الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا﴾ الآية، قرأ نافع وابن عامر: (الذين) بغير واو [[وكذلك قرأ أبو جعفر المدني، وقرأ الباقون بالواو، انظر: "الغاية في القراءات العشر" ص 167، و"التبصرة في القراءات" ص 216، و"تقريب النشر" ص 121.]]، وكذلك هي في مصاحف الشام والمدينة [[انظر: "كتاب المصاحف" لأبي بكر ابن أبي داود ص 49، و"كتاب السبعة في القراءات" ص 318.]]، فمن ألحق [[في (ح): لحق.]] الواو جعله معطوفًا على ما قبله من قوله: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ﴾ [التوبة: 101] [(وآخرون اعترفوا)] [[[التوبة: 102] وهي ساقطة من النسخة (ح).]] ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ﴾ [التوبة: 106] أي ومنهم آخرون، ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا﴾ أي: ومنهم الذين اتخذوا، ومن لم يلحق الواو لم [[في (ح): (ولم)، وهو خطأ.]] يجز أن يكون (الذين) بدلًا من قوله: ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ﴾ كما تبدل المعرفة من النكرة؛ لأن أولئك غير هؤلاء الذين اتخذوا مسجدًا [[ساقط من (ى).]]، وإذا لم يكونوا هم لم يجز أن يبدلوا منهم، ولكن من لم يلحق الواو جاز [[في "الحجة للقراء السبعة" 4/ 240 الذي نقل منه هذا النص: جاز قوله على ... إلخ.]] على أمرين أحدهما: أن تضمر: ومنهم الذين اتخذوا؛ كما أضمرت الحرف مع الفعل في قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ﴾ [آل عمران: 106] أي فيقال لهم: أكفرتم؛ فكذلك حذف الخبر مع الحرف اللاحق له هاهنا.
والثاني: أن تضمر الخبر على تقدير: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا﴾ إلى قوله: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ منهم، وحسن حذف الخبر لطول الكلام بالمبتدأ وصلته، ومثله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَالْبَادِ﴾ [الحج: 25] والمعنى فيه: ينتقم منهم، أو يعذبون، ونحو ذلك مما يليق بهذا المبتدأ [[انظر: "الحجة للقراء السبعة" 4/ 240 - 241.]].
قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وعامة أهل التفسير: (هؤلاء كانوا اثني [[في (ح): (اثنا).]] عشر رجلًا من المنافقين بنوا مسجدًا يضارون به مسجد قباء) [[انظر: "تفسير ابن جرير" 11/ 22 - 26، وابن أبي حاتم 6/ 1898، والبغوي 4/ 93، وابن الجوزي 3/ 499، والرازي 16/ 193، و"الدر المنثور" 3/ 494 - 495.]].
والضرار محاولة التفسير، كما أن الشقاق محاولة ما يشق، قال أبو إسحاق: (وانتصب (ضرارًا) لأنه [[في (ى): (كأنه)، وهو خطأ.]] مفعول له، المعنى: اتخذوه للضرار ولما ذكر بعده، فلما حذفت اللام أفضى الفعل فنصب، قال: وجائز أن يكون مصدرًا محمولًا على المعنى [لأن معنى] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ى).]] قوله: ﴿اتَّخَذُوا مَسْجِدًا﴾: ضاروا به ضرارًا [[عبارة الزجاج: لأن اتخاذهم المسجد على غير التقوى معناه ضاروا به ضرارًا. أهـ. وعبارة الواحدي لا تؤدي هذا المعنى.]]) [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 468 بتصرف.]].
وقوله تعالى: ﴿وَكُفْرًا﴾، قال ابن عباس: (يريد ضرارًا للمؤمنين وكفرًا بالنبي ﷺ وما جاء به) [[ذكره الرازي في "تفسيره" 16/ 193، والمؤلف في "الوسيط" 2/ 524.]]
وقال الزجاج: (لأن عناد النبي ﷺ كفر) [[" معاني القرآن وإعرابه" 2/ 469.]]، وقال غيره: (اتخذوه ليكفروا فيه بالطعن علي النبي ﷺ والإسلام) [[ذكره الرازي في "تفسيره" 16/ 193 دون تعيين القائل ولم أجد من عينه.]].
وقوله تعالى: ﴿وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾، قال المفسرون: (يفرقون به جماعتهم؛ لأنهم كانوا يصلون جميعًا في مسجد قباء فبنوا مسجد الضرار ليصلي فيه بعضهم فيختلفوا [[في (ح): (فيتخلفوا)، والصواب ما في (م) و (ى) وهو موافق لما في "تفسير ابن جرير" والثعلبي.]] بسبب [[في (ى): (بشرك)، وهو خطأ.]] ذلك، ويفترقوا عن النبي ﷺ، فيؤدي إلى التحزب، واختلاف الكلمة وبطلان الألفة) [[انظر: "تفسير الطبري" 11/ 23، والثعلبي 6/ 148 أ، والبغوي 4/ 92 بمعناه.]].
وقوله تعالى: ﴿وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ قالوا: يعني أبا عامر الراهب [[هو: عبد عمرو ويقال عمرو بن صيفي بن مالك بن أمية الأوسي، المعروف بأبي عامر الراهب، كان في الجاهلية يذكر البعث ودين الحنيفية، فلما بُعث الرسول ﷺ عانده وحسده وخرج عن المدينة، وشهد مع قريش وقعة أحد، ثم خرج إلى الروم فمات هناك سنة تسع أو عشر. انظر: "السيرة النبوية" 3/ 12، و"الإصابة" 1/ 360 - 361.]] الذي سماه رسول الله ﷺ الفاسق، وكان قد تنصر في الجاهلية وترهب، فلما خرج رسول الله ﷺ عاداه، وقال: لا أجد قوماً يقاتلونك [[في (ى): (يقاتلونكم).]] إلا قاتلتك معهم، فلم يزل يقاتله إلى يوم حنين، فلما انهزمت هوازن خرج إلى الشام وأرسل إلى المنافقين أن استعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح [[في (ى): (السلاح).]] وابنوا لي مسجدًا فإني آتٍ من عند قيصر بجند فأخرج محمدًا وأصحابه، فبنوا هذا المسجد، وانتظروا مجيء أبي عامر ليصلي بهم في ذلك المسجد) [[انظر: "تفسير ابن جرير" 11/ 24، والبغوي 4/ 94، و"الدر المنثور" 3/ 494.]].
قال الزجاج: (والإرصاد: الانتظار) [["معاني القرآن وإعرابه " 2/ 468.]].
وقال ابن قتيبة: (﴿وَإِرْصَادًا﴾ أي ترقبًا بالعداوة [[في (ى): (للعداوة)، وما أثبته موافق للمصدر التالي.]]) [["تفسير غريب القرآن" ص 199.]]، وقال الأكثرون: (الإرصاد: الإعداد) [[انظر: "تفسير ابن جرير" 11/ 23، والثعلبي 6/ 148 أ، والبغوي 4/ 94، والزمخشري 2/ 214، و"المفردات في غريب القرآن" (رصد) ص 196، و"تهذيب اللغة" (رصد) 2/ 1414.]]، روى أبو عبيد عن الأصمعي والكسائي: (رصدت فلانا أرصده: إذا ترقبته، وأرصدت له شيئًا أرصده: إذا أعددت له) [["تهذيب اللغة" (رصد) 2/ 1413.]]، قال الأعشى:
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ... ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله ... وأنك لم ترصد كما كان أرصدا [[البيتان في ديوان أعشي قيس ص 46 من قصيدة طويلة يمدح بها النبي ﷺ ويذكر بعض أساسيات الدين، ومعالم الأخلاق.]]
وقال الليث: (يقال أنا لك مُرصد بإحسانك حتى أكافئك به) [[ساقط من (ح).]]، قال: (والإرصاد في المكافأة بالخير) [["تهذيب اللغة" (رصد) 2/ 1414، والنصان في كتاب: العين (رصد) 7/ 96.]]، وقال ابن الأعرابي: (أرصدت في الخير والشر جميعًا بالألف) [["معاني القرآن الكريم" للنحاس 3/ 253 بنحوه.]].
[وقوله تعالى: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ يعني من قبل بناء مسجد الضرار] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ى).]]، وقوله تعالى: ﴿وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى﴾ أي: ليحلفن ما أردنا ببنائه إلا الفعلة الحسنى، وهو الرفق بالمسلمين والتوسعة على أهل الضعف والعلة والعجز عن المصير إلى مسجد رسول الله ﷺ[وذلك أنهم قالوا لرسول الله -ﷺ-] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح) و (ى).]]: إنا قد بنينا مسجدًا لذي العلة والحاجة، والليلة المطيرة، والليلة الشاتية) [[رواه ابن إسحاق وابن مردويه كما في "الدر المنثور" 3/ 495، وانظر: "السيرة النبوية" 4/ 185.]].
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾، قال الزجاج: (أطلع الله نبيه -ﷺ- على طويتهم وعلى أنهم سيحلفون كاذبين) [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 469.]].
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا۟ مَسۡجِدࣰا ضِرَارࣰا وَكُفۡرࣰا وَتَفۡرِیقَۢا بَیۡنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَإِرۡصَادࣰا لِّمَنۡ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ مِن قَبۡلُۚ وَلَیَحۡلِفُنَّ إِنۡ أَرَدۡنَاۤ إِلَّا ٱلۡحُسۡنَىٰۖ وَٱللَّهُ یَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَـٰذِبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق