الباحث القرآني
(p-٤١)﴿الَّذِينَ﴾ في مَوْضِعِ رَفْعٍ أوْ نَصْبٍ عَلى المَدْحِ، أيْ: هم ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾ أوْ: أعْنِي ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾ أوْ هو مُبْتَدَأٌ، وخَبَرُهُ ﴿أُولَئِكَ عَلى هُدًى﴾ أوْ جَرٍّ عَلى أنَّهُ صِفَةٌ لِلْمُتَّقِينَ. وهي صِفَةٌ وارِدَةٌ بَيانًا وكَشْفًا لِلْمُتَّقِينَ، كَقَوْلِكَ: زَيْدٌ الفَقِيهُ المُحَقِّقُ، لِاشْتِمالِها عَلى ما أُسِّسَتْ عَلَيْهِ حالُ المُتَّقِينَ مِنَ الإيمانِ الَّذِي هو أساسُ الحَسَناتِ، والصَلاةِ والصَدَقَةِ: فَهُما أُمّا العِباداتِ البَدَنِيَّةِ والمالِيَّةِ، وهُما العِيارُ عَلى غَيْرِهِما. ألا تَرى أنَّ النَبِيَّ ﷺ سَمّى الصَلاةَ عِمادَ الدِينِ، وجَعَلَ الفاصِلَ بَيْنَ الإسْلامِ والكُفْرِ تَرْكَ الصَلاةِ، وسَمّى الزَكاةَ قَنْطَرَةَ الإسْلامِ، فَكانَ مِن شَأْنِهِما اسْتِتْباعُ سائِرِ العِباداتِ، ولِذَلِكَ اخْتَصَرَ الكَلامَ بِأنِ اسْتَغْنى عَنْ عَدِّ الطاعاتِ بِذِكْرِ ما هو كالعُنْوانِ لَها، مَعَ ما في ذَلِكَ مِنَ الإفْصاحِ عَنْ فَضْلِ هاتَيْنِ العِبادَتَيْنِ، أوْ صِفَةٍ مَسْرُودَةٍ مَعَ المُتَّقِينَ تُفِيدُ غَيْرَ فائِدَتِها كَقَوْلِكَ: زَيْدٌ الفَقِيهُ المُتَكَلِّمُ الطَبِيبُ، ويَكُونُ المُرادُ بِالمُتَّقِينَ: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ السَيِّئاتِ ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ يُصَدِّقُونَ. وهو إفْعالٌ مِنَ الأمْنِ، وقَوْلُهُمْ: آمَنَهُ، أيْ: صَدَقَهُ، وحَقِيقَتُهُ: أمِنَهُ التَكْذِيبَ والمُخالَفَةَ. وتَعْدِيَتُهُ بِالباءِ لِتُضَمِّنِهِ مَعْنى أقَرَّ واعْتَرَفَ ﴿بِالغَيْبِ﴾ بِما غابَ عَنْهُمْ، مِمّا أنْبَأهم بِهِ النَبِيُّ ﷺ مِن أمْرِ البَعْثِ، والنُشُورِ، والحِسابِ وغَيْرِ ذَلِكَ. فَهو بِمَعْنى الغائِبِ، تَسْمِيَةً بِالمَصْدَرِ، مِن قَوْلِكَ: غابَ الشَيْءُ غَيْبًا. هَذا إنْ جَعَلْتَهُ صِلَةً لِلْإيمانِ، وإنْ جَعَلْتَهُ حالًا كانَ بِمَعْنى الغَيْبَةِ والخَفاءِ، أيْ: يُؤْمِنُونَ غائِبِينَ عَنِ المُؤْمِنِ بِهِ، وحَقِيقَتُهُ: مُتَلَبِّسِينَ بِالغَيْبِ. والإيمانُ الصَحِيحُ أنْ يُقِرَّ بِاللِسانِ، ويُصَدِّقَ بِالجَنانِ، والعَمَلُ لَيْسَ بِداخِلٍ في الإيمانِ ﴿وَيُقِيمُونَ الصَلاةَ﴾ أيْ: يُؤَدُّونَها، فَعَبَّرَ عَنِ الأداءِ بِالإقامَةِ، لِأنَّ القِيامَ بَعْضُ أرْكانِها، كَما عَبَّرَ عَنْهُ بِالقُنُوتِ، وهُوَ: القِيامُ، وبِالرُكُوعِ والسُجُودِ والتَسْبِيحِ لِوُجُودِها فِيها، أوْ أُرِيدَ بِإقامَةِ الصَلاةِ تَعْدِيلُ أرْكانِها، مِن أقامَ العُودَ: إذا قَوَّمَهُ، أوِ الدَوامُ عَلَيْها والمُحافَظَةُ، مِن قامَتِ السُوقُ: إذا نَفَقَتْ، لِأنَّهُ إذا حُوفِظَ عَلَيْها كانَتْ كالشَيْءِ النافِقِ الَّذِي تَتَوَجَّهُ إلَيْهِ الرَغَباتُ، (p-٤٢)وَإذا أُضِيعَتْ كانَتْ كالشَيْءِ الكاسِدِ الَّذِي لا يُرْغَبُ فِيهِ، والصَلاةُ فَعْلَةٌ مِن صَلّى، كالزَكاةِ مِن زَكّى، وكِتابَتُها بِالواوِ عَلى لَفْظِ المُفَخَّمِ، وحَقِيقَةُ صَلّى: حَرَّكَ الصَلَوَيْنِ، أيِ: الألْيَتَيْنِ، لِأنَّ المُصَلِّيَ يَفْعَلُ ذَلِكَ في رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ. وقِيلَ لِلدّاعِي: مُصَلٍّ، تَشْبِيهًا لَهُ في تَخَشُّعِهِ بِالراكِعِ والساجِدِ ﴿وَمِمّا رَزَقْناهُمْ﴾ أعْطَيْناهُمْ، و"ما" بِمَعْنى الَّذِي ﴿يُنْفِقُونَ﴾ يَتَصَدَّقُونَ. أدْخَلَ "مِن" التَبْعِيضِيَّةَ صِيانَةً لَهم عَنِ التَبْذِيرِ المَنهِيِّ عَنْهُ، وقَدَّمَ المَفْعُولَ دَلالَةً عَلى كَوْنِهِ أهَمَّ، والمُرادُ بِهِ: الزَكاةُ، لِاقْتِرانِهِ بِالصَلاةِ الَّتِي هي أُخْتُها، أوْ هي وغَيْرُها مِنَ النَفَقاتِ في سُبُلِ الخَيْرِ لِمَجِيئِهِ مُطْلَقًا. وأنْفَقَ الشَيْءَ وأنْفَذَهُ أخَوانِ، كَنَفَقَ الشَيْءُ ونَفِدَ، وكُلُّ ما جاءَ مِمّا فاؤُهُ نُونٌ وعَيْنُهُ فاءٌ فَدالٌّ عَلى مَعْنى الخُرُوجِ والذَهابِ. ودَلَّتِ الآيَةُ عَلى أنَّ الأعْمالَ لَيْسَتْ مِنَ الإيمانِ حَيْثُ عَطَفَ الصَلاةَ والزَكاةَ عَلى الإيمانِ، والعَطْفُ يَقْتَضِي المُغايِرَةَ.
{"ayah":"ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَیۡبِ وَیُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق