الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيارِهِمْ﴾ يَعْنِي ألَمْ تَعْلَمْ. ﴿وَهم أُلُوفٌ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي مُؤْتَلِفِي القُلُوبِ وهو قَوْلُ ابْنِ زِيادٍ. والثّانِي: يَعْنِي أُلُوفًا في العَدَدِ. واخْتَلَفَ قائِلُو هَذا في عَدَدِهِمْ عَلى أرْبَعَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: كانُوا أرْبَعَةَ آلافٍ، رَواهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: كانُوا ثَمانِيَةَ آلافٍ. والثّالِثُ: كانُوا بِضْعَةً وثَلاثِينَ ألْفًا، وهو قَوْلُ السُّدِّيِّ. والرّابِعُ: كانُوا أرْبَعِينَ ألْفًا، وهو مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا، والأُلُوفُ تُسْتَعْمَلُ فِيما زادَ عَلى عَشَرَةِ آلافٍ. ثُمَّ قالَ تَعالى: ﴿حَذَرَ المَوْتِ﴾ وفِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهم فَرُّوا مِنَ الطّاعُونِ، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ، ورَوى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قالَ: كانُوا أرْبَعَةَ آلافٍ، خَرَجُوا فِرارًا مِنَ الطّاعُونِ، وقالُوا: نَأْتِي أرْضًا لَيْسَ بِها مَوْتٌ، فَخَرَجُوا، حَتّى إذا كانُوا بِأرْضِ كَذا، قالَ اللَّهُ لَهُمْ: مُوتُوا فَماتُوا، فَمَرَّ عَلَيْهِمْ نَبِيٌّ، فَدَعا رَبَّهُ أنْ يُحْيِيَهم، فَأحْياهُمُ اللَّهُ. القَوْلُ الثّانِي: أنَّهم فَرُّوا مِنَ الجِهادِ، وهَذا قَوْلُ عِكْرِمَةَ والضَّحّاكِ. ﴿فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي فَأماتَهُمُ اللَّهُ، كَما يُقالُ: قالَتِ السَّماءُ فَمَطَرَتْ، لِأنَّ القَوْلَ مُقَدِّمَةُ الأفْعالِ، فَعَبَّرَ بِهِ عَنْها. والثّانِي: أنَّهُ تَعالى قالَ قَوْلًا سَمِعَتْهُ المَلائِكَةُ. (p-٣١٣) ﴿ثُمَّ أحْياهُمْ﴾ إنَّما فَعَلَ ذَلِكَ مُعْجِزَةً لِنَبِيٍّ مِن أنْبِيائِهِ كانَ اسْمُهُ شَمْعُونَ مِن أنْبِياءِ بَنِي إسْرائِيلَ، وأنَّ مُدَّةَ مَوْتِهِمْ إلى أنْ أحْياهُمُ اللَّهُ سَبْعَةُ أيّامٍ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ جُرَيْجٍ: رائِحَةُ المَوْتِ تُوجَدُ في ولَدِ ذَلِكَ السِّبْطِ مِنَ اليَهُودِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ. قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿مَن ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ الجِهادُ، وهو قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ. والثّانِي: أبْوابُ البِرِّ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎ وإذا جُوزِيتَ قَرْضًا فاجْزِهِ إنَّما يَجْزِي الفَتى لَيْسَ الجَمَلُ قالَ الحَسَنُ: وقَدْ جَهِلَتِ اليَهُودُ لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فَقالُوا: إنَّ اللَّهَ يَسْتَقْرِضُ مِنّا، فَنَحْنُ أغْنِياءُ، وهو فَقِيرٌ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ ونَحْنُ أغْنِياءُ﴾ [آلِ عِمْرانَ: ١٨١] . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَيُضاعِفَهُ لَهُ أضْعافًا كَثِيرَةً﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: سَبْعُمِائَةِ ضِعْفٍ، وهو قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ. والثّانِي: لا يَعْلَمُهُ أحَدٌ إلّا اللَّهُ، وهو قَوْلُ السُّدِّيِّ. ﴿واللَّهُ يَقْبِضُ ويَبْسُطُ﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: يَعْنِي في الرِّزْقِ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ وابْنِ زَيْدٍ. والثّانِي: يَقْبِضُ الصَّدَقاتِ ويَبْسُطُ الجَزاءَ، وهو قَوْلُ الزَّجّاجِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب