الباحث القرآني
﴿وَلَمَّا جَاۤءَ مُوسَىٰ لِمِیقَـٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ﴾ - تفسير
٢٨٧٧٠- عن جابر، قال: قال رسول الله ﷺ: «لَمّا كلَّم الله موسى يوم الطور كلَّمه بغيرِ الكلام الذي كلَّمه يومَ ناداه، فقال له موسى: يا ربِّ، أهذا كلامُك الذي كلَّمتني به؟ قال: يا موسى، إنّما كلَّمتُك بقوةِ عشرةِ آلافِ لسانٍ، ولي قُوَّةُ الأَلْسُنِ كلِّها وأقوى من ذلك. فلمّا رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا: يا موسى، صِفْ لنا كلامَ الرحمن. فقال: لا تستطيعونه، ألم ترَوا إلى أصواتِ الصَّواعق التي تُقبِلُ في أحلى حلاوةٍ سمِعْتموه؟! فذاك قريبٌ منه، وليس به»[[أخرجه أبو نعيم في الحلية ٦/٢١٠، والبيهقي في الأسماء والصفات ٢/٣١-٣٢ (٦٠١)، وابن أبي حاتم ٤/١١١٩ (٦٢٨٦)، ٥/١٥٥٧-١٥٥٨ (٨٩٢٥)، ٩/٢٩٧٣ (١٦٨٨٢). قال أبو نعيم: «هذه الأحاديث مما تفرَّد بها الفضل، عن محمد بن المنكدر، ولم يُتابَع عليه، وما رواه عنه أبو عاصم العباداني فمن مفاريده عن الفضل، واسمه عبد الله بن عبيد الله المري، بصري، سكن عبادان، وفيه وفي الفضل ضعف ولين». وقال البيهقي: «حديث ضعيف؛ الفضل بن عيسى الرقاشي ضعيف الحديث، جرَّحه أحمد بن حنبل، ومحمد بن إسماعيل البخاري». وقال ابن الجوزي في الموضوعات ١/١١٣: «وليس هذا حديث؛ ليس بصحيح». وقال ابن كثير في تفسيره ٢/٤٧٥ معلقًا على رواية ابن أبي حاتم وابن مردويه: «وهذا إسناد ضعيف؛ فإنّ الفضل هذا الرقاشي ضعيف بمرة». وقال الهيثمي في المجمع ٨/٢٠٤ (١٣٧٨٢): «رواه البزار، وفيه الفضل بن عيسى الرقاشي، وهو ضعيف».]]. (٦/٥٤١)
٢٨٧٧١- عن أبي هريرة، رفعه: «لَمّا خرج أخي موسى إلى مُناجاةِ ربِّه كلَّمه ألفَ كلمة ومائتي كلمة، فأوَّل ما كلَّمه بالبَرْبَرِيَّة أن قال: يا موسى، ونفسي معبرا. أي: أنا الله الأكبر. قال موسى: يا ربِّ، أعْطَيْتَ الدنيا لأعدائِك، ومنَعتها أولياءَك، فما الحكمة في ذلك؟ فأوحى الله إليه: أعطَيتُها أعدائي لِيَتَمَرَّغوا، ومنَعتُها أوليائي ليتضرَّعوا»[[عزاه السيوطي إلى الديلمي. وهو في الفردوس ولكن من رواية ابن عباس ٣/٤٢٥ (٥٣٠٤).]]. (٦/٥٤٣)
٢٨٧٧٢- عن الضحاك -من طريق جويبر- عن ابن عباس، عن النبي ﷺ: «إنّ الله -تبارك وتعالى- ناجى موسى ﵇ بمائة ألفٍ وأربعين ألفَ كلمةٍ في ثلاثة أيام، فلمّا سمِع موسى كلامَ الآدميين مقَتَهم؛ لِما وقَع في مسامعه من كلام الربِّ ﷿، فكان فيما ناجاه أن قال: يا موسى، إنّه لَمْ يَتَصَنَّع المُتَصَنِّعون بمثل الزُّهْد في الدنيا، ولم يتقرَّبْ إلَيَّ المُتَقَرِّبون بمثل الوَرَع عما حرَّمتُ عليهم، ولم يتعبَّدِ المتعبِّدون بمثل البكاء من خشيتي. فقال موسى: يا ربِّ، ويا إلهَ البَرِيَّةِ كلِّها، ويا مالك يوم الدين، ويا ذا الجلال والإكرام، ماذا أعددتَ لهم، وماذا جزَيتَهم؟ قال: أمّا الزاهدون في الدنيا فإنِّي أُبيحُهم جنتي حتّى يتبوَّءوا فيها حيثُ شاءوا، وأمّا الورِعون عما حرَّمتُ عليهم فإذا كان يومُ القيامة لم يبقَ عبدٌ إلا ناقَشْتُه الحساب، وفتَّشْتُ عما في يديه، إلّا الورِعون فإنِّي أستَحْيِيهم، وأُجِلُّهم، وأُكرِمُهم، وأُدخِلُهم الجنَّةَ بغير حساب، وأمّا الباكون من خشيتي فأولئك لهم الرفيق الأعلى، لا يُشاركُهم فيه أحد»[[أخرجه الطبراني في الكبير ١٢/١٢٠ (١٢٦٥٠)، والبيهقي في الشعب ١٣/١١٨-١١٩ (١٠٠٤٧). قال ابن كثير في تفسيره ٢/٤٧٤: «هذا إسناد ضعيف؛ فإنّ جويبر ضعيف، والضحاك لم يدرك ابن عباس». وقال الهيثمي في المجمع ٨/٢٠٣ (١٣٧٧٦): «رواه الطبراني، وفيه جويبر، وهو ضعيف جدًّا».]]. (٦/٥٤٥)
٢٨٧٧٣- عن كعب الأحبار، قال: لَمّا كلم الله موسى قال: يا ربِّ، أهكذا كلامُك؟ قال: يا موسى، إنّما أُكَلِّمُك بقوةِ عشرة آلافِ لسانٍ، ولي قُوَّةُ الألسنة كُلِّها، ولو كلَّمتُك بكُنْهِ كلامي لم تكُ شيئًا[[عزاه السيوطي إلى الحكيم الترمذي في نوادر الأصول.]]. (٦/٥٤١)
٢٨٧٧٤- عن كعب الأحبار -من طريق جرير بن جابر- قال: لَمّا كلَّم الله موسى كلَّمه بالألسنة كلها قبلَ كلامِه -يعني: كلامَ موسى-، فجعَل يقول: يا ربِّ، لا أفهم. حتى كلَّمه آخرَ الألسنة بلسانِه بمثلِ صوتِه، فقال: يا ربِّ، هكذا كلامُك؟ قال: لا، لو سمعتَ كلامي -أي: على وجهه- لم تكُ شيئًا. قال: يا ربِّ، هل في خلقِك شيءٌ يُشْبِهُ كلامَك؟ قال: لا، وأقربُ خَلقي شبهًا بكلامي أشدُّ ما سَمِع الناسُ من الصواعق[[أخرجه عبد الرزاق ١/٢٣٨-٢٣٩، وابن جرير ٧/٦٨٩-٦٩٠، وابن أبي حاتم ٥/١٥٥٨، والبيهقي في الأسماء والصفات (٦٠٢). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٦/٥٤٢)
٢٨٧٧٥- عن سعيد بن جبير -من طريق عطاء بن السائب- قال: أدْناهُ حتى سَمِع صريفَ الأقلام[[أخرجه جرير ١٠/٤٥٥.]]. (ز)
٢٨٧٧٦- عن وهب بن منبه -من طريق عطاء بن مسلم- قال: كلَّم الله موسى في ألفِ مقام، فكان كلَّما كلَّمه رأى النورَ على وجهه ثلاثة أيام. قال: وما قَرِبَ موسى امرأةً منذُ كلَّمه ربُّه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٥٨، وأبو نعيم في الحلية ٤/٥٠. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٦/٥٤٤)
٢٨٧٧٧- عن أبي الحُوَيْرِث عبد الرحمن بن معاوية -من طريق أبي معشر- قال: إنّما كلَّم الله موسى بقدر ما يُطيقُ من كلامه، ولو تكلَّم بكلامِه كلِّه لم يُطِقْه شيءٌ، فمكث موسى أربعين ليلةً لا يراه أحدٌ إلا مات مِن نور ربِّ العالمين[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٥٨، والحاكم ٢/٥٧٦ مختصرًا. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٦/٥٤٢)
٢٨٧٧٨- عن [محمد] بن عَجْلان -من طريق بكر بن مضر- قال: كلَّم الله موسى بالألسنة كلِّها، وكان فيما كلَّمه لسانُ البربرِ، فقال كلِمتَه بالبربرية: أنا الله الكبيرُ[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٥٨. وقد أورد السيوطي ٦/٥٤٤– ٥٥٤ آثارًا عديدة عن بعض ما كلَّم به موسى ﵇ ربَّه.]]. (٦/٥٤٣)
٢٨٧٧٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولَمّا جاءَ مُوسى﴾ الجبلَ ﴿لِمِيقاتِنا﴾ يعني: لميعادنا؛ لتمام الأربعين يومًا[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٦١-٦٢.]]. (ز)
﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِیۤ أَنظُرۡ إِلَیۡكَۚ﴾ - تفسير
٢٨٧٨٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: ﴿قال رب أرني﴾، يقول: أعطِنِي أنظرْ إليك[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٢٠. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٥٥٥)
٢٨٧٨١- قال الحسن البصري: ﴿ولما جاء موسى لميقاتنا ...﴾، لَمّا كلَّمه ربُّه دَخَل قلبُ موسى من السرور مِن كلام الله ما لم يصل إلى قلبه مثلُه قطُّ، فدَعَتْ موسى نفسُه إلى أن يسأل ربَّه أن يريه نفسه؛ ولو كان فيما عُهِد إليه قبلَ ذلك أنّه لا يُرى لَمْ يسأل ربَّه بما يعلم أنّه لا يعطيه إيّاه[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/١٤١-.]]. (ز)
٢٨٧٨٢- عن قتادة بن دعامة، قال: ﴿رب أرني أنظر إليك﴾، قال: لَمّا سمع الكلامَ طَمِع في الرُّؤْيَة[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (٦/٥٥٥)
٢٨٧٨٣- عن إسماعيل السُّدِّيّ: لَمّا كلَّم اللهُ موسى غاص الخبيثُ إبليسُ في الأرض حتى خرج بين قَدَمَيْ موسى، فوسوس إليه، وقال: إنّ مُكَلِّمَك الشيطانُ. فعند ذلك سأل الرؤية[[تفسير الثعلبي ٤/٢٧٥، وتفسير البغوي ٣/٢٧٦.]]. (ز)
٢٨٧٨٤- عن الربيع بن أنس في قوله: ﴿وقربناه نجيا﴾ [مريم:٥٢]، قال: حدثني مَن لَقِي أصحابَ النبي ﷺ: أنّه قرَّبه الربُّ حتى سمع صريف القلم، فقال عند ذلك مِن الشوق إليه: ﴿رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل﴾[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤١٩.]]. (ز)
٢٨٧٨٥- عن أبي بكر الهذلي -من طريق حجّاج- قال: لَمّا تخلف موسى بعد الثلاثين حتى سمع كلام اللهَ اشتاق إلى النظر إليه، فقال: ﴿رب أرني أنظر إليك قال لن تراني﴾، وليس لبشر أن يُطِيق أن ينظر إلَيَّ في الدنيا، مَن نَظَر إلَيَّ مات. قال: إلهي، سمعتُ منطقك، واشتقتُ إلى النظر إليك، ولَأن أنظرَ إليك ثم أموتُ أحَبُّ إلَيَّ مِن أن أعيش ولا أراك. قال: فانظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف تراني[[أخرجه جرير ١٠/٤١٩.]]. (ز)
٢٨٧٨٦- قال مقاتل بن سليمان: فلمّا سمع كلام ربه استحلاه، واشتاق إلى رؤية ربه، قال: يا ﴿رَبِّ أرِنِي أنْظُرْ إلَيْكَ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٦١-٦٢.]]. (ز)
٢٨٧٨٧- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: استخلف موسى هارونَ على بني إسرائيل، وقال: إنِّي مُتَعَجِّل إلى ربي، فاخلفني في قومي، ولا تتبع سبيل المفسدين. فخرج موسى إلى ربه مُتَعَجِّلًا لِلُقِيِّه شوقًا إليه، وأقام هارونُ في بني إسرائيل، ومعه السامري، يسير بهم على أثر موسى لِيُلْحِقَهم به. فلمّا كلم اللهُ موسى طَمِع في رؤيته، فسأل ربَّه أن ينظر إليه، فقال الله له: إنّك ﴿لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني﴾ الآية. قال ابن إسحاق: فهذا ما وصل إلينا في كتاب الله عن خبر موسى لَمّا طلب النظر إلى ربه، وأهل الكتاب يزعمون وأهل التوراة: أن قد كان لذلك تفسيرٌ، وقِصَّةٌ، وأمور كثيرة، ومراجعة لم تَأْتِنا في كتاب الله، والله أعلم[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٢٠. وسيأتي ذكر ابن إسحاق لما نقله عن أهل الكتاب في خبر طويل جدًّا عند تفسير قوله تعالى: ﴿فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ﴾.]]. (ز)
﴿قَالَ لَن تَرَىٰنِی وَلَـٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ﴾ - تفسير
٢٨٧٨٨- عن عبد الله بن عباس: ظهر نورُ ربه للجبل؛ جبل زبير[[تفسير الثعلبي ٤/٢٧٧، وتفسير البغوي٣/٢٧٧. وقال البغوي ٣/٢٧٦: وهو أعظم جبل بمدين، يُقال له: زبير.]]. (ز)
٢٨٧٨٩- عن عبد الله بن عباس، قال: الجبلُ الذي أمر اللهُ أن ينظر إليه: الطور[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٥٥٨)
٢٨٧٩٠- عن نَوْفٍ البِكاليِّ -من طريق أبي عمران الجوني- قال: أوحى الله إلى الجبال: إنِّي نازِلٌ على جبلٍ منكم. قال: فشَمَخَتِ الجبالُ كلُّها إلا جبل الطُّور، فإنّه تَواضَعَ، قال: أرْضى بما قُسِم لي. فكان الأمرُ عليه. وفي لفظٍ: قال: إن قُدِّر لي شيءٌ فسيأتيني. فأوحى الله إليه: إنِّي سأَنزِلُ عليك بتواضُعِك لي، ورِضاك بقُدْرَتي[[أخرجه أحمد في الزهد ص٦٦، وأبي نعيم في الحلية ٦/٤٩ دون آخره.]]. (٦/٥٥٤)
٢٨٧٩١- عن قتادة بن دعامة، قال: لَمّا قيل للجبال: إنّه يُريدُ أن يَتَجلّى. تطاوَلَتِ الجبال كلُّها، وتَواضعَ الجبلُ الذي تَجَلّى له[[عزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٦/٥٥٣)
﴿فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوۡفَ تَرَىٰنِیۚ﴾ - تفسير
٢٨٧٩٢- عن عبد الله بن عباس، قال: تلا رسولُ الله ﷺ هذه الآية: ﴿رب أرني أنظر إليك﴾. قال: «قال الله ﷿: يا موسى، إنّه لا يراني حيٌّ إلّا مات، ولا يابسٌ إلا تَدَهْدَه[[أي: تدحْرج وسقط. النهاية (دَأْدَأَ).]]، ولا رطب إلا تفرَّق، وإنّما يراني أهل الجنة الذين لا تموت أعينهم، ولا تبلى أجسادهم»[[أخرجه أبو نعيم في الحلية ١٣/٢٣٥، وأبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية ص١٧٥-١٧٦، من طريق الحكيم الترمذي، عن محمد بن رزام الأيلي، قال: حدثنا محمد بن عطاء الهجيمي، حدثنا محمد بن نصير، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس به. كذا سياق الإسناد في طبقات الصوفية، وفي الحلية: محمد بن عطاء، عن الهجيمي. وكلاهما غلط، والصواب: أحمد بن عطاء الهجيمي. ففي لسان الميزان لابن حجر ١/٥٣٧: «قال الدارقطني:»متروك«. والراوي عنه -وهو محمد بن رزام الأيلي- إن كان هو السليطي فقد قال عنه ابن حجر في لسان الميزان ٧/١٣٣:»متهم بوضع الحديث، يكنى أبا عبد الملك، قال الأزدي: تركوه. وقال الدارقطني: يُحَدِّث بأباطيل".]]. (٦/٥٥٦)
٢٨٧٩٣- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «لَمّا أوحى الله إلى موسى بن عمران: إنِّي مُكَلِّمك على جبل طور سيناء. صار من مقام موسى إلى جبل طور سيناء أربع فراسخ في أربع فراسخ رعدٌ وبرقٌ وصواعقُ، فكانت ليلةَ قُرٍّ[[القُرُّ: البَرْد. النهاية (قَرَرَ).]]، فجاء موسى حتى وقف بين يدي صخرة جبل طور سيناء، فإذا هو بشجرة خضراء، الماء يقطر منها، وتكادُ النار تلفح من جوفها، فوقف موسى مُتَعَجِّبًا، فنُودِيَ من جوف الشجرة: يا ميشا. فوقف موسى مستمعًا للصوت، فقال موسى: مَن هذا الصوت العِبْرانيُّ يُكَلِّمني؟ فقال الله له: يا موسى، إنِّي لست بعِبْرانيٍّ، إنِّي أنا الله رب العالمين. فكلَّم الله موسى في ذلك المقام بسبعين لغة، ليس منها لغة إلا وهي مخالفة لِلُّغة الأخرى، وكتب له التوراة في ذلك المقام، فقال موسى: إلهي، أرني أنظر إليك. قال: يا موسى، إنه لا يراني أحد إلا مات. فقال موسى: إلهي، أرني أنظر إليك وأموت. فأجاب موسى جبلُ طور سيناء: يا موسى بن عمران، لقد سألتَ أمرًا عظيمًا، لقد ارْتَعَدَتِ السموات السبع ومَن فيهنَّ، والأرَضُونَ السبع ومَن فيهنَّ، وزالت الجبال، واضطَرَبَتِ البحار؛ لِعِظَم ما سألت، يا ابن عمران. فقال موسى، وأعاد الكلام: ربِّ، أرني أنظر إليك. فقال: يا موسى، انظر إلى الجبل، فإن استقرَّ مكانه فإنّك تراني. فلما تجلّى ربُّه للجبل جعله دكًّا، وخَرَّ موسى صَعِقًا مقدار جُمُعةٍ، فلما أفاق موسى مسح التُّراب عن وجهه، وهو يقول: سبحانك، تُبتُ إليك، وأنا أول المؤمنين. فكان موسى بعد مقامه لا يراه أحدٌ إلا مات، واتخذ موسى على وجهه البُرْقُعَ، فجعل يُكَلِّم الناسَ بقَفاه، فبينا موسى ذات يوم في الصحراء فإذا هو بثلاثة نفر يحفرون قبرًا، حتى انتهوا إلى الضَّريحِ، فجاء موسى حتى أشرف عليهم، فقال لهم: لِمَن تَحْفِرُون هذا القبر؟ قالوا: لرجلٍ كأنّه أنت، أو مثُلك، أو في طولك، أو نحوك، فلو نزلت فقَدَرْنا عليك هذا الضريحَ. فنزل موسى، فتَمَدَّد في الضَّريح، فأمر اللهُ الأرض فانطَبَقَتْ به»[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٦/٥٥٦)
٢٨٧٩٤- عن عبد الله بن عباس، قال: حين قال موسى لربِّه -تبارك وتعالى-: ﴿رب أرني أنظر إليك﴾. قال الله له: يا موسى، إنك ﴿لن تراني﴾. قال: يقول: ليس تراني. قال: لا يكون ذلك أبدًا، يا موسى، إنّه لا يراني أحدٌ فيَحْيا. فقال موسى: ربِّ، أن أراك ثم أموت أحبُّ إلَيَّ مِن ألّا أراك ثم أحيا. فقال الله لموسى: يا موسى، انظر إلى الجبل العظيم الطويل الشديد، ﴿فإن استقر مكانه﴾ يقول: فإن ثبت مكانه لم يَتَضَعْضَعْ، ولم يَنْهَدَّ لبعض ما يرى مِن عِظَمي ﴿فسوف تراني﴾ أنت لِضَعْفِك وذِلَّتِك، وإنِ الجبلُ تَضَعْضَعْ وانْهَدَّ بقوَّته وشدته وعظمه فأنت أضْعَفُ وأَذَلُّ[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٥٥٥)
٢٨٧٩٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق أبي سعد-: ﴿قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل﴾؛ فإنّه أكبرُ منك، وأشدُّ خَلْقًا[[أخرجه جرير ١٠/٤٣٠. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (٦/٥٥٦)
٢٨٧٩٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿قالَ﴾: يا ﴿رَبِّ أرِنِي أنْظُرْ إلَيْكَ قالَ﴾ له ربُّه: إنك ﴿لَنْ تَرانِي ولَكِنِ﴾ اجعل بيني وبينك عَلَمًا هو أقوى منك، يعني: الجبل ﴿انْظُرْ إلى الجَبَلِ فَإنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي﴾ وإن لم يستقر الجبلُ مكانَه فإنّك لن تطيق رؤيتي[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٦١-٦٢.]]. (ز)
﴿فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ﴾ - تفسير
٢٨٧٩٧- عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ في قوله: ﴿فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًا﴾، قال: «أخرج خِنصَرَه»[[أخرجه ابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير ٣/٤٧٠-. قال ابن كثير: «لا يصح».]]. (٦/٥٦٠)
٢٨٧٩٨- عن أنس بن مالك، أنّ النبيَّ ﷺ قرأ هذه الآية: ﴿فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا﴾، قال: «هكذا». وأشار بإصبعيه، ووضع طرف إبهامه على أُنمُلَةِ الخِنصَرِ، وفي لفظ: على المَفْصِلِ الأعلى مِن الخِنصَرِ «فساخ الجبلُ، وخرَّ موسى صَعِقًا»[[أخرجه أحمد ٢٠/٤١١ (١٣١٧٨)، والترمذي ٥/٣١٠-٣١١ (٣٣٢٨)، والحاكم ٢/٦٣٠ (٤١٠٤)، وابن جرير ١٠/٤٢٩، وابن أبي حاتم ٥/١٥٦٠ (٨٩٤٠). وأورده الثعلبي ٤/٢٧٨. قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه». وقال ابن كثير في تفسيره ٣/٤٧٠: «ورواه أبو محمد الحسن بن محمد الخلاّل ... وقال: هذا إسناد صحيح، لا عِلَّة فيه».]]. وفي لفظ: «فساخ الجبلُ في الأرض، فهو يَهْوِي فيها إلى يوم القيامة»[[أخرجه ابن مردويه -كما في تفسير ابن كثير ٣/٤٧٠- واللفظ له، وابن الأعرابي في معجمه ٢/٤٩٠ (٩٢٤) بنحوه.]]. (٦/٥٥٧)
٢٨٧٩٩- عن أنس -من طريق ثابت- عن النبي ﷺ، في قوله: ﴿فلما تجلى ربه للجبل﴾، قال: «أظْهَرَ مِقدار هذا». ووضع الإبهام على خِنصَرِ الإصبع الصغرى. فقال حميدٌ: يا أبا محمد، ما تريد إلى هذا؟ فضرب في صدره، وقال: مَن أنت يا حُميدُ، وما أنت يا حُميدُ؟! يُحَدِّثني أنس بن مالك عن رسول الله ﷺ، وتقول أنت: ما تريد إلى هذا؟![[أخرجه أحمد ١٩/٢٨١ (١٢٢٦٠)، والحاكم ٢/٣٥١ (٣٢٤٩)، وابن جرير ١٠/٤٢٩، وابن أبي حاتم ٥/١٥٥٩ (٨٩٣٦)، ٥/١٥٦٠ (٨٩٤٠). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم». وقال ابن الجوزي في الموضوعات ١/١٢٢: «وهذا حديث لا يثبت». وقال السيوطي في اللآلئ المصنوعة ١/٣٠: «هذا الحديث صحيح».]]. (٦/٥٥٨)
٢٨٨٠٠- قال عبد الله بن سلام= (ز)
٢٨٨٠١- وكعب الأحبار: ما تَجَلّى من عظمة الله للجبل إلا مِثْلُ سَمِّ الخِياط، يعني: صار دَكًّا[[تفسير الثعلبي ٤/٢٧٨، وتفسير البغوي ٣/٢٧٧.]]. (ز)
٢٨٨٠٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة-: أنّ موسى لَمّا كلَّمه ربُّه أحَبَّ أن ينظر إليه، فسأله، فقال: ﴿لن تراني ولكن انظر إلى الجبل﴾. قال: فحفَّ حولَ الجبل بالملائكة، وحفَّ حول الملائكة بنارٍ، وحفَّ حول النار بالملائكة، وحفَّ حولهم بنار، ثم تجلّى ربُّك للجبل، تَجَلّى منه مثل الخِنصَرِ، فجعل الجبلَ دَكًّا، وخرَّ موسى صَعِقًا، فلم يزل صَعِقًا ما شاء الله[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤١٩، ٤٢٧، وذكر أوله عن السدي، والحاكم ٢/٥٧٦. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٦/٥٦١)
٢٨٨٠٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- ﴿فلما تجلى ربه للجبل﴾، قال: ما تجلّى منه إلا قَدْرُ الخِنصَرِ[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٢٧، وابن أبي حاتم ٥/١٥٦٠. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ، والبيهقي في الرؤية.]]. (٦/٥٥٨)
٢٨٨٠٤- حُكي عن سهل بن سعد الساعدي: أنّ الله تعالى أظهر من سبعين ألف حجاب نورًا قَدْرَ الدِّرهم، فجعل الجبلَ دَكًّا، أي: مُسْتَوِيًا بالأرض[[تفسير البغوي ٣/٢٧٨.]]. (ز)
٢٨٨٠٥- عن مجاهد بن جبر -من طريق أبي سعد-: ﴿قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل﴾؛ فإنّه أكبرُ منك، وأشدُّ خَلْقًا. قال: فلمّا تجلّى ربُّه للجبل، فنظر إلى الجبل لا يتمالك، وأقبل الجبلُ يَندَكُّ على أوَّلِه، فلمّا رأى موسى ما يصنعُ الجبلُ خرَّ موسى صَعِقًا[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٣٠. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]٢٦٢٠. (٦/٥٥٦)
٢٨٨٠٦- عن مجاهد بن جبر -من طريق عبد الملك بن أبي سليمان- في قوله: ﴿فلما تجلى ربه للجبل﴾، قال: كَشَف بعض الحُجُب[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٦٠. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٥٦١)
٢٨٨٠٧- قال الضحاك بن مزاحم: أظهر الله من نور الحُجُب مثلَ منخر ثور[[تفسير الثعلبي ٤/٢٧٧، وتفسير البغوي ٣/٢٧٧.]]. (ز)
٢٨٨٠٨- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: إنّ موسى ﵇ لَمّا كلَّمه ربُّه أحبَّ أن ينظر إليه، ﴿قالَ رَبِّ أرِنِي أنْظُرْ إلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي ولَكِنِ انْظُرْ إلى الجَبَلِ فَإنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي﴾. فحفَّ حول الجبل، وحفَّ حول الملائكة بنار، وحفَّ حول النار بملائكة، وحفَّ حول الملائكة بنار، ثم تجلّى ربُّه للجبل[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤١٩.]]. (ز)
٢٨٨٠٩- عن أبي مَعْشَرٍ، قال: مكث موسى أربعين ليلةً لا يَنظُرُ إليه أحدٌ إلا ماتَ؛ مِن نور ربِّ العالمين، ومصداق ذلك في كتاب الله: ﴿فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًا﴾[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٥٦٢)
٢٨٨١٠- قال محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم الأول بأحاديث أهل الكتاب: أنّهم يجدون في تفسير ما عندهم من خبر موسى حين طلب ذلك إلى ربِّه؛ أنّه كان من كلامه إيّاه حين طمع في رؤيته، وطلب ذلك منه، ورَدَّ عليه ربُّه منه ما رَدَّ: أنّ موسى كان تَطَهَّر، وطَهَّر ثيابه، وصام للقاء ربه، فلمّا أتى طور سيناء ودنا اللهُ له في الغمام فكَلَّمه سَبَّحه، وحمده، وكبَّره، وقدَّسه، معَ تَضَرُّع وبكاء حزين، ثم أخذ في مدحته، فقال: ربِّ، ما أعظمك، وأعظم شأنك كله، من عظمتك أنّه لم يكن شيء قبلك، فأنت الواحدُ القهار، كأنّ عرشك تحت عظمتك نارًا توقد لك، وجعلت سُرادقًا من دونه سرادق من نور، فما أعظمك، ربِّ، وأعظم ملكك، جعلت بينك وبين ملائكتك مسيرة خمسمائة عام، فما أعظمك ربِّ، وأعظم ملكك وسلطانك، فإذا أردت شيئًا تقضيه في جنودك الذين في السماء، أو الذين في الأرض، وجنودك الذين في البحر؛ بعثت الريح من عندك لا يراها شيءٌ من خلقك إلا أنت إن شئت، فدَخَلَتْ في جوف مِن شئت من أنبيائك، فبَلغوا ما أردت من عبادك، وليس أحدٌ من ملائكتك يستطيع شيئًا من عظمتك، ولا من عرشك، ولا يسمع صوتك، فقد أنعمت عَلَيَّ، وأَعْظَمْتَ عَلَيَّ الفضل، وأحسنت إلَيَّ كُلَّ الإحسان، عَظَّمْتَنِي في أمم الأرض، وعَظَّمْتَني عند ملائكتك، وأَسْمَعْتَنِي صوتَك، وبَذَلْتَ لي كلامك، وآتيتني حِكْمَتك، فإنْ أعُدَّ نعماك لا أحصها، وإن أُرد شكرك لا أستطعه. دعوتك -ربِّ- على فرعون بالآيات العظام، والعقوبة الشديدة، فضربت بعصاي التي في يدي البحر، فانفلق لي ولِمَن معي، ودعوتُك حين أجزت البحر، فأغرقتَ عدوَّك وعدوي، وسألتُك الماء لي ولأُمَّتي، فضربتَ بعصاي التي في يدي الحَجَر، فمنه أرويتني وأُمَّتي، وسألتك لِأُمَّتي طعامًا لم يأكله أحدٌ كان قبلهم، فأمرتني أن أدعوك من قِبَل المشرق ومِن قِبَل المغرب، فناديتك من شرقي أمتي، فأعطيتني المَنَّ من مشرقي لنفسي، وآتيتهم السلوى من غَرْبِيِّهم مِن قِبَل البحر، واشتكيت الحرَّ، فناديتُك، فظَلَّلْتَ عليهم الغمام، فما أطيق نعماك عَلَيَّ أن أعدها ولا أحصيها، وإن أردت شكرها لا أستطيعها. فجِئْتُك اليومَ راغبًا طالبًا سائلًا مُتَضَرِّعًا؛ لِتُعْطيني ما مَنَعْتَ غيري، أطلب إليك وأسألك -يا ذا العظمة والعِزَّة والسلطان- أن تريني أنظر إليك، فإنِّي قد أحببتُ أن أرى وجهَك الذي لم يَرَهُ شيءٌ من خلقك. قال له ربُّ العِزَّة: ألا ترى -يا ابن عمران- ما تقول؟! تكلمت بكلام هو أعظم من سائر الخلق، لا يراني أحدٌ فيحيا، أليس في السموات معمري؟! فإنّهُنَّ قد ضعفن أن يحملن عظمتي، أوليس في الأرض معمري؟! فإنها قد ضعفت أن تسع لجندي، فلستُ في مكان واحدٍ فأتَجَلّى لعينٍ تنظر إلي. قال موسى: ربِّ، أن أراك فأموت أحبُّ إلَيَّ مِن أن لا أراك فأحيا. قال له ربُّ العِزَّة: يا ابن عمران، تكلمت بكلام هو أعظم من سائر الخلق، لا يراني أحد فيحيا. قال: ربِّ، تَمِّم عَلَيَّ نعماك، وتَمِّمْ عَلَيَّ فضلك، وتَمِّمْ عَلَيَّ إحسانك بهذا الذي سألتك، ليس لي أن أراك فأقبض، ولكن أحب أن أراك فيطمئن قلبي. قال له: يا ابن عمران، لن يراني أحدٌ فيحيا. قال موسى: ربِّ، تَمِّمْ عَلَيَّ نعماك وفضلك، وتَمِّمْ إلَيَّ إحسانك، بهذا الذي سألتُك، فأموت على إثر ذلك أحب إلَيَّ مِن الحياة. فقال الرحمنُ المُتَرَحِّم على خلقه: قد طلبتَ، يا موسى، وجئت لأُعطيتُك سُؤْلَك إن استطعت أن تنظر إلَيَّ، فاذهب فاتَّخِذْ لَوْحَيْن، ثم انظر إلى الحجر الأكبر في رأس الجبل، فإنّ ما وراءه وما دونه مضيق لا يسع إلا مجلسك، يا ابن عمران، ثم انظر فإنِّي أهْبِط إليك وجنودي من قليل وكثير. ففعل موسى كما أمره ربُّه، نَحَتَ لوحين، ثم صعد بهما إلى الجبل، فجلس على الحجر، فلمّا استوى عليه أمر الله جنودَه الذين في السماء الدنيا، فقال: ضعِي أكْنافَك حول الجبل. فسَمِعَت السماء ما قال الربُّ، ففعلت أمره، ثم أرسل الله الصواعق والظلمة والضباب على ما كان يلي الجبل الذي عليه موسى؛ أربعة فراسخ من كل ناحية، ثم أمر اللهُ ملائكةَ السماء الدنيا أن يمُرُّوا بموسى، فاعترضوا عليه، فمَرُّوا به كثيران البقر، تنبُع أفواههم بالتَّقْدِيس والتَّسبيح بأصوات عظيمة كصوت الرَّعد الشديد، فقال موسى بن عمران ﵇: ربِّ، إنِّي كنتُ عن هذا غَنِيًّا، ما ترى عيناي شيئًا، قد ذهب بصرُهما من شعاع النور المُتَضَعِّفِ على ملائكة ربي. ثم أمر الله ملائكة السماء الثانية: أن اهبطوا على موسى، فاعترضوا عليه. فهبطوا أمثال الأُسْدِ، لهم لَجَبٌ[[اللَّجَبُ: الصوت والغَلَبة مع اختلاط، وكأنه مقلوب الجَلَبة. النهاية (لجب).]] بالتسبيح والتقديس، ففزع العبدُ الضعيفُ ابنُ عمران مِمّا رأى ومِمّا سَمِع، فاقْشَعَرَّت كلُّ شعرة في رأسه وفي جلده، ثم قال: ندِمْتُ على مسألتي إيّاك، فهل ينجيني من مكاني الذي أنا فيه شيء؟ فقال له حبر الملائكة ورأسُهم: يا موسى، اصْبِر لِما سألتَ، فقليلٌ من كثير ما رأيتَ. ثم أمر الله ملائكة السماء الثالثة: أن اهبطوا على موسى، فاعْتَرِضُوا عليه. فأقبلوا أمثال النسور لهم قصف ورجف ولجب شديد، وأفواههم تنبع بالتسبيح والتقديس كجلب الجيش العظيم، أو كلهب النار، ففزِع موسى، وأَسِيَتْ[[حزنت. لسان العرب (أسي).]] نفسُه، وأساء ظنَّه، وأَيِس من الحياة، فقال له حبر الملائكة ورأسُهم: مكانَك، يا ابن عمران، حتى ترى ما لا تصبر عليه. ثم أمر الله ملائكة السماء الرابعة: أن اهبطوا، فاعْتَرِضُوا على موسى بن عمران. فأقبلوا، فهبطوا عليه، لا يشبههم شيء من الذين مرُّوا به قبلهم، ألوانهم كلهب النار، وسائر خلقهم كالثلج الأبيض، أصواتهم عالية بالتسبيح والتقديس، لا يقاربهم شيء من أصوات الذين مرُّوا به قبلهم، فاصْطَكَّت ركبتاه، وأَرْعَدَ قلبُه، واشتدَّ بكاؤه، فقال له حبر الملائكة ورأسُهم: يا ابن عمران، اصْبِر لِما سألتَ، فقليل من كثير ما رأيتَ. ثم أمر الله ملائكة السماء الخامسة: أنِ اهبطوا، فاعترِضوا على موسى، فهبطوا عليه سبعة ألوان، فلم يستطع موسى أن يُتْبِعَهم طَرْفَه، لم يرَ مثلهم، ولم يسمع مثل أصواتهم، وامتلأ جوفُه خوفًا، واشْتَدَّ حزنه، وكثر بكاؤه، فقال له حبر الملائكة ورأسُهم: يا ابن عمران، مكانَك حتى ترى ما لا تصبر عليه. ثم أمر الله ملائكة السماء السادسة: أنِ اهبطوا على عبدي الذي طلب أن يراني موسى بن عمران، فاعترِضوا عليه. فهبطوا عليه، في يدِ كُلِّ مَلَك مثل النخلة الطويلة نارٌ، أشدّ ضوءًا من الشمس، ولباسهم كلَهَب النار، إذا سَبَّحوا وقدَّسُوا جاوبهم مَن كان قبلهم من ملائكة السموات، كلهم يقولون بشدة أصواتهم: سُبُّوح قُدُّوسٌ ربُّ العِزَّة أبدًا لا يموت. في رأس كل مَلَك منهم أربعة أوجه، فلما رآهم موسى رفع صوته يُسَبِّح معهم حين سَبَّحوا، وهو يبكي، ويقول: ربِّ، اذكرني، ولا تنس عبدك، لا أدري أأنفَلِتُ مِمّا أنا فيه أم لا؟ إن خرجتُ احترقتُ، وإن مَكَثْتُ مِتُّ. فقال له كبيرُ الملائكة ورئيسُهم: قد أوشكتَ -يا ابن عمران- أن يمتلئ جوفك، وينخلع قلبك، ويشتد بكاؤك؛ فاصبر للذي جلست لتنظر إليه يا ابن عمران. وكان جبلُ موسى جبلًا عظيمًا، فأمر الله أن يحمل عرشه، ثم قال: مُرُّوا بي على عبدي ليراني، فقليل من كثير ما رأى. فانفرج الجبلُ مِن عَظَمة الرب، وغشي ضوء عرش الرحمن جبلَ موسى، ورفعت ملائكة السموات أصواتهم جميعًا، فارتجُّ الجبلُ، فاندَكَّ وكلُّ شجرة كانت فيه، وخرَّ العبدُ الضعيف موسى بن عمران صَعِقًا على وجهه، ليس معه روحه، فأرسل الله الحياة برحمته، فتَغَشّاه الروح برحمته، وقلب الحجر الذي كان عليه وجعله كالمَعِدَةِ، كهيئة القُبَّة؛ لِئَلّا يحترق موسى، فأقامه الروح مثل الأم أقامت جنينها حين يصرع، قال: فقام موسى يُسَبِّح الله، ويقول: آمنتُ أنّك ربي، وصدَّقْتُ أنّه لا يراك أحدٌ فيحيا، ومَن نظر إلى ملائكتك انخلع قلبُه، فما أعظمك ربِّ وأعظم ملائكتك، أنت رب الأرباب، وإله الآلهة، وملك الملوك، تأمر الجنود الذين هم عبيدك فيطيعونك، وتأمر السماء وما فيها فتطيعك، لا تستنكف من ذلك، ولا يعدلك شيء، ولا يقوم لك شيء، ربِّ تُبْتُ إليك، الحمد لله الذي لا شريك لك، ما أعظمك وأجلَّك، ربَّ العالمين[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٢٠-٤٢٧. وينظر: تفسير الثعلبي ٤/٢٧٦- ٢٧٧، وتفسير البغوي ٣/٢٧٦، ٢٧٧. وتقدم في تفسير أول الآية قول ابن إسحاق: وأهل الكتاب يزعمون وأهل التوراة أن قد كان لذلك تفسير وقصة وأمور كثيرة ومراجعة لم تأتنا في كتاب الله، والله أعلم.]]٢٦٢١. (ز)
٢٨٨١١- عن وهب بن مُنَبِّه، نحوه مختصرًا[[تفسير الثعلبي ٤/٢٧٦-٢٧٧، وتفسير البغوي ٣/٢٧٦-٢٧٧.]]. (ز)
﴿جَعَلَهُۥ دَكࣰّا﴾ - قراءات
٢٨٨١٢- عن أنس، أنّ النبيَّ ﷺ قرأ: ‹فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكَّآءَ› مُثَقَّلةً ممدودةً[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه. وهي قراءة متواترة، قرأ بها حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وقرأ بقية العشرة: ﴿دَكًّا﴾ مُنونًا من غير همز. انظر: النشر ٢/٢٧٢، والإتحاف ص٢٨٩.]]. (٦/٥٦٠)
٢٨٨١٣- عن أنس، أنّ النبي ﷺ قرأ: ﴿دَكًّا﴾ منونة ولم يمده[[أخرجه الحاكم ٢/٢٦١ (٢٩٤٠). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرط مسلم، ولم يخرجاه». وقال الذهبي في التلخيص: «على شرط مسلم».]]٢٦٢٢. (٦/٥٦٠)
﴿جَعَلَهُۥ دَكࣰّا﴾ - تفسير الآية
٢٨٨١٤- عن أنس بن مالك، أنّ النبيَّ ﷺ قال: «لَمّا تجلى الله للجبل طارت لعظمته سِتَّةُ أجْبُلٍ، فوقعت ثلاثة بالمدينة: أُحُدٌ، ووَرِقانُ، ورَضْوى، وبمكة: حِراءٌ، وثَبِيرٌ، وثَوْرٌ»[[أخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة ١/٧٩، وأبو نعيم في الحلية ٦/٣١٤-٣١٥، وابن أبي حاتم ٥/١٥٦٠ (٨٩٣٩). وأورده الثعلبي ٤/٢٧٨. قال ابن حبان في المجروحين ١/٢١١ (١٧٦) في ترجمة جلد بن أيوب: «موضوع، لا أصل له». وقال أبو نعيم: «غريب من حديث معاوية بن قرة والجلد، ومعاوية الضال تفرد به عنه محمد بن الحسن بن زبالة المخزومي». وقال الخطيب في تاريخه ١٢/٢٠٠ (٣٥٢٩): «هذا الحديث غريب جدًّا». وقال ابن كثير في تفسيره ٣/٤٧١ عن رواية ابن أبي حاتم: «هذا حديث غريب، بل منكر». وقال ابن عراق الكناني في تنزيه الشريعة ١/١٤٣ عن رواية الخطيب: «وفيه عبد العزيز بن عمران، متروك». وقال الألباني في الضعيفة ١/٣٠٠ (١٦٢): «موضوع».]]. (٦/٥٥٩)
٢٨٨١٥- عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، قال: «لَمّا تجلى الله تعالى لموسى كان يُبْصِرُ دَبيبَ النملة على الصَّفا في الليلة الظَّلماء، من مسيرة عشرة فَراسِخَ»[[أخرجه الطبراني في الصغير ١/٦٥. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ. قال الهيثمي في المجمع ٨/٢٠٣: «رواه الطبراني في الصغير، وفيه [الحسن] بن [جعفر] الحفري، وهو متروك». وقال ابن كثير في تفسيره ٣/٤٧٣: «وفي صحّته نظر، ولا يخلو رجال إسناده من مجاهيل لا يعرفون، ومثل هذا إنما يقبل من رواية العدل الضابط عن مثله، حتى ينتهي إلى منتهاه».]]. (٦/٥٥٩)
٢٨٨١٦- عن عبد الله بن عباس، أنّ رسول الله ﷺ قال: «لَمّا تجلى الله لموسى تَطايَرَتْ سبعةُ أجبال؛ ففي الحجاز منها خمسةٌ، وفي اليمن اثنان؛ في الحجاز: أُحُدٌ، وثَبيرٌ، وحراءٌ، وثَورٌ، ووَرِقانُ، وفي اليمن: حَضُورٌ، وصَبِيرٌ»[[أخرجه الطبراني في الأوسط ٨/١٥٨ (٨٢٦٣) بلفظ: (وفي اليمن: حصور، وصبير). قال الهيثمي في المجمع ٧/٢٤ (١١٠١٧): «رواه الطبراني في الأوسط، وفيه طلحة بن عمرو المكي، وهو متروك».]]. (٦/٥٥٩)
٢٨٨١٧- عن معاوية بن قُرَّةَ، عن أبيه، قال: قال رسول الله ﷺ: «فلمّا تجلّى ربُّه للجبل طارت لعظمته سِتَّةُ أجْبُلٍ، فوقعن بالمدينة: أحدٌ، ووَرِقانُ، ورضوى، ووقع بمكة: ثَوْرٌ، وثبير، وحِراءٌ»[[عزاه السيوطي إلى أبي نعيم في الحلية.]]. (٦/٥٦٠)
٢٨٨١٨- عن عليِّ بن أبي طالب، في قوله: ﴿فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًا﴾، قال: أسْمَعَ موسى، قال له: إنِّي أنا الله. قال: وذاكَ عَشِيَّةَ عَرَفَة، وكان الجبل بالموقف، فانقطع على سبع قطع؛ قطعةٌ سقطت بين يديه، وهو الذي يقوم الإمامُ عنده في الموقف يوم عرفة، وبالمدينة ثلاثةٌ: طيبة، وأحدٌ ورضوى، وطور سيناء بالشام، وإنما سُمِّي: الطور؛ لأنه طار في الهواء إلى الشام[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٦/٥٦٠)
٢٨٨١٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- في قوله: ﴿جعله دكًا﴾، قال: ترابًا[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٢٧، وابن أبي حاتم ٥/١٥٦٠. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]٢٦٢٣. (٦/٥٦٢)
٢٨٨٢٠- عن أبي عمران الجوني، نحو ذلك[[علَّقه ابن أبي حاتم ٥/١٥٦٠.]]. (ز)
٢٨٨٢١- عن مسروق بن الأجدع الهمداني: ﴿جَعَلَهُ دَكًّا﴾، صار صخرًا ترابًا[[تفسير الثعلبي ٤/٢٧٨.]]. (ز)
٢٨٨٢٢- عن عكرمة مولى ابن عباس -من طريق يزيد بن حازم- أنّه كان يقرأُ هذا الحرفَ: ‹فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكَّآءَ›[[ينظر ابن جرير ١٠/٤٣١. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. قال: كان حجرًا أصمَّ، فلمّا تجلى له صار تَلًّا ترابًا، دكّاءُ من الدَّكّاواتِ[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٣١ وفيه: صار صخره ترابًا. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٦/٥٦١)
٢٨٨٢٣- قال الحسن البصري: ﴿جَعَلَهُ دَكًّا﴾، أي: ذاهِبًا أصلًا[[تفسير الثعلبي ٤/٢٧٨.]]. (ز)
٢٨٨٢٤- قال الحسن البصري: أوحى الله تعالى إلى الجبل: هل تطيق رؤيتي. فغار الجبل، وساخ في الأرض، وموسى ينظر حتى ذهب أجمع[[تفسير الثعلبي ٤/٢٧٨.]]. (ز)
٢٨٨٢٥- قال عطية بن سعد العوفي: ﴿جَعَلَهُ دَكًّا﴾، أي: رملًا هائلًا[[تفسير الثعلبي ٤/٢٧٨، وتفسير البغوي ٣/٢٧٨.]]. (ز)
٢٨٨٢٦- عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- ﴿جعله دكا﴾، قال: دَكَّ بعضُه بعضًا[[أخرجه عبد الرزاق ١/٢٣٦، وابن جرير ١٠/٤٢٨. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]. (٦/٥٦٢)
٢٨٨٢٧- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- ﴿جعله دكا﴾، قال: تَقَعَّر بعضُه على بعض[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٢٨. وعند يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/١٤١- بلفظ: تفتَّت الجبلُ بعضُه على بعض.]]. (ز)
٢٨٨٢٨- عن عُرْوة بن رُوَيْم -من طريق حُصين بن غلاق- قال: كانت الجبالُ قبل أن يتجلى الله لموسى على الطور صُمًّا مُلْسًا؛ ليس فيها كهوفٌ ولا شقوقٌ، فلمّا تجلى الله لموسى على الطور صار الطُّورُ دَكًّا، وتفَطَّرت الجبال، فصارت فيها هذه الكهوف والشقوق[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٦٠-١٥٦١. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٥٦٢)
٢٨٨٢٩- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر-: ﴿فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا﴾، وذلك أنّ الجبل حين كُشِف الغطاء، ورأى النور؛ صار مثلَ دَكٍّ مِن الدِّكاكِ[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٣٠.]]. (ز)
٢٨٨٣٠- عن سليمان بن مهران الأَعْمَشِ -من طريق عبيد الله بن زَحْرٍ- في قوله: ﴿دكا﴾، قال: الأرض المستوية[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٦١.]]. (٦/٥٦٢)
٢٨٨٣١- عن أبي بكر الهذلي -من طريق حجاج- ﴿فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا﴾: انقَعَرَ، فدخل تحت الأرض، فلا يظهر إلى يوم القيامة[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٢٨.]]. (ز)
٢٨٨٣٢- قال ⟨محمد بن السائب الكلبي:⟩{تت} ﴿جَعَلَهُ دَكًّا﴾، أي: كِسَرًا جِبالًا صِغارًا[[تفسير الثعلبي ٤/٢٧٨، وتفسير البغوي ٣/٢٧٨.]]. (ز)
٢٨٨٣٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ يعني: قِطَعًا، فصار الجبلُ دَكًّا، يعني: قِطَعًا على ستة فرق، فوقع ثلاثةٌ بأجبل مكة: ثبير، وغار ثور، وحزن[[كذا في المطبوع، ولعله تصحَّف من: حراء.]]. ووقع بالمدينة: رضوى، وورقان، وجبل أحد. فذلك قوله: ﴿جَعَلَهُ دَكًّا﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٦١-٦٢.]]. (ز)
٢٨٨٣٤- عن سفيان الثوري -من طريق ابن المبارك- في قوله: ﴿فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا﴾، قال: ساخ الجبلُ في الأرض حتى وقع في البحر، فهو يَذْهَبُ بَعْدُ[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٢٨، وابن أبي حاتم ٥/١٥٦١. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وأبي الشيخ. وفي تفسير سفيان الثوري ص١١٣: بعضه ذهب في البحور، وبعضه هصر، يعني: الجبل لما تجلى ربه.]]. (٦/٥٦١)
﴿وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقࣰاۚ﴾ - تفسير
٢٨٨٣٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- ﴿وخر موسى صعقًا﴾، قال: مَغْشِيًّا عليه[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٢٧، وابن أبي حاتم ٥/١٥٦٠. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ، والبيهقي في الرؤية.]]. (٦/٥٥٨)
٢٨٨٣٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك- ﴿وخر موسى صعقا﴾، قال: غُشِيَ عليه، إلّا أنّ روحه في جسده[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٦١. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٥٦٢)
٢٨٨٣٧- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿وخرَّ موسى صعقا﴾، أي: ميِّتًا[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٦١. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]٢٦٢٤. (٦/٥٦٣)
٢٨٨٣٨- قال ⟨محمد بن السائب الكلبي:⟩{تت} خرَّ موسى صَعِقًا يوم الخميس يوم عرفة، وأُعطي التوراة يوم الجمعة يوم النحر[[تفسير الثعلبي ٤/٢٧٩، وتفسير البغوي ٣/٢٧٨.]]. (ز)
٢٨٨٣٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وخَرَّ مُوسى صَعِقًا﴾، يعني: ميِّتًا[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٦١-٦٢.]]. (ز)
٢٨٨٤٠- عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حجّاج- ﴿وخر موسى صعقا﴾، أي: ميِّتًا[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٢٨.]]. (ز)
٢٨٨٤١- قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿وخر موسى صعقا﴾، قال: مَغْشِيًّا عليه[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٢٨.]]. (ز)
﴿فَلَمَّاۤ أَفَاقَ قَالَ سُبۡحَـٰنَكَ تُبۡتُ إِلَیۡكَ﴾ - تفسير
٢٨٨٤٢- عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك-: ﴿فلما أفاق قال﴾ لِعِظَم ما رأى: ﴿سبحانك﴾ تنزيهًا لله مِن أن يراه أحدٌ، ﴿تبت إليك﴾: رجعتُ عن الأمر الذي كنتُ عليه[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٦١. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٥٦٢)
٢٨٨٤٣- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح وغيره- في قوله: ﴿تبت إليك﴾، قال: من سُؤالي إيّاك الرؤيةَ[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٣٤، وابن أبي حاتم ٥/١٥٦١. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٦/٥٦٣)
٢٨٨٤٤- عن قتادة بن دعامة، في قوله: ﴿فلما أفاق﴾، قال: فلمّا ردَّ الله عليه روحه ونفسه[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]. (٦/٥٦٣)
٢٨٨٤٥- عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- قال: لَمّا رأى موسى ذلك وأفاق؛ عَرَف أنّه قد سأل أمرًا لا ينبغي له، فقال: ﴿سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين﴾[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٣٣.]]. (ز)
٢٨٨٤٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فَلَمّا أفاقَ﴾ يعني: ردَّ عليه نفسَه؛ ﴿قالَ﴾ موسى: ﴿سُبْحانَكَ تُبْتُ إلَيْكَ﴾ من قولي: ربِّ، أرني أنظر إليك[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٦١، ٦٢.]]. (ز)
﴿وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ١٤٣﴾ - تفسير
٢٨٨٤٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك- يقول: أوَّل المُصَدِّقين الآن أنّه لا يراك أحد[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٥٦٢. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٦/٥٦٢)
٢٨٨٤٨- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة-: ﴿وخَرَّ مُوسى صَعِقًا﴾، فمرَّت به الملائكة وقد صعِق، فقالت: يا ابن النساء الحُيَّض، لقد سألتَ ربَّك أمرًا عظيمًا. فلمّا أفاق قال: سبحانك، لا إله إلا أنت، تبت إليك، ﴿وأنا أول المؤمنين﴾. يقول: أنا أول مَن يؤمن أنّه لا يراك شيء من خلقك[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٣٣. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٦/٥٦٣)
٢٨٨٤٩- عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة-: ثُمَّ إنّه أفاق، فقال: ﴿سبحانك تبتُ إليك وأنا أول المؤمنينَ﴾. يعني: أول المؤمنين من بني إسرائيل[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٣٥، والحاكم ٢/٥٧٦. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٦/٥٦١)
٢٨٨٥٠- عن أبي العالية الرِّياحِيِّ -من طريق الربيع- في قوله: ﴿وأنا أول المؤمنين﴾، قال: قد كان قبله مؤمنون، ولكن يقول: أنا أوَّلُ منْ آمنَ بأنّه لا يراك أحدٌ مِن خلقك إلى يوم القيامة[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٣٣. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]٢٦٢٥. (٦/٥٦٣)
٢٨٨٥١- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح، وغيره- في قوله: ﴿وأنا أول المؤمنين﴾، قال: أول قومي إيمانًا[[أخرجه ابن جرير ١٠/٤٣٥، وابن أبي حاتم ٥/١٥٦٢. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]٢٦٢٦. (٦/٥٦٣)
٢٨٨٥٢- عن قتادة بن دِعامة: في قوله: ﴿قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين﴾ أنّه لن تراك نفسٌ فتَحْيا، وإليها يَفْزَعُ كل عالِمٍ[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.]]٢٦٢٧. (٦/٥٦٣)
٢٨٨٥٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وأَنا أوَّلُ المُؤْمِنِينَ﴾، يعني: أول المُصَدِّقين بأنّك لن تُرى في الدنيا[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٦١-٦٢.]]. (ز)
﴿وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ١٤٣﴾ - آثار متعلقة بالآية
٢٨٨٥٤- عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ، قال: «لا تُخَيِّروني من بين الأنبياء؛ فإنّ الناس يُصْعَقُون يوم القيامة، فأكون أول مَن يُفِيقُ، فإذا موسى آخِذٌ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاقَ قَبْلَي أم جُزِي بصعقة الطور؟»[[أخرجه البخاري ٤/١٥٣-١٥٤ (٣٣٩٨)، ٦/٥٩ (٤٦٣٨)، ٩/١٣ (٦٩١٧) واللفظ له، ومسلم ٤/١٨٤٥ (٢٣٧٤).]]. (٦/٥٦٤)
٢٨٨٥٥- عن ابن عباس -من طريق جويبر، عن الضحاك-، عن النبيِّ ﷺ: «إنّ الله -تبارك وتعالى- ناجى موسى ﵇ بمائة ألفٍ وأربعين ألفَ كلمةٍ في ثلاثة أيام، فلمّا سمِع موسى كلام الآدميين مقَتَهم؛ لِما وقَع في مسامعِه مِن كلام الربِّ ﷿، فكان فيما ناجاه أن قال: يا موسى، إنّه لم يتصنَّع المُتَصَنِّعون بمثل الزهد في الدنيا، ولم يتقرَّبْ إلَيَّ المتقرِّبون بمثل الورع عما حرَّمتُ عليهم، ولم يتعبَّدِ المتعبِّدون بمثل البكاء من خشيتي. فقال موسى: يا ربِّ، ويا إلهَ البَرِيَّةِ كلِّها، ويا مالك يوم الدين، ويا ذا الجلال والإكرام، ماذا أعددتَ لهم، وماذا جزَيْتَهم؟ قال: أمّا الزاهدون في الدنيا فإنِّي أُبيحُهم جنتي حتى يتبوَّءوا فيها حيثُ شاءوا، وأما الوَرِعون عما حرَّمتُ عليهم فإذا كان يومُ القيامة لم يبقَ عبدٌ إلا ناقَشْتُه الحسابَ، وفتَّشْتُ عما في يديه، إلا الورِعون؛ فإنِّي أستَحْيِيهم، وأُجِلُّهم، وأُكرِمُهم، وأدخِلُهم الجنة بغير حساب، وأمّا الباكون من خشيتي فأولئك لهم الرفيق الأعلى، لا يُشاركُهم فيه أحد»[[أخرجه الطبراني في الكبير ١٢/١٢٠ (١٢٦٥٠)، والبيهقي في الشعب ١٣/١١٨-١١٩ (١٠٠٤٧). قال الهيثمي في المجمع ٨/٢٠٣ (١٣٧٧٦): «رواه الطبراني، وفيه جُوَيْبِر، وهو ضعيف جِدًّا».]]. (٦/٥٤٥)
٢٨٨٥٦- عن عبد الله بن مسعود، عن النبيِّ ﷺ، قال: «يوم كلَّم الله موسى كان عليه جُبَّةُ صوفٍ، وكساءُ صوف، وسراويلُ صوفٍ، وكُمَّةُ[[الكُمَّة: القَلَنسُوَة. لسان العرب (كمم).]] صوفٍ، ونعلان من جلد حمار غير ذكيٍّ»[[أخرجه الترمذي ٣/٥٢٦-٥٢٧ (١٨٣١)، والحاكم ١/٨١ (٧٦)، ٢/٤١١ (٣٤٣١)، وابن جرير ١٦/٢٥، وسعيد بن منصور في التفسير من سننه ٥/١٥٣ (٩٦٠). قال الترمذي: «هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث حميد الأعرج». وقال ابن جرير: «في إسناده نظر، يجب التثبت فيه». وقال الحاكم في الموضع الثاني: «هذا حديث صحيح، على شرط البخاري، ولم يخرجاه». وقال الذهبي في التلخيص: «بل ليس على شرط البخاري». وقال ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ ٥/٢٨١٠ (٦٥٩٠): «رواه حميد بن علي، وقيل: ابن عطاء الكوفي الأعرج، عن عبيد الله بن الحارث، عن ابن مسعود. وحميد هذا ضعيف، لا يُتابَع عليه». وقال الألباني في الضعيفة ٣/٣٨٩ (١٢٤٠): «ضعيف جِدًّا».]]. (٦/٥٤٣)
٢٨٨٥٧- عن عبد الله بن مسعود، قال: لَمّا قُرِّبَ موسى نَجِيًّا أبصَر في ظلِّ العرش رجلًا، فغَبَطه بمكانه، فسَأَل عنه، فلم يُخبَرْ باسمه، وأُخبِرَ بعمله، فقال له: هذا رجلٌ كان لا يحسُدُ الناس على ما آتاهم الله مِن فضله، بَرٌّ بالوالدين، لا يمشي بالنميمة. قال: فقال الله: يا موسى، ما جئتَ تطلب؟ قال: جئتُ أطلبُ الهدى، يا ربِّ. قال: قد وجدتَ، يا موسى. قال: ربِّ، اغفِرْ لي ما مضى من ذنوبي، وما غبَر، وما غبَر، وما بين ذلك، وما أنت أعلمُ به مِنِّي، وأعوذ بك مِن وسوسة نفسي وسوءِ عملي. فقيل له: قد كُفِيتَ، يا موسى. قال: ربِّ، أيُّ العملِ أحَبُّ إليك أن أعملَه؟ قال: اذكُرْني، يا موسى. قال: ربِّ، أيُّ عبادك أتْقى؟ قال: الذي يذكُرُني ولا ينساني. قال: ربِّ، أيُّ عبادك أغنى؟ قال: الذي يقنعُ بما يؤتى. قال: ربِّ، أيُّ عبادك أفضل؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا يتبِعُ الهوى. قال: ربِّ، أيُّ عبادك أعلم؟ قال: الذي يطلبُ علم الناس إلى علمِه، لعله يسمعُ كلمةً تدُلُّه على هُدًى، أو تَرُدُّه عن رَدًى. قال: ربِّ، أيُّ عبادك أحبُّ إليك عملًا؟ قال: الذي لا يكذبُ لسانُه، ولا يزني فرجُه، ولا يَفجُرُ قلبُه. قال: ربِّ، ثم أيٌّ على أثرِ هذا؟ قال: قلبٌ مؤمن في خُلُق حَسَن. قال: ربِّ، أيُّ عبادِك أبغضُ إليك. قال: قلبٌ كافرٌ في خُلُقٍ سَيِّء. قال: ربِّ، ثم أيٌّ على أثرِ هذا؟ قال: جِيفةٌ بالليل بطّالٌ بالنهار[[عزاه السيوطي إلى آدم بن أبي إياس في كتاب العلم.]]. (٦/٥٥٠)
٢٨٨٥٨- عن محمد بن كعب القرظيِّ -من طريق عمر بن حمزة- قال: قيل لموسى ﵇: ما شبَّهتَ كلام ربِّك مِمّا خلَق ؟ فقال موسى: الرَّعد الساكنُ[[أخرجه ابن جرير ٧/٦٩٠. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٦/٥٤٢)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.