الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمّد ﷺ:"قل"، يا محمد، لهؤلاء العادلين بربهم ="لمن ما في السماوات والأرض"، يقول: لمن ملك ما في السماوات والأرض؟ ثم أخبرهم أن ذلك لله الذي استعبدَ كل شيء، وقهر كل شيء بملكه وسلطانه = لا للأوثان والأنداد، ولا لما يعبدونه ويتخذونه إلهًا من الأصنام التي لا تملك لأنفسها نفعًا ولا تدفع عنها ضُرًّا.
وقوله:"كتب على نفسه الرحمة"، يقول: قضى أنَّه بعباده رحيم، لا يعجل عليهم بالعقوبة، ويقبل منهم الإنابة والتوبة. [[انظر تفسير"كتب" فيما سلف ١٠: ٣٥٩، تعليق: ١.]]
وهذا من الله تعالى ذكره استعطاف للمعرضين عنه إلى الإقبال إليه بالتوبة.
يقول تعالى ذكره: أن هؤلاء العادلين بي، الجاحدين نبوّتك، يا محمد، إن تابوا وأنابوا قبلت توبتهم، وإني قد قضيت في خَلْقي أنّ رحمتي وسعت كل شيء، كالذي:-
١٣٠٩٦ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن ذكوان، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال:"لما فرغ الله من الخلق، كتب كتابًا:"إنّ رحمتي سَبَقَتْ غضبي". [[الأثر: ١٣٠٩٦ - إسناده صحيح. وهو حديث مشهور.
"ذكوان"، هو"أبو صالح".
ورواه البخاري (الفتح ١٣: ٣٢٥) من طريق أبي حمزة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، بغير هذا اللفظ، مطولا.
وانظر تعليق أخي السيد أحمد على المسند رقم: ٧٢٩٧، ٧٤٩١، ٧٥٢٠.]]
١٣٠٩٧ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: إنّ الله تعالى ذكره لما خلق السماء والأرض، خلق مئة رحمةٍ، كل رحمة ملء ما بين السماء إلى الأرض. فعنده تسع وتسعون رحمةً، وقسم رحمة بين الخلائق. فبها يتعاطفون، وبها تشرب الوَحْش والطير الماءَ. فإذا كان يوم ذلك، [[في المطبوعة: "فإذا كان يوم القيامة، قصرها"، وأثبت ما في المخطوطة. وأما سائر المراجع فذكرت ما كان في المطبوعة. والذي في المخطوطة جائز، فإن"ذلك" إشارة إلى معهود معروف، وهو يوم القيامة.]] قصرها الله على المتقين، وزادهم تسعًا وتسعين. [[الأثران: ١٣٠٩٧، ١٣٠٩٨ -"داود"، هو"داود بن أبي هند" مضى مرارًا.
و"أبو عثمان"، هو"أبو عثمان النهدي": "عبد الرحمن بن مل بن عمرو بن عدي النهدي"، تابعي ثقة، أدرك الجاهلية. مترجم في التهذيب.]]
١٣٠٩٨- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن أبي عثمان، عن سلمان، نحوه = إلا أن ابن أبي عدي لم يذكر في حديثه:"وبها تشرب الوحش والطير الماء". [[الأثران: ١٣٠٩٧، ١٣٠٩٨ -"داود"، هو"داود بن أبي هند" مضى مرارًا.
و"أبو عثمان"، هو"أبو عثمان النهدي": "عبد الرحمن بن مل بن عمرو بن عدي النهدي"، تابعي ثقة، أدرك الجاهلية. مترجم في التهذيب.]]
١٣٠٩٩- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن عاصم بن سليمان، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: نجد في التوراة عطفتين: أن الله خلق السماوات والأرض، ثم خلق مئة رحمة = أو: جعل مئة رحمة = قبل أن يخلق الخلق. ثم خلق الخلق، فوضع بينهم رحمة واحدة، وأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمة. قال: فبها يتراحمون، وبها يتباذلون، وبها يتعاطفون، وبها يتزاورون، [[في المخطوطة، فوق"يتزاورون"، حرف (ط) ، دلالة على الشك أو الخطأ. ولا أدري ما أراد بذلك، والذي في المخطوطة والمطبوعة، مثله في الدر المنثور.]] وبها تحنُّ الناقة، وبها تثُوجُ البقرة، [[في المطبوعة: "تنئج البقرة"، وفي الدر المنثور: "تنتج البقرة"، وهو خطأ.
والذي في المطبوعة، صواب في المعنى. يقال: "نأج الثور ينئج"، إذا صاح. وأما الذي في المخطوطة، فهو صواب أيضًا، ولذلك أثبته، يقال: "ثاجت البقرة تثاج وتثوج، ثوجًا وثواجًا": صوتت. قال صاحب اللسان: "وقد يهمز، وهو أعرف. إلا أن ابن دريد قال: ترك الهمز أعلى".]] وبها تيعر الشاة، [["يعرت الشاة تيعر يعارًا": صاحت.]] وبها تتَّابع الطير، وبها تتَّابع الحيتان في البحر. [[أنا في شك في قوله"تتابع الطير" و"تتابع الحيتان"، ولكن هكذا هو المطبوعة والمخطوطة، وهو معنى شبيه بالاستقامة. وانظر التعليق التالي.]] فإذا كان يوم القيامة، جمع الله تلك الرحمة إلى ما عنده. ورحمته أفضل وأوسع.
١٣١٠٠- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن عاصم بن سليمان، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان في قوله:"كتب على نفسه الرحمة"، الآية قال: إنا نجد في التوراة عَطْفتين= ثم ذكر نحوه إلا أنه قال: [[في المطبوعة: "إلا أنه ما قال"، زاد"ما"، لأنه استشكل عليه الكلام، فإن الذي قاله في هذا الخبر، هو الذي قاله في الخبر السالف. والظاهر والله أعلم أن الأولى كما ضبطتها هناك"تتابع" (بفتح ثم تاء مفتوحة مشددة) وأن هذه الثانية"تتابع" (بفتح التاء الثانية غير مشددة) على حذف إحدى التاءات الثلاث.]] "وبها تَتَابع الطير، وبها تَتَابع الحيتان في البحر". [[الأثران: ١٣٠٩٩، ١٣١٠٠ - خرجهما السيوطي في الدر المنثور ٣: ٦، وقال: "أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن سلمان. . ."، وساق الخبر.]]
١٣١٠١ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال، قال ابن طاوس، عن أبيه: إن الله تعالى ذكره لما خلق الخلق، لم يعطف شيء على شيء، حتى خلق مئة رحمة، فوضع بينهم رحمة واحدة، فعطف بعضُ الخلق على بعض.
١٣١٠٢- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، بمثله.
١٣١٠٣ - حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال، وأخبرني الحكم بن أبان، عن عكرمة، حسبته أسنده قال: إذا فرغ الله عز وجلّ من القضاء بين خلقه، أخرج كتابًا من تحت العرش فيه:"إن رحمتي سبقت غضبي، وأنا أرحم الراحمين"، قال: فيخرج من النار مثل أهل الجنة = أو قال:"مِثلا أهل الجنة"، ولا أعلمه إلا قال:"مثلا"، وأما"مثل" فلا أشك = مكتوبًا ها هنا، وأشار الحكم إلى نحره،"عتقاء الله"، فقال رجل لعكرمة: يا أبا عبد الله، فإن الله يقول: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [سورة المائدة: ٣٧] ؟ قال: ويلك! أولئك أهلها الذين هم أهلها.
١٣١٠٤- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، حسبت أنه أسنده قال: إذا كان يوم القيامة، أخرج الله كتابًا من تحت العرش = ثم ذكر نحوه، غير أنه قال: فقال رجل: يا أبا عبد الله، أرأيت قوله:"يريدون أن يخرجوا من النار"؟ = وسائر الحديث مثل حديث ابن عبد الأعلى.
١٣١٠٥- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن همام بن منبه قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله ﷺ:"لما قضى الله الخلق، كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش:"إنّ رحمتي سبقت غضبي". [[الأثر: ١٣١٠٥ - رواه أحمد في مسنده بهذا الإسناد رقم: ٨١١٢، ولفظه: "غلبت غضبي". وانظر تعليق أخي السيد أحمد عليه هناك. وانظر التعليق على الأثر السالف رقم: ١٣٠٩٦.]]
١٣١٠٦ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو: أنه كان يقول: إن لله مئة رحمة، فأهبط رحمةً إلى أهل الدنيا، يتراحم بها الجن والإنس، وطائر السماء، وحيتان الماء، ودوابّ الأرض وهوامّها. وما بين الهواء. واختزن عنده تسعًا وتسعين رحمة، حتى إذا كان يوم القيامة، اختلج الرحمةَ التي كان أهبطها إلى أهل الدنيا، [["اختلج الشيء": جذبه وانتزعه.]] فحواها إلى ما عنده، فجعلها في قلوب أهل الجنة، وعلى أهل الجنة. [[الأثر: ١٣١٠٦ - خرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٦، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ.]]
١٣١٠٧ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة قال: قال عبد الله بن عمرو: إن لله مئة رحمة، أهبط منها إلى الأرض رحمة واحدة، يتراحم بها الجنّ والإنس، والطير والبهائم وهوامُّ الأرض.
١٣١٠٨ - حدثنا محمد بن عوف قال، أخبرنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج قال، حدثنا صفوان بن عمرو قال، حدثني أبو المخارق زهير بن سالم قال، قال عمر لكعب: ما أوَّل شيء ابتدأه الله من خلقه؟ فقال كعب: كتب الله كتابًا لم يكتبه بقلم ولا مداد، ولكنه كتب بأصبعه يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت [[هكذا في المطبوعة، وفي الدر المنثور، "يتلوها"، وهي في المخطوطة كذلك، إلا أنها غير منقوطة، وأنا في ريب من أمر هذا الحرف، أخشى أن يكون محرفًا عن شيء آخر لم أتبينه، وإن كان المعنى مستقيما على ضعف فيه.]] "أنا الله لا إله إلا أنا، سبقت رحمتي غضبي". [[الأثر: ١٣١٠٨ -"محمد بن عوف بن سفيان الطائي"، شيخ الطبري مضى، برقم: ٥٤٤٥، ١٢١٩٤.
و"أبو المغيرة": عبد القدوس بن الحجاج الخولاني"، مضى برقم: ١٠٣٧١، ١٢١٩٤.
و"صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي"، مضى برقم: ٧٠٠٩، ١٢٨٠٧.
و"أبو المخارق": "زهير بن سالم العنسي". ذكره ابن حبان في الثقات، "روى له أبو داود وابن ماجه حديثًا واحدًا". وقال الدارقطني: "حمصي، منكر الحديث"، مترجم في التهذيب، والكبير ٢/١/٣٩٠، وابن أبي حاتم ١/٢/٥٨٧، وميزان الاعتدال ١: ٣٥٣.
وهذا الخبر، خرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٦، ولم ينسبه لغير ابن جرير. وهو خبر كما ترى، عن كعب الأحبار، مشوب بما كان من دأبه في ذكر الإسرائليات.]]
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ﴾
قال أبو جعفر: وهذه"اللام" التي في قوله:"ليجمعنكم"، لام قسم.
* * *
ثم اختلف أهل العربية في جالبها، فكان بعض نحويي الكوفة يقول: إن شئت جعلت"الرحمة" غاية كلام، ثم استأنفت بعدها:"ليجمعنكم". قال: وإن شئت جعلتَه في موضع نصب = يعني: كتب ليجمعنكم = كما قال: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ [سورة الأنعام: ٥٤] ، يريد: كتب أنه من عمل منكم = قال: والعرب تقول في الحروف التي يصلح معها جوابُ كلام الأيمان ب"أن" المفتوحة وب"اللام"، [[هكذا في المطبوعة والمخطوطة، وهو في معاني القرآن"جواب الأيمان"، وهو الأجود.]] فيقولون:"أرسلت إليه أن يقوم"،"وأرسلت إليه ليقومن". قال: وكذلك قوله: ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ، [سورة يوسف: ٣٥] . قال: وهو في القرآن كثير. ألا ترى أنك لو قلت:"بدا لهم أن يسجنوه"، لكان صوابًا؟ [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٢٨. وهذا نص كلامه.]] وكان بعض نحويي البصرة يقول: نصبت"لام""ليجمعنكم"، لأن معنى:"كتب" [: فرضَ، وأوجب، وهو بمعنى القسم] ، [[الزيادة التي بين القوسين، استظهرتها من سياق التفسير، ليستقيم الكلام. وهي ساقطة من المخطوطة والمطبوعة.]] كأنه قال: والله ليجمعنكم.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أن يكون قوله:"كتب على نفسه الرحمة"، غايةً، وأن يكون قوله:"ليجمعنكم"، خبرًا مبتدأ = ويكون معنى الكلام حينئذ: ليجمعنكم الله، أيها العادلون بالله، ليوم القيامة الذي لا ريب فيه، لينتقم منكم بكفركم به.
وإنما قلت: هذا القول أولى بالصواب من إعمال"كتب" في"ليجمعنكم"، لأن قوله:"كتب" قد عمل في الرحمة، فغير جائز، وقد عمل في"الرحمة"، أن يعمل في"ليجمعنكم"، لأنه لا يتعدَّى إلى اثنين.
* * *
فإن قال قائل: فما أنت قائل في قراءة من قرأ: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ، [سورة الأنعام: ٥٤] بفتح"أنّ"؟
قيل: إن ذلك إذ قرئ كذلك، فإن"أنّ" بيانٌ عن"الرحمة"، وترجمة عنها. لأن معنى الكلام: كتب على نفسه الرحمة أن يرحم [من تاب] من عباده بعد اقتراف السوء بجهالة ويعفو، [[هذه الزيادة بين القوسين لا بد منها حتى يستقيم الكلام، استظهرتها من معنى الآية. وانظر ما سيأتي في تفسيرها ص: ٣٩٢، ٣٩٣.]] و"الرحمة"، يترجم عنها ويبيَّن معناها بصفتها. وليس من صفة الرحمة"ليجمعنكم إلى يوم القيامة"، فيكون مبينًا به عنها. فإذ كان ذلك كذلك، فلم يبق إلا أن تنصب بنية تكرير"كتب" مرة أخرى معه، ولا ضرورة بالكلام إلى ذلك، فيوجَّه إلى ما ليس بموجود في ظاهره.
وأما تأويل قوله:"لا ريب فيه"، فإنه لا شك فيه، [[انظر تفسير"الريب" فيما سلف ٨: ٥٩٢، تعليق: ٥، والمراجع هناك.]] يقول: في أنّ الله يجمعكم إلى يوم القيامة، فيحشركم إليه جميعًا، ثم يؤتى كلَّ عامل منكم أجرَ ما عمل من حسن أو سيئ.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٢) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"الذين خسروا أنفسهم"، العادلين به الأوثانَ والأصنامَ. يقول تعالى ذكره: ليجمعن الله ="الذين خسروا أنفسهم"، يقول: الذين أهلكوا أنفسهم وغبنوها بادعائهم لله الندَّ والعَدِيل، فأوبقوها بإستيجابهم سَخَط الله وأليم عقابه في المعاد. [[في المطبوعة والمخطوطة "بإيجابهم سخط الله" وهو لا يستقيم صوابه ما أثبت.]]
* * *
وأصل"الخسار"، الغُبْنُ. يقال منه": خسر الرجل في البيع"، إذا غبن، كما قال الأعشى:
لا يَأخُذُ الرِّشْوَةَ فِي حُكْمِهِ ... وَلا يُبَالِي خَسَرَ الخَاسِر [[ديوانه: ١٠٥، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٨٧. وهكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة"خسر الخاسر"، ورواية ديوانه وغيره: "غَبَنَ الْخَاسِر" بتحريك الباء بالفتح. والذي نص عليه أصحاب اللغة أن"الغبن" بفتح وسكون، في البيع، وأن"الغبن" (بفتحتين) في الرأي، وهو ضعفه. فكأن ما جاء في رواية ديوان الأعشى، ضرورة، حركت الباء وهي ساكنة إلى الفتح. وأما رواية أبي جعفر، فهي على الصواب يقال: "خسر خسرًا (بفتح فسكون) ، وخسرًا (بفتحتين) ."
وهذا البيت من قصيدته في هجاء علقمة بن علاثة ومدح عامر بن الطفيل، ذكرت خبرها في أبيات سلفت منها ١: ٤٧٤/٢: ١٣١/٥: ٤٧٧، ٤٧٨. وقبل البيت: حَكَّمْتُمُونِي، فَقَضَى بَيْنَكُمْ ... أَبْلَجُ مِثْلُ القَمَرِ البَاهِرِ]]
وقد بينا ذلك في غير هذا الموضع، بما أغنى عن إعادته. [[انظر تفسير"الخسار" فيما سلف ١٠: ٤٠٩، تعليق: ٣، والمراجع هناك.]]
* * *
وموضوع"الذين" في قوله:"الذين خسروا أنفسهم"، نصبٌ على الرد على"الكاف والميم" في قوله:"ليجمعنكم"، على وجه البيان عنها. وذلك أنّ الذين خسروا أنفسهم، هم الذين خوطبوا بقوله:" ليجمعنّكم".
* * *
وقوله:"فهم لا يؤمنون"، يقول:"فهم"، لإهلاكهم أنفسهم وغَبْنهم إياه حظَّها ="لا يؤمنون"، أي لا يوحِّدون الله، ولا يصدِّقون بوعده ووعيده، ولا يقرُّون بنبوة محمد ﷺ.
{"ayah":"قُل لِّمَن مَّا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قُل لِّلَّهِۚ كَتَبَ عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَۚ لَیَجۡمَعَنَّكُمۡ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ لَا رَیۡبَ فِیهِۚ ٱلَّذِینَ خَسِرُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ فَهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق