الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿مَن ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾، مَعْنى ”اَلْقَرْضُ“، في اللُّغَةِ: اَلْبَلاءُ السَّيِّئُ، والبَلاءُ الحَسَنُ، والعَرَبُ تَقُولُ: ”لَكَ عِنْدِي قَرْضٌ حَسَنٌ، وقَرْضٌ سَيِّئٌ“، وأصْلُهُ: ما يُعْطِيهِ الرَّجُلُ، أوْ يَعْمَلُهُ لِيُجازى عَلَيْهِ، واللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - لا يَسْتَقْرِضُ مِن عَوَزٍ، ولَكِنَّهُ يَبْلُو الأخْبارَ، فالقَرْضُ كَما وصَفْنا، قالَ أُمَيَّةُ بْنُ أبِي الصَّلْتِ: ؎لا تَخْلِطَنَّ خَبِيثاتٍ بِطَيِّبَةٍ ∗∗∗ واخْلَعْ ثِيابَكَ مِنها وانْجُ عُرْيانا ؎كُلُّ امْرِئٍ سَوْفَ يُجْزى قَرْضَهُ حَسَنًا ∗∗∗ أوْ سَيِّئًا أوْ مَدِينًا كالَّذِي دانا وَقالَ الشّاعِرُ: ؎وَإذا جُوزِيتَ قَرْضًا فاجْزِهِ ∗∗∗ إنَّما يَجْزِي الفَتى لَيْسَ الجَمَلْ فَمَعْنى القَرْضِ ما ذَكَرْناهُ، فَأعْلَمَ اللَّهُ أنَّ ما يُعْمَلُ ويُنْفَقُ يُرادُ بِهِ الجَزاءُ، فاللَّهُ يُضاعِفُهُ أضْعافًا كَثِيرَةً، والقِراءَةُ ”فَيُضاعِفَهُ“، وقَرَؤُوا: ”فَيُضاعِفُهُ“، بِالنَّصْبِ، والرَّفْعِ، فَمَن رَفَعَ عَطَفَ عَلى ”يُقْرِضُ“، ومَن عَطَفَ نَصَبَ عَلى جَوابِ الِاسْتِفْهامِ، وقَدْ بَيَّنّا (p-٣٢٥)الجَوابَ بِالفاءِ، ولَوْ كانَ ”قَرْضًا“، هَهُنا، مَصْدَرًا، لَكانَ ”إقْراضًا“، ولَكِنَّ ”قَرْضًا“، هَهُنا، اسْمٌ لِكُلِّ ما يُلْتَمَسُ عَلَيْهِ الجَزاءُ، فَأمّا ”قَرَضْتُهُ، أقْرُضُهُ، قَرْضًا“، فَجاوَزْتُهُ، وأصْلُ ”اَلْقَرْضُ“، في اللُّغَةِ: اَلْقَطْعُ، و”اَلْقِراضُ“، مِن هَذا أُخِذَ، فَإنَّما ”أقْرَضْتُهُ“، قَطَعْتُ لَهُ قِطْعَةً يُجازى عَلَيْها. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿واللَّهُ يَقْبِضُ ويَبْسُطُ﴾، قِيلَ في هَذا غَيْرُ قَوْلٍ، قالَ بَعْضُهُمْ: مَعْناهُ ”يُقَتِّرُ، ويُوَسِّعُ“، وقالَ بَعْضُهُمْ: ”يَسْلُبُ قَوْمًا ما أنْعَمَ عَلَيْهِمْ، ويُوَسِّعُ عَلى آخَرِينَ“، وقِيلَ: مَعْنى ”يَقْبِضُ“: أيْ: يَقْبِضُ الصَّدَقاتِ، ويُخْلِفُها، وإخْلافُها جائِزٌ أنْ يَكُونَ ما يُعْطِي مِنَ الثَّوابِ في الآخِرَةِ، وجائِزٌ أنْ يَكُونَ مَعَ الثَّوابِ أنْ يُخْلِفَها في الدُّنْيا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب