الباحث القرآني
* [فَصْلٌ: الحِكْمَةُ في تَخْصِيصِ المُسافِرِ بِالرُّخَصِ]
وَأمّا قَوْلُهُ: " وجَوَّزَ لِلْمُسافِرِ المُتَرَفِّهِ في سَفَرِهِ رُخْصَةَ الفِطْرِ والقَصْرِ، دُونَ المُقِيمِ المَجْهُودَ الَّذِي هو في غايَةِ المَشَقَّةِ " فَلا رَيْبَ أنَّ الفِطْرَ والقَصْرَ يَخْتَصُّ بِالمُسافِرِ، ولا يُفْطِرُ المُقِيمُ إلّا لِمَرَضٍ، وهَذا مِن كَمالِ حِكْمَةِ الشّارِعِ؛ فَإنَّ السَّفَرَ في نَفْسِهِ قِطْعَةٌ مِن العَذابِ، وهو في نَفْسِهِ مَشَقَّةٌ وجَهْدٌ، ولَوْ كانَ المُسافِرُ مِن أرْفَهِ النّاسِ فَإنَّهُ في مَشَقَّةٍ وجَهْدٍ بِحَسَبِهِ، فَكانَ مِن رَحْمَةِ اللَّهِ بِعِبادِهِ وبِرِّهِ بِهِمْ أنْ خَفَّفَ عَنْهم شَطْرَ الصَّلاةِ واكْتَفى مِنهم بِالشَّطْرِ، وخَفَّفَ عَنْهم أداءَ فَرْضِ الصَّوْمِ في السَّفَرِ، واكْتَفى مِنهم بِأدائِهِ في الحَضَرِ، كَما شَرَعَ مِثْلَ ذَلِكَ في حَقِّ المَرِيضِ والحائِضِ، فَلَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِمْ مَصْلَحَةَ العِبادَةِ بِإسْقاطِها في السَّفَرِ جُمْلَةً، ولَمْ يُلْزِمْهم بِها في السَّفَرِ كَإلْزامِهِمْ في الحَضَرِ، وأمّا الإقامَةُ فَلا مُوجِبَ لِإسْقاطِ بَعْضِ الواجِبِ فِيها ولا تَأْخِيرِهِ، وما يَعْرِضُ فِيها مِن المَشَقَّةِ والشُّغْلِ فَأمْرٌ لا يَنْضَبِطُ ولا يَنْحَصِرُ؛ فَلَوْ جازَ لِكُلِّ مَشْغُولٍ وكُلِّ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ التَّرَخُّصُ ضاعَ الواجِبُ واضْمَحَلَّ بِالكُلِّيَّةِ، وإنْ جَوَّزَ لِلْبَعْضِ دُونَ البَعْضِ لَمْ يَنْضَبِطْ؛ فَإنَّهُ لا وصْفَ يَضْبِطُ ما تَجُوزُ مَعَهُ الرُّخْصَةُ وما لا تَجُوزُ، بِخِلافِ السَّفَرِ، عَلى أنَّ المَشَقَّةَ قَدْ عَلَّقَ بِها مِن التَّخْفِيفِ ما يُناسِبُها، فَإنْ كانَتْ مَشَقَّةَ مَرَضٍ وألَمٍ يَضُرُّ بِهِ جازَ مَعَها الفِطْرُ والصَّلاةُ قاعِدًا أوْ عَلى جَنْبٍ، وذَلِكَ نَظِيرُ قَصْرِ العَدَدِ، وإنْ كانَتْ مَشَقَّةَ تَعَبٍ فَمَصالِحُ الدُّنْيا والآخِرَةِ مَنُوطَةٌ بِالتَّعَبِ، ولا راحَةَ لِمَن لا تَعَبَ لَهُ، بَلْ عَلى قَدْرِ التَّعَبِ تَكُونُ الرّاحَةُ، فَتَناسَبَتْ الشَّرِيعَةُ في أحْكامِها ومَصالِحِها بِحَمْدِ اللَّهِ ومَنِّهِ.
* (فائدة)
إذا رأى إنسانا يغرق فلا يمكنه تخليصه إلا بأن يفطر هل يجوز له الفطر؟
أجاب أبو الخطاب يجوز له الفطر إذا تيقن تخليصه من الغرق ولم يمكنه الصوم مع التخليص.
وأجاب ابن الزاغوني عنها إذا كان يقدر على تخليصه وغلب على ظنه ذلك لزمه الإفطار وتخليصه ولا فرق بين أن يفطر بدخول الماء في حلقه وقت السباحة، أو كان يجد من نفسه ضعفا عن تخليصه لأجل الجوع حتى يأكل لأنه يفطر للسفر المباح فلأن يفطر للواجب أولى.
قلت: أسباب الفطر أربعة: السفر والمرض والحيض والخوف على هلاك من يخشى عليه بصوم كالمرضع والحامل إذا خافتا على ولديهما ومثله مسألة الغريق.
وأجاز شيخنا ابن تيمية الفطر للتقوي على الجهاد وفعله وأفتى به لما نازل العدو دمشق في رمضان فأنكر عليه بعض المتفقهين وقال: "ليس سفرا طويلا"
فقال الشيخ: "هذا فطر للتقوي على جهاد العدو وهو أولى من الفطر للسفر يومين سفرا مباحا أو معصية، والمسلمون إذا قاتلوا عدوهم وهم صيام لم يمكنهم النكاية فيهم، وربما أضعفهم الصوم عن القتال فاستباح العدو بيضة الإسلام.
وهل يشك فقيه أن الفطر هاهنا أولى من فطر المسافر؟
وقد أمرهم النبي ﷺ في غزوة الفتح بالإفطار ليتقووا على عدوهم"
فعلل ذلك للقوة على العدو لا للسفر والله أعلم.
قلت: إذا جاز فطر الحامل والمرضع لخوفهما على ولديهما وفطر من يخلص الغريق، ففطر المقاتلين أولى بالجواز، ومن جعل هذا من المصالح المرسلة فقد غلط بل هذا أمر من باب قياس الأولى، ومن باب دلالة النص وإيمائه.
{"ayah":"أَیَّامࣰا مَّعۡدُودَ ٰتࣲۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِیضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَۚ وَعَلَى ٱلَّذِینَ یُطِیقُونَهُۥ فِدۡیَةࣱ طَعَامُ مِسۡكِینࣲۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَیۡرࣰا فَهُوَ خَیۡرࣱ لَّهُۥۚ وَأَن تَصُومُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق