الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾. قال الزجاج [["معاني القرآن" 1/ 33.]]: موضع ﴿الَّذِين﴾ جر، تبعا ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾، ويجوز أن يكون موضعه [[في "معاني القرآن" (موضعهم) قال المحقق: وهو ناظر فيه إلى معنى الكلمة 1/ 33.]] رفعا على المدح، كأنه لما قيل: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾، قيل: من هم؟ فقيك: هم ﴿الَّذِينَ﴾، ويجوز أن يكون موضعه نصبا على المدح، كأنه قيل: أذكر [[في (ب): (اذكروا) مكررة.]] الذين [[انتهى من "معاني القرآن" للزجاج 1/ 33، 34، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 131، "الإملاء" للعكبري 1/ 11.]]. وقوله تعالى: ﴿يُؤمِنوُنَ﴾ قال الأزهري: اتفق العلماء أن (الإيمان) معناه: التصديق، كقوله [[في "تهذيب اللغة": (اتفق العلياء من اللغويين وغيرهم أن الإيمان معناه: التصديق، وقال تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا﴾ "تهذيب اللغة" (أمن) 1/ 210. وقد اعترض بعض العلماء على دعوى الإجماع على أن الإيمان معناه في اللغة التصديق. قال ابن أبي العز في "شرح العقيدة الطحاوية": (وقد اعترض على استدلالهم بأن الإيمان في اللغة عبارة عن التصديق، بمنع الترادف بين التصديق والإيمان، وهب أنه يصح في موضع فلم قلتم إنه يوجب الترادف مطلقا؟) "شرح الطحاوية" ص 321. وقال ابن تيمية في معرض رده على من ادعى إجماع أهل اللغة على أن الإيمان معناه التصديق، قال: (... قوله إجماع أهل اللغة قاطبة على أن الإيمان قبل نزول القرآن هو التصديق، فيقال له: من نقل هذا الإجماع ومن أين يعلم هذا الإجماع؟ وفي أي كتاب ذكر هذا الإجماع؟ ...) ثم ذكر وجوها كثيرة في رد هذِه الدعوى. انظر كتاب الإيمان ضمن "مجموع الفتاوى" 7/ 123 - 130. وعلى فرض أن معنى الإيمان في اللغة (التصديق) فإن الشارع استعمله في معنى اصطلاحي خاص، كما استعمل الصلاة والزكاة في معان شرعية خاصة زائدة على المعنى اللغوي. انظر. "مجموع الفتاوى" 7/ 298.]]: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾ [يوسف: 17]. أي: بمصدق. ومعنى التصديق: هو اعتقاد السامع صدق [[في (ب): (مع صدق).]] المخبر فيما يخبر، وأصله في اللغة: الطمأنينة إلى الشيء، من قولهم: أمن يأمن أمنا، إذا اطمأن وزال [[في (ب): (وزوال).]] الخوف عنه. وآمنت فلانا، إذا جعلته يطمئن وتسكن نفسه. وآمن بالله ورسوله إذا صدقهما واثقا [[في (ب): (واقي).]] بذلك مطمئنا إليه. قال الأزهري: وإنما قلت: إن المؤمن معناه: المصدق، لأن الإيمان مآخوذ من الأمانة، والله يتولى علم السرائر ونية العقد [[في (ب): (العبد).]]، وجعل تصديقه أمانة ائتمن كل من أسلم على [[في (ب): (عن).]] تلك الأمانة، فمن [[في (ب): (فقد).]] صدق بقلبه فقد أدى الأمانة، ومن كان قلبه على خلاف ما يظهره بلسانه فقد خان، والله حسيبه. وإنما قيل للمصدق: مؤمن، وقد آمن؛ لأنه دخل في أداء الأمانة التي ائتمنه الله عليها [[نقل كلام الأزهري بمعناه، انظر "التهذيب" (أمن) 1/ 211.]]. وأنشد ابن الأنباري على أن (آمن) معناه: صدّق [["تهذيب اللغة" (أمن) 1/ 211، وانظر "الزاهر" 1/ 203.]] قول الشاعر: وَمِنْ قَبْلُ آمنَّا وَقَدْ كَانَ قَوْمُنَا ... يُصلُون للأوْثَانِ قَبْلُ مُحَمَّدَا [[البيت أنشده ابن الأنباري في "الزاهر" بدون عزو 1/ 203، وكذلك الأزهري في "التهذيب"، (أمن) 1/ 212، "اللسان" (أمن) 1/ 142.]] معناه: من قبل آمنا محمدا، [أي صدقنا محمدا] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب) و (ج).]] فمحمدا منصوب بمعنى التصديق [[انظر كلام ابن الأنباري في "الزاهر" 1/ 202، 203.]]. قال أبو علي الفارسي [["الحجة" 1/ 220.]]: ويجوز من حيث قياس اللغة، أن يكون (آمن) [صار ذا أمن] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب) وفي (ج) (ذا أمر).]]، مثل: أجدب، وأعاه [[في "الحجة": (أجرب، وأقطف، وأعاه) 1/ 220.]]، أي: صار ذا عاهة في ماله، فكذلك (آمن) صار ذا (أمن) في نفسه وماله بإظهار الشهادتين، كقولهم: أسلم، أي: صار ذا سلم، وخرج عن أن يكون حربا مستحل المال والدم [[انتهى ما نقله عن "الحجة" لأبي علي 1/ 220، وانظر بقية كلام أبي علي ص 226 حيث أفاد أن الإيمان بمعنى التصديق ليس على إطلاقه في كل موضع.]]. والقول في معنى الإيمان: ما قاله الأزهري [[أي بمعنى التصديق، فإن أراد المعنى اللغوي، فقد سبق ذكر اعتراض بعض العلماء عليه، وإن أراد المعنى اللغوي والشرعي فهذا مردود، فإن معنى الإيمان عند السلف: تصديق القلب ونطق (اللسان)، وعمل الجوارح. ولو قلنا: إن الإيمان في اللغة التصديق، فإن الشارع استعمله في معنى أوسع من ذلك، كما استعمل الصلاة والزكاة وغيرها من المصطلحات الشرعية التي نقلت من معناها اللغوي إلى معنى شرعي خاص، أو أن الشارع لم ينقلها ولم يغيرها، ولكن استعملها مقيدة لا مطلقة. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" ص314 - 332، "مجموع الفتاوى" 7/ 170، 287، 298.]]. على أن أبا القاسم الزجاجي شرح معنى الإيمان بما هو أظهر مما ذكره الأزهري، وهو أنه قال [[لم أجده فيما اطلعت عليه من كتب الزجاجي والله أعلم.]]: معنى التصديق في الإيمان لا يعرف من طريق اللغة إلا بالاعتبار والنظر، لأن حقيقته ليست للتصديق، ألا ترى أنك إذا صدقت إنسانا فيما يخبرك به، لا تقول: آمنت به، لكنك إذا نظرت في موضوع [[في (ب): (موضع).]] هذه الكلمة وصرّفته حق التصريف، ظهر لك من باطنها معنى يرجع إلى التصديق [[إذا حقيقة الإيمان في أصلها ليست للتصديق فقط، وإن كان التصديق أحد معانيها، == كما ذكر: أنك إذا صدقت إنسانا فيما يخبرك به لا تقول: آمنت، وبهذا استدل من قال. إن الإيمان والتصديق ليسا مترادفين على الإطلاق. قال شارح الطحاوية: (ومما يدل على عدم الترادف، أنه يقال للمُخْبَر إذا صدَّق: صدقه، ولا يقال: آمنه، ولا آمن به، بل يقال: آمن له، كما قال تعالى: ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ﴾ [العنكبوت:26]. ﴿فَمَآءَامَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِيَّهُ مِّن قَومِهِ عَلىَ خَوْفٍ﴾ [يونس:83]. وقال تعالى: ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: 61] ففرق بين المعدى بالباء والمعدى باللام، فالأول يقال للمُخْبَر به، والثاني للمُخْبِر ..) "شرح الطحاوية" ص321، وانظر: "مجموع الفتاوى" 7/ 290.]]. وذلك أن (آمن) أَفْعَل، من (أَمِنَ)، والواحد إذا قال: آمنت بالله. [فإن (آمنت) فعل متعد، ومعناه: آمنت نفسي، أي: جعلتها في أمان الله بتصديقي [[في (ب): (تصديقي).]] إياه، لأن الأمن من عذاب الله لا يحصل إلا بتصديقه، فإذا صدقه فقد آمن نفسه [[في (ب). (آمن من نفسه).]]، فصار التصديق إيمانا للعبد، وجاز أن يعبر عن الإيمان بالتصديق، لأن أحدهما سبب للآخر [[في (ب): (الآخر).]]. و (الباء) في قولك: (آمنت بالله)] [[ما بين المعقوفين مكرر في (ب).]] ليست (باء) التعدية، إنما هي (باء) الإلصاق التي يسميها [[في (ب): (يسموها).]] النحويون (باء) الاستعانة [[سماها شارح الطحاوية باء التعدية، لكن هناك فرق بين المعدى بالباء والمعدى باللام، فالمعدى بالباء للمخبر به، وباللام للمخبر. انظر: "شرح الطحاوية" ص 321، "مجموع الفتاوى" 7/ 288.]]، كما تقول: قطعت القلم بالسكين. كذلك وقع إيمان النفس من العذاب بتصديق الله، وحذف المفعول من قولهم: (آمنت بالله) لدلالة المعنى عليه، كقولهم: حمل فلان على العدو، أي: سلاحه أو نفسه، هذا هو الأصل في الإيمان، ثم جعل الإيمان بمعنى التصديق في قوله: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾ [يوسف: 17] أي: بمصدق [[قال الفارسي: (وأما قوله: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾ فليس المعنى على: ما أنت بمصدق لنا ولو كنا صادقين عندك؛ لأن الأنبياء لا تكذب الصادقين، ولكن المعنى: ما أنت واثقا، ولا غير خائف الكذب في قولنا ... فمؤمن هنا من آمن، أي صار ذا أمن أو صار ذا ثقة ...). "الحجة" 1/ 226، 227، ونحو هذا قال ابن تيمية في الآية، إنها بمعنى: أي بمقر لنا ومصدق لنا، لأنهم أخبروه عن غائب ...). "الإيمان الأوسط" ص 71.]]، ولم يقل: (بنا) لأنه أريد ها هنا التصديق الخالص، لا إيمان بالنفس من العذاب، كما أريد ذلك في قولهم: (آمنت بالله) وأما الفرق بين الإيمان والإسلام فسنذكره عند قوله: ﴿قُل لم تُؤمِنُواْ وَلَكن قُولُوا أسلمَنَا﴾ [[في (ب): ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾.]] [الحجرات: 14] إن شاء الله. وسمي أحدهما [[أي: الإيمان والإسلام.]] باسم الآخر [[ذكره أبو علىِ الفارسي، انظر: "الحجة" 1/ 220. قال ابن كثير -رادا على من قال ذلك- عند تفسير قوله تعالى: ﴿فأَخرَجنا مَن كاَنَ فِيهَا مِنَ المُؤمنِينَ (35) فما وَجدنَا﴾ الآية قال: (احتج بهذِه من ذهب إلى رأي المعتزلة ممن لا يفرق بين مسمى الإيمان والإسلام، لأنه أطلق عليهم المؤمنين والمسلمين، وهذا الاستدلال ضعيف، لأن هؤلاء كانوا قوما مؤمنين، وعندنا أن كل مؤمن مسلم، ولا ينعكس، فاتفق الإسمان هاهنا لخصوصية الحال، ولا يلزم ذلك في كل حال)، "ابن كثير" 4/ 2498. ط. دار الفكر.]] مجازا وتوسعا، كقوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَاَ﴾ الآية [الذاريات: 35، 36]. وفي بعض القراءات ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ [المنافقون: 2] بكسر الألف [[قراءة الجمهور بالفتح، وبالكسر قراءة الحسن. انظر: "المحتسب" 2/ 315، 322، "البحر" 8/ 271، "القراءات الشاذة" للقاضي ص 72.]]، بمعنى الشهادة باللسان [[في (ب): (اللسان). انظر: "الحجة" 1/ 222.]]. وفي قوله ﴿يُؤمِنُونَ﴾ قراءتان، تحقيق الهمزة وتليينها [[قرأ ورش عن نافع، وأبو عمرو (يومنون) بغير همز، وبقية السبعة يهمزون. انظر "الحجة" لأبي علي1/ 214، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 84.]]. فمن حقق، فحجته [[نقله عن "الحجة" لأبي علي، قال في "الحجة": (الإعراب: لا تخلو الألف في (آمن) من أن تكون زائدة، أو منقلبة، وليس في القسمة أن تكون أصلا. فلا يجوز أن تكون زائدة لأنها ...) 1/ 235.]]: أن الألف في (آمن) لا تخلو إما أن تكون زائدة، أو منقلبة، فلا [[في (ب): (ولا يجوز).]] يجوز أن تكون زائدة، لأنها لو كانت كذلك لكان (فَاعَل) [ولو كان (فَاعَل)،] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ج).]] كان مضارعه (يُفَاعِل) فلما كان مضارعه (يؤمن) دل على أنها غير زائدة، فإذا لم تكن زائدة كانت منقلبة، ولا يخلو أنقلابها من أن يكون عن: (الواو) أو عن (الياء) أو عن (الهمزة)، ولا يجوز أن تكون منقلبة عن (الواو)، لأنها في موضع سكون، [وإذا كانت في موضع سكون] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] وجب تصحيحها، وبمثل هذه الدلالة لا يجوز انقلابها عن (الياء)، فإذا [[في (ب): (وإذا).]] لم يجز انقلابها عن (الواو) ولا عن (الياء) ثبت أنها منقلبة عن (الهمزة)، وإنما انقلبت عنها ألفا لوقوعها ساكنة بعد حرف مفتوح، كما أنها إذا خففت في: (بأس) و (رأس) [[في (ج): (ووأس).]] و (فأس) انقلبت عنها ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها [[بنصه في "الحجة" 1/ 235، وانظر "الكتاب" 3/ 543.]]، كذلك قلبت في نحو: (آمن) و (آتى) [[في جميع النسخ (ااتى) ورسمتها حسب ما في "الحجة" 1/ 235.]]، وفي الأسماء: نحو (آدر) [[الآدر: وهو المنتفخ الخصية. انظر: "اللسان" (أدر) 1/ 44.]] و (آدم)، و (آخر) إلا أن الانقلاب هاهنا لزمها لاجتماع الهمزتين، والهمزتان إذا اجتمعتا في كلمة لزم الثانية منهما القلب بحسب الحركة التي قبلها إذا كانت ساكنة، نحو: (آمن) و (اوتمن) و (ايذن) [[(ائذن) مكانها بياض في (ب).]]، و (ايتنا) [[انظر بقية كلام أبي علي في "الحجة" 1/ 236، وما بعده نقله من موضع آخر 1/ 238 حيث قال أبو علي: (أما حجة من قرأ (يؤمنون) بتحقيق الهمز، فلأنه إنما ترك الهمز في (أومن) لاجتماع الهمزتين ...)، 1/ 238، 239.]]. فمن حقق [[في (ج): (خفف).]] (الهمز) في ﴿يؤمنون﴾ فلأنه إنما ترك (الهمز) من (أومن) لاجتماع الهمزتين، كما أن تركها في (آمن) كذلك [[في (أ)، (ج): (لذلك) واخترت ما في ب، لأنه أصح وموافق ما في "الحجة" 1/ 238.]]، فلما زال اجتماعها مع سائر الحروف المضارعة سوى [[في (ب): (سرى).]] الهمزة، رد [[في (ب): (ورد).]] الكلمة إلى الأصل فهمز؛ لأن الهمز من (الأمن) و (الأمنة) فاء الفعل. ومما [[في (ب): (وما).]] يقوي الهمزة [[في (ج): (أن الهمزة أن من تركها).]] أن من تركها إنما يقلبها (واوا) [[في (ب): (واو).]] ساكنة وما قبلها متحرك بالضم، و (الواو) الساكنة إذا انضم ما قبلها فقد استجازوا قلبها [[في (ب): (قبلها).]] همزة. يدل [[في (ب): (نيل).]] على هذا، ما ذكره المازني عن الأخفش، قال [[في "الحجة": (قال محمد بن يزيد: أخبرني أبو عثمان، قال: أخبرني الأخفش قال: كان أبو حية النميري يهمز كل واو ساكنة قبلها ضمة وينشد: لَحُبَّ المُؤقِدَانِ إلى مُؤْسَى وتقدير ذلك أن الحركة ... إلخ) 1/ 239.]]: كان أبو حية النميري يهمز كل واو ساكنة قبلها ضمة نحو: (مؤسى) [[(موسى) غير مهموزة في جميع النسخ، وهمزتها كما في "الحجة" 1/ 139.]] وأشباهه. وتقدير ذلك: أن الحركة لما كانت تلي الواو من (مؤسى) [[انظر التعليق السابق.]] صارت كأنها عليها، والواو إذا تحركت بالضمة أبدل منها الهمزة. وإذا جاز إبدال (الهمزة) من (الواو الساكنة) التي قبلها ضمة، واجتلابها وإن لم تكن من الكلمة، فالهمزة التي هي أصل في الكلمة أولى بالتحقيق، وأن لا يبدل منها الواو. وحجة من لم يهمز [["الحجة" 1/ 240.]]: أن هذه الهمزة قد لزمها البدل في مثالين من الفعل المضارع والماضي، نحو [[في "الحجة" (فالماضي نحو: ..) 1/ 240.]]: (آمن) و (أُومِنَ)، والمضارع نحو: (أُومِنُ) ولم يجز تحقيقها في هذه المواضع، وهذا القلب الذي يلزمنا [[في "الحجة" (يلزمها) 1/ 240.]] في المثالين إعلال لها، والإعلال إذا لزم مثالا أتبع سائر الأمثلة العارية من موجب الإعلال كإعلالهم: (يقوم)، و (لقام)، و (يُكْرِم) [[في (ب): (يلزم).]] من أجل (أُكْرِمُ) [[أصل (أُكْرِم) (أُؤكْرِمُ) مضارع (أَكْرَمَ)، ثم حذفت الهمزة في (أُؤَكْرِم) لاجتماع الهمزتين، ثم حملت الياء في (يُكرم) على الهمزة في (أكرم) فحذفت الهمزة معه مثل حذفها مع (أُكْرِم) ليتفق الباب. انظر "سر صناعة الإعراب" 1/ 385.]] و (أَعِدُ) (لِيَعِد) [[لأن الواو في (يَعِد) حذفت لوقوعها بين ياء وكسرة، وحملت الهمزة في (أعد) على ذلك، وحذفت الواو معها حتى لا يختلف الباب. انظر: "سر صناعة الإعراب" 1/ 385.]]، فوجب على هذا أن يختار [[في (ج): (تختاريتك).]] ترك الهمزة في ﴿يؤمنون﴾، ليتبع قولهم ﴿يؤمنون﴾ في الإعلال المثالين الآخرين [[أي الإعلال في الماضي نحو (آمن)، والمضارع (أُومِنُ).]]، لا على التخفيف القياسي [[أي أن حذف الهمزة في (يؤمنون) إعلال لا تخفيف قياسي. والتخفيف القياسي ما ذكره سيبويه بقوله: (وإن كان ما قبلها مضموماً -أي الهمزة- فأردت أن تخفف، أبدلت مكانها واوا، وذلك قولك في (الجؤنة) و (البؤس) و (المؤمن): الجونة والبوس والمومن) "الكتاب" 3/ 543.]] نحو: (جونة) في (جؤنة) [[في (ب): (جونة). و (الجؤنة): سليلة مستديرة مغشاة بجلد، يستعملها العطار ظرفا للطيب. انظر: "تهذيب اللغة" (جون) 1/ 6893.]]، و (بوس) في (بؤس) [[إلى هنا انتهى ما نقله الواحدي عن "الحجة" 1/ 240.]]. وأيضًا فإن [[في (ب) سقط وتصحيف فالنص فيها: (وأيضًا، قال في حرف المضارعة انقلب ذلك الألف صادق حرفاً).]] حرف المضارعة المضموم صادف حرفا منقلبا ألف قبل أن يلحقه حرف المضارعة، فلما ولي المضموم من حرف المضارعة، انقلب ذلك الألف واوا، وأي [[(الواو) ساقطة من (ب).]] مرضع للهمزة [[في (ب): (للهمز).]] هاهنا. وقوله تعالى: ﴿بِالْغَيْبِ﴾ [[في (ب): (الغيب) تصحيف.]] الغيب: مصدر غاب يغيب غيبا، وكل [[في (ب): (وكلما)]] ما غاب عنك فلم تشهده فهو غيب [[انظر: " تفسير الطبري" 1/ 102، و"ابن عطية" 1/ 146، و"تفسير القرطبي" 1/ 142.]]، قال الله تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ [[هذا جزء من آية وردت في مواضع وهي: 73 من الأنعام، و 94 و 105 من التوبة و 9 من الرعد، و 92 من المؤمنون، و 6 من السجدة و 46 من الزمر، و 22 من الحشر، و 8 من الجمعة، و 18 من التغابن.]] والعرب تسمى [[(تسمى) ساقط من (ج).]] المطمئن من الأرض: الغيب [["تهذيب اللغة" (غاب) 3/ 2616.]]، لأنه غاب عن الأبصار. ومه قول لبيد: وَتَسمَّعَت رِزَّ الأَنِيس فرَاعَها ... عَن ظَهْرِ [[في (ج): (صهر).]] غَيْبٍ والأنيسُ سَقَامُها [[البيت في "ديوان لبيد"، وروايتة: (وتوجست رز ..) ويروى: (.. ركز الأنيس) == وهو يصف بقر الوحش، والرز والركز: الصوت الخفي، عن ظهر غيب: من وراء حجاب، وقوله: والأنيس سقامها: لأنهم يصيدونها فهم داؤها. انظر "شرح ديوان لبيد" ص 311، وهو في "المخصص" لابن سيده 2/ 137. بمثل رواية الديوان، وبدل (راعها) (رابها). وفي "البحر المحيط" 6/ 198.]] قال شمر [[هو شمر بن حمدويه الهروي، اللغوي الأديب، لقي أبا عبيدة، وابن الأعرابي، والأصمعي والفراء وغيرهم، ألف كتابا كبيرا في اللغة على حروف المعجم، وفقد بعده، توفي سنة خمس وخمسين ومائتين. انظر: "إنباه الرواة" 2/ 77، "معجم الأدباء" 3/ 410، "إشارة التعيين" ص141.]]: وكل مكان لا يدرى ما فيه فهو غيب، وكذلك الموضع الذي لا يدرى ما وراءه وجمعه غيوب [[ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (غاب) 3/ 2621.]]، ومنه قوله: وللفؤاد وجيب تحت أبهره ... لدم [[في (ب): (دم).]] الغلام وراء الغيب بالحجر [[البيت لابن مقبل. (الوجيب): تحرك القلب تحت الأبهر، و (اللدم): الضرب، و (الغيب): ما كان بينك وبينه حجاب، يقول: إن للقلب صوتا يسمعه ولا يراه، كما يسمع صوت الحجر الذي يرمى به الصبي ولا يراه. ورد البيت في "تهذيب اللغة" (بهر) 1/ 401، "الصحاح" (بهر) 2/ 598، "معجم مقاييس اللغة" (لدم) 5/ 243، "الزاهر" 1/ 398، 552، "أساس البلاغة" (لدم) 2/ 338، و"اللسان" (بهر) 1/ 370، (لدم) 4/ 3255.]] وقال أبو زيد: يقال: بدا غَيَّبَان العود، إذا بدت عروقه التي تغيبت في الأرض لحفر السيل [[لم أجده في "نوادر أبي زيد"، وذكره الأزهري نحوه ولم ينسجه لأبي زيد. "تهذيب اللغة" (غاب) 3/ 2616.]]. والمراد بالغيب المذكور هاهنا: ما غاب علمه [[في (ب): (محله).]] وعن الحس والضرورة [[قال البيضاوي: والمراد به: الخفي الذي لا يدركه الحس، ولا يقتضيه بديهة العقل 1/ 7.]] مما يدرك بالدليل [[الغيب قسمان. قسم لا دليل عليه وهو المعني بقوله: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: 59]، وقسم نص عليه دليل كوجود الخالق سبحانه، واليوم الآخر، وغير ذلك من أمور الغيب، وهو المراد هنا، أي: يستدلون عليه فيؤمنوا به. انظر البيضاوي 1/ 7، والرازي 2/ 23.]]، ولذلك [[في (ب): (وكذلك).]] استوجبوا حسن الثناء بالإيمان بالغيب، لأنه تصديق بما أخبروا به مما لا يعلم حسا وضرورة، ويكون العلم به مكتسبا، فيدخل [[في (ج): (يدخل).]] في جملة هذا ما أخبر عنه الرسول عليه السلام من أمر الجنة والنار والوعد وغير ذلك [[انظر "معاني القرآن" للزجاج 1/ 35.]]. قال أبو العالية في قوله: ﴿يُؤمِنوُنَ بِالغيَب﴾ قال: يؤمنون بالله [[في (ب): (به).]]، وملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وجنته، وناره، ولقائه [[(الواو) ساقطة من (ب).]]، وبالبعث بعد [[في (ب): (هذا).]] الموت [[ذكره الثعلبي بسنده عن الربيع عن أبي العالية 1/ 46 أ، وأخرجه ابن جرير عن الربيع بن أنس. قال شاكر: لعل ذكر: عن أبي العالية سقط من الإسناد من نسخ الطبري، لثبوته عند الناقلين عنه. الطبري 1/ 237 (ط. شاكر)، وأخرجه ابن أبي حاتم في (تفسيره) 1/ 36، وذكره ابن كثير 1/ 44، "الدر" 1/ 60.]]. وكأن هذا إجمال ما فصل في قوله: ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ [البقرة: 285] وقال عطاء [[هو عطاء بن أبي رباح، المكي، القرشي مولاهم، روى عن عدد من الصحابة، كان ثقة فقيهًا عالمًا، توفي سنة أربع عشرة ومائة من الهجرة. انظر ترجمته في "طبقات ابن سعد" 5/ 467، "سير أعلام النبلاء" 5/ 78، "تهذيب التهذيب" 3/ 101.]]: من آمن بالله آمن بالغيب [[أخرجه ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح، قال المحقق: رجال إسناده ثقات ابنِ أبي حاتم 1/ 178 (رسالة دكتوراه). وأخرجه الثعلبي بسنده عن عطاء قال: ﴿الًذِين يُؤمنوُنَ بِالغيبِ﴾ قال: هو الله عز وجل من آمن بالله فقد آمن بالغيب. الثعلبي في 1/ 46 ب، وذكره ابن كثير 1/ 181.]]. وكذلك روى أبو العباس عن ابن الأعرابي [[هو محمد بن زياد الأعرابي، مولى العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، كان راوية للأشعار نحويا، كثير الحفظ، توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. انظر ترجمته في: "طبقات النحويين واللغويين" ص 195، "إنباه الرواة" 3/ 128، "نزهة الألباء" ص 119.]] في قوله: ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ قال [[في (ب): (ملا).]]: يؤمنون بالله. قال [[(قال) ساقط من (ب).]]: والغيب- أيضًا- ما غاب عن العيون وإن كان محصلا في القلوب [["تهذيب اللغة" (غاب) 3/ 2616.]]. قال أبو إسحاق: وكل ما غاب عنهم مما أخبرهم به النبي ﷺ فهو غيب. [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 35.]]. هذا طريق المفسرين في معنى (الغيب). ولأهل المعاني فيه طريق آخر [[ما ذكره قال به عدد من المفسرين، ولم أجد أحدا من أهل المعاني فيما اطلعت عليه قال به، بل كلام الزجاج السابق بخلافه وهو أحد أهل المعاني، فلا وجه لتخصيص أهل المعاني بالذكر.]]، وهو أن معنى قوله: {يُؤِمنوُنَ بِالغَيْبِ} أي: يؤمنون إذا غابوا عنكم، ولم يكونوا كالمنافقين [[ذكره ابن عطية 1/ 145، والزمخشري في "الكشاف" 1/ 128، والرازي 2/ 27، وابن كثير 1/ 44، والبيضاوي 1/ 7.]] الذين يقولون إذا خلوا إلى شياطينهم: ﴿إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ [البقرة: 14]، ويقوي هذا الوجه قوله: ﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ﴾ [الملك: 12]، وقوله: ﴿من خشي الرحمن بالغيب﴾ [ق:33]، والجار والمجرور هاهنا في موضع (الحال)، أي: يؤمنون غائبين عن مراءاة الناس، لا يريدون بإيمانهم تصنعا لأحد. وقوله تعالى: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾: أي: يديمونها [[أنظر: "تفسير أبي الليث" قال: يقيمون الصلاة يحافظون على الصلوات، وقد قيل: معنى يقيمون أي: يديمون الصلاة، 1/ 980. وذكره ابن الجوزي وعزاه لابن كيسان، "زاد المسير" 1/ 25.]]، ويحافظون عليها، ويقال: قام الشيء إذا دام وثبت، وأقامه إذا أدامه [[في (ب): (دام).]]، والذي يدل على أن قيام الشيء إنما يعنى به دوامه وثباته [[انظر. "التهذيب" (قام) 3/ 2864، "اللسان" (قوم) 6/ 3782.]] ما أنشده أبو زيد: إنِّي إذَا لم يُنْدِ حَلْقاً رِيقُه ... وَرَكَدَ السَّبُّ فَقَامَتْ سُوقُهْ [[أبيات من الرجز أنشدها أبو زيد في "النوادر" مع أبيات أخرى ولم يعزها، "النوادر" ص 169، وذكر ابن الأنباري في "المذكر والمؤنث" البيت الثاني (وركد السب .. إلخ) مع بيت آخر ص355، وكذا ورد البيت الثاني في "المخصص" 17/ 21.]] والراكد: الدائم الثابت [[في "غريب الحديث" لأبي عبيد: الدائم الراكد الساكن، 1/ 137، وانظر: "تهذيب اللغة" (دام) 2/ 1134، (الزاهر) 2/ 372.]]، ومن ثم قيل: ماء راكد، وماء دائم. ومن هذا يقال: أقام القوم سوقهم إذا أداموها وواظبوا [[في (ب): (ووضبوا).]] عليها [[انظر: "تفسير الطبري" 1/ 104.]]. قال أبو علي الفارسي: وهذا التفسير أشبه من أن يفسر بـ (يتمونها) [[وبهذا أخذ الزجاج حيث قال: معناه يتمون الصلاة، كما قال: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196]. "المعاني" 1/ 35. وقال ابن جرير: إقامتها. أداؤها بحدودها وفروضها والواجب فيها، على ما فرضت عليهم 1/ 104، وانظر ابن كثير 1/ 45.]]. وأما (الصلاة) فمعناها في اللغة: الدعاء [[أنظر: الطبري 1/ 104، "تهذيب اللغة" (صلى) 2/ 2049.]]، ومنه الحديث: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليصل" [[الحديث أخرجه مسلم عن أبي هريرة (14312) في كتاب النكاح، باب: الأمر بإجابة الدعوة دون قوله (إلى طعام)، وأبو داود بمثل رواية مسلم (2460) في كتاب الصوم، باب. في الصائم يدعى إلى وليمة، وأخرج (3736) في كتاب الأطعمة، باب: ما جاء في إجابة الدعوة، نحوه عن ابن عمر. وأخرجه الترمذي (7980) في كتاب الصيام، باب: ما جاء في إجابة الدعوة دون قوله: (فإن كان مفطرا فليطعم) في لفظه (إلى طعام)، وأحمد في "مسنده" 2/ 507، 2/ 489 دون قوله (فإن كان مفطرا فليطعم).]] قال أبو عبيد: قوله: "فليصل" أي: فليدع له بالبركة والخير، وكل داع فهو مصل [[في "غريب الحديث": (قال: قوله: فليصل ... قال أبو عبيد: كل داع فهو مصل) في الهامش: قالا: أي ابن علية ويزيد. أنظر "غريب الحديث" لأبي عبيد 1/ 110. فالكلام الأول نقله أبو عبيد، والمؤلف هنا نقل من الأزهري وتابعه في نسبة النص لأبي عبيد، "التهذيب" (صلى) 2/ 2049.]]. قال الأعشى: عَلَيْكِ مثل الذي صَلَّيْتِ فَاغْتَمِضي ... نَومًا [[في (ب): (يوما) وهي رواية للبيت.]] فإنَّ لِجَنْبِ المرءِ مُضْطَجعا [[البيت في "ديوان الأعشى" ص 106، وهو من قصيدة يمدح بها (هوذة بن علي الحنفي) ويروى: (يوما) بدل (نوما) ذكره أبو عبيدة في "المجاز"، وقال: فمن رفع (مثل) جعله. عليك مثل الذي قلت لي ودعوت لي به، ومن نصبه جعله. أمرا، يقول: عليك بالترحم والدعاء لي، وذكره الزجاج في "معاني القرآن" 1/ 214، وابن الأنباري في "الزاهر" 1/ 139، وأبو بكر بن عزيز في "معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن" 2/ 539 رسالة ماجستير، وأبو عبيد في "غريب الحديث" 1/ 111، والأزهري في "التهذيب" (صلى) 2/ 2049، وورد في "الدر المصون" 1/ 92 و"القرطبي" 1/ 146، و"ابن كثير" 1/ 46، "البحر المحيط" 1/ 38.]] وقال أبو العباس في قوله: وصَلَّى عَلى دَنِّهَا وارْتَسَمْ [[البيت للأعشى من قصيدة يمدح به قيس بن معد يكرب، وصدره: قابلها الريح في دنها يصف الخمر، صلى: دعا، ارتسم: كبَّر ودعا وتعوَّذ مخافة أن يجدها فسدت، فتبور تجارته. انظر: "ديوان الأعشى" ص 196، "غريب الحديث" لأبي عبيد 1/ 111 والطبري 1/ 104، "تهذيب اللغة" (صلى) 2/ 2049، وابن كثير 1/ 46.]] قال: دعا لها أن لا تحمض ولا تفسد [["تهذيب اللغة" (صلى) 2/ 2049.]]. هذا معنى الصلاة في اللغة، ثم ضمت إليها هيئات وأركان سميت بمجموعها صلاة، هذا مذهب الأكثرين. وقال الزجاج [["معاني القرآن" 1/ 215.]]: الأصل في الصلاة اللزوم، يقال: قد صلى واصطلى [[في (أ) و (ج): (واصطلا) وفي (المعاني) (يقال: صلى وأصلى واصطلى ...) 1/ 215، ونص المؤلف في "التهذيب" فلعله نقل منه، 2/ 2049.]]: إذا لزم، ومن هذا من يصلى في النار أي: يلزم، قال: والقول عندي هذا؛ لأن الصلاة من أعظم الفرض الذي أمر بلزومه، وألزم ما أمر به من العبادات [["معاني القرآن" للزجاج، دون قوله: (وألزم ما أمرت به من العبادات) 1/ 215، وذكره في "تهذيب اللغة" 2/ 2049.]]. ومن اختار هذه الطريقة [[أي: أن الصلاة بمعنى اللزوم.]] قال: معنى قولهم للداعي إذا دعا: (صلى) معناه: أنه لزم الدعاء لشدة حاجته إلى الإجابة. و (الصَّلَوَان) من الفرس، العظمان اللذان في العجز [[انظر. "معاني القرآن" للزجاج 1/ 215، "تهذيب اللغة" (صلى) 2/ 2049، "مجمل اللغة" (صلى) 2/ 538.]]، والواحد: (صلا)، سميا للزوم كل واحد منهما الآخر [[في (ب): (للآخر).]]، والمُصَلِّي: الذي يأتي في أثر السابق من هذا، لأنه يأتي ورأسه مع ذلك المكان من السابق [[المراجع السابقة.]]، ومنه حديث علي - رضي الله عنه -: (سبق رسول الله ﷺ وصلى أبو بكر) [[أخرجه أحمد في "المسند": (عن علي -رضي الله عنه- قال: سبق رسول الله ﷺ وصلى أبو بكر وثلث عمر، ثم خبطتنا فتنة بعدهم يصنع الله فيها ما يشاء) "المسند" 1/ 112، 124، 132، 147. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 6/ 130، وذكره أبو عبيد في "غريب الحديث" 2/ 142، والأزهري في "تهذيب اللغة" (صلى) 2/ 2050.]]. وقوله تعالى: ﴿وَمِمَّا رزَقنَهُم﴾. يقال: رَزَق الله الخلق رَزْقا ورِزْقا، فالرَّزْقُ بالفتح: هو المصدر الحقيقي، والرِّزْق: الاسم، ويجوز أن يوضع موضع المصدر [["تهذيب اللغة" (رزق) 2/ 1401.]]، وكل ما انتفع به العبد هو رزقه، من مال وولد وغيره. وقوله تعالى: ﴿يُنفِقُونَ﴾ معنى الإنفاق في اللغة: إخراج المال من اليد. ومن هذا يقال: نفق المبيع إذا كثر مشتروه، فخرج عن يد البائع، ونفقت الدابة إذا خرجت روحها [[ذكره الثعلبي 1/ 47 أ، ب. وانظر. "تهذيب اللغة" (نفق) 4/ 3634.]]، والنفق [[في (ب): (النعفق).]] سرب له مخلص إلى مكان آخر يخرج منه [[في (ب): (منه إذا)، وعند الثعلبي (يخرج إليه) 1/ 47 ب، وهو في "التهذيب" دون قوله: (يخرج منه نفق) 4/ 3635.]]، والنافقاء من جحرة اليربوع: وهو الذي يخرج منه إذا أخذ من جهة أخرى، ومنه المنافق، لخروجه عن الإيمان بما ينطوي عليه من الكفر [[انظر: "التهذيب" (نفق) 4/ 3635.]]. والمراد بالإنفاق هاهنا: إنفاق فيما يكون طاعة فرضا أو نفلا؛ لأن الله تعالى مدحهم بهذا الإنفاق [[ذكر الطبري نحوه، 1/ 105.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب