الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ رَبِّ أرِنِي أنْظُرْ إلَيْكَ﴾ قِيلَ إنَّهُ سَألَ الرُّؤْيَةَ عَلى جِهَةِ اسْتِخْراجِ الجَوابِ لِقَوْمِهِ لَمّا قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى نَرى اللَّهَ جَهْرَةً، ويَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا﴾ [الأعراف: ١٥٥] وقِيلَ: إنَّهُ سَألَهُ الرُّؤْيَةَ الَّتِي هي عِلْمُ الضَّرُورَةِ، فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعالى لَهُ أنَّ ذَلِكَ لا يَكُونُ في الدُّنْيا. فَإنْ قِيلَ: فَلِمَ جازَ أنْ يَسْألَ الرُّؤْيَةَ وهي غَيْرُ جائِزَةٍ عَلى اللَّهِ تَعالى ؟ وهَلْ يَجُوزُ عَلى هَذا أنْ يَسْألَهُ ما لا يَجُوزُ عَلى اللَّهِ تَعالى مِنَ الظُّلْمِ ؟ قِيلَ لَهُ: لِأنَّهُ لا شُبْهَةَ في فِعْلِ الظُّلْمِ أنَّهُ صِفَةُ نَقْصٍ وذَمٍّ فَلا يَجُوزُ سُؤالُ مِثْلِهِ، وكَذَلِكَ ما فِيهِ شُبْهَةٌ ولا يَظْهَرُ حُكْمُهُ إلّا بِالدَّلالَةِ، وهَذا إنْ كانَ سَألَ الرُّؤْيَةَ مِن غَيْرِ تَشْبِيهٍ عَلى ما رُوِيَ عَنِ الحَسَنِ والرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ والسُّدِّيِّ وإنْ كانَ إنَّما سَألَ الرُّؤْيَةَ الَّتِي هي عِلْمُ الضَّرُورَةِ أوِ اسْتِخْراجُ الجَوابِ لِقَوْمِهِ، فَهَذا السُّؤالُ ساقِطٌ وقِيلَ إنَّ تَوْبَةَ مُوسى إنَّما كانَتْ مِنَ التَّقَدُّمِ بِالمَسْألَةِ قَبْلَ الإذْنِ فِيها، ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ ذِكْرُ التَّوْبَةَ عَلى وجْهِ التَّسْبِيحِ عَلى ما جَرَتْ عادَةُ المُسْلِمِينَ بِمِثْلِهِ عِنْدَ ظُهُورِ دَلائِلِ الآياتِ الدّاعِيَةِ إلى التَّعْظِيمِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ﴾ فَإنَّ التَّجَلِّيَ عَلى وجْهَيْنِ: ظُهُورٌ بِالرُّؤْيَةِ أوِ الدَّلالَةِ؛ والرُّؤْيَةُ مُسْتَحِيلَةٌ في اللَّهِ تَعالى فَهو ظُهُورُ آياتِهِ الَّتِي أحْدَثَها لِحاضِرِي الجَبَلِ. وقِيلَ: إنَّهُ أبْرَزُ مِن مَلَكُوتِهِ لِلْجَبَلِ ما يُدَكْدَكُ بِهِ؛ لِأنَّ في حُكْمِهِ تَعالى أنَّ الدُّنْيا لا تَقُومُ لِما يَبْرُزُ مِنَ المَلَكُوتِ الَّذِي في السَّماءِ، كَما رُوِيَ أنَّهُ أبْرَزَ قَدْرَ الخِنْصَرِ مِنَ العَرْشِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب