القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالا إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (٢٩) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا أيضًا خبرٌ من الله عن قيل نوح لقومه، أنه قال لهم: يا قوم لا أسألكم على نصيحتي لكم، ودعايتكم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له، مالا أجرًا على ذلك، فتتهموني في نصيحتي، وتظنون أن فعلي ذلك طلبُ عرض من أعراض الدنيا = ﴿إن أجري إلا على الله﴾ ، يقول: ما ثواب نصيحتي لكم، ودعايتكم إلى ما أدعوكم إليه، إلا على الله، فانه هو الذي يجازيني، ويثيبني عليه = ﴿وما أنا بطارد الذين آمنوا﴾ ، وما أنا بمقصٍ من آمن بالله، وأقرّ بوحدانيته، وخلع الأوثان وتبرأ منها، بأن لم يكونوا من عِلْيتكم وأشرافكم = ﴿إنهم ملاقو ربهم﴾ ، يقول: إن هؤلاء الذين تسألوني طردهم، صائرون إلى الله، والله سائلهم عما كانوا في الدنيا يعملون، لا عن شرفهم وحسبهم.
* * *
وكان قيل نوح ذلك لقومه، لأن قومه قالوا له، كما:-
١٨١١٢- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: ﴿وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم﴾ ، قال: قالوا له: يا نوح، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأمر سواء. فقال: ﴿ما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم﴾ ، فيسألهم عن أعمالهم
١٨١١٣- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، وحدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح جميعا، عن مجاهد قوله: ﴿إن أجري إلا على الله﴾ ، قال: جَزَائي.
١٨١١٤- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١٨١١٥-. . . . قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *
وقوله: ﴿ولكني أراكم قومًا تجهلون﴾ ، يقول: ولكني، أيها القوم، أراكم قومًا تجهلونَ الواجبَ عليكم من حقّ الله، واللازم لكم من فرائضه. ولذلك من جهلكم سألتموني أن أطرد الذين آمنوا بالله.
{"ayah":"وَیَـٰقَوۡمِ لَاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ مَالًاۖ إِنۡ أَجۡرِیَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِۚ وَمَاۤ أَنَا۠ بِطَارِدِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ۚ إِنَّهُم مُّلَـٰقُوا۟ رَبِّهِمۡ وَلَـٰكِنِّیۤ أَرَىٰكُمۡ قَوۡمࣰا تَجۡهَلُونَ"}