الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ الآية. القرض: اسم لكل ما يلتمس عليه الجزاء، يقال: أقرض فلان فلانًا، إذا أعطاه [[ساقط من (ي).]] ما يتجازاه منه، والاسم منه: القرض، وهو ما أعطيتَه لتكافأ عليه، هذا إجماع من أهل اللغة [["تفسير الثعلبي" 2/ 1312، "لسان العرب" 6/ 3588 - 3589 مادة "قرض".]]. قال الكسائي: القرض: ما أسلفت من عمل صالح [[ساقط من (م).]] أو سيئ [[نقله عنه في "تفسير الثعلبي" 2/ 1312، "لسان العرب" 6/ 3589.]]. وقال الأخفش: تقول العرب: لك عندي قَرْضُ صِدْق، وقرض سوء [[في (م): (سبق).]]، لأمر يأتي فيه مسرته أو مساءته [["معاني القرآن" للأخفش 1/ 179.]]. وقال الزجاج: القرض: البلاء الحسن، والبلاء السيئ [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 324.]]. وأنشد بيت أمية: كلُّ امْرئٍ سَوْف يُجْزَى قرضَه حَسَنًا ... أو سَيِّئًا ومَدِينًا كالذي دانا [[البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص 63، "تفسير الطبري" 2/ 592، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 1311 "تهذيب اللغة" 3/ 2931 ويروى: ومدينًا مثل مادانا.]] وقال ابن كيسان: القَرْضُ أن تعطيَ [[في (ي): (تقضي).]] شيئًا ليرجع إليك مثله، ولتُقْضَى شبهه [[نقله عنه الثعلبي في "تفسيره" 2/ 1312.]]. يقال: تقارضا الثناءَ: إذا أثني كلُّ واحد منهما على صاحبه. ويقال: قارضه الودُّ [[في (ش): (للود)، وفي (ي): (بالود).]] والثناء. وأصله في اللغة: القطع، ومنه المقراض [[في (م): (القراض).]] ومعنى أقرضته: قطعت له قطعة يجازى عليها. وانقرض القوم: إذا هلكوا، لانقطاع أثرهم [[ينظر في قرض: "تهذيب اللغة" 3/ 2931 - 2933، "المفردات" ص402، "لسان العرب" 6/ 3590، "تفسير البغوي" 1/ 294، "تفسير القرطبي" 3/ 239.]]. شبه الله عز وجل عمل المؤمنين لله عز وجل على ما يرجون من ثوابه بالقرض؛ لأنهم إنما يعطون ما ينفقون ابتغاء ما وعدهم الله عز وجل من جزيل الثواب [["تفسير الطبري" 2/ 592، "تفسير الثعلبي" 2/ 1312.]]. والقرض في هذه الآية اسم لا مصدر، ولو كان مصدرًا لكان إقراضًا [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 325.]]. قال أهل المعاني: هذا تلطف من الله في الاستدعاء إلى أعمال البر؛ لذلك أضاف الإقراض إلى نفسه، وهذا كما جاء في الحديث: إن الله تعالى يقول لعبده: استطعمتك [[في (م) و (ش): (استطعمك).]] فلم تطعمني [[أخرجه مسلم (2569) كتاب: البر والصلة، باب: فضل عيادة المريض.]]. كأنه قيل: مَنِ الذي يعمل عمل المقرض بأن يقدم فيأخذ أضعاف ما قدم في وقت فقره وحاجته. وتأويله: في الذي يقدم لنفسه إلى الله تعالى ما يجد ثوابه عنده [["تفسير الثعلبي" 2/ 1313، "البحر المحيط" 2/ 252.]]. قال ابن زيد: هذا القرض [[في (ي): (هذا هو القرض).]] الذي دعا الله إليه هو في الجهاد. وقال الحسن: هو في أبواب البر كله. وقوله تعالى: ﴿قَرْضًا حَسَنًا﴾ قال عطاء: يعنى حلالًا. الواقدي: طيبة به نفسه [[ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" 2/ 1319، "تفسير البغوي" 1/ 294، والواقدي هو علي بن الحسين.]]. ونذكر أوصاف القرض الحسن في سورة الحديد إن شاء الله. وقوله تعالى: ﴿فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ قرئ بالتشديد والتخفيف، والرفع والنصب [[قرأ ابن كثير (فيضَعِّفه) بالرفع والتشديد، وقرأ ابن عامر (فيضعِّفَه) بالنصب والتشديد، وقرأ عاصم (فيضاعفَه) بالنصب والتخفيف، وقرأ الباقون (فيضاعفُه). ينظر السبعة لابن مجاهد ص 184 - 185.]]. أما التشديد والتخفيف فهما لغتان. والرفع: بالنسق على ما في الصلة، أو الاستئناف، وهو الاختيار؛ لأن الاستفهام في هذه الآية عن فاعل الإقراض، ليس عن الإقراض، وإذا كان كذلك لم يحسن النصب؛ لأنه في هذه الآية [[زيادة من (ي).]] ليس مثل قولك: أتقرضني فأشكرك، لأن الاستفهام هاهنا عن الإقراض. فأما وجه النصب: فهو أن يحمل الكلام على المعنى لا على اللفظ؛ لأن المعنى: أيكون قرض فيضاعفه، كقراءة من قرأ: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ﴾ [[ساقطة من (أ) و (ش).]] [[في (ش): (ونذرهم).]] [الأعراف: 186] جزم قوله: ﴿وَيَذَرُهُم﴾ لأن معنى قوله: ﴿فَلَا هَادِيَ لَهُ﴾ لا يهده [[في (ش): (يهده).]]. ونحو هذا كثير مما حُمِل الكلام فيه على المعنى دون اللفظ، قال الحسن والسدي: هذا التضعيف لا يعلمه إلا الله تعالى، و (هو) [[ساقطة من (ش).]] مثل قوله: ﴿وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 40]، ومعنى التضعيف والإضعاف والمضاعفة واحد، وهو الزيادة على أصل الشيء حتى يصير مثلين أو أكثر [[نقله عن "الحجة" لأبي علي 2/ 344 - 345.]]. وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ﴾ يعنى: يمسك الرزق عمن يشاء، ويضيق عليه، ويوسع على من يشاء، في قول عطاء عن ابن عباس والحسن وابن زيد والأكثرين [[ذكره عنهم أيضًا: ابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 291.]]. وحكى الزجاج: يقبض الصدقات ويبسط الجزاء عليها عاجلًا وآجلًا [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 325، وينظر: "معاني القرآن" للنحاس 1/ 248، "تفسير الثعلبي" 2/ 1323.]]. وحكى أبو الهيثم السجزى، عن بعضهم قال: إن الله تعالى لما أمرهم بالصدقة أخبر أنه لا يمكنهم ذلك إلا بتوفيقه، فقال: [[ساقطه من (ي).]] ﴿وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ﴾ يعني يقبض بعض القلوب فيزويه كيلا ينشط [[في (ي) ينبسط وفي (ش) فيزويه ينشط.]] لخير، ويبسط بعضها فيقدم لنفسه خيرًا [["تفسير الثعلبي" 2/ 1323، "عجائب التأويل للكرماني" 1/ 221، "البحر المحيط" 2/ 253.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب