الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[١٨٤] ﴿أيّامًا مَعْدُوداتٍ فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا أوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ أُخَرَ وعَلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهو خَيْرٌ لَهُ وأنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكم إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ .
﴿أيّامًا مَعْدُوداتٍ﴾ نُصِبَ عَلى الظَّرْفِ، أيْ: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ في أيّامٍ مَعْدُوداتٍ، وهي أيّامُ شَهْرِ رَمَضانَ، كَما بَيَّنَها تَعالى فِيما بَعْدُ، بِقَوْلِهِ: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْـزِلَ فِيهِ القُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥] ﴿فَمَن كانَ مِنكم مَرِيضًا﴾ أيْ: مَرَضًا يَضُرُّهُ الصَّوْمُ، أوْ يَعْسُرُ مَعَهُ.
والمَرَضُ: السَّقَمُ، وهو نَقِيضُ الصِّحَّةِ واضْطِرابُ الطَّبِيعَةِ بَعْدَ صَفائِها واعْتِدالِها: ﴿أوْ عَلى سَفَرٍ﴾ أيْ: فافْطُرْ: ﴿فَعِدَّةٌ﴾ أيْ: فَعَلَيْهِ صَوْمُ عِدَّةِ أيّامِ المَرَضِ والسَّفَرِ: ﴿مِن أيّامٍ أُخَرَ﴾ غَيْرِ المَعْدُوداتِ المَذْكُورَةِ. وإنَّما رَخَّصَ الفِطْرَ في حالِ المَرَضِ والسَّفَرِ لِما في ذَلِكَ مِنَ المَشَقَّةِ. وقَدْ سافَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في رَمَضانَ في أعْظَمِ الغَزَواتِ وأجَلِّها: في غَزْوَةِ بَدْرٍ، (p-٤١٩)وغَزْوَةِ الفَتْحِ. قالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ: «غَزَوْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في رَمَضانَ غَزْوَتَيْنِ: يَوْمَ بَدْرٍ والفَتْحِ، فَأفْطَرْنا فِيهِما».
تَنْبِيهاتٌ:
الأوَّلُ: ثَبَتَ أنَّهُ ﷺ صامَ في السَّفَرِ وأفْطَرَ، كَما خَيَّرَ بَعْضَ الصَّحابَةِ بَيْنَ الصَّوْمِ والفِطْرِ. فَفي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أبِي الدَّرْداءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: «خَرَجْنا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في بَعْضِ أسْفارِهِ في يَوْمٍ حارٍّ، حَتّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلى رَأْسِهِ مِن شِدَّةِ الحَرِّ، وما فِينا صائِمٌ إلّا ما كانَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وابْنِ رَواحَةَ». وقَوْلُهُ: في بَعْضِ أسْفارِهِ: وقَعَ في إحْدى رِوايَتَيْ مُسْلِمٍ، بَدَلَهُ في شَهْرِ رَمَضانَ. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي أوْفى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: «سِرْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وهو صائِمٌ». وفي رِوايَةٍ: «كُنّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في سَفَرٍ، فَلَمّا غابَتِ الشَّمْسُ قالَ لِرَجُلٍ: «انْزِلْ فاجْدَحْ لَنا..!» فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ أمْسَيْتَ. قالَ: «انْزِلْ فاجْدَحْ لَنا» . قالَ: «إنَّ عَلَيْكَ نَهارًا» . فَنَزَلَ، فَجَدَحَ لَهُ، فَشَرِبَ، ثُمَّ قالَ: «إذا رَأيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أقْبَلَ مِن هَهُنا - وأشارَ بِيَدِهِ نَحْوَ المَشْرِقِ - فَقَدْ أفْطَرَ الصّائِمُ»» رَواهُ الشَّيْخانِ. واللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
(p-٤٢٠)وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ المَدِينَةِ إلى مَكَّةَ فَصامَ حَتّى بَلَغَ عُسْفانَ، ثُمَّ دَعا بِماءٍ فَرَفَعَهُ إلى يَدَيْهِ لِيُرِيَهُ النّاسَ، فَأفْطَرَ حَتّى قَدِمَ مَكَّةَ، وذَلِكَ في رَمَضانَ.
فَكانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَقُولُ: قَدْ صامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأفْطَرَ، فَمَن شاءَ صامَ، ومَن شاءَ أفْطَرَ». رَواهُ الشَّيْخانِ. واللَّفْظُ لِلْبُخارِيِّ.
وعَنْ قَزْعَةَ قالَ: «أتَيْتُ أبا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ فَسَألَتْهُ عَنِ الصَّوْمِ في السَّفَرِ، فَقالَ: سافَرْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلى مَكَّةَ ونَحْنُ صِيامٌ، قالَ: فَنَزَلْنا مَنزِلًا، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّكم قَدْ دَنَوْتُمْ مِن عَدُوِّكُمْ، والفِطْرُ أقْوى لَكم» . فَكانَتْ رُخْصَةً، فَمِنّا مَن صامَ ومِنّا مَن أفْطَرَ.
ثُمَّ نَزَلْنا مَنزِلًا آخَرَ فَقالَ: «إنَّكم مُصَبِّحُو عَدُوِّكم والفِطْرُ أقْوى لَكم فَأفْطِرُوا» . وكانَتْ عَزْمَةً فَأفْطَرْنا. ثُمَّ قالَ لَقَدْ رَأيْتُنا نَصُومُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ في السَّفَرِ،» رَواهُ مُسْلِمٌ. وعَنْ عائِشَةَ: «أنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأسْلَمِيَّ قالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أأصُومُ في السَّفَرِ؟ - وكانَ كَثِيرَ الصِّيامِ - فَقالَ: «إنْ شِئْتَ فَصُمْ وإنْ شِئْتَ فَأفْطِرْ»» . رَواهُ البُخارِيُّ.
ورَواهُ مُسْلِمٌ مِن طَرِيقٍ آخَرَ، أنَّهُ قالَ: «يا رَسُولَ اللَّهِ أجِدُ بِي قُوَّةً عَلى الصِّيامِ في السَّفَرِ (p-٤٢١)فَهَلْ عَلَيَّ جُناحٌ؟ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هي رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ، فَمَن أخَذَ بِها فَحَسَنٌ، ومَن أحَبَّ أنْ يَصُومَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ»» .
وعَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: «كُنّا نُسافِرُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَلَمْ يَعِبِ الصّائِمَ عَلى المُفْطِرِ ولا المُفْطِرِ عَلى الصّائِمِ». رَواهُ الشَّيْخانِ.
الثّانِي: لا يَخْفى أنَّ جَوازَ الصَّوْمِ لِلْمُسافِرِ إذا أطاقَهُ بِلا ضَرَرٍ. وأمّا إذا شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فَلا رَيْبَ في كَراهَتِهِ، لِما في الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ جابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في سَفَرٍ، فَرَأى زِحامًا، ورَجُلٍ قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقالَ: «ما هَذا؟» فَقالُوا: صائِمٌ، فَقالَ: «لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ في السَّفَرِ»» . فَلا يُنافِي هَذا ما تَقَدَّمَ، كَما لا يَرِدُ أنَّ العِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، لِأنَّ السِّياقَ والقَرائِنَ تَدُلُّ عَلى تَخْصِيصِهِ بِمَن شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ. وما تَقَدَّمَ في غَيْرِهِ.
قالَ ابْنُ دَقِيقِ العِيدِ: ويَنْبَغِي أنْ يُتَنَبَّهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ دَلالَةِ السَّبَبِ والسِّياقِ والقَرائِنِ عَلى تَخْصِيصِ العامِّ، وعَلى مُرادِ المُتَكَلِّمِ؛ وبَيْنَ مُجَرَّدِ العامِّ عَلى سَبَبٍ. فَإنَّ بَيْنَ المَقامَيْنِ فَرْقًا واضِحًا. ومَن أجْراهُما مَجْرًى واحِدًا لَمْ يُصِبْ. فَإنَّ مُجَرَّدَ وُرُودِ العامِّ عَلى سَبَبٍ لا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِهِ، كَنُزُولِ آيَةِ السَّرِقَةِ في قِصَّةِ رِداءِ صَفْوانَ. وأمّا السِّياقُ والقَرائِنُ الدّالَّةُ عَلى مُرادِ المُتَكَلِّمِ فَهي المُرْشِدَةُ إلى بَيانِ المُجْمِلاتِ، كَما في هَذا الحَدِيثِ. انْتَهى. وهو اسْتِنْباطٌ جَيِّدٌ. وبِالجُمْلَةِ: فالمَرِيضُ والمُسافِرُ يُباحُ لَهُما الفِطْرُ. فَإنْ صاما صَحَّ، فَإنَّ تَضَرَّرا، كُرِهَ..!.
(p-٤٢٢)الثّالِثُ: لَمْ يَكُنْ مِن هَدْيِهِ ﷺ تَقْدِيرُ المَسافَةِ الَّتِي يُفْطِرُ فِيهِ الصّائِمُ بِحَدٍّ، ولا صَحَّ عَنْهُ في ذَلِكَ شَيْءٌ. وقَدْ أفْطَرَ دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الكَلْبِيُّ في سَفَرِ ثَلاثَةِ أمْيالٍ، وقالَ لِمَن صامَ: قَدْ رَغِبُوا عَنْ هَدْيِ مُحَمَّدٍ ﷺ..!. وكانَ الصَّحابَةُ حِينَ يُنْشِئُونَ السَّفَرَ يُفْطِرُونَ مِن غَيْرِ اعْتِبارِ مُجاوَزَةِ البُيُوتِ، ويُخْبِرُونَ أنَّ ذَلِكَ سُنَّتُهُ وهَدْيُهُ ﷺ. كَما قالَ عُبَيْدُ بْنُ جَبْرٍ: «رَكِبْتُ مَعَ أبِي بَصْرَةَ الغِفارِيِّ صاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في سَفِينَةٍ مِنَ الفُسْطاطِ في رَمَضانَ، فَلَمْ نُجاوِزِ البُيُوتَ حَتّى دَعا بِالسُّفْرَةِ. قالَ: اقْتَرِبْ، قُلْتُ: ألَسْتَ تَرى البُيُوتَ؟ قالَ أبُو بَصْرَةَ: أتَرْغَبُ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟» رَواهُ أبُو داوُدَ وأحْمَدُ. ولَفْظُ أحْمَدَ: «رَكِبْتُ مَعَ أبِي بَصْرَةَ مِنَ الفُسْطاطِ إلى الإسْكَنْدَرِيَّةِ في سَفِينَةٍ، فَلَمّا دَفَعْنا مِن مَرْسانا أمَرَ بِسُفْرَتِهِ فَقُرِّبَتْ، ثُمَّ دَعانِي إلى الغَداءِ. وذَلِكَ في رَمَضانَ، فَقُلْتُ: يا أبا بَصْرَةَ! واللَّهِ ما تَغَيَّبَتْ عَنّا مَنازِلُنا بَعْدُ؟! فَقالَ: أتَرْغَبُ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فَقُلْتُ: لا! قالَ: فَلَمْ نَزَلْ مُفْطِرِينَ حَتّى بَلَغْنا ماحَوِزَنا، قِيلَ: أيْ: مَوْضِعُهُمُ الَّذِي أرادُوهُ».
وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: «أتَيْتُ أنَسَ بْنَ مالِكٍ في رَمَضانَ - وهو يُرِيدُ السَّفَرَ - وقَدْ رُحِلَتْ راحِلَتُهُ، وقَدْ لَبِسَ ثِيابَ السَّفَرِ، فَدَعا بِطَعامٍ فَأكَلَ. فَقُلْتُ لَهُ: سُنَّةٌ؟ قالَ: سُنَّةٌ. ثُمَّ رَكِبَ». قالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وقالَ الدّارَقُطْنِيُّ فِيهِ: فَأكَلَ وقَدْ تَقارَبَ غُرُوبُ الشَّمْسِ..!. وهَذِهِ الآثارُ صَرِيحَةٌ أنَّ مَن أنْشَأ السَّفَرَ في أثْناءِ يَوْمٍ مِن رَمَضانَ فَلَهُ الفِطْرُ فِيهِ. قالَهُ في " زادِ المَعادِ ".
﴿وعَلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ أيِ: الصَّوْمَ، إنْ أفْطَرُوا: ﴿فِدْيَةٌ﴾ أيْ: إعْطاءُ فِدْيَةٍ وهِيَ: ﴿طَعامُ مِسْكِينٍ﴾ و" الفِدْيَةُ ": ما يَقِي الإنْسانُ بِهِ نَفْسَهُ مِن مالٍ يَبْذُلُهُ في عِبادَةٍ يُقَصِّرُ فِيها، و" الطَّعامُ ": ما يُؤْكَلُ وما بِهِ قِوامُ البَدَنِ: ﴿فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ بِأنْ أطْعَمَ أكْثَرَ (p-٤٢٣)مِن مِسْكِينٍ: ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ لِأنَّهُ فَعَلَ ما يَدُلُّ عَلى مَزِيدِ حُبِّهِ لِرَبِّهِ: ﴿وأنْ تَصُومُوا﴾ أيُّها المُطِيقُونَ: ﴿خَيْرٌ لَكُمْ﴾ مِنَ الفِدْيَةِ وإنْ زادَتْ: ﴿إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أيْ: فَضِيلَةَ الصَّوْمِ وفَوائِدَهُ، أوْ إنْ كُنْتُمْ مِن أهْلِ العِلْمِ.
وقَدْ ذَهَبَ الأكْثَرُونَ إلى أنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَنسُوخَةٌ بِما بَعْدَها. فَإنَّهُ كانَ في بَدْءِ الإسْلامِ فُرِضَ عَلَيْهِمُ الصَّوْمُ ولَمْ يَتَعَوَّدُوهُ، فاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ، فَرُخِّصَ لَهم في الإفْطارِ والفِدْيَةِ، كَما رَوى مُسْلِمٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وعَلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ﴾ كانَ مَن أرادَ أنْ يُفْطِرَ ويَفْتَدِيَ، حَتّى نَزَلَتِ الآيَةُ بَعْدَها فَنَسَخَتْها. وأسْنَدَ مِن طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ سَلَمَةَ أيْضًا قالَ: «كُنّا في رَمَضانَ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَن شاءَ صامَ، ومَن شاءَ أفْطَرَ فافْتَدى بِطَعامٍ مِسْكِينٍ، حَتّى أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥]» . وفي البُخارِيِّ. قالَ ابْنُ عُمَرَ وسَلَمَةُ بْنُ الأكْوَعِ: نَسَخَتْها: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ﴾ [البقرة: ١٨٥] الآيَةَ. ثُمَّ رُوِيَ عَنِ ابْنِ أبِي لَيْلى: «حَدَّثَنا أصْحابُ مُحَمَّدٍ ﷺ: نَزَلَ رَمَضانُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَكانَ مَن أطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مِمَّنْ يُطِيقُهُ، ورُخِّصَ لَهم في ذَلِكَ، فَنُسِخَتْ وأُمِرُوا بِالصَّوْمِ». ثُمَّ أسْنَدَ أيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنَّهُ قالَ: هي مَنسُوخَةٌ.
هَذا، وقَدْ رَوى البُخارِيُّ في " التَّفْسِيرِ ": عَنْ عَطاءٍ أنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبّاسٍ يَقُولُ في هَذِهِ الآيَةِ: لَيْسَتْ بِمَنسُوخَةٍ، هو الشَّيْخُ الكَبِيرُ والمَرْأةُ الكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعانِ أنْ يَصُوما، فَلْيُطْعِمانِ مَكانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا.
(p-٤٢٤)هَذا، وقَدْ ذَكَرَ البُخارِيُّ في " التَّفْسِيرِ ": أنَّ أنَسَ بْنَ مالِكٍ أطْعَمَ - بَعْدَ ما كَبُرَ - عامًا أوْ عامَيْنِ، كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، خُبْزًا ولَحْمًا، وأفْطَرَ. رَواهُ تَعْلِيقًا، ووَصَلَهُ أبُو يَعْلى المُوصِلِيُّ في " مُسْنَدِهِ " ورَواهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ في " مُسْنَدِهِ " مِن حَدِيثِ سِتَّةٍ مِن أصْحابِ أنَسٍ عَنْ أنَسٍ، بِمَعْناهُ ورَوى مُحَمَّدُ بْنُ هِشامٍ في فَوائِدِهِ عَنْ حُمَيْدٍ قالَ: ضَعُفَ أنَسٌ عَنِ الصَّوْمِ عامَ تُوُفِّيَ، فَسَألْتُ ابْنَهُ عُمَرَ بْنَ أنَسٍ: أطاقَ الصَّوْمَ؟ قالَ: لا..! فَلَمّا عَرَفَ أنَّهُ لا يُطِيقُ القَضاءَ أمَرَ بِجِفانٍ مِن خُبْزٍ ولَحْمٍ فَأطْعَمَ العُدَّةَ أوْ أكْثَرَ...!.
ولَمّا أُبْهِمَ الأمْرُ في الأيّامِ عُيِّنَتْ هُنا بِقَوْلِهِ تَعالى:
{"ayah":"أَیَّامࣰا مَّعۡدُودَ ٰتࣲۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِیضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَۚ وَعَلَى ٱلَّذِینَ یُطِیقُونَهُۥ فِدۡیَةࣱ طَعَامُ مِسۡكِینࣲۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَیۡرࣰا فَهُوَ خَیۡرࣱ لَّهُۥۚ وَأَن تَصُومُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق