الباحث القرآني

﴿مَن ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ﴾: "مَن" اسْتِفْهامِيَّةٌ؛ مَرْفُوعَةُ المَحَلِّ بِالِابْتِداءِ؛ و"ذا" خَبَرُهُ؛ والمَوْصُولُ صِفَةٌ لَهُ؛ أوْ بَدَلٌ مِنهُ؛ وإقْراضُ اللَّهِ (تَعالى) مَثَلٌ لِتَقْدِيمِ العَمَلِ العاجِلِ طَلَبًا لِلثَّوابِ الآجِلِ؛ والمُرادُ هَهُنا: إمّا الجِهادُ الَّذِي هو عِبارَةٌ عَنْ بَذْلِ النَّفْسِ؛ والمالِ؛ في سَبِيلِ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ -؛ ابْتِغاءً لِمَرْضاتِهِ؛ وإمّا مُطْلَقُ العَمَلِ الصّالِحِ؛ المُنْتَظِمُ لَهُ انْتِظامًا أوَّلِيًّا؛ ﴿قَرْضًا حَسَنًا﴾؛ أيْ: إقْراضًا مَقْرُونًا بِالإخْلاصِ؛ وطِيبِ النَّفْسِ؛ أوْ: مُقْرَضًا حَلالًا طَيِّبًا؛ ﴿فَيُضاعِفَهُ لَهُ﴾؛ بِالنَّصْبِ؛ عَلى جَوابِ الِاسْتِفْهامِ؛ حَمْلًا عَلى المَعْنى؛ فَإنَّهُ في مَعْنى "أيُقْرِضُهُ؟"؛ وقُرِئَ بِالرَّفْعِ؛ أيْ: يُضاعِفُ أجْرَهُ؛ وجَزاءَهُ؛ جُعِلَ ذَلِكَ مُضاعَفَةً لَهُ بِناءً عَلى ما بَيْنَهُما مِنَ المُناسَبَةِ بِالسَّبَبِيَّةِ والمُسَبَّبِيَّةِ؛ ظاهِرًا؛ وصِيغَةُ المُفاعَلَةِ لِلْمُبالَغَةِ؛ وقُرِئَ: "فَيُضْعِفُهُ"؛ بِالرَّفْعِ؛ وبِالنَّصْبِ؛ ﴿أضْعافًا﴾: جَمْعُ "ضِعْفٌ"؛ ونَصْبُهُ عَلى أنَّهُ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ المَنصُوبِ؛ أوْ مَفْعُولٌ؛ بِأنْ تُضَمَّنَ "المُضاعَفَةُ" مَعْنى "التَّصْيِيرُ"؛ أوْ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ؛ عَلى أنَّ الضَّعْفَ اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ؛ والجَمْعُ لِلتَّنْوِينِ؛ ﴿كَثِيرَةً﴾؛ لا يَعْلَمُ قَدْرَها إلّا اللَّهُ (تَعالى)؛ وقِيلَ: الواحِدُ بِسَبْعِمائَةٍ؛ ﴿واللَّهُ يَقْبِضُ ويَبْسُطُ﴾؛ أيْ: يُقَتِّرُ عَلى بَعْضٍ؛ ويُوَسِّعُ عَلى بَعْضٍ؛ أوْ: يُقَتِّرُ تارَةً؛ ويُوَسِّعُ أُخْرى؛ حَسْبَما تَقْتَضِيهِ مَشِيئَتُهُ؛ المَبْنِيَّةُ عَلى الحِكَمِ؛ والمَصالِحِ؛ فَلا تَبْخَلُوا عَلَيْهِ بِما وسَّعَ عَلَيْكُمْ؛ كَيْ لا يُبَدِّلَ أحْوالَكُمْ؛ ولَعَلَّ تَأْخِيرَ البَسْطِ عَنِ القَبْضِ في الذِّكْرِ لِلْإيماءِ إلى أنَّهُ يَعْقُبُهُ في الوُجُودِ؛ تَسْلِيَةً لِلْفُقَراءِ؛ وقُرِئَ: "يَبْصُطُ"؛ بِالصّادِ؛ لِمُجاوَرَةِ الطّاءِ؛ ﴿وَإلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾؛ فَيُجازِيكم عَلى ما قَدَّمْتُمْ مِنَ الأعْمالِ؛ خَيْرًا؛ وشَرًّا.(p-239)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب