الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ﴾ الإيمانُ في اللُّغَةِ: التَّصْدِيقُ، والشَّرْعُ أقَرَّهُ عَلى ذَلِكَ، وزادَ فِيهِ القَوْلَ والعَمَلَ. وأصِلُ الغَيْبِ: المَكانُ المُطَمْئِنُّ الَّذِي يَسْتَتِرُ فِيهِ لِنُزُولِهِ عَمّا حَوْلَهُ، فَسُمِّيَ كُلُّ مُسْتَتِرٍ: غَيْبًا.
وَفِي المُرادِ بِالغَيْبِ هاهُنا سِتَّةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ الوَحْيُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ جُرَيٍجٍ.
والثّانِي: القُرْآَنُ، قالَهُ أبُو رَزِينٍ العُقَيْلِيُّ، وزِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ.
والثّالِثُ: اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ، قالَهُ عَطاءٌ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.
والرّابِعُ: ما غابَ عَنِ العِبادِ مِن أمْرِ الجَنَّةِ والنّارِ، ونَحْوُ ذَلِكَ مِمّا ذُكِرَ في القُرْآَنِ. رَواهُ السَّدِّيُّ عَنْ أشْياخِهِ، وإلَيْهِ ذَهَبَ أبُو العالِيَةِ، وقَتادَةُ.
(p-٢٥)والخامِسُ: أنَّهُ قَدَّرَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ، قالَهُ الزُّهْرِيُّ.
والسّادِسُ: أنَّهُ الإيمانُ بِالرَّسُولِ في حَقِّ مَن لَمْ يَرَهُ. قالَ عَمْرُو بْنُ مَرَّةَ: قالَ أصْحابُ عَبْدِ اللَّهِ لَهُ: طُوبى لَكَ، جاهَدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وجالَسْتُهُ. فَقالَ: إنَّ شَأْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كانَ مُبَيِّنًا لِمَن رَآَهُ، ولَكِنْ أعْجَبُ مِن ذَلِكَ: قَوْمٌ يَجِدُونَ كِتابًا مَكْتُوبًا يُؤْمِنُونَ بِهِ ولَمْ يَرَوْهُ، ثُمَّ قَرَأ: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ﴾ .
***
قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ الصَّلاةُ في اللُّغَةِ: الدُّعاءُ. وفي الشَّرِيعَةِ: أفْعالٌ وأقْوالٌ عَلى صِفاتٍ مَخْصُوصَةٍ. وفي تَسْمِيَتِها بِالصَّلاةِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّها سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِرَفْعِ الصَّلا، وهو مَغْرَزُ الذَّنْبِ مِنَ الفَرَسِ.
والثّانِي: أنَّها مِن صَلِيَتُ العُودَ إذا لَيَّنْتُهُ، فالمُصَلِّي يَلِينُ ويَخْشَعُ.
والثّالِثُ: أنَّها مَبْنِيَّةٌ عَلى السُّؤالِ والدُّعاءِ، والصَّلاةِ في اللُّغَةِ: الدُّعاءُ. وهي في هَذا المَكانِ اسْمُ جِنْسٍ.
قالَ مُقاتِلٌ: أرادَ بِها هاهُنا: الصَّلَواتِ الخَمْسِ.
وَفِي مَعْنى إقامَتِها ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ تَمامُ فِعْلِها عَلى الوَجْهِ المَأْمُورِ بِهِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٍ.
والثّانِي: أنَّهُ المُحافَظَةُ عَلى مَواقِيتِها ووُضُوئِها ورُكُوعِها وسُجُودِها، قالَهُ قَتادَةُ، ومُقاتِلٌ.
والثّالِثُ: إدامَتُها، والعَرَبُ تَقُولُ في الشَّيْءِ الرّاتِبِ: قائِمٌ، وفُلانٌ يُقِيمُ أرْزاقَ الجُنْدِ، قالَهُ ابْنُ كَيْسانَ.
***
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِمّا رَزَقْناهُمْ﴾ أيْ: أعْطَيْناهم. ﴿يُنْفِقُونَ﴾ أيْ: يُخْرِجُونَ. وأصْلُ الإنْفاقِ الإخْراجُ. يُقالُ: نَفَقَتِ الدّابَّةُ إذا خَرَجَتْ رُوحُها.
(p-٢٦)وَفِي المُرادِ بِهَذِهِ النَّفَقَةِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّها النَّفَقَةُ عَلى الأهْلِ والعِيالِ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وحُذَيْفَةُ.
والثّانِي: أنَّها الزَّكاةُ المَفْرُوضَةُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وقَتادَةُ.
والثّالِثُ: أنَّها الصَّدَقاتُ النَّوافِلُ، قالَهُ مُجاهِدٌ، والضَّحّاكُ.
والرّابِعُ: أنَّها النَّفَقَةُ الَّتِي كانَتْ واجِبَةٌ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكاةِ، ذَكَرَهُ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ، وقالُوا: إنَّهُ كانَ فَرْضٌ عَلى الرَّجُلِ أنْ يُمْسِكَ مِمّا في يَدِهِ مِقْدارَ كِفايَتِهِ يَوْمَهُ ولَيْلَتَهُ، ويُفَرِّقُ باقِيهِ عَلى الفُقَراءِ. فَعَلى قَوْلِ هَؤُلاءِ، الآَيَةُ مَنسُوخَةٌ بِآيَةِ الزَّكاةِ، وغَيْرِ هَذا القَوْلِ أُثْبِتَ. واعْلَمْ أنَّ الحِكْمَةَ في الجَمْعِ بَيْنَ الإيمانِ بِالغَيْبِ وهو عَقْدُ القَلْبِ، وبَيْنَ الصَّلاةِ وهي فِعْلُ البَدَنِ، وبَيْنَ الصَّدَقَةِ وهو تَكْلِيفٌ يَتَعَلَّقُ بِالمالِ - أنَّهُ لَيْسَ في التَّكْلِيفِ قِسْمٌ رابِعٌ، إذْ ما عَدا هَذِهِ الأقْسامِ فَهو مُمْتَزِجٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنهُما كالحَجِّ والصَّوْمِ ونَحْوِهِما.
{"ayah":"ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَیۡبِ وَیُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق