الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ في انتصاب الأيام وجوه: أحدُها: أنها [[في (م): (آنه).]] ظرف لكُتب، كأنه: كتب عليكم الصيام في هذه الأيام، هذا قول الزجاج [[من "معاني القرآن" للزجاج 1/ 252.]]. وقال الفراء: هي نصب على خبر ما لم يسم فاعله؛ لأن كل ما لم يسم فاعله، إذا كان فيه اسمان أحدهما غير الآخر رفعتَ واحدًا ونصبت الآخر، كما تقول: أُعطي عبدُ الله المال، ولا تبال أكان المنصوب معرفةً أو نكرة، فإن كان الآخر نعتًا للأول، وهما معرفتان، رفعتهما جميعًا، فقلت: ضُربَ عبدُ الله الظريفُ، رفعتَه؛ لأنه عبد الله، وإن كان نكرة نصبته، قلت: ضُرِبَ عبدُ الله راكبًا وماشِيًا ومظلومًا [[من "معاني القرآن" للفراء 1/ 112، وقد خطأ أبو حيان في "البحر المحيط" 2/ 31 قول الفراء وناقشه.]]. قال أبو إسحاق: ليس هذا بشيء، لأن الأيام هَاهُنَا معلقة بالصوم، وزيد والمال مفعولان لأُعطي، فلك أن تقيم أيهما شئت مقام الفاعل، وليس في هذا إلّا نصب [[في (ش): (ونظر).]] أيام بالصيام [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 252.]]. ونصر أبو علي الفارسي قول الفراء، وقال: يجوز أن ينتصبَ الأيام انتصاب المفعول به على السعة، وهو أن يكون الأيام اسمًا لا ظرفَّاَ، فتخرجها من حيّز الظروف إلى حيز الأسماء، متسعًا فيها، وهذا الاتساع كثير واسع في الظروف، وقد جاء التنزيل به، وهو قوله: ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ [سبأ: 33]، فجواز الإضافة إليهما [[في (م): فجواز إليهما وفي (ش): (إليها).]] دل على خروجهما من الظرف، ومتى وقعت الإضافة إلى هذه الأسماء المستعملة ظروفًا أخْرَجَتها الإضافة عن ذلك وأدخلتها في حَيّزِ الأسماء، وقد نص سيبويه على جواز هذا في قوله: يا سارقَ الليلةِ أهلَ الدار. وإذا كان هذا الاتساع على ما ذكرت لك في الكثرة والحسن ومجيء التنزيل به، فلم ينكر أن تحمل هذه الآية أيضًا عليه، وإذا حمل عليه، كان بمنزلة: أُعطي زيدٌ المال، ولا يمتنع على هذا التقدير أن تكون الأيام ظرفًا لـ (كُتِبَ)، ولا شيءَ يمنع من كون الأيام ظرفًا لكُتِبَ؛ لأن الصّيَام مفروض مكتوب في أيام معدودات، وإذا كان ظرفًا له لم يمتنع أن يتسع فيه، فينتصب انتصاب المفعول به، وإذا نصب انتصاب المفعول به كان بمنزلة: أُعطى زيدٌ المال، وصار الأيام في موضع المال، لا إشكال في جواز هذا الوجه، فقد بان أن ما منعه أبو إسحاق من إجازة أن ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ بمنزلة أعطي زيدٌ المال جائز غير ممتنع. وعند أبي علي يجوز أن تُعمل (الصيام) في الأيام، ثم [[(ثم) ساقطة من (ش).]] يجوز في انتصاب الأيام الوجهان اللذان ذكرنا إذا أعملت فيها (كتب)، من الظرف والانتصاب على المفعول به، فالظرف أن تجعل الأيام ظرفًا للصيام لا للكتابة، كما تقول: كتب عليكم الدخول يوم كذا، يجوز [[في (ش): (ويجوز).]] أن تجعل اليوم ظرفًا للدخول، وإن جعلت الأيام مفعولًا به لصيام أعملت الصيَام وهو مصدر، فنصبت به، والمصدر يعمل عمل الفعل، كقوله: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ﴾ [البقرة: 251]، وهو كثير، ومثله: لحِقتُ فلم أنكُلْ عن الضرب مِسْمَعَا قال أبو علي: والأجودُ فيمن جَعَل الأيامَ معمول الصيام أن ينصب على أنه ظرف ولا يجعله مفعولًا للمصدر؛ لأنه يعمل المصدر وفيه الألف واللام إعمال الفِعل، وذلك لا يحسن؛ لأن الفعل نكرة، فحُكْمُ ما قام مقامه ويعمل عمله أن يكون مثلَه، وإن كان أصحاب سيبويه قد أجازوه. فأما [[في (ش): (وأما).]] قوله: عن الضرب مسمَعَا، فقد قيل فيه: إن مسمعًا مفعول (لحقت) دون الضرب، فإن قيل: الإضافة في التعريف كالألف واللام، وقد جاء المصدر عاملًا في الإضافة، كقوله: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ﴾ [البقرة: 251] قيل: الإضافة أسهل من الألف واللام، ألا ترى أن الإضافة قد تقدر فيها الانفصال كثيرًا والألف واللام لا تشبهها، فلهذا رجَّحْنا قول من جعله ظرفًا، ولا يمتنع كون الأيام ظرفًا للصيام؛ لأن الصيام فيها، كما أن الكتابة فيها. وجمهور المفسرين على أن المراد بالأيام المعدودات: شهر رمضان [[ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 131، 132، وهو اختياره، "تفسير الثعلبي" 2/ 236، "البحر المحيط" 1/ 30.]]. وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿أُخَرَ﴾ فيه معنى الشرط والجزاء، أي: من يكن منكم مريضًا أو مُسافرًا فأفطر فليقض. وإذا قدرت فيه معنى الشرط كان المراد بقوله: ﴿كَانَ مِنْكُمْ﴾ الاستقبال لا المضي، كما تقول: من أتاني أتيته، وفي الآية إضمارة لأن التقدير: فأفطر فعدة؛ لأن القضاء إنما يجب بالإفطار لا بالمرض والسفر، ومثله قوله: ﴿أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ﴾ [البقرة: 196]، والحذف كثير في كلام العرب إذا كان فيما [[في (م): (ما).]] أُبقي دليلٌ على ما أُلقي، قال ذُو الرمة: فلما لبسن الليل أو حين نصَّبت ... له من خذا آذانها وهو جانح [[البيت في "ديوانه" ص 898.]] أراد: أو حين أقبل [[ينظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 252، "تفسير الثعلبي" 2/ 239، "البحر المحيط" 2/ 32 - 33، "التبيان" ص116.]]. ونذكر في الآية التي بعد هذه حكم المرض والسفر في الصوم. وأصل السَّفَر من الكشف، وذلك أنه يكشف من أحوالِ الرجالِ وأخلاقهم، والمِسفَرة: المكنس؛ لأنها تُسِفر التراب عن الأرض، والسَّفيرُ: الداخل بين اثنين للصُّلح؛ لأنه يكشف المكروه الذي اتصل بهما، والمُسْفِر: المضيء؛ لأنه قد انكشف وظهر، ومنه: أسفر الصبح، والسِّفُر: الكتاب؛ لأنه يكشف عن المعاني ببيانه، ومنه ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾ [عبس: 15]، أي: كتبة؛ لأن الكاتب يكشف عن المعاني، وسفرتِ المرأةُ عن وجهها: إذا كشفت النقاب [[ينظر في السفر: "تهذيب اللغة" 2/ 1701، "المفردات" ص 239، "لسان العرب" 4/ 2024 (سفر).]]. قال الأزهري: وسمي المسافر مُسَافرًا، لكَشْفِه قناع الكِنِّ عن وَجْهه، وبروزه للأرض الفضاء، وسُمي السَّفرُ سَفَرًا؛ لأنه يسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم، فيظهر ما كان خافِيًا مِنْهَا [["تهذيب اللغة" 2/ 1702 (سفر).]]. وقوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ﴾ أي: فعليه عدة، كقوله: ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 178]، والتقدير: فعليه صومُ عِدّةٍ، ويكون هذا من باب حذف المضاف [["تفسير الطبري" 2/ 132، "البحر المحيط" 2/ 32، "التبيان" 1/ 116.]]. وقال أبو إسحاق: التقدير فالذي ينوب عن صومِهِ عِدة [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 252.]]. والعِدَّةُ: فِعْلَة من العَدِّ، وهو بمعنى المعدودة، كالطِّحْن بمعنى المطحون، ومنه يُقَالُ للجماعة المعدودة من الناس: عِدَّة، وعِدّة المرأة من هذا [[ينظر: "المفردات" ص 327، "البحر المحيط" 2/ 32 - 33،"لسان العرب" 5/ 2832 - 2836 (عدد).]]. وقوله تعالى: ﴿مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ أراد غير أيام مرضه أو سفره [["تفسير الطبري" 2/ 132، "تفسير الثعلبي" 2/ 240.]]. و (أُخَر) لا ينصرف؛ لأنها جمع أُخرى تأنيث آخر، وآخَرَ على وزن أفعل، وما كان على وزن أفعل فإنه يُستَعمل مع مِنْ أو بالألف واللام، فيقالُ: زيدٌ أفضل من عمرو، وزيد الأفضل، والألف واللام مُعاقبة لـ (مِن) في باب أفعل، فكان القياس يُوجب أن يقال: زيد آخر من عمرو، كما يقال: أقدم من عمرو، إلا أنهم حذفوا (من) من آخر؛ لأن لفظه اقتضى معنى مِنْ، فأسقطوا (مِنْ) اكتفاء بدلالة اللفظ عليه، والألف واللام تعاقب (مِنْ)، فلما جاز استعماله بغير الألف اللام صار آخر وأُخر وأُخْرى معدولة عن حكم نظائرها؛ لأن الألف واللام استعملتا فيها، ثم حُذفتا. فإن قيل: الخروج عن النظائر يُوجب للاسم البناء، فهلا بُني آخر وأُخرى وأخَرُ؟ قيل: إنها وإن خرجت عن حكم نظائرها فليس هو خروجًا مُبَاينًا لما عليه الأسماء، وإنما هو خروج عن حكم تعريف إلى تنكير، وأكثر الأسماء يلحقها التعريف والتنكير، فلم يكن لهذه المخالفة قوةٌ توجب البناء، إلا أنه قد نقصت بهذا العدل لها درجة عن حكم أخواتها، فجعل هذا العدل لها من أقسام العلل المانعة للصرف، فاجتمع فيها في حال التنكير العدل والصفة، فلذلك لم تنصرف، ومعنى الصفة: أنها مما يوصف به، ألا ترى أنها صفة للأيام في هذه الآية [[ينظر: "المفردات" ص 23، "البحر المحيط" 1/ 34، "اللسان" 1/ 38 (أخر).]]. وقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ قال الأزهري: يُقَال: طَاقَ يَطُوقُ طَوْقًا، وأَطَاق يُطِيقُ إِطَاقَةً وطَاقَةً، كما يقال: طاع يَطُوعُ طَوْعًا، وأَطَاع يُطِيعُ إِطَاعة وطَاعَةً، والطَّاعَة والطاقة: اسمان يوضعان موضع المصدر [["تهذيب اللغة" 1/ 131 (طبق).]]. وقوله تعالى: ﴿فِدْيَةٌ﴾ الفِدْيَة: الجزاء والبدل، من قولك: فديته بكذا، أي [[في (م): إذا.]]: أعطيته بدلًا منه [[ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 141، "تفسير الثعلبي" 2/ 254، "المفردات" 376 ص، "مجمل اللغة" 3/ 714.]]، كقوله تعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات: 107]، ومضى الكلام في هذا عند قوله: ﴿أُسَارَى تُفَادُوهُمْ﴾ [البقرة: 85]. وقوله تعالى: ﴿طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ قرأ أهل المدينة والشام بإضافة الفِدْيَةِ إلى الطَّعَام وجمع المساكين [[هذا إجمال في ذكر القراءات، تفصيله: قرأ نافع وأبو جعفر وابن ذكوان بحذف تنوين (فدية)، وجر (طعام) وجمع (مساكين)، وفتح نونه بغير تنوين، والباقون بتنوين (فدية)، ورفع (طعام)، وإفراد (مساكين)، وكسر نونه منونة، إلا هشامًا فقرأ بجمع مساكين كقراءة نافع ومن معه. ينظر: "النشر" 2/ 226، "البدور الزاهرة" ص 56.]]. ومعنى الآية: وعلى الذين يطيقون الصيامَ فأفطروا فديةُ طعامٍ؛ لأن الفدية وجبت بالإفطار لا بالإطاقة، وإنما أضافوا الفدية إلى الطعام، وهي طعام؛ لأن الفدية اسم للقدر الواجب، والطعام اسم يعم الفدية وغيرها، فهذه الإضافة من الإضافة التي تكون بمعنى من، وهو أن تضيف الاسم إلى اسم [[في (ش): (الاسم).]] يقع على الاسم الأول، كقولك: ثوبُ خَزٍّ، وقميصُ كتانٍ، وخاتم حديد، والمعنى: ثوبٌ من خَزٍّ، وقميصٌ من كتان، وخاتم من حديد. ألا ترى أنك تطلق على الثوبِ اسم الخز، وعلى القميص اسم الكتان، وعلى الخاتم اسم الحديد، كذلك هاهنا التقدير: فديةٌ من طعام، فأضفت الفدية إلى الطعام، وأنت تطلق على الفدية اسم الطعام. وجمعوا المساكين؛ لأن الذين يطيقونه جماعة، وكل واحد منهم يلزمُهُ طَعامُ مِسْكِين [[ينظر: "الحجة" 2/ 273 - 274، "تفسير الطبري" 2/ 141، "المحرر الوجيز" 2/ 106، "البحر المحيط" 2/ 37.]]. وقرأ الباقون: (فِديةٌ) منونةً ﴿طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ على واحد، جعلوا ما بعد الفدية تفسيرًا لها، ووحَّدُوا المسكين؛ لأن المعنى: على كل واحد لكل يوم إطعام مسكين. ومثل هذا في المعنى قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ﴾ وليس جميع القاذفين يُفرَّقُ فيهم جلد ثمانين، إنما على كل واحد منهم جلد ثمانين [[من قوله: (إنما على ..) ساقطة من (ش).]] فكذلك على كل واحد منهم طعام مسكين، فأفرد هذا كما جَمَعَ قوله: ﴿فَاجْلِدُوهُمْ﴾. وقال أبو زيد: أتينا الأميرَ فكسانا كلَّنا حُلّةً وأعطى كلَّنا مائةً، قال: معناه: كسا كلَّ واحدٍ منا حُلَّةً وأعطى كل واحدِ منا مائة [[من كلام أبي علي في "الحجة" 2/ 273، وينظر: "تفسير الطبري" 2/ 141، "تفسير الثعلبي" 2/ 246 - 247، "المحرر الوجيز" 2/ 107، "البحر المحيط" 1/ 37.]]. فأما حكم قوله: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ﴾ فقال ابن عباس: كانت الإطاقة أن الرجل أو المرأة كان يصبح صائمًا، ثم إن شاء أفطرَ وأطعم لذلك مسكينًا، فنسختها هذه الآية: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [[أبو داود في الصوم، باب: نسخ قوله: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ 2/ 305 برقم 2316، من طريق عكرمة، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص203، من طريق ابن سيرين، ورواه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص 43، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" 1/ 495، وابن أبي حاتم 1/ 307، من طريق عطاء الخراساني، ورواه الطبري 2/ 134 من طريق عطية.]] وهذا قولُ سلمة بن الأكوع [[هو: سلمة بن عمرو بن سنان الأكوع الأسلمي، صحابي ممن بايع تحت الشجرة، غزا مع الرسول ﷺ سبع غزوات، وكان شجاعًا بطلًا راميًا عدّاءً، توفي بالمدينة سنة 74 هـ. ينظر: "أسد الغابة" 2/ 423، "الأعلام" 3/ 113.]] [[رواه عنه البخاري (4507) كتاب التفسير، باب: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾، ومسلم (1145) كتاب الصيام، باب: بيان نسخ قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾، والطبري 2/ 134.]]، وعبد الرحمن بن أبي ليلى [[هو: عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري المدني ثم الكوفي، تابعي ثقة، مات بوقعة الجماجم سنة 83 هـ. ينظر: "تقريب التهذيب" ص 349 (3993)، وذكر أسماء التابعين ومن بعدهم 1/ 212.]] [[رواه عنه البخاري (1949) كتاب الصوم، باب: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ﴾، والطبري 2/ 134، وابن أبي حاتم 1/ 306.]]، وعلقمة بن قيس [[رواه عبد الرزاق في "المصنف" 4/ 222، وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص 44، والطبري 2/ 133، وابن أبي حاتم 1/ 308.]]، وابن شهاب [[رواه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص 44، والطبري في "تفسيره" 2/ 134.]]، ومذهب أكثر العلماء [[ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 133 - 136، "تفسير الثعلبي" 2/ 252، "أحكام القرآن" لابن العربي 1/ 79، "المحرر الوجيز" 2/ 107، "الناسخ والمنسوخ" لهبة الله بن سلامة ص 43، "البحر المحيط" 2/ 36 - 37.]]، قالوا: كان في ابتداء إيجاب الصوم من شاء صام ومن شاء أفطر وافتدى بالطعام، ثم نسخ الله سبحانه ذلك بقوله: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾. وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ قال ابن عباس: زاد في الصدقة، يعنى: على المُدِّ الوَاحِدِ [[رواه عنه الطبري 2/ 142، ورواه ابن جريج وخصيف بن عبد الرحمن عن مجاهد، كما في "تفسير الطبري" 2/ 142، "تفسير الثوري" 56، و"تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 309.]]؛ لأنه كان يجب مدٌّ واحدٌ على من أطاق الصومَ فَأَفْطَر قبل النسخ، في قول أهل الحجاز وأكثر العلماء [[ينظر: "المغني" 4/ 395، و"تفسير البغوي" 1/ 197.]]. وقال مجاهد [[رواه عن مجاهد ابن جريج كما في "تفسير الطبري" 2/ 142، وأشار إليها عبد الرزاق في "المصنف" 4/ 223، ورواها عنه خصيف بن عبد الرحمن كما في "تفسير الثوري" ص 56، و"تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 309.]] والسُدّى [[رواه عنه الطبري في "تفسيره" 2/ 143، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 309.]]: يطعم مسكينين، وفي هذا القول أيضًا زيادة الصدقة؛ لأنه إذا زاد مسكينا يجب أن يزيد في الصدقة حتى يكون متطوعًا. وقال ابن شهاب: يريد: من صام الفِدْية فهو خيرٌ له [[رواه عنه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص 45، و"تفسير الطبري" 2/ 143، و"تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 309.]] [[قال الطبري 3/ 443: والصواب من القول في ذلك عندنا: أن الله -تعالى ذكره- == عمم بقوله: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾، فلم يخصص بعض معاني الخير دون بعض، فإن جمع الصوم مع الفدية من تطوع الخير، وزيادة مسكين على جزاء الفدية من تطوع الخير، وجائز أن يكون الله -تعالى ذكره- عنى بقوله: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾، أيَّ هذه المعاني تطوع به المفتدي من صومه فهو خير له؛ لأن كل ذلك من تطوع الخير ونوافل الفضل. وقد ذكر ابن العربي 1/ 80 قول من قال: (فمن تطوع)، أي: زاد على طعام مسكين، وقيل: من صام، وهذا ضعيف؛ لقوله تعالى بعد ذلك: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾. معناه: الصوم خير من الفطر في السفر، وخير من الإطعام، وتحقيق ذلك أن الصوم الفرض خير من الإطعام النفل، والصدقة النفل خير من الصوم النفل .. اهـ]]. وقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ أي: الصوم خيرٌ لكم، فالجملة ابتداء وخبر. والمعنى: والصوم خيرٌ لكم من الإفطار والفدية، وهذا إنما كان خيرًا لهم قبل النسخ، وبعد النسخ فلا يجوز أن يقال: الصوم خيرٌ من الإفطار والفدية [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 253.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب