﴾ [آل عمران: ٣٣] في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ وضُمِّنَ اصْطَفَيْتُكَ مَعْنى الإيثارِ والتَّفْضِيلِ فَعُدِّيَ بِعَلى.
والمُرادُ بِالنّاسِ: جَمِيعُ النّاسِ، أيِ المَوْجُودِينَ في زَمَنِهِ، فالِاسْتِغْراقُ في النّاسِ عُرْفِيُّ أيْ هو مُفَضَّلٌ عَلى النّاسِ يَوْمَئِذٍ لِأنَّهُ رَسُولٌ، ولِتَفْضِيلِهِ بِمَزِيَّةِ الكَلامِ وقَدْ يُقالُ: إنَّ مُوسى أفْضَلُ جَمِيعِ النّاسِ الَّذِينَ مَضَوْا يَوْمَئِذٍ، وعَلى الِاحْتِمالَيْنِ: فَهو أفْضَلُ مِن أخِيهِ هارُونَ لِأنَّ مُوسى أُرْسِلَ بِشَرِيعَةٍ عَظِيمَةٍ، وكَلَّمَهُ اللَّهُ، وهارُونَ أرْسَلَهُ اللَّهُ مُعاوِنًا لِمُوسى ولَمْ يُكَلِّمْهُ اللَّهُ، ولِذَلِكَ قالَ ﴿بِرِسالَتِي وبِكَلامِي﴾ وما ورَدَ في الحَدِيثِ مِنَ النَّهْيِ عَنِ التَّفْضِيلِ بَيْنَ الأنْبِياءِ مَحْمُولٌ عَلى التَّفْضِيلِ الَّذِي لا يَسْتَنِدُ لِدَلِيلٍ صَرِيحٍ، أوْ عَلى جَعْلِ التَّفْضِيلِ بَيْنَ الأنْبِياءِ شُغُلًا لِلنّاسِ في نَوادِيهِمْ بِدُونِ مُقْتَضٍ مُعْتَبَرٍ لِلْخَوْضِ في ذَلِكَ.
وهَذا امْتِنانٌ مِنَ اللَّهِ وتَعْرِيفٌ.
ثُمَّ فُرِّعَ عَلى ذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ والأوَّلُ تَفْرِيعٌ عَلى الإرْسالِ والتَّكْلِيمِ، والثّانِي تَفْرِيعٌ عَلى الِامْتِنانِ، وماصَدَقَ ما آتَيْتُكَ قِيلَ هو الشَّرِيعَةُ والرِّسالَةُ، فالإيتاءُ مُجازٌ أُطْلِقَ عَلى التَّعْلِيمِ والإرْشادِ، والأخْذُ مَجازٌ في التَّلَقِّي والحِفْظِ، والأظْهَرُ أنْ يَكُونَ ما آتَيْتُكَ إعْطاءَ الألْواحِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ﴿وكَتَبْنا لَهُ في الألْواحِ﴾ [الأعراف: ١٤٥] وقَدْ فُسِّرَ بِذَلِكَ، فالإيتاءُ حَقِيقَةٌ، والأخْذَ كَذَلِكَ، وهَذا ألْيَقُ بِنَظْمِ الكَلامِ مَعَ قَوْلِهِ ﴿فَخُذْها بِقُوَّةٍ﴾ [الأعراف: ١٤٥] ويَحْصُلُ بِهِ أخْذُ الرِّسالَةِ والكَلامِ وزِيادَةٌ.
والإخْبارُ عَنْ (كُنْ) بِقَوْلِهِ مِنَ الشّاكِرِينَ أبْلَغُ مِن أنْ يُقالَ (كُنْ شاكِرًا) كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ ﴿قَدْ ضَلَلْتُ إذًا وما أنا مِنَ المُهْتَدِينَ﴾ [الأنعام: ٥٦] في سُورَةِ الأنْعامِ.
وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو جَعْفَرٍ، ورَوْحٌ عَنْ يَعْقُوبَ: (بِرِسالَتِي) بِصِيغَةِ الإفْرادِ، وقَرَأ البَقِيَّةُ ﴿بِرِسالاتِي﴾، بِصِيغَةِ الجَمْعِ، وهو عَلى تَأْوِيلِهِ بِتَعَدُّدِ التَّكالِيفِ والإرْشادِ الَّتِي أُرْسِلَ بِها.
{"ayahs_start":143,"ayahs":["وَلَمَّا جَاۤءَ مُوسَىٰ لِمِیقَـٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِیۤ أَنظُرۡ إِلَیۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِی وَلَـٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِیۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكࣰّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقࣰاۚ فَلَمَّاۤ أَفَاقَ قَالَ سُبۡحَـٰنَكَ تُبۡتُ إِلَیۡكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ","قَالَ یَـٰمُوسَىٰۤ إِنِّی ٱصۡطَفَیۡتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَـٰلَـٰتِی وَبِكَلَـٰمِی فَخُذۡ مَاۤ ءَاتَیۡتُكَ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِینَ"],"ayah":"وَلَمَّا جَاۤءَ مُوسَىٰ لِمِیقَـٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِیۤ أَنظُرۡ إِلَیۡكَۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِی وَلَـٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِیۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكࣰّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقࣰاۚ فَلَمَّاۤ أَفَاقَ قَالَ سُبۡحَـٰنَكَ تُبۡتُ إِلَیۡكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق