الباحث القرآني
كُتِبَ عَلَيْكُمْ، أي فرض عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً، أي مالاً.
الخير في القرآن على وجوه، أحدها: المال كقوله تعالى: إِنْ تَرَكَ خَيْراً وقوله: مآ أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ [البقرة: 215] ، وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ [البقرة: 272] أي المال. والثاني: الإيمان كقوله تعالى: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً [الأنفال: 23] أي إيماناً، وكقوله تعالى: وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً [هود: 31] . والثالث الخير: الفضل كقوله تعالى: وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ [المؤمنون: 109 و 118] . والرابع: العافية كقوله: وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ [الأنعام: 17] وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ [يونس: 107] . والخامس: الأجر كقوله: لَكُمْ فِيها خَيْرٌ [الحج: 36] أي أجر.
وقال بعضهم: الوصية واجبة على كل مسلم، لأن الله تعالى قال: كُتِبَ عَلَيْكُمُ، أي فرض عليكم الوصية. وروي عن ابن عمر، عن رسول الله ﷺ أنه قال: «مَا حَقُّ امرئ مُسْلِمٍ يَبِيتُ لَيْلَةً وَعِنْدَهُ مَالٌ يُوَصِي بِهِ، إلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَه» وقال بعضهم: هي مباحة وليست بواجبة. وقد روي عن الشعبي أنه قال: الوصية ليست بواجبة فمن شاء أوصى ومن شاء لم يوص. وقال إبراهيم النخعي: مات رسول الله ﷺ ولم يوص، وقد أوصى أبو بكر- رضي الله عنه- فإن أوصى فحسن، وإن لم يوص فليس عليه شيء. وقال بعضهم: إن كان عليه حج أو كفارة أي شيء من الكفارات فالوصية واجبة، وإن لم يكن عليه شيء من الواجبات فهو بالخيار إن شاء أوصى وإن شاء لم يوص. وبهذا القول نأخذ.
ثم بيّن مواضع الوصية فقال تعالى: الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ. قال مجاهد: كان الميراث للولد والوصية للوالدين والأقربين، فصارت الوصية للوالدين منسوخة.
وروى جويبر، عن الضحاك أنه قال: نسخت الوصية للوالدين والأقربين ممن يرث، وثبتت الوصية لمن لا يرث من القرابة. ويقال: في الآية تقديم وتأخير، معناه كتب عليكم الوصية للوالدين والأقربين إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الموت وكانوا يوصون للأجنبيين ولم يوصوا للقرابة شيئاً، فأمرهم الله تعالى بالوصية للوالدين والأقربين. ثم نسخت الوصية للوالدين بآية الميراث في قوله: بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ، أي واجباً عليهم.
وقوله تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ، أي غيّره بعد ما سمع الوصية فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ، أي وزره على الذين يبدلونه ويغيرونه لا على الموصي، لأن الموصي قد فعل ما عليه. إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بالوصية عَلِيمٌ بثوابها وبجزاء من غيّر الوصية. فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً، أي علم من الموصي الجنف وهو الميل عن الحق فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ، إذا غيّر وصيَّته فردها إلى الحق، لأن تبديله كان للإصلاح ولم يكن للجور. وقال الكلبي: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً، أي علم من الميت الخطأ في الوصية، أَوْ إِثْماً، يعني تعمداً للجور في وصيته فزاد على الثلث فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ، أي رد ما زاد على الثلث فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. هكذا قال مقاتل: وروي عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: الإضرار في الوصية من الكبائر.
قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر: «فَمَنْ خَافَ مِنْ موَصّ» بنصب الواو وتشديد الصاد، وقرأ الباقون: بسكون الواو وتخفيف الصاد فمن قرأ بالنصب والتشديد، فهو من وصّى يوصي ومن قرأ بالتخفيف، فهو من أوصى يوصي. وهما لغتان ومعناهما واحد ف إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، معناه غفور لمن جنف رحيم لمن أصلح.
{"ayahs_start":180,"ayahs":["كُتِبَ عَلَیۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَیۡرًا ٱلۡوَصِیَّةُ لِلۡوَ ٰلِدَیۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِینَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِینَ","فَمَنۢ بَدَّلَهُۥ بَعۡدَ مَا سَمِعَهُۥ فَإِنَّمَاۤ إِثۡمُهُۥ عَلَى ٱلَّذِینَ یُبَدِّلُونَهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ","فَمَنۡ خَافَ مِن مُّوصࣲ جَنَفًا أَوۡ إِثۡمࣰا فَأَصۡلَحَ بَیۡنَهُمۡ فَلَاۤ إِثۡمَ عَلَیۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"],"ayah":"كُتِبَ عَلَیۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَیۡرًا ٱلۡوَصِیَّةُ لِلۡوَ ٰلِدَیۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِینَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق