الباحث القرآني
ثم قال الله عز وجل: ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الأنعام ١٢]، اسأل هؤلاء المكذِّبين المنكِرين لتوحيد الألوهية: ﴿لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، ألزيد، أو لعمرٍو، أو لفلان أو لفلان؟
ثم أمره تبارك وتعالى، أمر نبيه ﷺ أن يجيب عن هذا السؤال بنفسه، فقال: ﴿قُلْ لِلَّهِ﴾، وهنا نقول: هل الجواب من الله أو من الرسول؟ الجواب: من الرسول بأمر الله، وعلى هذا يكون الجواب جواب الله عز وجل؛ لأن الله أمر الرسول أن يقول هكذا: ﴿قُلْ لِلَّهِ﴾.
﴿كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ [الأنعام ١٢]، ﴿كَتَبَ﴾ بمعنى أوجب؛ لأن الكتابة بمعنى الإيجاب، قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة ١٨٣]، ﴿كُتِبَ﴾ بمعنى أيش؟ فُرِض وأُوجِب، وقال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء ١٠٣ ] أي فريضة مؤقتة.
﴿كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾، ﴿عَلَى نَفْسِهِ﴾ أي: على ذاته، ونفس الله هي ذاته، وليست صفة، بل هي الذات، قال الله تعالى: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران ٢٨]، ليس المعنى: يحذركم صفة هي نفسه، بل المعنى: يحذركم الله إياه، أي: ذات الله عز وجل، فليست صفة، بل هي الذات، ومعنى يحذركم نفسه، أي: يحذركم الله من عقابه؛ لأنه جل وعلا أمرنا أن نعلم علمًا مهمًّا فقال: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة ٩٨]، فأمرنا أن نعلم هذا العلم المهم الذي فيه الترغيب والترهيب، الترهيب في أي جملة؟
* طالب: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾، هذا التحذير.
* الشيخ: هذا التحذير، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ هذا الترغيب، فأمرنا سبحانه وتعالى أن نعلم عن أفعاله وصفاته تحذيرًا وترغيبًا، هنا قال: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾؛ لأن المقام مقام تهديد وعقوبة، يخاطب المشركين المكذِّبين.
وقوله: ﴿الرَّحْمَةَ﴾ يعني أن يرحم عباده عز وجل، فرض هذا على نفسه، ولهذا جاء في الحديث الصحيح القدسي: «إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي»[[متفق عليه؛ البخاري (٧٤٢٢)، ومسلم (٢٧٥١ / ١٤) من حديث أبي هريرة. ]]، رحمة الله بالعباد فرضها الله على نفسه، لسنا الذين فرضناها عليه، بل هو فرضها على نفسه.
فإن قال قائل: إننا نجد من الناس من أصابه البؤس والبلاء، وفقد المال، وفقد الأولاد، وهو في غاية البؤس، أين الرحمة؟
فالجواب: كل ما أصاب الإنسان من شيء من بلاء وهو مؤمن فإنه أيش؟ رحمة؛ لأنه إذا صبر أُثِيبَ ثواب الصابرين، وإذا احتسب أُثِيبَ ثواب الشاكرين، فهو خير له، وكم من أناس لو أنهم رُزِقُوا صحة ومالًا وأولادًا لبطروا وأفسدهم الغنى، وكم من أناس بالعكس.
كل شيء يصيب المؤمن -والحمد لله- فهو رحمة وكفَّارة، حتى لو أن الإنسان فزع من شيء قابله كُتِبَ له بذلك أجر -اللهم لك الحمد- حتى جاء في الحديث: لو أن إنسانًا فقد شيئًا في جيبه مثلًا ثم فزع، خاف أن يكون ضاع مثلًا، فله أجر[[أخرجه الترمذي (٢٩٩١) من حديث عائشة، ولفظه: «حَتَّى يَضَعَهَا فِي كُمِّ قَمِيصِهِ فَيَفْقِدُهَا فَيَفْزَعُ لَهَا، حَتَّى إِنَّ الْعَبْدَ لَيَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِهِ كَمَا يَخْرُجُ التِّبْرُ الْأَحْمَرُ مِنَ الْكِيرِ». ]]، إلى هذا الحد!! إذن هذه رحمة، وما أحسن قول رابعة العدوية: إن حلاوة أجرها أَنْسَتْنِي مرارة صبرها.
والآلام، والبؤس، والتعب، والهم، والغم في الدنيا كله يزول، إما أن يزول إلى ضده، وإما أن يصل بصاحبه إلى الهلاك، ولا بد أن يزول، لكن الأجر باقٍ.
فإذا قال قائل: والكافر؟
فالجواب أن نقول: إن الكافر هو الذي فوَّت الرحمة على نفسه، مع أن لله عليه رحمة بما يسَّرَه له من الأكل والشرب والنكاح والمسكن، وما أشبه ذلك.
ثم قال عز وجل: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾، صدق الله، ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾ هذه أيضًا جملة مؤكَّدة بثلاثة مؤكِّدات: القسم المقدَّر، واللام الواقعة في جواب القسم، ونون التوكيد، والتقدير: والله ليجمعنكم، الخطاب للخلق، ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾ أيها الناس كلكم، كما قال عز وجل: ﴿قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الواقعة ٤٩، ٥٠] الله أكبر، نُجْمَع مع آبائنا وأجدادنا وأجداد أجدادنا، إلى آدم، كل يُجْمَع، وكذلك ذرياتنا الأولون والآخرون مجموعون كلهم إلى يوم القيامة، لما شَبَّه المكذِّبون بالبعث بقولهم: ﴿ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الجاثية ٢٥]، قيل لهم: ﴿قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [الجاثية ٢٦] أنتم ما قيل لكم أنكم الآن تُبْعَثُون حتى تحتجوا، وتقولوا: هاتوا آباءنا، بل قيل لكم: أنكم مجموعون لأيش؟ ليوم القيامة لا ريب فيه.
وقوله: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾، يوم القيامة هو اليوم الآخِر، وسُمِّيَ بهذا؛ لأمور ثلاثة، هذا الذي علمناه، والله أعلم إن كان وراءه شيء، لأمور ثلاثة:
الأول: قيام الناس من قبورهم لرب العالمين، وهذا القيام قيام عظيم يا إخواننا، كل العالم بصيحة واحدة يحضرون كلهم لا يتخلف أحد، وهذا قيام عظيم جدًّا جدًّا، حتى الذي أكلته السباع، أحرقته النار، أغرقه الماء، لا بد أن يخرج.
وسُمِّي أيضًا قيامة لأنه يُقام فيه العدل، يُقتَصُّ حتى للشاة الْجَلْحَاء من الشاة القَرْنَاء[[أخرجه مسلم (٢٥٨٢ / ٦٠) من حديث أبي هريرة. ]]، هذه اثنان.
الثالث: تُقَامُ فيه الأشهاد الذين يشهدون، هذه الأمة تشهد على الأمم السابقة، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكون شهيدًا على هذه الأمة، فلهذه الأمور الثلاثة سُمِّيَ يوم القيامة.
إذا قيل: ما هو الدليل؟
قلنا: أما الأول فدليله قول الله عز وجل: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين ٦].
وأما الثاني فقوله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [الأنبياء ٤٧] أي: لليوم الذي يُقَام فيه العدل.
وأما الثالث فقوله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ [غافر ٥١].
ثم قال عز وجل: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾، هذا نفي يراد به تأكيد الإثبات السابق، ما هو الإثبات؟ ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾، أي: جمعًا مؤكَّدًا لا ريب فيه، والنفي هنا ليس نفيًا محضًا، بل لبيان كمال الإثبات أنه أمر لا ريب فيه، وعلى هذا التقرير يكون النفي على بابه.
وقيل: إن النفي بمعنى النهي، أي: لا ترتابوا فيه، والأول أبلغ؛ لأنه إذا قيل: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾، فإذا ارتاب إنسان فلِخَلَلٍ في عقله؛ لأن ما نُفِيَ فيه الريب مطلقًا لا يمكن أن يرتاب فيه عاقل، فجعلها للنفي على بابها أبلغ وأولى.
ثم قال عز وجل: ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾، ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ مبتدأ، والخبر قد يكون محذوفًا، التقدير: الذين خسروا أنفسهم خاسرون، كما قال عز وجل: ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ﴾ من؟ ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [ الزمر ١٥ ]، فيكون المعنى: الذين خسروا أنفسهم هم الخاسرون حقًّا.
﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ توكيد أو بيان للسبب الذي كان به الخسران، ويحتمل أن تكون جملة ﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ خبر المبتدأ، وقُرِنَت بالفاء لأن (الذين) اسم موصول وهو مفيد للعموم، والاسم الموصول يشبه الشرط في عمومه، فكان اقتران الفاء في خبره.
* في هذه الآية الكريمة فوائد؛ منها: أن جميع من في السماوات والأرض لله عز وجل، الدليل: ﴿قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ﴾.
فإن قال قائل: كيف أخذتم العموم مع أن (من) للعاقل، و(ما) لغير العاقل؟
فالجواب: أن هذين الاسمين يتناوبان، بمعنى أن أحدهما يقع مكان الآخر، الدليل قوله تعالى: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ [الجمعة ١]، وفي آية أخرى: ﴿مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ [النور ٤١]، وهذا يدل على أن (مَن) و(ما) يتناوبان، وإن كان الأكثر استعمالًا أن (ما) في غير العاقل، و(مَن) في العاقل، وعليه فنقول: (مَن) هنا تشمل العاقل وغير العاقل، أو نقول: (مَن) للعاقل، لكن عُبِّر به أي بالعاقل؛ لأنه إذا كان الله تعالى يملك العاقل وهو مختار مريد، فغيره من باب أولى.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات السماوات والأرض، وهذا متكرر كثيرًا علينا، وتعلمون أن السماوات سبع والأرضين سبع.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أننا متى آمنا بهذا، وأن مَن في السماوات والأرض لله، فإننا لن نلجأ إلا لله، ولن نخاف إلا من الله عز وجل؛ لأنه مالك من في السماوات والأرض، وليتنا نتوكل على الله حق توكله، لو توكلنا على الله حق توكله لكان الأمر كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا»[[أخرجه الترمذي (٢٣٤٤)، وابن ماجه (٤١٦٤) من حديث عمر بن الخطاب. ]]، «تَغْدُو خِمَاصًا» أي: تطير في أول النهار وهي جائعة، وترجع في آخر النهار وهي ممتلئة البطون، سبحان الله!
وهذا شيء مشاهَد، تجد الطيور في أول الصباح تطير في الجو، وقد أعطاها الله تعالى قوة النظر -من رحمة الله عز وجل- تنظر للحَبِّ وهي في جو السماء، فتنزل عليه، وتنظر للحبة الصغيرة التي لا يدركها الإنسان إلا بمشقة، وهي تنظرها بسهولة، تجد أنها تأخذ الحبة الصغيرة جدًّا في وسط القطيفة المفروشة من بين الخمل اللي فيها، لكن الله عز وجل أعطاها قوة بصر حتى تعيش.
المهم أنك متى علمت أن من في السماوات والأرض لله فعلى من تتوكل؟ ومن تخاف؟ ومن ترجو؟ الله عز وجل.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: جواب إجابة السائل نفسه إذا كان الأمر واضحًا؛ لقوله: ﴿قُلْ لِلَّهِ﴾، مع أنه أمره أن يسأل، ثم أمره أن يجيب، فإذا كان الأمر واضحًا لا نزاع فيه فأَجِب أنت؛ لأن المسؤول قد يمنعه من الإجابة استكباره وكبرياؤه، فأَجِب أنت إذا كان الأمر واضحًا لا نزاع فيه.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن لله تعالى أن يكتب على نفسه ما شاء؛ لقوله: ﴿كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾.
فإذا قال قائل: كيف يكون الشيء لازمًا على الله؟
فالجواب: أن الله ألزم نفسه به، وله أن يفعل ما شاء، نحن لا نلزم الله بشيء، لكن الله له أن يلزم نفسه بشيء، فكتابة الله على نفسه الرحمة لا تنافي كماله، بل هي من كماله عز وجل أن يفرض على نفسه الرحمة، لكن نحن ليس لنا على الله حق إلا ما أوجبه على نفسه، قال ابن القيم رحمه الله في النونية:
؎مَا لِلْعِبَادِ عَلَيْهِ حَقٌّ وَاجِبٌ ∗∗∗ هُوَ أَوْجَبَ الْأَجْرَ الْعَظِيمَالشَّانِ
هو أوجب، ما هو نحن..
؎إِنْ عُذِّبُوا فَبِعَدْلِهِ ... ∗∗∗ ...................
لأن الذنب ذنبهم..
؎.............. أَوْ نُعِّمُوا ∗∗∗ فَبِفَضْلِهِ وَالْفَضْلُ لِلْمَنَّانِ
سبحانه وتعالى.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله يُعَبِّر عنه بالنفس؛ لقوله: ﴿كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾، ولها نظائر، قال الله عز وجل: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران ٢٨]، وقال عيسى عليه الصلاة والسلام: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ [المائدة ١١٦].
وليست نفس الله كنفس الإنسان، الإنسان يطلِق على نفسه نفس، وله نفس، قال الله عز وجل: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾ [الزمر ٤٢]، وقال: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران ١٨٥].
فهنا: ﴿يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ﴾ يعني الروح اللي في البدن وليس الجسم؛ لأنه عند الموت الجسم ما يُقْبَض، الجسم في الأرض ويتوارى، الذي يُقْبَض هو الروح، فالإنسان له نفس وهي الروح، ويعبِّر عن ذاته بالنفس، فيقول: كلمتك بنفسي، وتقول: جاء الرجل نفسه، أما الله عز وجل فليس له نفس، بل هو نفسه، هو ذاته عز وجل.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات البعث؛ لقوله: ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾.
* ومن فوائدها: تأكيد الشيء بالقسم وغيره من المؤكِّدات إذا دعت الحاجة إليه، متى تدعو الحاجة؟ تدعو الحاجة في مواطن، منها: إذا كان المخاطَب منكِرًا، فهنا يجب -حسب البلاغة- أن يؤكَّد الكلام، ومنها: إذا كان الأمر بعيدًا يُسْتَغْرَب، فإنه يؤكَّد، لكن ليس كالأول، الأول يؤكَّد وجوبًا، وهذا يؤكَّد..؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا ما هو جوازًا، نقول: استحبابًا، يعني توكيده أحسن من عدمه، ونقول: استحسانًا، كلما دعت الحاجة إلى توكيد الكلام أَكِّد، ولا يعد هذا تطويلًا ولا إخلالًا بالبلاغة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: حكمة الله عز وجل في جمع الأولين والآخرين حتى يكون هذا اليوم يومًا مشهودًا، كما قال عز وجل: ﴿يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ [هود ١٠٣]: يشهده الأوَّلون والآخِرون، نحن نشهد هابيل وقابيل، ونشهد آخر واحد من هذه الأمة، كل العالم مشهود، بل كل شيء مشهود، الجن، البهائم، الوحوش، كل شيء، قال الله عز وجل: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ﴾ فوق الأرض، ﴿إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنعام ٣٨]، كل شيء، لو تصور الإنسان هذا اليوم لرأى مشهدًا عظيمًا ما يستطيع أن يدركه الآن، لكن نفهم معناه ولا ندرك حقيقته، حقيقته أبلغ مما نتصوره، اللهم اجعله علينا يسيرًا.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تسمية يوم البعث بيوم القيامة؛ للوجوه التي سمعتموها في التفسير.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أنه لا ريب في هذا اليوم شرعًا وعقلًا؛ شرعًا: لأن الله أخبر به، وأكَّده، وضرب له الأمثال.
وعقلًا: لأنه ليس من المعقول أن الله تعالى يوجِد هذه الخليقة، ويأمرها وينهاها، ويرسل إليها الرسل، وتُسْتَبَاح الأنفس، والأموال، والذرية، في القتال في سبيل الله، ثم تكون النتيجة أن الأرض تبلعهم فقط، هذا ينافي الحكمة، فالعقل يوجِب أن يكون هناك بعث، حتى وإن لم يكن نصٌّ، فكيف والنصوص كثيرة كثيرة.
ومن رحمة الله عز وجل -وله الحمد، والفضل، والمِنَّة- أنه يُكْثِر من إثبات يوم القيامة، ويضرب له الأمثال؛ لأن الإيمان باليوم الآخر هو الذي يحمل الإنسان حقيقةً على الإيمان؛ إذ لولا اعتقاد المؤمن أنه سيُبْعَث ويجازَى، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، ما عمل أبدًا، ولصارت الأمة موطنًا للسلب والنهب والأخذ والعدوان.
* من فوائد هذه الآية: أن هؤلاء المكذِّبين خسروا أنفسهم، يعني كأن لم يوجَدوا على الأرض؛ لأنهم لم يستفيدوا من حياتهم، ولذلك لما لم يستفيدوا من حياة الدنيا لم يستفيدوا من حياة الآخرة، فكانوا مخلَّدين في نار جهنم، والعياذ بالله.
* ومن فوائد الآية: أنه من الفصاحة أن يُذْكَر السبب بعد الْمُسَبَّب، إذا جعلنا جملة: ﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ خبرًا، وجه ذلك أن سبب خسرانهم هو عدم الإيمان، فأُخِّر السبب وقُدِّم المسبَّب، هذا إذا جعلنا ﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ خبرًا لقوله: ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾، أما إذا جعلناها جملة مستقلة فلا تتأتى هذه الفائدة؛ لأنها على الترتيب.
{"ayah":"قُل لِّمَن مَّا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قُل لِّلَّهِۚ كَتَبَ عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَۚ لَیَجۡمَعَنَّكُمۡ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ لَا رَیۡبَ فِیهِۚ ٱلَّذِینَ خَسِرُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ فَهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق